«أجندة سوليفان»... «صفقة جديدة» لإنهاء حرب غزة أم ترتيبات لتحرير «الرهائن»؟

عقب تسريبات إسرائيلية بشأن «الانفتاح» على وساطة مصرية - قطرية حول الأسرى

دخان يتصاعد من بلدة خان يونس بعد الغارات الإسرائيلية الجمعة (أ.ب)
دخان يتصاعد من بلدة خان يونس بعد الغارات الإسرائيلية الجمعة (أ.ب)
TT

«أجندة سوليفان»... «صفقة جديدة» لإنهاء حرب غزة أم ترتيبات لتحرير «الرهائن»؟

دخان يتصاعد من بلدة خان يونس بعد الغارات الإسرائيلية الجمعة (أ.ب)
دخان يتصاعد من بلدة خان يونس بعد الغارات الإسرائيلية الجمعة (أ.ب)

بعثت زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، إلى المنطقة، والتي استهلها بزيارة إسرائيل، برسائل عدها مراقبون «متضاربة»؛ إذ حوت أجندة الزيارة لقاءات مع قيادات حكومة الحرب في تل أبيب لإجراء مشاورات وصفت بـ«العميقة» بشأن المرحلة المقبلة من الحرب في غزة، والتي قال سوليفان إنها «ستنتقل إلى مرحلة جديدة»، لكنه في الوقت ذاته أشار إلى أن واشنطن ستعمل على «التأكد من إطلاق سراح الرهائن والعودة إلى أهاليهم».

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، الجمعة، خلال زيارة لإسرائيل، إن الحرب في غزة ستنتقل إلى مرحلة جديدة تركز على الاستهداف الدقيق لقيادة «حماس»، وعلى العمليات المدفوعة بالمعلومات الاستخباراتية. وأوضح أنه أجرى محادثات «عميقة» في إسرائيل بشأن المرحلة المقبلة من الحرب في غزة، لافتاً إلى أن واشنطن تبذل مساعي لضمان عدم توسع النزاع في المنطقة.

وتابع سوليفان في مؤتمر صحافي في إسرائيل أنه «ليس من المنطقي، أو من الصواب أن تحتل إسرائيل غزة على المدى الطويل»، مشدداً على أن لإسرائيل «الحق في الدفاع عن نفسها»، وأن واشنطن ستعمل «للتأكد من إطلاق سراح الرهائن والعودة إلى أهاليهم».

تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي، الذي يزور المنطقة للمرة الثانية منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، طرحت تساؤلات حول أولويات الزيارة، وما إذا كانت أجندتها تستهدف إنهاء الحرب، في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة انتقادات داخلية وعلى المستوى الدولي جراء دعمها «غير المحدود» للموقف الإسرائيلي، أم أن الزيارة تسعى إلى تدشين مرحلة جديدة من الحرب في وقت تحدث فيه مسؤولون أميركيون وإسرائيليون في العلن عن «خلافات» بين الجانبين.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، وصف تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي بـ«المتناقضة»، معتبراً أنه يعطي رسائل «متضاربة» بشأن إنهاء الحرب واستمرارها في الوقت ذاته.

وأضاف الرقب لـ«الشرق الأوسط» أن حديث سوليفان قبيل لقائه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حول «حوكمة السلطة الفلسطينية» يبدو «غير مفهوم»، متسائلاً: «هل يعني ذلك حديثاً عن إعادة السلطة للحكم بقرارات، أم إعادة هيكلتها بعيداً عن الانتخابات؟».

واستبق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي إلى المنطقة، وأعلن، الثلاثاء، أن إسرائيل «تستعد لاحتمال شن حرب ضد قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية»، كما وصف «اتفاق أوسلو» الذي وقع عام 1993، وتضمن الاعتراف المتبادل بين «منظمة التحرير» الفلسطينية وإسرائيل، وإطلاق ما عُرف بعملية السلام بأنه «كارثة أسفرت عن نفس عدد ضحايا هجوم 7 أكتوبر الماضي، لكن في فترة أطول».

وذهب الرقب إلى أن الحديث الأميركي عن حل الدولتين «لا تتوافر له آلية واضحة للتنفيذ في ظل إصرار الحكومة الإسرائيلية على التهام المزيد من الأراضي الفلسطينية»، ورغبة الإدارة الأميركية في عدم إغلاق الأبواب مع تل أبيب رغم ما يتكبده «الديمقراطيون» من خسائر بسبب ذلك الموقف، متوقعاً ألا تفضي زيارة سوليفان إلى «نتائج حقيقية على الأرض»، إضافة إلى إثارة التساؤلات حول فكرة ضمان عودة الأسرى، وإذا ما كان ذلك سيتم عبر صفقة بوساطة مصرية وقطرية، أم عبر عمل استخباراتي.

