«الوحدة» الليبية تُنسق مع إيطاليا وتونس لمحاربة «الهجرة السرية»

الكوني يشيد بدعم مفوضية الاتحاد الأفريقي لجهود إنجاح مشروع المصالحة

اجتماع الطرابلسي مع وزيري داخلية إيطاليا وتونس في روما (وزارة الداخلية)
اجتماع الطرابلسي مع وزيري داخلية إيطاليا وتونس في روما (وزارة الداخلية)
TT

«الوحدة» الليبية تُنسق مع إيطاليا وتونس لمحاربة «الهجرة السرية»

اجتماع الطرابلسي مع وزيري داخلية إيطاليا وتونس في روما (وزارة الداخلية)
اجتماع الطرابلسي مع وزيري داخلية إيطاليا وتونس في روما (وزارة الداخلية)

عقد عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة الوحدة الوطنية الليبية «المؤقتة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مساء أمس (الجمعة)، اجتماعاً ثلاثياً مع نظيريه التونسي كمال الفقي، والإيطالي ماتيو بيانتدوزي، في روما لبحث التنسيق لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» وتأمين الحدود.

وخلال اللقاء الثلاثي، أكد الطرابلسي أهمية تضافر الجهود المشتركة للحد من الآثار السلبية لـ«الهجرة غير المشروعة»، وإيجاد حلول عملية وعاجلة للبدء في الإعادة الطوعية للمهاجرين «غير الشرعيين» إلى بلدانهم الأصلية، وإعادة دمجهم في المجتمعات، وذلك في إطار حلول تنموية يشارك فيها الاتحاد الأوروبي، التي ستعمل إيطاليا على حثّه لتقديم التمويل اللازم لها.

كما دعا الاجتماع لإيجاد آليات عمل مناسبة لتبادل المعلومات حول الشبكات الإجرامية، التي تقف وراء تهريب البشر والاتجار بهم. فيما دعا الطرابلسي إلى «ضرورة دعم الأجهزة المعنية، وتوفير الاحتياجات التدريبية واللوجستية، بما يمكّنها من أداء مهامها»، مشيراً إلى أنه بحث مع نظيره التونسي تسهيل حركة تنقل مواطني البلدين عبر المعابر الحدودية المشتركة، والتنسيق لمواجهة تدفقات «الهجرة غير المشروعة»، واستمرار التواصل الأمني بما يحقق مصالح البلدين.

في غضون ذلك، اعتبر عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة، أن افتتاحه اليوم (السبت) مجمع عيادات مصراتة المتوقف عن العمل منذ 2013، بمثابة «خطوة أخرى نحو إصلاح وتجديد القطاع الصحي المتهالك»، الذي لفت إلى أنه «يعاني منذ سنوات من الإهمال»، معرباً عن أمله في أن يكون 2024 عام الصحة فـي ليبيا، وتعهد بالعمل وبذل كل ما يمكن لتحقيق ذلك.

لقاء الكوني مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي (المجلس الرئاسي)

بدوره، استغل موسى الكوني، عضو المجلس الرئاسي، اجتماعه مساء الجمعة مع موسى فكي، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، في غينيا الاستوائية، للإشادة بدعم المفوضية لجهود المجلس الرئاسي، الهادفة لإنجاح مشروع المصالحة من أجل الوصول إلى مرحلة الاستقرار، التي تمهد الطريق لإجراء الانتخابات.

كما ناقش الكوني مع رئيس الكونغو برازافيل، دينيس ساسو نغيسو، ورئيس اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى المعنية بليبيا، مستجدات الأوضاع السياسية في ليبيا، وسبل دعم مساعي المجلس الرئاسي لتحقيق الاستقرار. وأكد التزام المجلس الرئاسي بالعمل على «نجاح مشروع المصالحة، ودعم المسار الانتخابي الذي يتطلع إليه الشعب الليبي». وطالب الاتحاد الأفريقي تقديم مزيد من الدعم، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين، لمساعدة ليبيا في تحقيق الاستقرار، الذي سينعكس على المنطقة، والقارة الأفريقية.

