يثير غياب معلومات تفصيلية عن «سد النهضة» الإثيوبي، في ظل فشل الوصول إلى اتفاق بشأنه، قلقاً مصرياً من مخاطر «انهياره»، وتأثير ذلك في دولتي مصب نهر النيل (مصر والسودان).
وأعرب وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم عن قلق بلاده من مستوى الأمان في «سد النهضة»، وقال في تصريحات تلفزيونية، مساء السبت: «ليست لدينا معلومات عن التفاصيل التصميمية النهائية بشأن (سد النهضة)، ولا نستطيع تقدير أمان السد، ويبقى هذا قلقاً مشروعاً»، محذراً من أن «انهيار (سد النهضة) سيمحو السدود السودانية من فوق الأرض، وسيؤثر في 150 مليون مواطن في مصر والسودان».
وكانت وزارة الري المصرية قد أعلنت، الأسبوع الماضي، فشل الجولة الأخيرة التي عُقدت في أديس أبابا بشأن «سد النهضة»، مؤكدة أن «المسارات التفاوضية انتهت» في الوقت الحالي، بسبب ما عدته «استمرار المواقف الإثيوبية الرافضة للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط، التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، وتماديها (إثيوبيا) في النكوص عما جرى التوصل له من تفاهمات».
وردت الخارجية الإثيوبية، حينها، قائلة في بيان إنها «بذلت جهوداً، وتعاونت بشكل نشط مع دولتي المصب لحل نقاط الخلاف الرئيسية، والتوصل إلى اتفاق ودي».
وإلى جانب تحسب مصر من تأثير السد في حصتها في مياه اليل، يرى المستشار الأسبق لوزير الري المصري وخبير الموارد المائية الدكتور ضياء الدين القوصي، أن «احتمالات انهيار سد النهضة تظل قائمة»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «السد مبني في منطقة معرضة للأنشطة الزلزالية والبركانية، وهي منطقة تسمى فالق (تعني شقاً في الأرض يفصل جزأين من القشرة الأرضية)، وأي هزة أرضية ستكون نتيجتها انهيار السد، كما أن تربة المنطقة تسمى تربة (شبه انهيارية) بسبب طبيعتها الجيولوجية، وهي تربة تتآكل بمرور المياه فيها، وتبتلع كميات كبيرة من المياه، ما قد يسبب انهياراً وتشققات بالمنطقة».
ورغم التعثر الأخير، لم يستبعد القوصي العودة إلى المسار التفاوضي، مؤكداً أن «مصر تحتاج إلى العودة للمفاوضات قبل أن تتخذ قرارات صعبة»، وفق تعبيره.
وجرت المفاوضات على مدار الأشهر الأربعة الأخيرة، في إطار اتفاق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أعلنا عنه في يوليو (تموز) الماضي، لإجراء مفاوضات عاجلة بشأن ملء وتشغيل السد خلال 4 أشهر.
ويرى أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي أن سد النهضة «مهدد بمخاطر جيولوجية وطبيعية كثيرة قد تتسبب في انهياره»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «بجانب كون الهضبة الإثيوبية نشطة زلزالياً، فإن الفالق الذي بُني عليه السد يسمى (الأخدود الأفريقي العظيم»، وهو أكبر فالق على سطح الأرض، ونشط ويتسع سنوياً بمعدل من 1 إلى 2 سنتيمتر، ليقسم إثيوبيا إلى نصفين، هذا الفالق أدى إلى تكوين صخري عبارة عن براكين، وهي صخور ضعيفة لا تتحمل منشآت ضخمة».
وأشار شراقي إلى أن «إثيوبيا لديها نظام مطري فريد، حيث تتعرض لأمطار غزيرة في فترة زمنية قصيرة عبارة عن فيضانات، تسقط من الجبال بقوة، و(سد النهضة) في منطقة منخفضة، ولا يتحمل هذه الفيضانات»، مؤكداً أن «إثيوبيا من أنشط دول أفريقيا زلزالياً، وقد تعرضت العالم الحالي إلى 5 زلازل، أحدها كان قريباً من (سد النهضة) بمسافة نحو 100 كيلومتر»، ووفق شراقي فإن «المفاوضات لن تتوقف، وأي تواصل بين القيادة السياسية في البلدين ستعقبه عودة للمباحثات».