مسؤول صيني رفيع يبحث بالجزائر «تنويع الشراكة العسكرية»

تركيز على التعاون الأمني بين البلدين وسبل تعزيزه مستقبلاً

رئيس أركان الجيش الجزائري أثناء وجوده باللجنة العسكرية الصينية شهر نوفمبر 2023 (الدفاع الجزائرية)
رئيس أركان الجيش الجزائري أثناء وجوده باللجنة العسكرية الصينية شهر نوفمبر 2023 (الدفاع الجزائرية)
TT

مسؤول صيني رفيع يبحث بالجزائر «تنويع الشراكة العسكرية»

رئيس أركان الجيش الجزائري أثناء وجوده باللجنة العسكرية الصينية شهر نوفمبر 2023 (الدفاع الجزائرية)
رئيس أركان الجيش الجزائري أثناء وجوده باللجنة العسكرية الصينية شهر نوفمبر 2023 (الدفاع الجزائرية)

بينما يزور مسؤول عسكري صيني الجزائر حاليا لاستكمال مباحثات حول تنويع الشراكة العسكرية للجزائر مع بلدان مصنعة للسلاح، كان بدأها قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، خلال زيارة له إلى الصين منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد خبير في شؤون الأمن بأفريقيا أنه يتوقع تراجعا في نشاط المتشددين المسلحين في القارة خلال العام المقبل.

وقالت وزارة الدفاع الجزائرية في حسابها بالإعلام الاجتماعي أن اللواء فان جيان جون، مدير إدارة التعاون الفني والتجهيزات بـ«اللجنة العسكرية المركزية لجمهورية الصين الشعبية»، أجرى اليوم الثلاثاء محادثات مع الفريق أول سعيد شنقريحة «تناولت التعاون العسكري بين البلدين، وسبل تعزيزه أكثر مستقبلا، ولا سيما في مجال صناعات الدفاع»، من دون تقديم تفاصيل أخرى.

وحضر اللقاء، حسب وزارة الدفاع، ضباط ألوية وعمداء من أركان الجيش، ووزارة الدفاع الجزائريين، وأعضاء وفد صيني يزور الجزائر.

مباحثات الوفد العسكري الجزائري مع مسؤولين عسكريين صينيين خلال زيارته إلى بكين في نوفمبر 2023 (الدفاع الجزائرية)

وتأتي هذه المحادثات بعد شهر من زيارة شنقريحة إلى الصين، حيث عقد اجتماعا مع الفريق أول ليو زينلي، رئيس أركان الجيوش في «اللجنة العسكرية المركزية» لجمهورية الصين، تناولت إطلاق شراكة مع الصناعة الحربية الصينية بغرض تطوير أنشطة التجمع والبحث، والتدريب لصالح صناعة عسكرية جزائرية ناشئة في هذا المجال.

وعقد شنقريحة خلال زيارته اجتماعات مع مسؤولي الشركة الحكومية الصينية «بولي تكنولوجيز»، المختصة في إنتاج واستيراد وتصدير المعدات المدنية وخاصة العسكرية. وعندما زار الرئيس عبد المجيد تبون الصين في يوليو (تموز) الماضي، صرح بعد لقاء جمعه برئيس الوزراء لي كيونغ أن بلاده «تخطو خطوات ثابتة للارتقاء إلى مرحلة جديدة، كقوة عسكرية واقتصادية ودبلوماسية في القارة الأفريقية». مؤكدا «حاجتها إلى الخبرة الصينية»، بخصوص تطوير الاقتصاد، وتحقيق معدلات عالية في التنمية.

من نشاط رئيس أركان الجيش الجزائري بالصين شهر نوفمبر 2023 (وزارة الدفاع الجزائرية)

وكان شنقريحة قد زار موسكو في أغسطس (آب) الماضي، حيث بحث مع مدير التعاون العسكري بوزارة الدفاع الروسية، ديمتري شوغاييف، صفقة بيع طائرات عسكرية.

وأطلق الجيش الجزائري مشروعا لتنويع شراكاته الأجنبية في مجال شراء الأسلحة والمعدات الحربية، تزامنا مع ارتفاع حجم الإنفاق العسكري في موازنة سنة 2024 (23 مليار دولار). والمعروف أن القوات العسكرية الجزائرية مجهزة بالعتاد العسكري الروسي منذ أيام الاتحاد السوفياتي.

