«حرب غزة»: لماذا أثارت آليات دخول الأجانب مصر الجدل؟

القاهرة دعت للتفريق بين إجراءات عبور مواطنيها و«الأجانب»

هاربون من غزة ينتظرون في الجانب المصري لاجتياز معبر رفح (أرشيفية - أ.ف.ب)
هاربون من غزة ينتظرون في الجانب المصري لاجتياز معبر رفح (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«حرب غزة»: لماذا أثارت آليات دخول الأجانب مصر الجدل؟

هاربون من غزة ينتظرون في الجانب المصري لاجتياز معبر رفح (أرشيفية - أ.ف.ب)
هاربون من غزة ينتظرون في الجانب المصري لاجتياز معبر رفح (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعادت مصر التأكيد على أنها «هي وحدها ودون غيرها التي تتولى إجراءات عودة المصريين من قطاع غزة»، وذلك في أعقاب تجدد الجدل بشأن قواعد الخروج من قطاع غزة عبر معبر رفح البري، بعد نشر ناشطين تصريحات وزير الخارجية المصري، سامح شكري، التي أدلى بها في واشنطن لشبكة «سي إن إن» الأميركية، وأشار فيها، رداً على سؤال حول «استغراق خروج الأميركيين والأجانب من غزة عبر معبر رفح وقتاً طويلاً»، إلى ارتباط الأمر بـ«الاتفاقات التي يُمكن إبرامها مع (حماس) وإسرائيل، وبمساعدة المبعوث الأميركي الخاص بالشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط، السفير ديفيد ساترفيلد»، لافتاً إلى أن الأمر «منوط بالإسرائيليين تماماً لتحديد وتقديم قوائم بالأشخاص الذين يمكنهم الخروج».

ووصف المتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، الأمر بأنه «محاولات البعض تحريف تصريحات رسمية بشأن إجراءات دخول (الأجانب) مصر من قطاع غزة عبر معبر رفح»، عادّاً في تدوينة على حسابه الرسمي بمنصة «إكس» (تويتر سابقاً)، مساء الجمعة، أن تلك المحاولات «لا تعبر إلا عن يأس أصحابها». وأضاف: «نكرر مجدداً، وبما لا يدع مجالاً للشك أو المزايدة، أن السلطات المصرية هي وحدها ودون غيرها التي تتولى إجراءات عودة المصريين من قطاع غزة».

وهذه هي المرة الثانية في غضون أقل من أسبوع التي يصدر عن «الخارجية المصرية» تعليق رسمي حول هذا الشأن، إذ أصدرت الوزارة بياناً رسمياً، الثلاثاء الماضي، أكدت فيه أنها «من تتولى ترتيبات عودة المصريين من قطاع غزة».

وجاء البيان الأول رداً على ما ذكره البرلماني المصري السابق، ورئيس «منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، الدكتور سمير غطاس خلال لقاء مع الإعلامي عمرو أديب على قناة «إم بي سي مصر»، بشأن إرسال قوائم الراغبين في الخروج من القطاع الفلسطيني إلى السلطات الإسرائيلية للحصول على موافقتها، والتأكد مع عدم وجود علاقة لتلك الأسماء بحركة «حماس».

وأوضح متحدث «الخارجية المصرية» وقتها، أن مكتب التمثيل المصري لدى السلطة الفلسطينية في رام الله، والقطاع القنصلي بوزارة الخارجية، يتلقيان الأسماء والوثائق الخاصة بالمواطنين الراغبين في العودة إلى أرض الوطن، حيث يتم إعداد كشوف تفصيلية بها لموافاة السلطات المصرية المعنية بها تمهيداً لتسليمها للقائمين على معبر رفح الحدودي من الجانبين المصري والفلسطيني؛ لتسهيل عملية عبورهم من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية.

معبر رفح من الجانب المصري (أرشيفية - أ.ف.ب)

ونفى متحدث «الخارجية المصرية» رداً على استفسار من عدد من المحررين الدبلوماسيين حول الإجراءات المتبعة لعودة المصريين من قطاع غزة إلى مصر، «كل ما يتردد إعلامياً خلاف ذلك»، داعياً إلى «توخي الحذر والدقة الشديدَين عند تداول أية معلومات غير صحيحة منسوبة لأي جهة أو أفراد لا يتمتعون بصفة رسمية» وفق البيان.

وحظي تجدد الحديث عن إجراءات الدخول من معبر رفح باهتمام نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي. وعلّق النائب بالبرلمان المصري، مصطفى بكري على ما يتم تداوله قائلاً في تدوينة على صفحته بمنصة «إكس» نقلاً عن المتحدث الرسمي لـ«الخارجية المصرية» بأن «هذا الكلام غير صحيح جملة وتفصيلاً... أحد الصحافيين سأل الوزير: لماذا البطء في الإفراج عن الأجانب، قال الوزير: هذا يتم بسبب بطء الإجراءات الإسرائيلية لأنهم يحددون أسماء الأجانب».

