تعهد رئيس حكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة» في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، خلال مشاركته في احتفالية أقيمت بمسقط رأسه بمدينة مصراتة باتخاذ «خطوات حازمة» للوصول إلى الانتخابات العامة.
ولم يفصح الدبيبة عن السبل التي سيتبعها لإنجاز هذا الاستحقاق المتعثر ولا توقيته، وذلك منذ تأجيله نهاية عام 2021. لكن سياسيين أكدوا أن مواصلة الدبيبة لأي تحركات في هذا الشأن ستفاقم الخلافات بينه وبين مجلس النواب.
وذهب عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، إلى أن البعض قد يتصور أن الدبيبة قد يلجأ للتنسيق مع رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، لتنظيم استفتاء على حل مجلس النواب، وذلك عبر توظيف ما يسمى بـ(مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني)، التي أصدر المنفي قراراً بإنشائها في أغسطس (آب) الماضي.
وقال التكبالي لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الإجراء «ليس ورقة ضغط قوية يملكها الدبيبة والمنفي بمواجهة البرلمان كما يردد البعض»، لافتاً إلى أن الدبيبة «لا يملك القدرة على تنظيم أي استفتاء إلا في الحيز الجغرافي الذي تسيطر عليه حكومته، وهو لا يتعدى أكثر من 20 في المائة من مساحة ليبيا».
وتساءل التكبالي قائلاً: «لو مضى الدبيبة قدماً بإجراء مثل هذا الاستفتاء عبر التصويت الإلكتروني، فمن سيتعاطى معه أو يشارك به أو يعتد بنتائجه؟».
وفي منتصف أغسطس (آب) الماضي، صوت البرلمان على إنهاء ولاية حكومة «الوحدة»، واعتبار حكومة أسامة حماد «الحكومة الشرعية» للبلاد، كما صوّت على سحب صفة القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي، وإعطاء الصفة لرئيس البرلمان.
ويرى كثير من المراقبين أن المنفي تخلى عن صمته الذي مارسه لأكثر من ثلاث سنوات تجاه النزاع بشأن قضايا الأزمة السياسية، واختار أخيراً الاصطفاف على ما يبدو إلى جوار الدبيبة.
بالمقابل يرى المحلل السياسي، إسلام الحاجي، أن نجاح المجلس الرئاسي، ومن خلفه الدبيبة، في تغيير محافظ المصرف المركزي السابق، الصديق الكبير «ينبئ عن وجود فرص أخرى محتملة لمزيد من التغييرات بالمشهد الليبي». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا حصل المنفي والدبيبة على دعم خارجي، وتحديداً من العواصم الغربية الكبرى النافذة بالساحة الليبية، بفرض (مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني) واقعاً على الأرض، فقد يدفعا بإجراء استفتاء على مسودة مشروع الدستور المعد نهاية عام 2017». ورأى أنه «إذا تحقق هذا الأمر فسيتقلص دور البرلمان بدرجة كبيرة في المشهد السياسي»، وتحديداً في كل مراحل العملية الانتخابية، من وضع الأطر القانونية، والمطالبة بوجود «حكومة جديدة» للبلاد.
وأعرب المحلل السياسي عن مخاوفه من أن «استمرار هذا الصراع بين البرلمان والدبيبة سيؤدي - رغم تركيزه على قضية الانتخابات - إلى عرقلة إجرائها؛ بل يطيل بقاء تلك الأجسام، والشخصيات المتصارعة على السلطة».
وكان الدبيبة قد توعد بأنه «لن يسمح لمن فقدوا شرعيتهم منذ أكثر من عشر سنوات أن يملوا شروطهم على الشعب الليبي»، في إشارة إلى مجلس النواب.
أما الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، فاستبعد حصول الدبيبة والمنفي على أي دعم دولي لإجراء استفتاء حول قضايا سياسية ذات ثقل ضخم، بالاعتماد على تصويت إلكتروني فقط. واستشهد القماطي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بـ«عدم إقدام أي دولة في العالم على الاعتداد بنتائج مثل هذا التصويت بمفرده حول قضايا سياسية مهمة. وحتى في حال قرر الدبيبة اللجوء للاستفتاء الشعبي على مسودة الدستور وفقاً للطرق الاعتيادية، فالأمر سيواجه بصعوبات»، حسب القماطي.
ويعتقد القماطي أن هدف الدبيبة «إثارة الجدل في الساحة لقطع الطريق على أي محاولة للبعثة الأممية لتدشين حوار سياسي يهدف إلى إقرار خريطة طريق بتوقيتات زمنية لإجراء الانتخابات، أو تشكيل حكومة جديدة وهو ما يعني انتهاء سلطته».
ويعد ملف تشكيل «حكومة موحدة» محل نزاع سياسي، حيث يتمسك رئيس البرلمان، عقيلة صالح، بانتهاء شرعية حكومة الدبيبة، ويسعى لتشكيل حكومة «موحدة جديدة» في البلاد، فيما يرفض الدبيبة تسليم سلطته إلا لحكومة منتخبة.
من جهته، استبعد عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن تكون من بين الخطوات، التي يعتزم الدبيبة اتخاذها للوصول للانتخابات، الاستفتاء على حل مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» كما يردد البعض. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الدبيبة «لم يشر لمثل هذه الخطوة في حديثه، وأعتقد أنه يمكنه فقط بالتنسيق مع المجلس الرئاسي وعبر (مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني) التي أصدر المنفي قراراً بإنشائها، الاستفتاء على مسودة مشروع الدستور المعدل».