فلسطينيون ينعون أقاربهم الذين قتلوا في القصف الإسرائيلي لقطاع غزة خارج مشرحة بخان يونس (أ.ب)

وكانت تقارير إعلامية إسرائيلية نقلت عن مصادر إسرائيلية مقربة من الحكومة الإسرائيلية، القول إن الظروف «مهيأة بشأن إبرام صفقة جديدة لتبادل الأسرى بين إسرائيل و(حماس)»، وأنه ثمة تحركات جارية في هذا الإطار.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية، في تقرير لها، الاثنين الماضي، أن إسرائيل «تبحث بشكل جدي فتح الباب أمام عملية تبادل جديدة».

في المقابل، أشار خبير الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، سعيد عكاشة، إلى أن تصريحات سوليفان وأجندة زيارته «لا يمكن وصفها بالمتعارضة»، لكنه اعتبرها «تسعى إلى إدارة أهداف متعارضة».

وأوضح عكاشة لـ«الشرق الأوسط»، أن الولايات المتحدة تتفق مع إسرائيل حول هدف الحرب في غزة وهو القضاء على «حماس»، لكنها تختلف حول وسائل تحقيق ذلك، مضيفاً أن الطرح الذي ناقشه سوليفان مع الإسرائيليين يتضمن تنفيذ عمليات استخباراتية مركزة لاستهداف قادة «حماس»، أو الوصول إلى الأسرى، بديلاً للاستهداف العشوائي للمدنيين.

وأوضح أن رؤية واشنطن تتضمن تمرير وقف الحرب عبر التوصل إلى اتفاق يتضمن حرباً منخفضة الوتيرة، وفي الوقت ذاته محاولة نزع سلاح قطاع غزة عبر لجنة دولية، إضافة إلى إدماج «حماس» في السلطة الفلسطينية دون أن يكون لها تأثير في مجريات الأمور.

وقال عكاشة إن رؤية الإدارة الأميركية تتضمن وقف الحرب قبل الدخول في عام الانتخابات، مع إعادة ترتيب الأطراف التي ستدخل في التفاوض بشأن مستقبل غزة، وهي الحكومة الإسرائيلية التي تدعو واشنطن إلى إدخال تغييرات عليها لاستبعاد اليمين، وربما استبعاد نتنياهو نفسه عبر تشكيل تحالف من يائيير لابيد وبني غانتس يكون أكثر مرونة في التعاطي مع الرؤية الأميركية.

ولفت إلى أن واشنطن تبحث، في الوقت ذاته، ترتيبات على مسار السلطة الفلسطينية عبر تذويب «حماس» فيها مع تهميشها، منوهاً بأن «حماس» يبدو أنها قد التقطت الخيط وعبر أحد قادتها عن إمكانية الاعتراف بإسرائيل، رغم محاولة أجنحة أخرى داخل الحركة التنصل من ذلك.

وكان عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، موسى أبو مرزوق، قد تراجع، الخميس، عن تصريحات صحافية لمح فيها إلى استعداد حركته للاعتراف بإسرائيل. وقال إن الحركة «لا تعترف بشرعية الاحتلال».


مقالات ذات صلة

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

المشرق العربي جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب) play-circle 00:37

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

قُتل 28 فلسطينياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء، في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل السبت - الأحد في قطاع غزة، استهدفت إحداها منزل عائلة واحدة،…

نظير مجلي (تل أبيب)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

مساعٍ تتواصل للوسطاء لسد «فجوات» مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط حديث إسرائيلي عن «أيام حاسمة» لعقد صفقة جزئية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا البابا فرنسيس يدين «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يدين مجدداً «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة

دان البابا فرنسيس مرة أخرى، اليوم (الأحد)، «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
TT

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

عمّت حالة من التوتر بني وليد (شمال غربي ليبيا) إثر منع الأجهزة الأمنية فعالية سياسية تدعو لطرد «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية من البلاد، وأعقب ذلك القبض على قيادات قبائلية ونشطاء، ما أدى إلى تسخين الأجواء بالمدينة التي أمضت ليلتها في حالة انتفاضة.

وكان مقرراً أن تستضيف بني وليد، التي لا تزال تدين بالولاء لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، المشاركين في حراك «لا للتدخل الأجنبي» مساء السبت، قبل أن تدهم قوات الأمن الاجتماع المخصص لذلك، وتقتاد بعض قياداته إلى مقار أمنية، ما تسبب في تصعيد حالة الغضب.