وأضاف بكري نقلاً أيضاً عن متحدث «الخارجية المصرية» أن «هذا الأمر قاصر على الأجانب، أما المصريون فلا تُعرض أسماؤهم إطلاقاً على السلطات الإسرائيلية للدخول عبر معبر رفح. هذا لم يحدث ولن يحدث». وأكمل بكري: «قال المتحدث باسم الخارجية المصرية في اتصال هاتفي أجريته معه منذ قليل: إن ما يتم ترويجه كلام مبتور وفي غير محله، وطالب بضرورة الالتزام بمواثيق الشرف، وأضاف أن هذا كلام غير صحيح ولا يعكس إجابة الوزير على سؤال حول البطء في خروج الأجانب عبر معبر رفح، ولم يتطرق السائل إلى أوضاع المصريين إطلاقاً».

من جهته وصف مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، استخدام تصريحات الوزير سامح شكري بشأن قواعد خروج الأجانب من معبر رفح بأنه «تشويه وتزييف متعمد للحقيقة»، مشدداً على أن حديث الوزير «كان واضحاً»، واقتصر فقط على الإشارة إلى قواعد خروج «الأجانب» من المعبر، دون التطرق إلى أية قواعد تتعلق بخروج المصريين.

ولم يستبعد هريدي في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن تكون هناك «أهداف سياسية وراء محاولة التشويه المتعمدة، وإثارة البلبلة لدى الرأي العام المصري»، رابطاً بين توقيت تكرار إثارة الأمر وإجراء الانتخابات الرئاسية في الداخل المصري التي تبدأ الأحد. وأشار هريدي إلى أن بيان وزارة الخارجية الأول كان واضحاً تماماً، عادّاً أن الإصرار على طرح الأمر «في سياق مجافٍ للحقيقة له أهداف وأغراض أخرى غير استجلاء الحقيقة».

وبدأ خروج الأجانب والفلسطينيين من مزدوجي الجنسية من قطاع غزة عبر معبر رفح في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بالتزامن مع دخول المساعدات إلى القطاع، إذ كانت القاهرة قد رهنت السماح بخروج رعايا دول أجنبية بدخول المساعدات الإغاثية، بينما ينشر مصريون من حين إلى آخر عبر منصات التواصل الاجتماعي مناشدات للسلطات المصرية مساعدتهم أو مساعدة ذويهم على الخروج من غزة.


مقالات ذات صلة

مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية

خاص مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية play-circle 06:14

مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية

«هذه ليست غزة. إنه مخيم اليرموك»... لا تكفي قراءة اللافتة مراراً عند مدخل المخيم الفلسطيني المحاذي لدمشق لترسخ هذه الحقيقة في ذهن الزائر.

بيسان الشيخ (مخيم اليرموك (دمشق))
شؤون إقليمية فلسطينيون يفرون من مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أرشيفية)

«هدنة غزة»... مساعٍ إلى «حل وسط» لإبرام الاتفاق

جهود مكثفة للوسطاء لتقريب وجهات النظر خلال مفاوضات الهدنة بقطاع غزة، في ظل حديث إعلامي عن «شروط جديدة» أخرت إعلان الاتفاق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط غزة (رويترز)

بينهم 7 أطفال.. مقتل 12 شخصاً من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل12 شخصاً من عائلة واحدة، بينهم 7 أطفال، في غارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج مندوب فلسطين رياض منصور يتحدث خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة (أ.ب)

السعودية ترحب بقرار أممي حول التزامات إسرائيل

رحّبت السعودية بقرار للأمم المتحدة يطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص منازل فلسطينية تتعرض لأضرار بالغة خلال قصف إسرائيلي في بيت لاهيا (رويترز)

خاص «هدنة غزة»: «شروط جديدة» تؤخر إعلان الصفقة المرتقبة

مصادر مصرية وفلسطينية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، تشير إلى «شروط جديدة طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وأخرى من (حماس)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)
الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)
TT

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)
الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)

تعوّل الحكومة الجزائرية على تحسّن معدلات الصناعة العسكرية، بغرض رفع نسبة النمو في قطاع الصناعة وإنعاش الاقتصاد التابع تبعية مطلقة لإيرادات النفط والغاز.

وبرزت أهمية التصنيع الحربي في «معرض الإنتاج الوطني» السنوي الذي انطلق الخميس الماضي. ففي الجناح المخصص لوزارة الدفاع في المعرض الذي يقام بالضاحية الشرقية للعاصمة، يتم تقديم مختلف المنتجات الخاصة بالقوات المسلحة، والترويج لها على أساس أنها «قاطرة الصناعة في البلاد».

