تونس: إيقاف إرهابيين وإجراءات أمنية جديدة في 2024

إصلاحات معروضة على لجنة الأمن والدفاع والقوات المسلحة

تغييرات في قطاعات الأمن والحرس الحدودي
تغييرات في قطاعات الأمن والحرس الحدودي
TT

تونس: إيقاف إرهابيين وإجراءات أمنية جديدة في 2024

تغييرات في قطاعات الأمن والحرس الحدودي
تغييرات في قطاعات الأمن والحرس الحدودي

كشفت السلطات الأمنية التونسية أن قوات أمنية تابعة لـ«لوحدات الاستعلامات» (المخابرات) بمنطقة الحرس الوطني بتونس، ومصلحة الوقاية من الإرهاب بإقليم تونس العاصمة «أوقفت متهمَين بالإرهاب صدرت ضدهما أحكام غيابية بالسجن لمدة 4 أعوام بتهمة (الانتماء إلى تنظيم إرهابي)».

وأوردت الإدارة العامة للحرس الوطني أن السلطات الأمنية أحالت المتهمين على النيابة العمومية.

مكتب البرلمان ولجنة الأمن والدفاع: إجراءات أمنية جديدة في 2024 (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)

إجراءات جديدة

من جهة أخرى، أعلنت السلطات التونسية عن إجراءات أمنية كثيرة، تدخل «ضمن الإصلاحات» للقوانين ذات الصبغة الأمنية، بينها ما يهم تعديل القوانين القديمة المنظمة لشروط إسناد جوازات السفر وبطاقات الهوية والوثائق الجبائية والتجارية الدولية التابعة.

رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة

وبعد سنوات من الجدل والاعتراضات على بعض هذه الإصلاحات، نظرت في المشاريع المعروضة لجنتا الأمن والدفاع والقوات الحاملة للسلاح في البرلمان التونسي، ومكتب مجلس النواب بحضور رئيسه المحامي إبراهيم بودربالة.

كما عقدت لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح جلسة خصصتها للنظر في مشروع القانون الجديد، المتعلق بسن أحكام استثنائية خاصة بالإعفاء من واجب الخدمة العسكرية الوطنية.

ويهدف هذا المشروع إلى إعفاء عشرات الآلاف من الشباب الذين لم يؤدوا «الواجب العسكري الوطني»، من مواليد ما قبل عام 2000، بسبب استحالة تجنيدهم اليوم لأسباب لوجيستية وإدارية ومالية. علماً بأن القانون التونسي كان يطالب كل الشباب بأداء خدمة عسكرية وطنية مجانية لمدة عام بعد بلوغهم العشرين. ويؤجل موعد الالتحاق بالمؤسسات العسكرية بالنسبة للطلاب إلى ما بعد تخرجهم.

ويهدف الإجراء الجديد إلى تسوية وضعية عشرات الآلاف من الشباب قانونياً؛ لأنهم كانوا يلاقون صعوبات عند ممارستهم بعض حقوقهم وحرياتهم المضمونة دستورياً، على غرار حرية السفر إلى الخارج، والتنقل، والحق في العمل، وغيرها.

الحرس الحدودي: جوازات سفر جديدة وبطاقات هوية رقمية

وثائق السفر وبطاقات الهوية

من جهة أخرى، عادت وزارة الداخلية والهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية والبرلمان والسلطات الإدارية، إلى مناقشة مشروع مثير للجدل لتغيير وثائق السفر وبطاقات الهوية الوطنية، انطلقت البرلمانات والحكومات السابقة في مناقشته منذ 2016.

ويتمثل التغيير خاصة في إجراءات يبدأ العمل بها في 2024، بينها استبدال «وثائق بيومترية» تخزن كل المعلومات الأمنية الشخصية لأصحابها، بجوازات السفر وبطاقات الهوية الوطنية.

كما تتضمن الإجراءات الجديدة المبرمجة تخفيض سن إسناد بطاقة الهوية الوطنية من 18 إلى 15 عاماً، مع خزن معلومات تفصيلية في إدارات الأمن التي تسندها عن كل شخص.

وتراوحت ردود الفعل على هذه «الإجراءات والإصلاحات الأمنية المطلوبة أوروبياً وعالمياً»، بين الترحيب والتحفظ في البرلمانين السابقين، ومن قبل مسؤولين سياسيين وأمنيين في مستويات مختلفة.

