قيود جديدة تثير الجدل بين القوى السياسية في الجزائر

مسودة قانون الأحزاب تثير سخط المعارضة الإسلامية والعلمانية

جولة حوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)
جولة حوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)
TT

قيود جديدة تثير الجدل بين القوى السياسية في الجزائر

جولة حوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)
جولة حوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)

تترقب الرئاسة الجزائرية، حالياً، مقترحات الأحزاب الممثلة في البرلمان والمجالس المحلية، على مسودة قانون الأحزاب الجديد، بعد أن سلمتها لقياداتها منذ أسبوع، تمهيداً لرفعها إلى البرلمان، بغرض المصادقة.

وجاء في «المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية»، أن التعديلات التي تريد السلطة التنفيذية إدخالها على النص الحالي: «تهدف إلى تنظيم عمل الأحزاب، وضمان التزامها بالمعايير الديمقراطية». وأهم ما تضمنه المشروع عقوبات شديدة ضد الأحزاب، تصل إلى الحل.

وتذكر «المادة 87» من المشروع أنه «يمكن حل أي حزب سياسي لم يقدم مرشحين في موعدين انتخابيين متتاليين على الأقل، بناءً على طلب من الوزير المكلف بالداخلية أمام الجهات القضائية».

السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية المعارضة» في اجتماع للأحزاب مع الرئاسة (الرئاسة)

وفي تقدير أصحاب النص الجديد: «يهدف هذا الإجراء إلى ضمان مشاركة فعالة للأحزاب في العملية الانتخابية»، وحظر ما تُسمَّى «الأحزاب الصورية» التي تفتقر إلى الفاعلية الميدانية. وفي القانون الحالي، يمكن حل الحزب إذا لم يشارك في أربعة انتخابات متتالية.

وأول حزب مستهدف بهذه المادة: «جبهة العدالة والتنمية» الإسلامي الذي يتزعمه الشيخ عبد الله جاب الله، والذي قاطع كل المواعيد الانتخابية في الـ15 سنة الماضية، بدعوى أن «السلطة وضعتها على مقاسها».

ومن بين المستهدفين أيضاً بهذه المادة: «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» العلماني، المحسوب على المعارضة الراديكالية، الغائب عن انتخابات البرلمان والبلدية التي نظمت في 2021، بحجة أن «ترتيباتها تمت وفق مصلحة أحزاب السلطة». كما تعني المادة ذاتها، بدرجة أقل: «حزب العمال» اليساري الذي لم يشارك في الانتخابات التشريعية الأخيرة، بينما دخل معترك «المحليات» وحاز بعض المقاعد.

المعارض الإسلامي عبد الله جاب الله (إعلام حزبي)

ويفرض المشروع على الأحزاب «اعتماد الديمقراطية» في انتخاب قياداتها؛ حيث تنص «المادة 37»، على أن «مدة الولاية القيادية لا تتجاوز 5 سنوات مع إمكانية التجديد مرة واحدة فقط». كما يحدد المشروع شروطاً جديدة لإنشاء واعتماد الأحزاب، من بينها اشتراط تمثيل 50 في المائة من ولايات البلاد في المؤتمرات التأسيسية.

ووفق مصادر سياسية، أبدت أحزاب انزعاجاً من هذا الشرط. فقياداتها ترى أن «المناضلين أحرار في التمديد لرئيس الحزب أو أمينه العام»، وأن تقييد البقاء على رأس التشكيل السياسي بمدة معينة: «يعد تدخلاً من السلطة التنفيذية في شأن داخلي يخص الأحزاب». كما أن الشرط يتعارض -حسب الساخطين عليه- مع حرية التعددية السياسية التي يقرَّها الدستور.

وأول من تحفظ على هذا المسعى -حسب المصادر ذاتها- هو «حزب العمال» الذي تقوده أمينته العامة لويزة حنون، منذ سنوات طويلة، بالإضافة إلى رفضه من طرف الإسلامي جاب الله.

لويزة حنون زعيمة حزب العمال (إعلام الحزب)

ولا تستثني هذه القيود الأحزاب الموالية للحكومة، مثل: «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«جبهة المستقبل»، وأقدم حزب معارض في البلاد «جبهة القوى الاشتراكية»، وهي تشكيلات سياسية لا تحدد قوانينها فترة معينة لاستمرار «الزعيم» في قيادة الحزب.

ويعد الحزب الإسلامي المعارض «حركة مجتمع السلم»، الوحيد الذي لا يسمح لرئيسه بأكثر من ولايتين (5 سنوات للواحدة)، في حال كانتا متتاليتين. ويقول مناضلوه إنهم «يقدمون درساً للطيف السياسي في البلاد وللسلطة، في مجال التداول الديمقراطي على المناصب».