تصنيع عربات عسكرية بالشراكة مع شركة «مرسيدس» الألمانية (وزارة الدفاع)

وأبرز الرئيس عبد المجيد تبون، خلال افتتاح التظاهرة الاقتصادية والتجارية، «أهمية الصناعة العسكرية كنموذج يجب اتباعه وكرافعة للصناعة الوطنية». وأكد أن الجيش «حقق مستويات في الصناعة، أتمنى أن تصل إليها الشركات الأخرى»، وهنّأ القائمين على جناح وزارة الدفاع بالمعرض، لـ«معدل التكامل العالي الذي أنجزته الصناعة العسكرية»، من دون أن يقدم أي رقم فيما يخص التصنيع الحربي.

ولفت تبون إلى أن «السياسة التي تبنتها الدولة في السنوات الأخيرة، الهادفة إلى تشجيع الإنتاج المحلي، ساهمت في تقليص فاتورة الواردات بنسبة 40 في المائة»، داعياً إلى «عدم التفريق بين الشركات التي تتبع للجيش، وبين الشركات الحكومية والخاصة؛ إذ تساهم جميعها في رفع شأن الإنتاج الجزائري».

وتشارك في «معرض الإنتاج الوطني 2024» مئات المؤسسات الحكومية والخاصة. وغالباً ما تستعرض الحكومة «عضلاتها» من خلال هذا الحدث الاقتصادي، للتأكيد على «قدرة المنتوج الجزائري على المنافسة في الأسواق الدولية»، علماً أن الجزائر حققت الاكتفاء الذاتي في قطاع من المنتجات الزراعية، في حين تستورد كل حاجاتها من المواد المصنّعة ونصف المصنّعة.

الرئيس تبون يستمع إلى خطة عمل مؤسسات خاصة (الرئاسة)

ويقول مصدر حكومي، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن الصناعة العسكرية في الجزائر «أصبحت اليوم نموذجاً يحتذى به في التنظيم والحوكمة، وكذلك في الجودة والأداء. إنه قطاع تمكن بفضل صرامته من التكيّف مع متطلبات ومعايير الإنتاج في عدة مجالات، بدءاً من صناعة الأسلحة ووصولاً إلى وسائل النقل واللوجستيات والملابس».

وأوضح المصدر ذاته، أن قطاع التصنيع العسكري «يواجه اليوم تحديات جديدة، تتمثل في التحكم في مجالات ذات قيمة تكنولوجية عالية، مثل صناعة المسيّرات ومعدات الاتصالات. ويتمثل التحدي الآخر في تحسين نسب الاندماج، من خلال الاعتماد على الإنتاج والمناولة المحلية، بهدف رفع مستويات الاندماج إلى أكثر من 60 في المائة في السنوات المقبلة».

ووفق المصدر ذاته، فإنه «يجب الإشادة بجهود والتزامات المؤسسة العسكرية في تحديث وتطوير هذه الصناعة الحربية التي تم تصنيفها كأولوية استراتيجية؛ نظراً لتأثيرها في تعزيز القوة العسكرية؛ كونها ركيزة أساسية للسيادة الوطنية». واللافت أنه لا تتوفر بيانات محددة حول نسبة مساهمة الصناعة العسكرية في نمو الصناعة الجزائرية بشكل عام.

رئيس البلاد مع مسؤولين من وزارة الدفاع في جناح الإنتاج الحربي في معرض الإنتاج الوطني (الرئاسة)

ويشار إلى أن موازنة الجيش لعام 2025 محددة بـ22 مليار دولار (الموازنة العامة مقدرة بـ126 مليار دولار)، وهي في زيادة مستمرة منذ 5 سنوات. وتبرر الحكومة حجم الإنفاق العسكري العالي بـ«التهديدات والمخاطر المحيطة بالجزائر»، وتقصد، ضمناً، الاضطرابات في مالي والنيجر، وفي ليبيا أيضاً، وتعاظم تجارة السلاح والمخدرات ونشاط المهربين في جنوب الجزائر الفسيح.

وكان تبون صرّح بنهاية 2023 بأن نسبة الاندماج في مجال الصناعات الميكانيكية العسكرية تجاوزت 40 في المائة؛ ما يدل على تقدم ملحوظ في هذا القطاع في تقدير السلطات. بالإضافة إلى ذلك، نجحت المؤسسات الصناعية التابعة للجيش الوطني الشعبي في أن تكون داعماً مهماً للنسيج الصناعي الجزائري، بعد أن وسعت دائرة اهتماماتها لتشمل مختلف المجالات الصناعية.

وعلى الرغم من هذه التطورات، لا تزال الصناعات العسكرية الجزائرية ناشئة، وفق خبراء مستقلين. فهي بحاجة إلى المزيد من الوقت لتطوير قدراتها الإنتاجية والتكنولوجية، خاصة في مجالات الأسلحة المتطورة.