تونس: إحالة مسؤولين ورجال أعمال اتهموا في قضايا أمنية على القضاء

وزير الداخلية: ماضون بدعم حقوق الإنسان و«الأمن السيبراني»

وزير الداخلية التونسي كمال الفقي (الداخلية التونسية)
وزير الداخلية التونسي كمال الفقي (الداخلية التونسية)
TT

تونس: إحالة مسؤولين ورجال أعمال اتهموا في قضايا أمنية على القضاء

وزير الداخلية التونسي كمال الفقي (الداخلية التونسية)
وزير الداخلية التونسي كمال الفقي (الداخلية التونسية)

كشفت مصادر أمنية وقضائية إحالة مزيد من المسؤولين السابقين في الدولة من مستويات مختلفة ورجال أعمال «مشتبه في تورطهم في قضايا أمنية» على المحاكم وعلى التحقيق لدى المؤسسات الأمنية والقضائية المختصة بـ«الجرائم الخطرة» وشبهات «الفساد والتآمر على أمن الدولة».

مدخل مقر وزارة الداخلية التونسية (أرشيفية)

في هذا السياق؛ أكدت المصادر نفسها إحالة وزير الشؤون الاجتماعية الأسبق والقيادي النقابي سابقاً محمد الطرابلسي، وعدد من كوادر الوزارة على «دائرة الاتهام» للحسم في قضايا اتهموا بالضلوع فيها في عهد رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد.

كما بدأت مصالح أمنية وقضائية الاستماع إلى وزراء سابقين في وزارات عدة ومسؤولين عن قطاع المؤسسات المصادرة التابعة التي كان اغلبها تابعاً لعائلات الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.

قضايا... وشبهات

في الوقت نفسه، أصدر قضاة التحقيق خلال الأيام الماضية بطاقات إيداع جديدة لسياسيين ورجال أعمال بارزين ومسؤولين سابقين عن قطاع الشباب والرياضة في قضايا أمنية مختلفة و شبهات «التآمر على أمن الدولة». وتقرر توسيع التحقيق مع مسؤولين ومتهمين آخرين.

صورة لعناصر من «الحرس الوطني» في مهمة ضد إرهابيين (الداخلية التونسية)

من جهة أخرى، أعلنت قوات الأمن المختصة بمراقبة التهريب بين الحدود، الاثنين، أنه جرى إحباط عملية تهريب أكثر من 24 كيلوغراماً من المخدرات في صحراء محافظة تطاوين الحدودية بين تونس وليبيا الجزائر. وقد أحيل المحجوز والمهربون على القضاء.

من جهة أخرى، وفي سياق الحملة التي أطلقتها الرئاسة للتثبت في شبهات «توظيف آلاف من أصحاب الشهادات العلمية المزورة» خلال العشرية الماضية، كشفت الناطقة باسم محكمة منوبة؛ الضاحية الغربية للعاصمة تونس، إصدار بطاقة إيداع بالسجن في شأن مسؤول «بعدما تبين انه يعمل منذ سنة 2015 بشهادة مدرسية مزورة».

عناصر من الشرطة التونسية (أرشيفية)

وزارة الداخلية على الخط

من جهة أخرى، أعلن وزير الداخلية التونسي، كمال الفقي، ترؤسه مؤتمراً أمنياً لتكنولوجيا النظم، وعن خطة شاملة تعتمدها السلطات الأمنية والقضائية لمراقبة الأمن السيبراني والجرائم التكنولوجية، في سياق الوقاية من الجريمة المنظمة والمخاطر التي توظف شبكات الإنترنت ووسائل الإعلام الإلكترونية والاجتماعية لتشكيل تهديدات أمنية محلية وإقليمية ودولية.