وفي الوقت الذي رحب فيه بها كثير من السياسيين والأمنيين، وعدُّوها من بين الطرق الجديدة للوقاية من الجريمة المنظمة والإرهاب ومراقبة شبكات التهريب والتهرب الجبائي، تحفظ عليها عدد كبير من الحقوقيين والسياسيين، وعدُّوها «تهديداً لحقوق الأفراد والبلاد في حماية المعطيات الشخصية».

لكن الخبير القانوني الدولي، ورئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، ما بين 2015 و2018، اعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا بديل عن مواكبة اعتماد الدول المتقدمة وشركاء تونس الغربيين للجوازات وبطاقات الهوية البيومترية»؛ لكنه حمَّل سلطات الأمن الداخلية في تونس وفي كل بلد من بلدان الجنوب مسؤولية «حفظ المعلومات الخاصة بمواطنيها، وخزنها بطرق إلكترونية عصرية»، بحيث لا تقدم لسلطات الأمن والجوازات العالمية إلا تلك التي تهم بعض المشتبه فيهم في قضايا إرهاب وجرائم منظمة.

في الأثناء، استأنفت وزارة الداخلية والهيئات الحكومية المكلفة هذه الملفات مناقشة الإجراءات الجديدة، وسط ضغوطات أوروبية ودولية تمارس على كل البلدان، بتحديد أجل تمنع بعده شرطة الحدود في مطاراتها وموانيها المسافرين من دخول أراضيها، إذا لم يقدموا جوازات «عصرية إلكترونية».


مقالات ذات صلة

تونس: «عملية بيضاء» حول سجن يضم آلاف السجناء بينهم «إرهابيون»

أفريقيا الرئيس التونسي في زيارة سابقة لزنازين سجن المرناقية (موقع الرئاسة التونسية)

تونس: «عملية بيضاء» حول سجن يضم آلاف السجناء بينهم «إرهابيون»

كشفت مصادر رسمية من وزارة الداخلية التونسية، أن قوات الأمن أوقفت مؤخراً أكثر من 300 من بين «المفتش عنهم» في قضايا أمنية مختلفة، بينها الإرهاب وتهريب البشر.

كمال بن يونس (تونس)
آسيا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يرحب بعضو وفد «طالبان» الحاج محمد سهيل شاينا خلال محادثات سابقة (إعلام أفغاني)

«طالبان» تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية

كشف مسؤولون رفيعو المستوى في وزارة الدفاع الأفغانية عن عزم حركة «طالبان» على الحصول في المستقبل «عندما تكون الظروف مواتية» على أنظمة دفاع جوي روسية.

عمر فاروق (آسلام آباد)
شؤون إقليمية موقع سقوط المسيّرة التركية في كركوك (إكس) play-circle 00:24

أنقرة تتحرى مع بغداد عن مسيّرة «أُسقطت» في كركوك

أكدت تركيا أنها والعراق لديهما إرادة قوية ومشتركة بمجال مكافحة الإرهاب كما عدّ البلدان أن تعاونهما بمشروع «طريق التنمية» سيقدم مساهمة كبيرة لجميع الدول المشاركة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
أفريقيا وزير الخارجية الروسي رفقة وزيرة خارجية السنغال في موسكو (صحافة سنغالية)

على خطى الجيران... هل تتقرب السنغال من روسيا؟

زارت وزيرة خارجية السنغال ياسين فال، الخميس، العاصمة الروسية موسكو؛ حيث عقدت جلسة عمل مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أعقبها مؤتمر صحافي مشترك.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية تركيا تعدّ وجودها العسكري في سوريا ضماناً لوحدتها (إكس)

تركيا: لا يجب التعامل مع أزمة سوريا على أنها مجمّدة

أكدت تركيا أن الحل الدائم الوحيد للأزمة السورية يكمن في إقامة سوريا تحكمها إرادة جميع السوريين مع الحفاظ على وحدتها وسلامة أراضيها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مصر: أدوية «ناقصة»... وبدائل «شحيحة»

صيدليات في مصر تشهد نقصاً في بعض الأدوية (نقابة صيادلة القاهرة)
صيدليات في مصر تشهد نقصاً في بعض الأدوية (نقابة صيادلة القاهرة)
TT

