الجزائر تخصص جنازة «رئاسية» لوزير الدفاع الأسبق خالد نزار

شيَّعه كبار الشخصيات بحضور وجوه من «العشرية السوداء»

جنازة رسمية للراحل خالد نزار (وسائل إعلام)
جنازة رسمية للراحل خالد نزار (وسائل إعلام)
TT

الجزائر تخصص جنازة «رئاسية» لوزير الدفاع الأسبق خالد نزار

جنازة رسمية للراحل خالد نزار (وسائل إعلام)
جنازة رسمية للراحل خالد نزار (وسائل إعلام)

حظي الراحل وزير الدفاع الجزائري الأسبق خالد نزار، ظهر السبت، بجنازة رسمية ميزها حضور كامل الطاقم الحكومي، بقيادة الوزير الأول نذير عرباوي، ورئيس أركان الجيش الفريق أول سعيد شنقريحة، وعدد كبير من كوادر الجيش وشخصيات سياسية ورجال أعمال، كانت لهم تجارب مع نزار عندما كان فاعلاً في المشهد السياسي، انطلاقاً من النفوذ الذي كان يتمتع به في الجيش.

الراحل وزير الدفاع السابق خالد نزار (الشرق الاوسط)

وجرت مراسيم التشييع في «مقبرة العالية» بالضاحية الشرقية للعاصمة، حيث مقابر رؤساء البلاد وكبار رموزها المتوفين. وكان لافتاً حضور وجوه من ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، ممن كان لهم تواصل مع «الجنرال»، عندما كان نائباً لرئيس أركان الجيش بين 1988 و1990، وبعدها وزيراً للدفاع من 1990 إلى 1993. ووجد بالمقبرة أحد أكثر النافذين في النظام آنذاك، الجنرال محمد تواتي، الذي يسميه الإعلام «المخ»، بسبب دوره الفاعل في القرارات التي كانت تُتخذ داخل المؤسسة العسكرية وجهاز الاستخبارات.

وتوفي نزار، مساء الجمعة، بإقامته بالعاصمة عن عمر 86 سنة. وكان قد أصيب بوعكة في الأشهر الأخيرة ألزمته الفراش، وفق مقربين منه.

وكتب المخرج السينمائي المعروف، بشير درايس بحسابه بـ«فيسبوك»، أنه لم يظهر أنه يعاني من أي مرض عندما زاره في بيته قبل 8 أشهر، مبرزاً أنه «كان رجلاً صريحاً ومباشراً في مواقفه، تحمل مسؤولياته طوال حياته المهنية». ومؤكداً أنه «انفصل تماماً عن السلطة منذ عودته من منفاه عام 2020».

وعاد نزار إلى الجزائر في هذه السنة قادماً من إسبانيا، حيث لجأ إليها مرغماً بعد إطلاق مذكرة اعتقال دولية أصدرها القضاء العسكري عام 2019 بأمر من رئيس أركان الجيش، الراحل الفريق أحمد قايد صالح، بسبب خلافات شخصية حادة بينهما. واتُهم وقتها بـ«إضعاف معنويات الجيش»، و«المس بالوحدة الوطنية والنظام العام»، وحكم عليه غيابياً بالسجن 20 سنة مع التنفيذ.

شخصيات مدنية وعسكرية حضرت الجنازة (وسائل الإعلام)

ولم يكن ممكناً أن يعود نزار إلى الجزائر لولا رحيل قايد صالح، الذي كان مصراً على ملاحقته. وحرصت السلطات على تبرئته من كل التهم، وأرسلت له طائرة رئاسية أقلته من إسبانيا إلى الجزائر. ووصف التلفزيون الحكومي لدى تعاطيه مع وفاة نزار، فترة إقامته بإسبانيا، بـ«المنفى».

وعرف نزار بخصومة شديدة مع الإسلاميين الذين كانوا يعدونه «شخصاً متسلطاً استغل نفوذه لقمع المعارضة»، حيث لم يتردد في تبني قرار إلغاء نتائج انتخابات البرلمان نهاية 1991 التي فازت بها «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، وفي دفع الرئيس الشاذلي بن جديد للاستقالة مطلع 1992 لتبرير وقف المسار الانتخابي، وهي أحداث فتحت الباب لتشكل جماعات إسلامية مسلحة، ودخول البلاد في فترة اقتتال دامٍ خلّف 100 ألف قتيل، وفق ما كتبته الصحافة آنذاك. وأشاد مؤيدو نزار بموقفه بخصوص منع زحف الإسلاميين على السلطة، وأطلقوا عليه لقب «منقذ الجمهورية من أفغنة مؤكدة للجزائر».