وعدّ وزير الداخلية التونسي، أن «جاهزية المصالح الأمنية والتكنولوجية أمنياً أصبحت من أهم الشروط الاستباقية، لتوفير الحماية اللازمة للموارد الحيوية للدولة والبيانات الشخصية لمواطنيها ضمن منظور الأمن الوطني الشامل بأبعاده الأمنية والاقتصادية والمجتمعية والتكنولوجية ومكافحة الفساد والجريمة المنظمة».

ورداً على الانتقادات التي وجهتها أطراف حقوقية وإعلامية وسياسية دولية لأداء مصالح الأمن والقضاء التونسي في تعاملها مع ملفات الموقوفين والمحاكمين في قضايا أمنية مختلفة، أشرف الفقي، بمناسبة «اليوم العالم لحقوق الإنسان»، على ندوة وطنية حول «تكريس مبادئ حقوق الإنسان وطنياً ودولياً».

وأعلن الوزير أن «وزارة الدّاخليّة حريصة كُلّ الحرص على دعم مُختلف الجهود المبذولة لتدعيم حقوق الإنسان في تونس باعتبارها مُؤسّسة إنفاذ القانون وحُسن تطبيقه طبقاً لأحكام الدّستور وسائر المُعاهدات الدّوليّة والقوانين المُنظمة لعمل قوّات الأمن الدّاخلي ومجموعة المبادئ المُتعلقة بمجال إنفاذ القوانين».

وذكر الوزير الفقي أن «وزارة الدّاخليّة كانت قد أصدرت يوم 13 مارس (آذار) الماضي (مُدوّنة سلوك قوات الأمن الدّاخلي) التي تتضمّنُ في جانب منها مبادئ وقيم العمل الأمني، كترسيخ سيادة القانون، وعلويّة حق الحياة، واحترام الحقوق والحرّيات العامّة والفرديّة، واحترام كرامة الذات البشريّة، والرّصانة وضبط النفس والحياد وعدم التمييز... وغيرها من الجوانب الكفيلة بحماية الحقوق؛ بما في ذلك التناسب والتدرّج باستعمال الوسائل الأقلّ إضراراً في صورة اللجوء لاستعمال القوّة».


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
TT

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

يأمل ليبيون في إخضاع متهمين بـ«ارتكاب جرائم» خلال السنوات التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي إلى «محاكمة عادلة وسريعة».

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، تحدث ضمن إحاطة أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، عن «خريطة طريق» لمحاكمة المتهمين في ليبيا من بينهم المتورطون في «المقابر الجماعية» في ترهونة (غرب البلاد).

وقفة احتجاجية لعدد من أهالي ضحايا ترهونة بغرب ليبيا (رابطة ضحايا ترهونة)

ورغم تعهد خان في إحاطته، بالعمل على «قدم وساق لتنفيذ خريطة طريق لاستكمال التحقيقات في جرائم حرب حتى نهاية 2025»، فإنه لم يوضح تفاصيلها، إلا أن عضو «رابطة ضحايا ترهونة» عبد الحكيم أبو نعامة، عبّر عن تفاؤل محاط بالتساؤلات على أساس أن «4 من المطلوبين للجنائية الدولية في جرائم حرب وقعت بالمدينة منذ سنوات لا يزالون خارج قبضة العدالة».

ويقصد أبو نعامة، في تصريح إلى «الشرق الأوسط» قائد الميليشيا عبد الرحيم الشقافي المعروف بـ«الكاني»، إلى جانب فتحي زنكال، ومخلوف دومة، وناصر ضو، فيما يخضع عبد الباري الشقافي ومحمد الصالحين لتصرف النيابة، بعد القبض على الأخير السبت.

