لماذا أعاد «الأعلى للدولة» فتح ملف «المناصب السيادية» في ليبيا؟

البعض عدّ الخطوة «تشويشاً» على المطالبة بتشكيل «حكومة جديدة»

تكالة مجتمعاً مع لجنة المناصب السيادية بمجلسه (المجلس الأعلى للدولة)
تكالة مجتمعاً مع لجنة المناصب السيادية بمجلسه (المجلس الأعلى للدولة)
TT

لماذا أعاد «الأعلى للدولة» فتح ملف «المناصب السيادية» في ليبيا؟

تكالة مجتمعاً مع لجنة المناصب السيادية بمجلسه (المجلس الأعلى للدولة)
تكالة مجتمعاً مع لجنة المناصب السيادية بمجلسه (المجلس الأعلى للدولة)

تفاجأت الأوساط الليبية قبل أيام قليلة من نهاية العام الماضي بتصريحات مسؤولين بارزين بالمجلس الأعلى للدولة، تفيد بتقديم مجلسهم قائمة المرشحين للمناصب السيادية للبرلمان؛ للتنسيق والتعاطي معه قصد إنجاز هذا الاستحقاق في أقرب الآجال. وعلى أثر ذلك طُرحت تساؤلات عدة حول مدى إمكانية توصل المجلسين فعلياً لتوافقات بشأن هذا المسار، على الرغم من استحكام الخلاف بينهما منذ أشهر عدة حول موضوعات متعددة، أبرزها القوانين الانتخابية و«الحكومة الموحدة»، وأسباب تجاهل المجلسين أولوية حسم تلك المسارات، التي من شأنها الإسراع بعقد الاستحقاق الانتخابي، بحسب بعض الليبيين.

من اجتماع سابق لمجلس النواب الليبي (المجلس)

ونفى عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن يكون هناك دافع معين وراء مبادرة مجلسه بالتواصل مع البرلمان لإنجاز استحقاق توحيد المناصب السيادية، سوى «التوجه لحلحلة ملفات أخرى تعد أقل تعقيداً من ملفَي القوانين والحكومة الموحدة».

وتحدث معزب لـ«الشرق الأوسط» عن «الرغبة في عدم تعطيل أي مسار أو استحقاق آخر مهم، مثل توحيد مؤسسات رقابية تعنى بمحاربة الفساد مثل ديوان المحاسبة، والرقابة الإدارية ومكافحة الفساد، انتظاراً لتوافق المجلسين وحسمهما الملفات الخلافية بينهما».

ولم يستبعد معزب أن تؤدي هذه الخطوة، إذا ما كُتب لها النجاح، إلى «تقليل التوتر الراهن بين المجلسين، بما قد يسمح بعودة النقاش بينهما بملفات أخرى»، مشيراً إلى «وجود مرونة بموقف البرلمان خلال الاتصالات، التي أُجريت معه الأسبوع الماضي، بشأن توحيد المناصب السيادية».

المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (المكتب الإعلامي لرئيس المجلس)

ولم تختلف تقديرات عضو مجلس النواب الليبي، جلال الشويهدي، عن الطرح السابق، مشيراً إلى أن مجلسه قد يكون «منفتحاً على النقاش بملف المناصب السيادية الثلاثة (ديوان المحاسبة، والرقابة، ومكافحة الفساد) حال صحة الآلية المتفق عليها بين المجلسين في إرسال أسماء المرشحين لشغل رئاساتها». ورهن الشويهدي إمكانية توصل المجلسين للتوافق بشأن تسمية شاغلي هذه المناصب، رغم خلافاتهما السابقة «بتوقف التدخلات الخارجية». وقال إن هناك خلافاً حول القوانين الانتخابية «لكن هذا مسار يختلف عن مسار المناصب السيادية، وأغلبية أعضاء البرلمان مع عدم عرقلة أي اتجاه». عادّاً أن «العرقلة تأتي من تدخلات خارجية، أي من قبل البعثة الأممية، ومن دول تنخرط بقوة بالمشهد الليبي، وإذا غابت تدخلاتها هذه المرة، فقد يصل المجلسان لتوافق حول ملف المناصب».

وبينما أكد النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة، عمر العبيدي، أن عدم البت في قرار توحيد المناصب السيادية هو «استمرار وتعزيز للفوضى ونهب المال العام ومقدرات وموارد الدولة»، رأى عضو «الأعلى للدولة»، سعد بن شرادة، أن «إثارة ملف المناصب السيادية حالياً لا تستهدف سوى التشويش على المطالب الموجهة للمجلسين بحسم الملفات ذات الأولوية لدى الشارع الليبي، وفي مقدمتها معالجة انقسام السلطة التنفيذية، عبر تشكيل حكومة موحدة تشرف على إجراء الانتخابات بعموم البلاد».

وشدد بن شرادة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن توحيد المناصب السيادية، خصوصاً الرقابية منها «ملف مهم، لكن الجميع يعرف جيداً أنه ما دامت السلطة التنفيذية منقسمة فلن يكون هناك أي أثر يذكر لهذا التوحيد، حيث لا يمكن لتلك المؤسسات مراقبة إنفاق وأداء حكومتين في توقيت واحد». وقال بهذا الخصوص إن «كل ما سيحدث هو إقالة المسؤولين الحاليين لفروع تلك المؤسسات في شرق البلاد وغربها، وتسمية آخرين متوافق عليهم من قبل رئاستَي المجلسين، في إطار لجوئهما الدائم لسياسة المحاصصة في تولية رئاسة المناصب السيادية السبعة بالبلاد، وليس الكفاءة... وطبقاً لتفاهمات جرت بين رئيس البرلمان عقيلة صالح، والرئيس السابق للأعلى للدولة خالد المشري في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022 بالمملكة المغربية، فسيكون رئيس ديوان المحاسبة من المنطقة الغربية، ويكون رئيس الرقابة الإدارية من المنطقة الشرقية».