مصر: أدوية «ناقصة»... وبدائل «شحيحة»

صيدليات في مصر تشهد نقصاً في بعض الأدوية (نقابة صيادلة القاهرة)
صيدليات في مصر تشهد نقصاً في بعض الأدوية (نقابة صيادلة القاهرة)

يقف عماد عبد الحميد، وهو موظف حكومي في العقد الثالث، أمام «صيدلية الإسعاف» (حكومية) في وسط العاصمة القاهرة، من السادسة صباحاً لحجز دوره في طابور ممتد لمسافات؛ وذلك لصرف العلاج الشهري لوالدته المسنة التي تعيش معه في منطقة المرج (شرق القاهرة).

عبد الحميد يضطر إلى القدوم لـ«صيدلية الإسعاف» مرة شهرياً لصرف العلاج لوالدته، الذي لم يعد متوفراً منذ فترة في أغلب الصيدليات الخاصة. ما يشكو منه المواطن المصري يعاني منه أغلب المصريين في ظل أدوية أساسية «غير متوفرة» في الصيدليات الأخرى، وعدم وجود بدائل لها، بسبب أزمة الدولار التي شهدتها مصر خلال الشهور الماضية.

عبد الحميد قال لـ«الشرق الأوسط» إن الشهور الأخيرة شهدت ازدحاماً كبيراً وزيادة في الطوابير أمام «الإسعاف»، مع التشديد في إجراءات الصرف، رغم أن الأدوية كان يحصل عليها سابقاً من «معهد ناصر» (مستشفى حكومي)، لكن بعضها لم يعد متوفراً في المعهد، مما اضطره للذهاب إلى «صيدلية الإسعاف» للحصول على الأدوية الناقصة بموجب الروشتة الخاصة بوالدته.

و«صيدلية الإسعاف» لها أفرع في بعض المحافظات المصرية، وتتبع الشركة المصرية للأدوية، وتتوفر فيها الأدوية الناقصة، بالإضافة إلى الأدوية المدرجة باعتبارها مخدرة، بجانب الألبان الخاصة بالأطفال.

مقر للشركة المصرية لتجارة الأدوية في القاهرة (الشركة)

موقف عبد الحميد أمام «صيدلية الإسعاف» يتكرر مع آخرين يصطفون أمام الصيدلية الشهيرة على مدار اليوم للحصول على الأدوية الناقصة، التي «انضم إليها في الأسابيع الأخيرة (الأنسولين) لمرضى السكر، حيث يتم صرفه من (الإسعاف) مع نقصه الحاد في الصيدليات الأخرى»، بحسب عضو لجنة «الصحة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أحمد عبد اللطيف الطحاوي.

وقال الطحاوي لـ«الشرق الأوسط» إن الأدوية الناقصة لمرضى الأمراض المزمنة تُوفَّر من خلال «صيدلية الإسعاف»، بالإضافة إلى أدوية الأورام والعلاجات الكيميائية، مشيراً إلى «وجود

نقص في بعض الأدوية المستوردة من الخارج، بالإضافة إلى نقص حتى في الأدوية المصنعة محلياً».

وحمّل رئيس «شعبة الأدوية» باتحاد الغرف التجارية، الدكتور علي عوف، مسؤولية نقص الأدوية في البلاد إلى أزمة الدولار، وتغير سعر الصرف خلال مارس (آذار) الماضي، بعدما وجدت الشركات المصرية نفسها مطالبة بالحصول على الدولار من البنوك المصرية بمتوسط 50 جنيهاً، بعدما كانت تحصل عليه بمتوسط 31 جنيهاً، مما جعل الشركات مطالبة بسداد فوارق مالية كبيرة للبنوك، في وقت يتعين عليها بيع الأدوية بالأسعار نفسها المحددة سلفاً على سعر الدولار القديم؛ نظراً لأن الأدوية مسعرة جبرياً.

عوف قال لـ«الشرق الأوسط» إن إحدى الشركات الكبرى طُلب منها توفير فارق يصل إلى 300 مليون جنيه (الدولار يساوي 48.56 جنيه في البنوك المصرية) بشكل فوري، من أجل الإفراج عن المواد الخام الخاصة بها والموجودة في الجمارك. وهو أمر زاد من أعباء الشركات التشغيلية بصورة كبيرة، خصوصاً أن «البنك المركزي والبنوك المصرية لم تقدم أي تسهيلات لشركات الدواء، التي وجدت نفسها مطالبة، مع زيادة سعر الصرف، بضخ مزيد من الأموال، أو تقليل ما تقوم باستيراده، وبالتالي تقليل إنتاجها، الأمر الذي حدث بشكل مفاجئ وفوري».

