تحركات لترتيبات «ما بعد هدنة غزة»

السيسي دعا خلال لقاء رئيسي وزراء إسبانيا وبلجيكا إلى انضمام فلسطين للأمم المتحدة

مباحثات مصرية - إسبانية - بلجيكية في القاهرة بشأن غزة (الرئاسة المصرية)
مباحثات مصرية - إسبانية - بلجيكية في القاهرة بشأن غزة (الرئاسة المصرية)
TT

تحركات لترتيبات «ما بعد هدنة غزة»

مباحثات مصرية - إسبانية - بلجيكية في القاهرة بشأن غزة (الرئاسة المصرية)
مباحثات مصرية - إسبانية - بلجيكية في القاهرة بشأن غزة (الرئاسة المصرية)

لم تكد تمر بضع ساعات على دخول أول هدنة إنسانية في قطاع غزة، حتى بدأت تحركات للتعامل مع مرحلة «ما بعد الهدنة»، إذ تسعى دول عربية وإقليمية، وبدعم من دول أوروبية، لتمديد الهدنة، باتجاه إقرار لـ«وقف إطلاق النار»، ومن ثم التحرك نحو «حلول سياسية» للأزمة.

وفي هذا السياق، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «استمرار الجهود المصرية المبذولة من أجل الوصول إلى حلول نهائية ومستدامة، تحقق العدالة وتفرض السلام وتضمن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة». وأوضح السيسي خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، والبلجيكي ألكسندر دي كرو، عقب مباحثات ثلاثية بالقاهرة، الجمعة، أن «الأولوية الآن هي احتواء التصعيد وتوفير مساعدات لقطاع غزة». وقال السيسي إنه على المجتمع الدولي «الاعتراف بالدولة الفلسطينية وإدخالها الأمم المتحدة»، مشيراً إلى أن إحياء حل الدولتين مطلب لكن يجب التحرك الآن للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وجدد الرئيس المصري موقف بلاده القاطع برفض فكرة تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، مشدداً على أن «الأمر مختلف عن استقبال مصر 9 ملايين من أبناء العديد من الدول مثل سوريا أو العراق أو السودان أو ليبيا في فترات زمنية سابقة». وأشار إلى أن ما يحدث في غزة «أمر خطير وهو تهجير قسري إلى خارج القطاع»، موضحاً أنه «يجب إيجاد مناطق آمنة في كل قطاع غزة لإيواء من فقدوا منازلهم».

ولفت السيسي إلى «ضرورة إدخال كل أنواع المساعدات إلى القطاع»، مشيراً إلى أن معبر رفح «لم ولن يغلق، ولا بد من دخول مساعدات تكفي لمواطني غزة»، مضيفاً أن «مصر قدمت 70 في المائة من المساعدات التي دخلت إلى غزة».

الرئيس المصري ورئيسا وزراء إسبانيا وبلجيكا خلال مؤتمر صحافي في القاهرة (الرئاسة المصرية)

من جانبه، أكد رئيس الوزراء الإسباني على ضرورة إنهاء ما وصفه بـ«الكارثة الإنسانية في غزة»، وشدد على ضرورة استمرار الهدن الإنسانية والانتقال إلى وقف دائم لإطلاق النار. وأوضح خلال المؤتمر الصحافي في القاهرة، الجمعة، على الحاجة إلى «عقد مؤتمر دولي للسلام في أقرب فرصة ممكنة»، مشيراً إلى أن هناك توافقاً عربياً وإسلامياً ودولياً على هذه الفكرة.

بدوره، دعا رئيس الوزراء البلجيكي، إسرائيل، إلى احترام القانون الدولي الإنساني وفتح معابرها مع قطاع غزة، وألا يقتصر دخول المساعدات على معبر رفح المصري، مشدداً على أهمية حماية المدنيين الفلسطينيين وتقديم مساعدات كافية لهم.

كما عقد سانشيز ودي كرو مؤتمراً صحافياً من أمام الجانب المصري لمعبر رفح، جددا خلاله الدعوة إلى إدخال المساعدات، ووجها الشكر للتسهيلات التي تقدمها مصر في هذا الصدد. وقال رئيس الوزراء الإسباني إنه على بعد خطوات في الجانب الآخر من الحدود (قطاع غزة) جرت «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية»، مشيراً إلى أنه «حان الوقت لإنهاء دورة العنف التي تعصف بالمنطقة منذ عقود عبر إقرار حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطينية».

وأعرب رئيس الوزراء البلجيكي عن رفضه لـ«قتل المدنيين»، مضيفاً: «لن نقبل بتدمير غزة»، مشدداً على أنه «لا حل عسكري للصراع»، وأن مؤتمراً دولياً للسلام «يجب أن ينطلق في أقرب وقت ممكن».

وتزامنت زيارة رئيس وزراء إسبانيا الذي تتوالى بلاده الرئاسة الحالية للاتحاد الأوروبي، ونظيره البلجيكي الذي تتولى بلاده الرئاسة المقبلة للاتحاد، مع انطلاق أول هدنة إنسانية في قطاع غزة، التي دخلت حيز التنفيذ صباح الجمعة، بوساطة مصرية-قطرية-أميركية.

وأشار الأمين العام للمجلس المصري للشؤون الخارجية، على الحفني، إلى أهمية الاستثمار الفعال لفترة الهدنة في «محاولة تعزيز جهود تمديد الهدنة لتوفير المناخ المناسب للتفكير في حلول سياسية للأزمة»، مشيراً إلى أن الدبلوماسية المصرية والاتصالات المكثفة التي تقوم بها الأجهزة المعنية «تسعى إلى البناء على ما تحقق والذهاب نحو وقف مستدام لإطلاق النار».