ونقل الكوني عن ساسو إشادته أيضاً بجهود المجلس الرئاسي، الرامية لتحقيق الاستقرار بنجاح مشروع المصالحة الوطنية، الذي يمهد الطريق لإجراء الاستحقاق الانتخابي.

حماد خلال تفقده بعض المشروعات في مدينة درنة (حكومة الاستقرار)

من جهة أخرى، تفقد رئيس حكومة الاستقرار الموازية أسامة حماد، اليوم (السبت)، المواقع المستهدفة بإنشاء عدد من مشاريع المجمّعات، والوحدات السكنية الجديدة بالمنطقة الساحلية في درنة، من أجل تخفيف المعاناة التي لحقت بأهالي المدينة جراء الفيضانات والسيول، حيث طالب الشركات المكلفة بضرورة استكمال الأعمال في أسرع وقت ممكن، مع الحفاظ على الجودة.


مقالات ذات صلة

تحرك دبلوماسي فرنسي «نشط» في ليبيا... ماذا يستهدف؟

شمال افريقيا المبعوث الفرنسي بول سولير في لقاء مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في طرابلس (السفارة الفرنسية)

تحرك دبلوماسي فرنسي «نشط» في ليبيا... ماذا يستهدف؟

تكثَّفت المساعي الدبلوماسية الفرنسية بين الأفرقاء الليبيين، على مدار شهر أكتوبر الحالي عبر سلسلة لقاءات أجراها بول سولير مبعوث الرئيس إيمانويل ماكرون إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المشاركون في الاجتماع مع البعثة الأممية في صورة مشتركة (البعثة الأممية)

الدبيبة يتعهد مكافحة «الفساد» في قطاع الصحة

قال عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، إن جهاز الإمداد الطبي في بلده كان لسنوات «محطةً استُغلت للفساد والاحتكار».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية متداوَلة لعدد من الليبيين الذي كانوا قد نُفوا إلى جزر بجنوب إيطاليا عام 1911

قصة نفي 5 آلاف ليبي إلى جنوب إيطاليا

أرجع مؤرخون عمليات نفي آلاف الليبيين إلى إيطاليا إلى اشتداد ضربات المقاومة الليبية للقوات الغازية، منذ معركة شارع «الشط - الهاني» في طرابلس عام 1911.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا من اجتماع سابق للمجلس الرئاسي مع وفد من الأمازيغ (أرشيفية)

أمازيغ ليبيا يطالبون «الرئاسي» بسحب التشكيلات العسكرية من مدنهم

وسط صمت رسمي من حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، حذر المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا من أي «تحركات لميليشيات قبلية داخل المدن التابعة له».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (حكومة الوحدة)

غموض وتساؤلات بعد تعهد الدبيبة بـ«خطوات حازمة» لإجراء الانتخابات الليبية

تعهد عبد الحميد الدبيبة خلال مشاركته في احتفالية أقيمت بمسقط رأسه بمدينة مصراتة باتخاذ «خطوات حازمة» للوصول إلى الانتخابات العامة.

جاكلين زاهر (القاهرة)

تحرك دبلوماسي فرنسي «نشط» في ليبيا... ماذا يستهدف؟

المبعوث الفرنسي بول سولير في لقاء مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في طرابلس (السفارة الفرنسية)
المبعوث الفرنسي بول سولير في لقاء مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في طرابلس (السفارة الفرنسية)
TT

تحرك دبلوماسي فرنسي «نشط» في ليبيا... ماذا يستهدف؟

المبعوث الفرنسي بول سولير في لقاء مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في طرابلس (السفارة الفرنسية)
المبعوث الفرنسي بول سولير في لقاء مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في طرابلس (السفارة الفرنسية)

تكثَّفت المساعي الدبلوماسية الفرنسية بين الأفرقاء الليبيين على مدار شهر أكتوبر (تشرين الأول)، الحالي عبر سلسلة لقاءات أجراها بول سولير المبعوث الخاص للرئيس إيمانويل ماكرون إلى ليبيا، وسفير باريس لدى ليبيا مصطفى مهراج.