كما أكد رئيس «لجنة التصنيع» بنقابة الصيادلة، الدكتور محفوظ رمزي، لـ«الشرق الأوسط» أن «مصانع الأدوية المحلية وجدت نفسها مطالبة بالاقتراض من البنوك بفائدة تصل إلى 25 في المائة سنوياً، من أجل تنفيذ عمليات الاستيراد للمواد الخام بجانب سداد فارق سعر الصرف»، منتقداً «عدم وجود تسهيلات بنكية استثنائية لقطاع الدواء، كان يمكن أن تساهم في توفير الأدوية بشكل أسرع للمواطنين».

وجود نقص في بعض الأدوية المستوردة من الخارج والمحلية (رويترز)

أما مدير مركز «الحق في الدواء»، محمود فؤاد، فقد انتقد «عدم تحرك الحكومة المصرية السريع مع ملف نقص الأدوية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن الأزمة تكررت بشكل مشابه لما حدث في عام 2017 بعد تحريك سعر الصرف في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، ولجأت الحكومة آنذاك إلى «زيادة سعر الأدوية بشكل فوري، مما أتاح للشركات استئناف إنتاجها».

فؤاد أوضح أن عمليات الاستيراد التي تجري لكميات من الأدوية التي لا تُصنع محلياً «لا تتوفر إلا عبر منافذ (صيدلية الإسعاف) بأفرعها». لكن رئيس «لجنة التصنيع» بنقابة الصيادلة يرى أن «إتاحة الأدوية بشكل حصري من خلال (صيدلية الإسعاف) يشكل انتهاكاً لقانون حماية المنافسة، مع احتكار صيدليات محددة، حتى لو كانت تابعة للدولة المصرية، لتوزيع أصناف معينة من الدواء».

كما تحدث محفوظ رمزي عن نقص في الأدوية «رُصد سواء في الأدوية المصنعة محلياً أو المستوردة من الخارج». ويتوقع أن تحدث انفراجة كبيرة مع نهاية الشهر الجاري لأسباب عدة، منها «انتهاء تطوير خطوط إنتاج بعض مصانع الدواء المحلية التي استغرقت وقتاً أطول من المتوقع، بالإضافة إلى استيراد الأدوية من الخارج، والإفراج عن شحنات من المواد الخام التي تدخل في خطوط التصنيع».

وهنا أشار علي عوف إلى أن جزءاً من مشكلة الإحساس بنقص الأدوية يرجع إلى «طلب الحصول على الدواء باسم محدد، وليس بالمادة الفعالة مع وجود بدائل لغالبية الأدوية الناقصة بالأسواق؛ لكن بأسماء أخرى لا يقبل المرضى على شرائها».

إحدى الصيدليات داخل مستشفى حكومي في مصر (وزارة الصحة المصرية)

وخلال مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، أكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، «ضخ 10 مليارات جنيه لهيئة الدواء من أجل توفير الأدوية في الأسواق». كما تعهد في يوليو (تموز) الماضي بانتهاء الأزمة خلال ثلاثة أشهر، بعد الاتفاق مع ممثلي الشركات على زيادات تدريجية في أصناف الدواء التي تقوم بإنتاجها أو استيرادها من الخارج.

من جانبه، أكد عضو لجنة «الصحة» بالبرلمان «ضرورة توافر الأدوية بأسعار تناسب المرضى، وتأخذ في الاعتبار الوضع الاقتصادي الخاص بهم، مما يفرض ضرورة وجود رقابة على الشركات لمنع التلاعب بأسعار الأدوية أو زيادتها بشكل كبير دفعة واحدة».

لكن رئيس «شعبة الأدوية» باتحاد الغرف التجارية أشار إلى أن «أحد مصانع الأدوية الشهيرة بلغت خسائره 121 مليون جنيه في النصف الأول من العام الجاري، مما يتطلب ضرورة وجود نظرة حكومية مختلفة للتعامل مع قطاع الدواء الذي يعاني من خسائر قد تؤدي إلى توقف مصانع عن العمل».