الجزائر: اجتماع أفريقي يبحث في الإرهاب والانقلابات بالقارة

عطاف انتقد «ضعف» الأمم المتحدة و«شلل» مجلس الأمن

الوزراء والخبراء الأفارقة المشاركون في مؤتمر الأمن (الخارجية الجزائرية)
الوزراء والخبراء الأفارقة المشاركون في مؤتمر الأمن (الخارجية الجزائرية)
TT

الجزائر: اجتماع أفريقي يبحث في الإرهاب والانقلابات بالقارة

الوزراء والخبراء الأفارقة المشاركون في مؤتمر الأمن (الخارجية الجزائرية)
الوزراء والخبراء الأفارقة المشاركون في مؤتمر الأمن (الخارجية الجزائرية)

قال وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف إن منطقة الساحل الصحراوي «أضحت عنواناً بارزاً لغياب الأمن والاستقرار، من شرقها إلى غربها؛ من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي»، محذراً من استفحال آفتَي الإرهاب والجريمة المنظَّمة، وتفاقم بؤر التوترات والنزاعات والصراعات وتجدد الانقلابات العسكرية، وكان آخرها الانقلاب بالنيجر في 26 يوليو (تموز) 2023.

وكان عطاف يتحدث في وهران، غرب الجزائر، الأحد، بمناسبة انعقاد «الندوة العاشرة رفيعة المستوى للسلم والأمن في أفريقيا»، حيث أكد أن «التحديات الأمنية في قارتنا الأفريقية أخذت أبعاداً خطيرة ومقلقة للغاية، في ظل احتدام التدخلات الخارجية، وتصادم مصالحها التي خلّفت تردياً غير مسبوق في حالة السلم والأمن القارِّيين». في إشارة، ضمناً، إلى تدخّل قوى عسكرية أجنبية عن القارة، في أزمات عاشتها دول أفريقية، مثل أفريقيا الوسطى ومالي، وفي ليبيا أيضاً، البلد العربي الذي يملك عمقاً أمنياً وسياسياً في الساحل الأفريقي.

جانب من جلسات مؤتمر الأمن الأفريقي (الخارجية الجزائرية)

يُشار إلى أن مالي بلد تنخره الصراعات الداخلية، وعشَّش فيه الإرهاب منذ سنين طويلة. وقبل شهر، سيطر الجيش النظامي على أهم منطقة ضمن معاقل المتمردين المسلحين شمال البلاد الحدودي مع الجزائر، وأمكن له ذلك بفضل دعم ميليشيات «فاغنر» الموالية لروسيا. ولعبت نفس الميليشيا دوراً مهماً في إسناد حكّام أفريقيا الوسطى، وفي مسعاهم لطرد القوات الفرنسية من البلد.

يشارك في الاجتماع الأفريقي، الذي يدوم يومين، وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي، والأعضاء الأفارقة في مجلس الأمن للأمم المتحدة (الجزائر وموزمبيق وسيراليون)، وخبراء وممثلون لهيئات أفريقية ومنظمة الأمم المتحدة. كما يحضر بانكول أديوي مفوض الاتحاد الأفريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن، وجان بيار لاكروا وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام.

ويبحث الاجتماع، وفق مصادر من داخله، توحيد جهود القارة لإسماع كلمتها في الأمم المتحدة بخصوص مخاطر الإرهاب، والتدخلات الخارجية في شؤون دولها الداخلية.

وزير خارجية الجزائر يلقي خطابا في مؤتمر الامن الافريقي (وزارة الخارجية الجزائرية)

وتعهَّد وزير الخارجية الجزائري بأن تكرِّس بلاده ولايتها في مجلس الأمن (تبدأ مطلع 2024) لـ«تمثيل أفريقيا خير تمثيل بهذه الهيئة الأممية المركزية، وستعمل على تقوية تأثير قارتنا على عملية صنع القرارات التي تعنيها».

وانتقد عطاف أداء الأمم المتحدة «التي تعاني الضعف، جراء انهيار منظومة الأمن الجماعي، ومن جراء الشلل شبه التام الذي أصاب مجلس الأمن الأممي، وحدَّ من قدرته على التجاوب والتفاعل مع التحديات الراهنة». وعدَّ ذلك «مرآة تعكس بكل مصداقية وموضوعية وشفافية، الوضع المتأزم للعلاقات الدولية، لتُشكل في نظرنا أكبر تهديد للسلم والأمن والدوليين»، مبرزاً أن المجموعة الدولية «تشهد اليوم تداعيات حادة لتجدد سياسة الاستقطاب بين القوى العالمية، والتجليات الكارثية لتصاعد خيار اللجوء لاستعمال القوة كوسيلة لحل الخلافات بينها، والاستهزاء بل الدوس على الشرعية الدولية والاستخفاف بالمسؤوليات التي يمليها الانتماء إلى منظومة دولية متحضرة، ورجوع أسلوب الانتقائية في تحديد الأولويات الأممية، وهو الأسلوب الذي يفرض على قارتنا تذيل سلم الأولويات هذه».