النشاط الدبلوماسي الفرنسي في ليبيا، الذي زادت بشأنه التساؤلات، عدّه محللون «محاولة من جانب فرنسا، التي لا تملك تصوراً سياسياً واضحاً، لتعويض غيابها في دول الساحل الأفريقي بعد موجة الانقلابات التي اجتاحتها، وما تبعها من انعكاسات على قضايا الإرهاب والهجرة غير النظامية».

وفي غرب البلاد، أجرى مبعوث ماكرون نهاية سبتمبر (أيلول) ومطلع شهر أكتوبر الحالي، لقاءات مع كل من رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ونائبيه عبد الله اللافي وموسي الكوني، ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، ونائبة المبعوث الأممي، ستيفاني خوري.

السفير الفرنسي إلى جوار نائبة المبعوث الأممي ستيفاني خوري في اجتماع «مجموعة العمل الأمنية» ببنغازي (البعثة الأممية)

تحركات المبعوث الفرنسي لم تتوقف منذ توليه مهامه قبل 3 أعوام. وقد أدرجها الباحث والمحلل السياسي الليبي عبد الحكيم فنوش، ضمن محاولات «استكشاف تصورات، واصطفاف، الأطراف الليبية الفاعلة للمرحلة المقبلة؛ بحثاً عن إمكانية التأثير في السلطات القائمة أو المتصور تشكلها».

واقتصر فحوى الرسائل الفرنسية التي حملها سولير خلال لقاءاته مع الفاعلين في ليبيا منذ مطلع هذا الشهر، على «أولوية الملف الليبي في اهتمامات فرنسا»، و«السعي لمساعدة ليبيا على الخروج من الانسداد السياسي، والدفع نحو الوصول إلى الانتخابات».

السفير الفرنسي مصطفى مهراج في لقاء مع حفتر ببنغازي (السفارة الفرنسية)

ولم تشمل تحركات مبعوث الرئيس الفرنسي، الفاعلين في شرق البلاد خلال زيارته الأخيرة، إلا أن السفير الفرنسي أجرى مباحثات لاحقة هذا الشهر مع القائد العام لقوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وبحث مع الأخير «الوصول إلى إنهاء الأزمة الليبية بإجراء الانتخابات».

وتلحظ الباحثة الفرنسية المتخصصة في الشأن الليبي فيرجيني كولومبييه، هدفاً آخر لمبعوث ماكرون والسفير الفرنسي هو «تحديد مسارات قابلة للتطبيق نحو إعادة توحيد مؤسسات البلاد، والوصول إلى سلطة تنفيذية موحدة جديدة قبل إجراء الانتخابات».

لكن كولومبييه، تشير في تصريح إلى «الشرق الأوسط» إلى أن كلاً من سولير ومهراج «لا يملكان خطة واضحة لتحقيق ذلك»، في إشارة إلى إمكانية تشكيل «الحكومة الموحدة»، وتوحيد المؤسسات الليبية.

وفي غياب المسار السياسي الواضح في ليبيا، ركَّز سولير ومهراج في الأشهر الأخيرة على القضايا الأمنية. ووفق ما رجَّحت الباحثة الفرنسية، فإن الدبلوماسيَّين الفرنسيَّين انطلقا من فرضية «أن ملف الأمن يوفر فرصة أكثر إيجابية لتحقيق اختراق، والاستفادة من علاقتهما بقوات القيادة العامة في شرق البلاد دون إثارة الانتقادات».

وترجع الباحثة الفرنسية الاهتمام الفرنسي بالمسار الأمني ومكافحة الإرهاب، إلى «رغبة باريس في تعويض الانتكاسات التي منيت بها في منطقة الساحل». إضافة إلى ما ترى أنها رؤية فرنسية تنطلق من أن «دعم اتفاق بين الفصيلين العسكريَّين يمكن أن يساعد على تأمين الحدود الجنوبية لليبيا».

وسُجل انحسار كبير في النفوذ الفرنسي بأفريقيا، خصوصاً في دول منطقة الساحل، إثر الانقلابات التي حدثت في دول مثل بوركينا فاسو والنيجر ومالي، وكلها تأسَّست على الرغبة في إنهاء الوجود الفرنسي بالمنطقة.