جانب من مراسيم جنازة وزير الدفاع الأسبق (وسائل إعلام)

ومن المفارقات أن القضاء السويسري نظّم في نفس يوم وفاته محاكمة له بتهمة «ارتكاب جرائم ضد الإنسانية»، بناءً على شكوى أودعت ضده عام 2011 من طرف إسلامييْن لاجئيْن بأوروبا، اتهماه بـ«انتهاكات ضدهما» خلال سجنهما في أحداث ما يُعرف بـ«العشرية السوداء». وحضر نزار جلسات تحقيق عدة في سويسرا، وصرح أنه سيمثل أمام المحكمة لمواجهة خصومه.

وقال دفاع اللواء الراحل في بيان له مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، إنه «ينفي بشدة ارتكاب أعمال يمكن عدُّها جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، أو الأمر بارتكابها، أو تنظيمها أو المساعدة على ارتكابها، أو حتى التسامح معها»، مبرزاً أنه «كثيراً ما عارض على وجه الخصوص التعذيب، الذي لم يتردد في إدانته علناً في التسعينات».


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية والجزائر يبحثان التطورات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان والوزير أحمد عطّاف (الخارجية السعودية)

وزيرا خارجية السعودية والجزائر يبحثان التطورات الإقليمية

بحث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع نظيره الجزائري أحمد عطّاف، التطورات الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا الرئيس أصدر عفواً لصالح 2741 سجيناً عشية العام الجديد (الرئاسة)

الجزائر: إقصاء المعتقلين بتهم «التآمر والخيانة» من العفو الرئاسي

تضمن عفو رئاسي لصالح 2471 سجيناً، صدر بالجزائر عشية العام الجديد، استبعاد عدد كبير من نزلاء المؤسسات العقابية لاتهامهم بـ«التآمر على سلطة الدولة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
أوروبا 
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته فرنسوا بايرو (رويترز)

فرنسا تبحث خيارات الرد على «الإذلال» الجزائري

تتوجه الأنظار في فرنسا نحو البرلمان لتلمس المسار الذي ستسلكه الأزمة الفرنسية - الجزائرية بمناسبة الكلمة المرتقبة، اليوم، لرئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو؛ حيث.

ميشال أبونجم (باريس)
شمال افريقيا وزير العدل الفرنسي جيرالد درامانان خارجاً من قصر الإليزيه في 8 الجاري ويتبعه وزير الدفاع سيباستيان لو كورنو (رويترز)

فرنسا تبحث خيارات الرد على ما تعده «إذلالاً» جزائرياً

فرنسا تبحث خيارات الرد على ما تعده «إذلالاً» جزائرياً، وزراء وسياسيون فرنسيون يعرضون مروحة واسعة لـ«الانتقام من الإهانة» التي لحقت ببلادهم.

ميشال أبونجم (باريس)
شمال افريقيا جولة حوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)

قيود جديدة تثير الجدل بين القوى السياسية في الجزائر

يفرض المشروع على الأحزاب «اعتماد الديمقراطية» في انتخاب قياداتها. وتنص «المادة 37» على أن «مدة الولاية القيادية لا تتجاوز 5 سنوات، مع إمكانية التجديد مرة واحدة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)
ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)
TT

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)
ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

يترقب الليبيون المرحلة الثانية من الاقتراع على المجالس المحلية، نهاية يناير (كانون ثاني) الحالي، في عملية تبدو «أكثر تعقيداً» من سابقتها التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بحسب «المفوضية العليا للانتخابات»، وسط تحديات أمنية تهيمن على المشهد الليبي، وفق مراقبين.

وجاء الإقرار الرسمي بأن المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية ستكون ساخنة من زاوية «لوجيستية»، خصوصاً مع «زيادة أعداد الناخبين ومراكز الاقتراع ثلاثة أضعاف ما كان بالمرحلة الأولى»، حسب تصريحات رئيس المفوضية عماد السايح، الذي لم يحدد موعد إجرائها بعد، لكنه رأى ضرورة «توفير الدعم اللازم لها».

رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات عماد السايح (مفوضية الانتخابات)

ومن المقرر أن تُجرى انتخابات المرحلة الثانية في 63 بلدية، منها 41 بلدية في المنطقة الغربية، و13 بلدية بالمنطقة الشرقية، إضافة إلى 9 بلديات في المنطقة الجنوبية، حسب قرار صادر عن المفوضية الأسبوع الماضي.

ويرصد المحلل السياسي الليبي، أيوب الأوجلي، أهمية خاصة لهذه الجولة الانتخابية، كونها تستهدف «البلديات الأكبر وذات الأوزان السياسية المهمة، وفي طليعتها طرابلس وبنغازي»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى رغبة المفوضية في «الذهاب بعيداً لإنجاز هذا الاستحقاق الانتخابي».