الرئاسة تترقب مقترحات الأحزاب حول قانون الأحزاب الجديد (الرئاسة)

ويشار إلى أن حزبين من المعارضة اليسارية، تم حلَّهما بحكم قضائي بناء على شكوى من وزارة الداخلية، في الخمس سنوات الماضية، هما: «الحركة الديمقراطية والاجتماعية» («الحزب الشيوعي الجزائري» سابقاً الذي قام على أنقاض «الحزب الشيوعي الفرنسي» أيام الاستعمار)، وسجنت السلطات قائدها فتحي غراس لمدة 9 أشهر بين عامي 2021 و2022، بتهمة «الإساءة إلى رئيس الجمهورية»، والحزب الثاني الذي تعرَّض للحظر: «الحزب الاشتراكي للعمال» بسبب عدم عقد مؤتمره العادي لمدة طويلة، ما وضعه تحت طائلة القانون.


مقالات ذات صلة

وزير جزائري: 9 آلاف صحافي عبر العالم يشوهون صورة بلادنا

شمال افريقيا وزير الاتصال الجزائري (الوزارة)

وزير جزائري: 9 آلاف صحافي عبر العالم يشوهون صورة بلادنا

انتقد وزير الاتصال الجزائري، محمد مزيان، صحافيين في الخارج «يعملون دون هوادة من أجل تشويه صورة البلاد».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا سفير النيجر بالجزائر يسلم أوراق اعتماده للرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

استئناف الحوار بين الجزائر والنيجر بعد تصاعد الأزمة في 2023

يسعى وفد من حكومة النيجر يزور الجزائر حالياً، لطي خلاف حاد نشأ في صيف 2023 بسبب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم، واشتدت الأزمة باحتجاج نيامي على …

شمال افريقيا شبان جزائريون في العاصمة (أ.ب)

جزائريون يرحبون بحملة أمنية ضد «مؤثرين» على مواقع التواصل

«الدستور الجزائري ضمن الحريات، سواء على أرض الواقع أو في الفضاء الأزرق، لكن الحرية التي من شأنها أن تمس بفكر الآخر أو بأخلاقه أو بجسده، فهي مرفوضة».

شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «مجموعة السبع» بإيطاليا يوم 13 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

جهود لتخفيف التوتر الحاد في العلاقات بين الجزائر وباريس

رشيد تمال، رئيس «مجموعة الصداقة البرلمانية الفرنسية - الجزائرية» بالغرفة البرلمانية العليا، «قد يلتقي نظراءه من مجلس الأمة الجزائري، لتناول الأزمة السياسية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
رياضة عالمية الجزائري إسماعيل بن ناصر لدى توقيعه لمرسيليا (أ.ف.ب)

مرسيليا يعول على الثنائي الجزائري غويري وبن ناصر لوقف هيمنة سان جيرمان

يعول مرسيليا على لاعبيه الجديدين، الثنائي الجزائري الدولي أمين غويري وإسماعيل بن ناصر، في محاولته الصعبة لمطاردة باريس سان جيرمان.

«الشرق الأوسط» (مرسيليا)

«أزمة» في العلاقات المصرية - الأميركية... تكتمها السياسة ويبوح بها الإعلام

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الأميركي في واشنطن قبل يومين (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الأميركي في واشنطن قبل يومين (الخارجية المصرية)
TT

«أزمة» في العلاقات المصرية - الأميركية... تكتمها السياسة ويبوح بها الإعلام

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الأميركي في واشنطن قبل يومين (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الأميركي في واشنطن قبل يومين (الخارجية المصرية)

رغم خلو البيانات الرسمية المصرية والأميركية مما يشير إلى «أزمة» في العلاقات بين البلدين، في ظل حديثها الدائم عن «شراكة استراتيجية»، وتعاون لتحقيق المصالح المشتركة والاستقرار في المنطقة، برزت خلال الأيام الماضية إشارات إعلامية و«سوشيالية»، إلى «أزمة» مصحوبة بدعوات «للاصطفاف» مع الدولة المصرية في مواجهة ضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترمب لـ«تهجير الفلسطينيين والسيطرة على قطاع غزة».

ومنذ 25 يناير (كانون الثاني)، يقترح ترمب استقبال مصر والأردن لفلسطينيين بعد تهجيرهم من غزة، قبل أن تبدأ سلسلة من المواقف المصرية الرافضة، كان أبرزها حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي، في 29 من الشهر الماضي بأن «تهجير الفلسطينيين ظلم لن نشارك فيه»، مروراً ببيانات لـ«الخارجية» ترفض ذلك الاقتراح، دون ذكر اسم الرئيس الأميركي.

ولم يتوقف ترمب عن تصريحاته باستقبال مصر للفلسطينيين، بل وصل إلى تلويحه، الاثنين، بتعليق مساعدات بلاده إلى مصر، حال ما لم تقبل بتهجير الفلسطينيين إليها، ما أشعل غضباً واسعاً بين المصريين، ظهر جلياً على منصات التواصل الاجتماعي.