وعلى نحو أكثر تخصيصاً، يشير الباحث الليبي عبد الحكيم فنوش إلى ما عدّه «سعياً فرنسياً لتوثيق العلاقة مع قوات الجيش في شرق ليبيا، التي تسيطر على الحدود الجنوبية».

في الوقت ذاته، يرصد فنوش رهان باريس على «الاستفادة من علاقات (الجيش الوطني) المؤثرة مع دول الساحل لخدمة مصالحها»، مشيراً على نحو أكثر تحديداً إلى «القضايا الحدودية المرتبطة بتهديدات الجماعات المتطرفة أو القوى المعارضة للسلطات القائمة في دول الساحل، التي تتحرك على الحدود الليبية»، إضافة إلى «ضبط تدفقات الهجرة غير النظامية عبر الحدود».

وسبق أن واجهت فرنسا كثيراً من الانتقادات من حلفائها الغربيين بين عامي 2014 و2019؛ بسبب دعمها القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» في الحرب على الإرهاب في بنغازي ودرنة والمنطقة الوسطى.

لكن يرجح متابعون لشؤون شمال أفريقيا، ومنهم الباحث المختص في الشأن الليبي محمد الجارح، أن «باريس اكتسبت جرعة ثقة بعدما شعرت بصحة وقوة موقفها الداعم للقيادة العامة في بنغازي طيلة هذه السنوات»، مدللاً على ذلك «بالزيارات المتعددة الوفود من الدول الأوروبية، خصوصاً إيطاليا وبريطانيا، علاوة على الولايات المتحدة الأميركية».

ومع ذلك، ووفق الخبيرة الفرنسية فيرجيني كولومبييه، فإن سولير ومهراج «بذلا جهوداً كبيرة لتعويض التأثير السلبي لدعم فرنسا الطويل الأمد لقوات حفتر».

في هذه الأثناء، يرى متابعون للشأن الليبي أنه لا يمكن عزل الجهود الفرنسية الأخيرة عن سياقات التنافس بين موسكو وباريس، مع وجود مئات من المرتزقة التابعين لمجموعة «فاغنر» العسكرية في ليبيا، بحسب تقرير سري للأمم المتحدة في عام 2020.

ويقول الجارح، وهو شريك تنفيذي في «ليبيا ديسك للاستشارات» إن «الموقف الفرنسي يتبنى فكرة عدم ترك فراغ في العلاقة مع القيادة العامة في بنغازي ومع برقة بشكل عام، قد تملأه أطراف أخرى مثل روسيا».

ويشرح الجارح بالقول: «وجهة نظر باريس تدفع باتجاه التعامل مع الوجود التركي في غرب البلاد، والوجود الروسي في الشرق بالآلية والمستوى نفسيهما»، موضحاً أن وجهة نظر باريس هي أن «الوجود التركي يعدّ مبرراً للوجود الروسي والعكس صحيح، وأن السبيل الوحيد لإنهاء هذا المبرر هو خروج الطرفين».

على مسار موازٍ، يطرح الدافع الاقتصادي نفسه على أجندة التحركات الفرنسية في ليبيا، إذ كانت «فرص التعاون في المشروعات التنموية والبنية التحتية» على جدول أعمال مباحثات سولير مع رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة، هذا الشهر.

ويقول الجارح: «فرنسا تبدي اهتماماً كبيراً بالجانب الاقتصادي، إذ تنشط (توتال) الفرنسية في قطاع النفط والغاز بليبيا، وهناك رغبة من قبل الشركات الفرنسية للمشاركة في قطاعات مختلفة في ليبيا؛ أهمها قطاع الإعمار».

وسبق أن زار وفد فرنسي مكون من ممثلين لـ9 شركات فرنسية، المنطقة الشرقية بدعوة من «صندوق الإعمار والتنمية»، بقيادة بلقاسم حفتر، نجل المشير خليفة حفتر مطلع يونيو (حزيران) الماضي.