وفي 16 نوفمبر الماضي أجريت انتخابات المجموعة الأولى في 58 بلدية، شهدت إقبالاً كبيراً بلغ 74 في المائة من إجمالي عدد من يحق لهم التصويت، بحسب بيانات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

وفي المنطقة الشرقية، أعلن رئيس المفوضية عماد السايح عن بدء الاستعدادات للجولة الثانية من الانتخابات، بلقاء مع مسؤولي مكاتب الإدارة الانتخابية، واطمأن إلى استكمال « التحضيرات اللازمة لتنظيم الانتخابات وفق أعلى معايير الشفافية والنزاهة».

رئيس البرلمان عقيلة صالح لدى الإدلاء بصوته في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

وبخصوص الإجراءات الأمنية، أكد وزير الداخلية بحكومة شرق ليبيا، اللواء عصام أبو زريبة، أن «إدارة حماية وتأمين الانتخابات على أتم الاستعداد دائماً للتنسيق لإجراء أي اقتراع، من خلال غرف أمنية خاصة بها في المناطق كافة».

وبهذا الخصوص قال أبو زريبة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مستعدون للانتخابات دائماً، ونجدد نشاط منتسبينا من خلال عقد ورش العمل الخاصة بالشأن ذاته لرفع مستوى الأداء».

ومع ذلك، فإن ناشطين ومتابعين عبّروا عن مخاوف مما وصفوها بـ«توترات قبلية» في شرق ليبيا واكبت الجولة الأولى، الأمر الذي نفاه أبو زريبة قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إنه «صراع ديمقراطي تنافسي بين مكونات المجتمع، كون التركيبة السكانية قبلية».

في المقابل، يبدو التحدي الأمني أكثر وضوحاً في المنطقة الغربية، حسب متابعين، ومثال على ذلك فإنه من المقرر أن تُجرى الانتخابات في 5 دوائر انتخابية تابعة لمدينة الزاوية، علماً بأنها تشهد عملية عسكرية «مثيرة للجدل» ضد ما وصفتها حكومة غرب ليبيا ضد «أوكار مخدرات وتهريب وقود».

وازداد الغموض والتساؤلات بعد مظاهرات اندلعت في مدن بغرب ليبيا هذا الأسبوع، عقب بث اعتراف نجلاء المنقوش، في لقاء تلفزيوني بتفاصيل اجتماعها السري في إيطاليا، العام قبل الماضي، مع نظيرها الإسرائيلي، إيلي كوهين.

وفي هذا السياق، أبدى المحلل السياسي، أيوب الأوجلي، قلقاً مما عدّها «مجموعات مسلحة تأتمر بأمر قادة سياسيين يسيطرون على المشهد»، ولم يستبعد أن «تقف هذه المجموعات في وجه إجراء هذه الانتخابات، والاستفادة من الثغرات الأمنية لعرقلتها»، وفق رؤيته.

مسن ليبي يدلي بصوته في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

وقال الأوجلي إن عقد الانتخابات «سيبطل حالة القوة القاهرة، التي منعت إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال 2021، ومن ثم يهدد استمرار هؤلاء القادة السياسيين في المشهد الليبي».

في مقابل التحديات السياسية أو الأمنية التي لازمت الحالة الليبية منذ 2011، تتمسك الأكاديمية والباحثة أمل العلوي بـ«بالتفاؤل»، استناداً إلى «نجاح المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية، ووصول من يمثلون شرائح كثيرة إلى تمثيل ناخبيهم في المجالس، بما يعزز الاستقرار».

وقالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن نجاح الجولة الأولى هو «مدعاة للتفاؤل بالمضي خطوات عملية وجادة نحو الانتخابات البرلمانية والرئاسية، التي يطمح لها كل الليبيين».

يُشار إلى أن الجولة الأولى من الاقتراع البلدي مضت على «نحو سلس ودون تسجيل خروقات بالمنطقة الغربية»، وفق وصف وزير الداخلية المكلف في حكومة غرب ليبيا، عماد الطرابلسي، ولقيت إشادة من نائبة المبعوث الأممي، ستيفاني خوري في لقاء مع الطرابلسي الشهر الماضي.

ووفق مراقبين، لا تبدو الصورة قاتمة في مجملها، إذ يراهن البعض على الدعم الدولي الواسع من قبل مجلس الأمن والبعثة الأممية، والدول الكبرى للجولة الأولى للانتخابات المحلية، وهو ما عدّه الأوجلي «بصيص أمل» نحو نجاح مساعي الاحتكام لصندوق الاقتراع.

جانب من عمليات الإشراف على نجاح الجولة الأولى من الانتخابات البلدية السابقة (مفوضية الانتخابات)

وعلاوة على ذلك، هناك أيضاً الدعم القبلي لهذه الانتخابات، وهو ما أظهره ملتقى رعاه المجلس الرئاسي الأسبوع الماضي لأعيان وحكماء ومشايخ ليبيين، رأوا في الاقتراع البلدي «مؤشراً على رغبة الليبيين في تحقيق الاستقرار».