جانب من أشغال مؤتمر السلم والأمن الأفريقي (الخارجية الجزائرية)

وساق عطاف مثالاً الجرائم الوحشية الإسرائيلية في غزة «التي أصبحت مقبرة للمبادئ القانونية الأساسية التي يقوم عليها النظام الدولي الحالي، والتي كان يُفترض أن تظل مرجعاً يحتكم إليه الجميع دون تمييز أو تفضيل أو إقصاء». وتساءل مستاءً: «كيف يُحرم المدنيون الفلسطينيون من حق الحماية الذي يكفله القانون الدولي للشعوب القابعة تحت الاحتلال؟ وكيف لا تجد نداءات واستنجادات الأمين العام للأمم المتحدة آذاناً صاغية؟ وكيف لا تُقابَل طلبات الاستغاثة الصادرة عن مختلف الوكالات الأممية المتخصصة بأي رد أو صدى؟ وكيف يستفيد الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني من جميع التسهيلات لإبادة شعب بأكمله، دون أدنى محاسبة أو مساءلة أو حتى تلميح بالمعاقبة؟».


مقالات ذات صلة

الرئيس الجزائري: قطاع الزراعة حقق 37 مليار دولار العام الحالي

شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

الرئيس الجزائري: قطاع الزراعة حقق 37 مليار دولار العام الحالي

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يؤكد أن قطاع الزراعة بات يساهم بـ15 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
TT

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر، أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة، إعادة فتح مدرسة «الصداقة»، التابعة لها، فيما ستقوم لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة لبعض المدارس الأخرى المغلقة، للتأكد من «توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، أغلقت السلطات المصرية المدارس السودانية العاملة في البلاد، لحين توفر اشتراطات قانونية لممارسة النشاط التعليمي، تشمل موافقات من وزارات التعليم والخارجية السودانية، والخارجية المصرية، وتوفير مقر يفي بجميع الجوانب التعليمية، وإرفاق بيانات خاصة بمالك المدرسة، وملفاً كاملاً عن المراحل التعليمية وعدد الطلاب المنتظر تسجيلهم.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب السودانية، إلى جانب ملايين آخرين يعيشون في المدن المصرية منذ عقود.

وقالت السفارة السودانية، في إفادة لها مساء الاثنين، إن السلطات المصرية وافقت على استئناف الدراسة في مدرسة «الصداقة» بالقاهرة، وإن «إدارة المدرسة، ستباشر أعمال التسجيل للعام الدراسي، الجديد ابتداء من الأحد الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وتتبع مدرسة «الصداقة» السفارة السودانية، وافتتحت عام 2016، لتدريس المناهج السودانية لأبناء الجالية المقيمين في مصر، بثلاث مراحل تعليمية (ابتدائي وإعدادي وثانوي).

وبموازاة ذلك، أعلنت السفارة السودانية، الثلاثاء، قيام لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة بعض المدارس السودانية المغلقة، لـ«مراجعة البيئة المدرسية، والتأكد من توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي»، وشددت في إفادة لها، على أصحاب المدارس «الالتزام بتقديم جميع المستندات الخاصة بممارسة النشاط التعليمي، وفق الضوابط المصرية».

وفي وقت رأى رئيس «جمعية الصحافيين السودانيين بمصر»، عادل الصول، أن إعادة فتح «الصداقة» «خطوة إيجابية»، غير أنه عدّها «غير كافية»، وقال إن «المدرسة التي تمثل حكومة السودان في مصر، تعداد من يدرس فيها يقارب 700 طالب، ومن ثمّ لن تستوعب الآلاف الآخرين من أبناء الجالية»، عادّاً أن «استئناف النشاط التعليمي بباقي المدارس ضروري، لاستيعاب جميع الطلاب».

وأوضح الصول، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «غالبية السودانيين الذين فروا من الحرب، اختاروا مصر، رغبة في استكمال تعليم أبنائهم»، مشيراً إلى أن «توقف الدراسة بتلك المدارس منذ أكثر من ثلاثة أشهر، سبب ارتباكاً لغالبية الجالية»، وأشار إلى أن «المدارس التي تقوم وزارة التعليم المصرية بمراجعة اشتراطات التدريس بها، لا يتجاوز عددها 40 مدرسة، وفي حالة الموافقة على إعادة فتحها، لن تكفي أيضاً كل أعداد الطلاب الموجودين في مصر».

وسبق أن أشار السفير السوداني بالقاهرة، عماد الدين عدوي، إلى أن «عدد الطلاب السودانيين الذين يدرسون في مصر، أكثر من 23 ألف طالب»، وقال نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «المستشار الثقافي بالسفارة، قام بزيارات ميدانية للعديد من المدارس السودانية المغلقة، للتأكد من التزامها بمعايير وزارة التعليم المصرية، لممارسة النشاط التعليمي»، منوهاً إلى «اعتماد 37 مدرسة، قامت بتقنين أوضاعها القانونية، تمهيداً لرفع ملفاتها إلى السلطات المصرية، واستئناف الدراسة بها».

وبمنظور رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية – المصرية»، محمد جبارة، فإن «عودة الدراسة لمدرسة الصداقة السودانية، انفراجة لأزمة المدارس السودانية»، وقال: «هناك ترحيب واسع من أبناء الجالية، بتلك الخطوة، على أمل لحاق أبنائهم بالعام الدراسي الحالي».

وأوضح جبارة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر يستوجب إعادة النظر في باقي المدارس المغلقة، لضمان لحاق جميع الطلاب بالعام الدراسي»، وشدد على «ضرورة التزام باقي المدارس السودانية، باشتراطات السلطات المصرية لممارسة النشاط التعليمي مرة أخرى».

وكان السفير السوداني بالقاهرة، قد ذكر في مؤتمر صحافي، السبت الماضي، أن «وزير التعليم السوداني، سيلتقي نظيره المصري، الأسبوع المقبل لمناقشة وضع المدارس السودانية».