إلى ذلك، صرح مدير «مركز الاتحاد الأفريقي للبحوث حول الإرهاب» (مقره بالجزائر)، إدريس لعلالي، لوكالة الأنباء الجزائرية أن «الوجود العسكري الأجنبي في أفريقيا لم تكن له نتائج إيجابية على صعيد مكافحة الإرهاب». مشيرا إلى أن «تكفل الدول الإفريقية بنفسها بمعالجة مشكلاتها الأمنية، بما في ذلك مكافحة الجماعات الإرهابية كما هو الحال في مالي وبوركينافاسو والنيجر، أمر إيجابي». وكان يتحدث ضمنا عن وجود القوات العسكرية الفرنسية لسنوات طويلة في دول أفريقية، وبدء انسحابها العام الماضي.

زيارة قائد الجيش الجزائري إلى الصين في 15 نوفمبر 2023 (وزارة الدفاع الجزائرية)

وتناول وزراء وخبراء أفارقة هذا الموضوع في اجتماع أمني عقد في وهران غرب الجزائر، الأحد والاثنين الماضيين. كما تناول الاجتماع الانقلابات العسكرية في أفريقيا، كظاهرة ما زالت تشهدها القارة.

وقال لعلالي إنه يتوقع خلال سنة 2024 «تراجعا في العمليات الإرهابية، وفي عدد ضحاياها في أفريقيا»، لافتا إلى أن نشاط المتشددين المسلحين «زاد حدة خلال العام الحالي، حيث ارتفع من أربع عمليات يوميا قبل ست سنوات، إلى ثماني عمليات يوميا في 2023 (..) وقد ارتفع عدد ضحايا العمليات الإرهابية في أفريقيا من 28 قتيلا يوميا قبل 6 سنوات إلى 44 قتيلا يوميا في 2023». مشيرا إلى أن «رقعة الإرهاب في القارة شهدت اتساعا، خاصة في دول الساحل، وفي خليج غينيا على غرار توغو وبنين وغانا».


مقالات ذات صلة

الاحتقان بين الجزائر ومالي يصل إلى ذروته

شمال افريقيا الوفد الجزائري خلل مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة (الخارجية الجزائرية)

الاحتقان بين الجزائر ومالي يصل إلى ذروته

تعرف العلاقات بين الجزائر وجارتها الجنوبية مالي احتقاناً حاداً منذ إلغاء باماكو بشكل أحادي «اتفاق المصالحة والسلام»، الذي وقعته مع المعارضة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

حملة فرنسية لمراجعة «اتفاق الهجرة» مع الجزائر

جرى التوقيع على اتفاق الهجرة في 27 ديسمبر (كانون الأول) 1968، بهدف تنظيم حركة العمال الجزائريين بفرنسا بعد استقلال البلاد في 1962.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

أعلنت السلطات الجزائرية، السبت، مناطق شاسعة بأقصى الجنوب الشرقي «بؤرة وباء»، وذلك إثر تفشي الملاريا والدفتيريا وسط السكان.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (إ.ب.أ)

الجزائر تعيد فرض تأشيرات دخول على مواطني المغرب

قررت الجزائر «إعادة العمل الفوري» بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، وفق ما أكدت وزارة الخارجية، على خلفية نشاطات «تمسّ باستقرار» البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج وزير الخارجية السعودي يلتقي نظيره الجزائري في نيويورك (واس)

مباحثات سعودية في نيويورك تناقش أوضاع غزة وتطورات لبنان

عقد الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، سلسلة لقاءات ثنائية مع نظرائه في دول عدة، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في دارفور

دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
TT

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في دارفور

دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)

لقي أكثر من 60 شخصاً مصرعهم، وأُصيب أكثر من 250 مدنياً، جرّاء قصف الطيران الحربي السوداني لمنطقة الكومة بولاية شمال دارفور، في عملية وصفها مراقبون بأنها «أكبر المجازر» ضد المدنيين، ارتكبها الطيران المقاتل التابع الجيش السوداني منذ بدء الحرب. وفي غضون ذلك لقي العشرات مصرعهم في غارات جوية أخرى استهدفت مناطق مليط وود أبو صالح شمال ولاية شمال دارفور، وأم ضوا بان بالخرطوم، وسط مطالبات بفرض حظر على الطيران العسكري التابع للجيش السوداني.

وقال شهود تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» هاتفياً من مليط، إن الطيران الحربي، التابع للجيش السوداني، استهدف سوق منطقة الكومة صبيحة الجمعة، وألقى عدداً من «البراميل المتفجرة»؛ مما أدى إلى إحراق السوق بشكل واسع، وقُتل جرّاء الغارة الجوية أكثر من 60 شخصاً، وجُرح أكثر من 250 مدنياً، جراح بعضهم خطيرة؛ إذ كانوا يرتادون «سوق الجمعة»، في حين ينتظر أن يتزايد عدد القتلى تباعاً بين الجرحى، بسبب عدم وجود الرعاية الصحية والطبية.