ووسط تجاهل رسمي للتعليق على تكهنات وتساؤلات إعلامية بشأن إمكانية زيارة الرئيس السيسي واشنطن ولقاء ترمب، نقلت «رويترز» عن مصدرين أمنيين مصريين، الأربعاء، قولهما إن الرئيس السيسي «لن يسافر إلى واشنطن لإجراء محادثات في البيت الأبيض ما دام جدول الأعمال يشمل خطة الرئيس ترمب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة». بينما قال مسؤول أميركي، لم تسمه «رويترز»، إنه «لم يتم تحديد موعد لمثل هذه الزيارة».

وسبق أن نقلت «الشرق الأوسط» عن مصادر مصرية وأميركية، أنه «لم يتم تحديد موعد للزيارة». وأشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير محمد الشناوي، إلى أن «هناك دعوة مفتوحة للرئيس السيسي من الرئيس ترمب لزيارة الولايات المتحدة وإجراء لقاء بالبيت الأبيض، لكن لا معلومات عن تحديد موعد لتلك الزيارة».

وأوضح مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»، أنه «كان هناك حديث عن قيام السيسي بزيارة واشنطن خلال الشهر الجاري، لكن في ضوء تصاعد مقترح التهجير تم إرجاؤها منعاً لحدوث أزمة إذا ما نوقشت المسألة علانية، أو أدلى الرئيس الأميركي بتصريحات أمام الإعلام قد تسبب حرجاً للدولة المصرية، في ظل موقفها الرافض لإخراج الفلسطينيين من أرضهم».

وكانت وسائل إعلامية رجحت زيارة للسيسي إلى واشنطن في 18 فبراير (شباط) الجاري.

ونقلت قناة «القاهرة الإخبارية» عن مصادر رسمية، لم تسمها، قولها إن مصر أرسلت خلال الأيام الماضية ردوداً مباشرة إلى الولايات المتحدة حول المقترحات المطروحة بشأن غزة، مؤكدة أن «مصر مستاءة من التصريحات الصادرة عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين بخصوص تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن أو دول أخرى».

الحديث عن «أزمة» مصرية - أميركية، كان أكثر وضوحاً في وسائل الإعلام المصرية، فخصص المذيع المصري أحمد موسى، حلقة برنامج «على مسؤوليتي» مساء الثلاثاء، لمناقشة «كيفية مواجهة ابتزاز الولايات المتحدة»، مهاجماً الرئيس الأميركي ورافضاً طرحه وطريقة كلامه، متمنياً ألا يزور السيسي واشنطن.

ووفقاً لـ«رويترز» بدا عاهل الأردن الملك عبد الله منزعجاً، خلال اجتماعه، الثلاثاء، مع ترمب في البيت الأبيض، الذي ناقش خلاله خطته لغزة.

وقال المصدران لـ«رويترز» إن «هدف زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأخيرة لواشنطن، كان تجنب اجتماع محرج مماثل يحاول ترمب خلاله الضغط على السيسي»، وأشارا إلى أنه «بدا جلياً لعبد العاطي خلال لقائه بنظيره الأميركي ماركو روبيو أن خطة التهجير ستكون مطروحة على الطاولة إذا زار السيسي البلاد».

وكتب الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري، عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية. فليطلق ترمب تصريحاته كما يريد، لكن مصر ستبقى السند، وجيشنا سيحمي أمننا القومي، وهو مستعد لكل السيناريوهات في سبيل الوطن».

كما حذر في منشور آخر الرئيس الأميركي من «التورط مجدداً ضد الشعب الفلسطيني الأعزل». وقال: «هذا التدخل قد يفجر المنطقة بأسرها. الجحيم الذي تتوعد به قد يجر على أميركا أزمات ومشاكل كثيرة»، مشيراً إلى أن «مصر ستطرح رؤية شاملة تمنع التهجير وتبدأ مسيرة التعمير».

أما عضو مجلس النواب محمود بدر، فكتب عبر حسابه على منصة «إكس»، أن «الضغط على مصر سيكون اقتصادياً؛ كونه أكثر سلاح يستخدمه الأميركيون من خلال المعونة، وصندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات التي تخضع للهيمنة الأميركية».

وتصاعدت الحملات الإعلامية والسوشيالية ضد الرئيس الأميركي ومقترحاته بشأن «تهجير الفلسطينيين» و«السيطرة على غزة». وهاجمت الإعلامية المصرية لميس الحديدي، في برنامجها، الرئيس الأميركي واتهمته بأنه «يشتري ويبيع ما لا يملك».

وقالت في منشور آخر عبر «إكس»: «كنت اشتريت كندا والا جرينلاند والا قناة بنما... زهقنا، دور على حكاية جديدة».

ونشرت جريدة «المصري اليوم» المحلية، كاريكاتيراً يسخر من الرئيس الأميركي ومقترحاته، تحت عنوان «الأميركية للمقاولات فحت وردم وتهجير وخلافه».