ومن بين ملفات اتهام متنوعة في ليبيا، قفزت منذ أشهر إلى مقدمة أجندة المحكمة الدولية جرائم «مقابر جماعية» ارتكبت في ترهونة (غرب ليبيا) إبان سيطرة ما تعرف بـ«ميليشيا الكانيات» بين أبريل (نيسان) 2019 ويونيو (حزيران) 2020، علماً بأن الدائرة التمهيدية لـ«الجنائية الدولية» قرّرت رفع السرية عن ستة أوامر اعتقال لمتهمين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وينتاب من يتهمون بهذا الملف وأسر ضحايا في ترهونة، القلق مما يرونه «تسييس عمل المحكمة الدولية، وغياب الآلية الفعّالة لتنفيذ مذكرات القبض ضد المتهمين، في ظل وجودهم في بعض الدول»، وفق ما أفاد علي عمر، مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» لـ«الشرق الأوسط».

يُشار إلى أن خان، أبلغ مجلس الأمن الدولي عن اتفاقه مع النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، على آلية جديدة للتعاون بين الطرفين، لكنه لم يكشف عن تفاصيلها.

إلى جانب مخاوف «التسييس»، يبدو أن تحديد المدعي العام للجنائية الدولية إطاراً زمنياً للانتهاء من التحقيقات نهاية العام المقبل، قد يكون مثار قلق أكبر لعائلات الضحايا.

ووفق عمر: «قد يفاقم الإفلات من العقاب ويشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»، مع إيحاء سائد لدى البعض «بعدم وجود نية لملاحقة مرتكبي الجرائم أو فتح جميع ملفات الجرائم التي تندرج تحت اختصاص المحكمة».

ومن بين الاتهامات التي تلاحق «ميليشيا الكانيات» كانت تصفية أغلب نزلاء سجن «القضائية»، و«الدعم المركزي» بترهونة، في 14 سبتمبر (أيلول) 2019، في رواية نقلتها «رابطة ضحايا ترهونة».

ويلاحظ متابعون، أن ظلال الانقسام السياسي انعكست على زيارة خان إلى طرابلس، وفق أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الواحد القمودي. وعلى نحو أكثر تفصيلاً، يشير مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» علي عمر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن غياب التعاون من قِبل السلطات في شرق ليبيا وغربها، من بين عراقيل أخرى تقف أمام «نزاهة التحقيقات».

مقبرة جماعية مكتشفة بترهونة (غرب ليبيا) (هيئة التعرف على المفقودين في ليبيا)

في غضون ذلك، فرض الدور الروسي الزائد في ليبيا نفسه على إحاطة خان، أمام مجلس الأمن، بعدما شككت مندوبة روسيا في ولاية المحكمة على الملف الليبي، مذكرة بأن ليبيا «ليست طرفاً في نظام روما الأساسي».

وفي حين يستبعد أمين «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في ليبيا عبد المنعم الحر دوراً روسياً معرقلاً للمحاكمات، فإنه يتفق مع مندوبة روسيا في أن «الإحالة من جانب مجلس الأمن لم تعط المحكمة الجنائية الدولية ولاية مطلقة على ليبيا»، مشيراً إلى أنها «اقتصرت على جرائم حصلت قبل تاريخ 19 فبراير (شباط) 2011».

ويستند الحر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية الذي أجاز «التحقيق في جريمة أو أكثر ارتكبت»، وهو «ما يجعل القضايا التي وقعت بعد هذا التاريخ خارج ولاية المحكمة».

وقد يبدو «التفاؤل محدوداً» بمثول المطلوبين في جرائم الحرب بليبيا أمام المحكمة في لاهاي، وفق «مدير منظمة رصد الجرائم»، لكنه يشير إلى مخرج من هذا المأزق، وهو «اتخاذ خطوات أكثر جرأة، تشمل دعماً دولياً لضمان استقلالية التحقيقات، ووضع آلية فعّالة لتنفيذ مذكرات القبض».

وعلى نحو يبدو عملياً، فإن أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا يقترح «حلاً قانونياً بتشكيل محكمة خاصة مختلطة يترأسها قاض ليبي تضم في هيئتها قضاة ليبيين ودوليين، على غرار المحكمة الدولية التي تم إنشاؤها للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005».