من اجتماعات المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

وبخصوص مصير بقية المناصب السيادية، قال بن شرادة: «هناك منصبان تم البت فيهما من قبل، وهما رئيس المحكمة العليا، والنائب العام، أما المفوضية الوطنية العليا للانتخابات فهي موحدة، وتتعذر مناقشة تغيير رئيسها الحالي عماد السائح، في ظل حديث دائم عن الاتجاه لعقد الانتخابات». ورأى أن المصرف المركزي «تم توحيده بجعل نائب محافظ هذا المصرف من المنطقة الشرقية، وكما هو معروف للجميع فإن قرار تغيير رئيس المصرف المركزي الصديق الكبير لا يرتبط فقط بقرار النواب والأعلى للدولة، بل أيضاً بقرار بعض العواصم الغربية الداعمة للكبير».

أما المحلل السياسي الليبي محمد محفوظ، «فاستبعد توصل المجلسين لأي توافق بشأن أي ملف من ملفات الخلاف بينهما». وقال: «هناك تيار بالأعلى للدولة... وأعتقد بأن إثارة ملف المناصب قد تكون وسيلة لفتح قنوات اتصال بينه والبرلمان».


مقالات ذات صلة

درنة الليبية لتجاوز أحزان «الإعصار» واستعادة بريقها

شمال افريقيا صالح وحماد وبالقاسم حفتر خلال افتتاح عدد من المشروعات في درنة (الحكومة الليبية)

درنة الليبية لتجاوز أحزان «الإعصار» واستعادة بريقها

على مقربة من ساحل البحر المتوسط الذي ذابت فيه بعض أجساد غرقى المدينة الجبلية، شهدت درنة الليبية افتتاح عدد من المشروعات، في خطوة لاستعادة بريقها المفقود.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا من اجتماع سابق للدبيبة مع حمزة في طرابلس العام الماضي (حكومة الوحدة)

تباين ليبي بشأن منح قائد تشكيل مسلح منصباً «استخباراتياً» بطرابلس

لا يتمتع مدير الاستخبارات العسكرية بطرابلس محمود حمزة، بخلفية عسكرية أكاديمية، لكن ظهوره الأول كان من بين مقاتلين ضد نظام الرئيس السابق معمر القذافي، عام 2011.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا صورة وزعها مكتب حفتر لاجتماع مع مبعوث فرنسا الخاص فى بنغازي

حفتر: جميع المبادرات فشلت في حل الأزمة الليبية

قال المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي إنه «لا يمكن الاحتفال بذكرى الاستقلال في ظل تصدع أركان الدولة وأساساتها».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من دورية أمنية تابعة لوزارة الداخلية بطرابلس (المكتب الإعلامي للوزارة)

سلطات طرابلس تكثّف عمليات تأمين الشريط الحدودي مع تونس

قالت وزارة الداخلية بالعاصمة الليبية طرابلس إن الأجهزة الأمنية التابعة لها تكثف نشاطها لتأمين الشريط الحدودي مع تونس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جلسة مجلس النواب في درنة

«النواب» الليبي يستدعي حكومة حمّاد للمساءلة عن نشاطها

قال رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، إن الجلسة المقبلة ستستعرض أعمال حكومة حماد ومشاريعها وخططها خلال العامين الحالي والمقبل.

خالد محمود

تبون: الجزائر لا يمكن افتراسها بـ«هاتشاغ»

الرئيس الجزائري مع رئيس وزرائه (على يمينه) ووزير الداخلية قبل انطلاق اجتماع الحكومة مع الولاية (الرئاسة)
الرئيس الجزائري مع رئيس وزرائه (على يمينه) ووزير الداخلية قبل انطلاق اجتماع الحكومة مع الولاية (الرئاسة)
TT

تبون: الجزائر لا يمكن افتراسها بـ«هاتشاغ»

الرئيس الجزائري مع رئيس وزرائه (على يمينه) ووزير الداخلية قبل انطلاق اجتماع الحكومة مع الولاية (الرئاسة)
الرئيس الجزائري مع رئيس وزرائه (على يمينه) ووزير الداخلية قبل انطلاق اجتماع الحكومة مع الولاية (الرئاسة)

رد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس الثلاثاء، على وسم انتشر في المنصات الرقمية، عنوانه «مانيش راضي» (لست راضياً) بالعامية الجزائرية، يحمل انتقادات للأوضاع العامة في البلاد، خصوصاً ما تعلق بحرية التعبير وارتفاع معدل البطالة، وتراجع القدرة الشرائية. وقال بلهجة صارمة: «سنحمي هذا البلد، الذي تسري في عروق شعبه دماء الشهداء، ولا يظُنّنَ أحد أن الجزائر يُمكن افتراسها بهاشتاغ».

وفهم من كلام تبون أن وسم «مانيش راضي»، شعار «أجنبي المنشأ»، «تم تدبيره من طرف قوى في الخارج لضرب الاستقرار في الجزائر، بنشر اليأس وسط أبنائها»، وهو ما يذكره الخطاب الرسمي في الفترة الحالية.

ورداً على هذا «الهاشتاغ» محل الانتقاد، نشر صحافيون ومؤثرون ورموز في المجتمع في الأيام الأخيرة شعاراً مضاداً سُمي «أنا مع بلادي»، عرف رواجاً كبيراً في وسائل الإعلام.