ومع الساعات الأولى من ليل السبت، احتشد مئات المتظاهرين، وخاصة أهالي قبيلة ورفلة، وبعضهم موالٍ أيضاً لسيف الإسلام نجل القذافي، أمام ديوان مديرية أمن بني وليد، في ما يشبه انتفاضة، منددين باعتقال بعض قيادات الحراك، ومرددين الهتاف الشهير: «الله ومعمر وليبيا وبس»، لكنهم أيضاً هتفوا ضد عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.

ونجح المتظاهرون في الضغط على السلطات في بني وليد لاستعادة المحتجزين، لكنهم ظلوا يصعّدون هتافاتهم ضد الدبيبة وحكومته.

وعبّرت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» بليبيا عن «قلقها البالغ» لعملية «الاحتجاز التعسفي لعدد من المواطنين المجتمعين في مدينة بني وليد، المطالبين بإخراج القوات والقواعد الأجنبية الموجودة على الأراضي الليبية»، مشيرة إلى أن مواطنين طاعنين في السنّ كانوا من بين المعتقلين.

وقالت المؤسسة، في بيان، الأحد، إن «أفراد الأمن التابعين للمديرية التابعة لوزارة الداخلية بحكومة (الوحدة) أطلقوا الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين من أمام مقر المديرية».

وأضرم غاضبون من شباب بني وليد النار في الكاوتشوك اعتراضاً على اعتقال 4 مشايخ من قبيلة ورفلة بالمدينة، كما أغلقوا بعض الطرقات، بعد مظاهرة حاشدة في ميدان الجزائر بالمدينة.

ودافعت مديرية أمن بني وليد عن نفسها، وقالت إنها تشدد على منتسبيها «الالتزام بتنفيذ التعليمات واللوائح التي تمنعهم من التدخل في أي عمل سياسي، وتلزمهم بحماية أي تعبير سلمي للمواطنين»، لكنها «لا تتحمل مسؤولية تأمين أنشطة اجتماعية أو سياسية لا تملك بخصوصها أي بيانات أو موافقات رسمية تسمح بها».

وأبدت مديرية الأمن تخوفها من «اختراق أي تجمع لسكان المدينة، عبر أي مشبوهين، لغرض توريط بني وليد في الفوضى خدمة لمصالح شخصية»، وانتهت إلى «التذكير بأن الثوابت الوطنية المرتبطة بوحدة ليبيا، وحماية سيادتها ومواطنيها، هي مسؤولية دائمة بالنسبة لها، وليست موضع تشكيك أو تخوين».

وتصعّد قبائل موالية لنظام القذافي منذ أشهر عدّة ضد وجود «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية في البلاد، مطالبة بإخراجهم، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية «في أسرع وقت».

وسبق للعميد العجمي العتيري، آمر كتيبة «أبو بكر الصديق»، التي اعتقلت سيف الإسلام القذافي، أن أعلن أن الاجتماع التحضيري للقبائل، الذي عملت عليه قبيلة المشاشية تحت عنوان «ملتقى لمّ الشمل»، اتفق على اختيار اللجنة التنسيقية للملتقى العام، مجدداً المطالبة بإخراج القواعد الأجنبية من ليبيا وطرد «المرتزقة».

ورأت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» أن التظاهر السلمي بالعديد من المدن والمناطق الليبية يُعد «تعبيراً طبيعياً عن التذمّر والاستياء من الوجود الأجنبي للقوات والقواعد الأجنبية والمرتزقة في عموم ليبيا»، محملة وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» ومدير أمن بني وليد «المسؤولية القانونية الكاملة حيال ما قام به أفراد الأمن بالمديرية من قمع للمواطنين المتظاهرين السلميين، واعتقال عدد منهم».

وتحذر المؤسسة من «استمرار محاولة المساس بحياة المتظاهرين وتعريضهم للترويع والإرهاب المسلح وحجز الحرية بالمخالفة للقانون»، وانتهت إلى أنه «في جميع الأحوال لا يجب استخدام الأسلحة النارية، بشكلٍ عشوائي، لتفريق المعتصمين السلميين».

وتستعين جبهتا شرق ليبيا وغربها بآلاف من عناصر «المرتزقة السوريين» المواليين لتركيا، وآخرين مدعومين من روسيا، وذلك منذ وقف الحرب على العاصمة طرابلس في يونيو (حزيران) 2020، إلى جانب 10 قواعد عسكرية أجنبية، بحسب «معهد الولايات المتحدة للسلام».

وسبق أن هتف مواطنون للقذافي، وذلك إثر خروج جمهور كرة القدم الليبية من «استاد طرابلس الدولي» بعد هزيمة المنتخب أمام نظيره البنيني في تصفيات التأهل لـ«أمم أفريقيا».