ووصف شهود ما حدث في منطقة الكومة بأنها «مجزرة» غير معهودة، استهدفت عن قصد المدنيين المقيمين هناك، بسبب عدم وجود أي مشاهد أو تمركزات لـ«قوات الدعم السريع» في السوق المكتظة بالمدنيين، وقالوا إن السوق «كانت تشهد نشاطاً طبيعياً عندما استهدفها القصف الجوي فجأة ودون سابق إنذار؛ مما أسفر عن دمار واسع فيها، في حين تناثرت جثث القتلى في أرجائها».

وفي مدينة مليط، قال شهود عيان إن الطيران الحربي استهدف، الجمعة، أيضاً «حفل عرس»؛ ما أدى إلى مقتل نحو 13 شخصاً وجُرح آخرون، في عملية وُصفت هي الأخرى بأنها استهداف للمدنيين، حيث لا توجد عناصر لـ«قوات الدعم السريع» في المكان.

ويؤكد قادة الجيش دائماً أن العمليات الحربية الجوية تستهدف «قوات الدعم السريع»، لكن النشطاء وشهود عيان ينفون وجود هذه القوات، في حين تتصاعد دعوات بين مؤيدي الجيش وأنصاره من الإسلاميين وكتائبهم إلى استهداف ما يسمونه «الحواضن الاجتماعية» لـ«قوات الدعم السريع»؛ انتقاماً من انتهاكاته بوسط وشمال البلاد.

ونشر نشطاء على وسائط التواصل الاجتماعي قوائم بأسماء الضحايا، من النساء والأطفال وكبار السن، الذين كانوا يمارسون التسوق أو يعرضون سلعهم للبيع في السوق الأسبوعية، وبينهم زوجة وابنة شقيق عضو «مجلس السيادة الانتقالي» ومساعد قائد الجيش إبراهيم جابر.

ووجّهت قوى سياسية وحركات مسلحة وتنظيمات حقوقية انتقادات حادة لتصعيد العمليات الجوية للجيش السوداني في إقليم دارفور خصوصاً، وطالبت بفرض حظر للطيران الحربي في الإقليم. وقالت «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) في بيان، السبت، إن سوق مدينة الكومة شهدت انتهاكاً مريعاً بحق المدنيين، جرّاء قصف الطيران الحربي التابع للجيش السوداني؛ مما أدى إلى إزهاق أرواح عشرات القتلى ومئات الجرحى من الذين تصادف وجودهم في أثناء الغارة الجوية.

كما نددت «تقدم» بغارات جوية استهدفت مناطق أم ضو بان بالخرطوم، وود أبو صالح ومليط بولاية شمال دارفور، نتج عنها مقتل العشرات من المدنيين وجرح المئات.

وأبدت «تقدم» أسفها لما أطلقت عليه «استمرار الانتهاكات على المدنيين، وتكرارها بشكل ممنهج في مختلف أنحاء السودان»، ودعت إلى التذكير بـ«إعلان جدة الإنساني» الذي شدد على التمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين والأعيان المدنية والأهداف العسكرية، والامتناع عن أي هجوم يُتوقع أن يسبب أضراراً مدنية عرضية مفرطة، مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة. ودعت طرفي القتال إلى حقن دماء السودانيين والانخراط فوراً في مفاوضات لوقف الحرب.

من جهتها، وصفت القوى المدنية الدارفورية الغارة الجوية بأنها «واحدة من أبشع جرائم الحرب»، وقالت إن الطيران الحربي قصف مدينتي الكومة ومليط بوابل من الصواريخ والبراميل المتفجرة، والأسلحة المحرمة دولياً، مستهدفاً مناطق «مأهولة جداً بالسكان المدنيين»؛ مما خلّف عشرات القتلى والجرحى، إلى جانب قصف تجمع مدني في «سرادق عزاء» بمدينة مليط، راح ضحيته أكثر من 100 قتيل.

وناشد التجمع المدني المنظمات الحقوقية والإنسانية التدخل السريع والحاسم؛ لوضع حد لما سمّاه «جرائم جماعات الهوس الديني وطيران جيش الفلول، الذي بات سجله متخماً بالمذابح في حق مدنيين أبرياء وعلى حين غرة»، مندداً بصمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة حيال الجرائم التي يرتكبونها، ومطالباً الأسرة الدولية بفرض حظر على الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، «الذي ظلّ يحصد أرواح المدنيين أغلبهم من الأطفال والنساء»، وفقاً للبيان.