وشدد الحفني على أهمية التحركات الإقليمية والدولية التي تتسارع وتيرتها، سواء بالتوصل إلى أول هدنة إنسانية في القطاع، أو من خلال الجولة الموسعة التي قامت بها لجنة الاتصال العربية - الإسلامية التي تشكلت عقب قمة الرياض الطارئة، وقام وزراء خارجية دول عربية وإسلامية محورية بمقابلات مكثفة في الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، مشيراً إلى أهمية الاستفادة من هذا الزخم للضغط على إسرائيل «كي لا تخرق الهدنة أو تعود لاستئناف العدوان». ولفت إلى أهمية الاستفادة من «تراجع وتيرة الدعم الدولي للموقف الإسرائيلي»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أهمية أن يكون «هناك طرح إقليمي ودولي واضح لاستثمار فرصة التوافق على فكرة مؤتمر دولي للسلام من أجل إعادة التفكير في حلول مستدامة للصراع عبر إقرار حل الدولتين»، لكنه أشار إلى «أهمية أن تقتنع الولايات المتحدة بهذا الحل كي تضغط على إسرائيل لقبوله».


مقالات ذات صلة

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

المشرق العربي فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

يلتقي الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة) في اجتماع رباعي، الأحد، بروما بمشاركة إسرائيلية، وسط مخاوف من «تجدد العراقيل الإسرائيلية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا)

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن «الضوء الأخضر الذي حصل عليه بنيامين نتنياهو من الإدارة الأميركية جعله يستمر في عدوانه».

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي القوات الإسرائيلية تنسحب من مخيم قلنديا للاجئين قرب رام الله في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

بينهم أطفال... القوات الإسرائيلية تعتقل 40 فلسطينياً من الضفة

شنت القوات الإسرائيلية، الجمعة والسبت، حملة اعتقالات واسعة طالت 40 فلسطينياً على الأقل من الضفة الغربية، بينهم أطفال، وأسرى سابقون.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح في غزة (د.ب.أ)

مقتل 5 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على شمال رفح

قُتل خمسة فلسطينيين وأصيب آخرون، اليوم (السبت)، في قصف إسرائيلي استهدف شمال مدينة رفح في جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ 
ترمب ونتنياهو قبل بدء اجتماعهما أمس (د.ب.أ)

نتنياهو يستكمل «مظلته» الأميركية بلقاء ترمب

بلقائه الرئيس الأميركي السابق، وربما اللاحق، دونالد ترمب، أكمل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، مظلته الأميركية، التي شملت وقفة في الكونغرس

هبة القدسي (واشنطن) نظير مجلي (تل أبيب)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
TT

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصيات على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة؛ وذلك لعرضها على الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لاتخاذ ما يلزم بشأنها.

وتوقّع خبراء شاركوا في جلسات «الحوار الوطني» تحقيق «انفراجة في ملف الحبس الاحتياطي، بالإفراج عن أعداد من المحبوسين منذ مدة طويلة»، مشيرين إلى توافق المشاركين حول «عدم استخدام تدابير الحبس الاحتياطي؛ إلا في أضيق الحدود، والتوسع في تدابير بديلة أخرى ضد المتهمين».

وانتهى «الحوار الوطني» أخيراً من مناقشة قضية «الحبس الاحتياطي»، بمشاركة قانونيين وحقوقيين وممثلي القوى والتيارات السياسية، وأشخاص تعرّضوا للحبس الاحتياطي. وتناولت المناقشات سبل «الحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطي بصفته أحد إجراءات التحقيق، وليس عقوبة ضد المتهمين».

مشاركون في جلسات ملف «الحبس الاحتياطي» بمصر (الحوار الوطني)

وأشار «مجلس أمناء الحوار الوطني»، في إفادة مساء الجمعة، إلى «تلقيه أوراق عمل من القوى السياسية، ثم تعقبه صياغة تقرير نهائي بالتوصيات، يجري رفعه إلى الرئيس». ولفت بيان المجلس إلى أنه «تم الاستماع خلال جلسات الحوار إلى كل وجهات النظر بشأن الحبس الاحتياطي، والوضع القانوني القائم حالياً، ومقترحات التطوير المختلفة، كما تم استعراض تجارب الدول الأخرى، دون مصادرة لرأي أو حجر على فكرة».

المحامي الحقوقي عضو «مجلس أمناء الحوار الوطني»، نجاد البرعي، قال إن «لجنة حقوق الإنسان والحريات بالحوار الوطني ستُصيغ تقريراً بالتوصيات والمقترحات، التي تم التوافق عليها، والأخرى التي كانت محل خلاف لرفعها إلى الرئيس»، مشيراً إلى أن «هناك أملاً في تحقيق انفراجة بملف الحبس الاحتياطي، مثل الإفراج عن المحبوسين احتياطياً، منذ مدة طويلة».

وأشار البرعي إلى توصيات حظيت بتوافق داخل مناقشات «الحوار الوطني»، منها: «الإفراج عن جميع المحبوسين احتياطياً في السجون حالياً، ووقف الحبس في قضايا الرأي والنشر، مع وضع حد أقصى (مدة زمنية) لإنهاء تحقيقات النيابة المصرية، وإلا يجري إلغاء الدعوى القضائية بعدها»، لافتاً إلى مقترحات جديدة، مثل «تعويض من حُبسوا عن طريق الخطأ بمبلغ يساوي الحد الأدنى للأجور في البلاد (6 آلاف جنيه مصري)، عن كل شهر بمدة الحبس». (الدولار الأميركي يساوي 48.30 جنيه في البنوك المصرية).

وتوقف البرعي مع مقترحات لم تحظ بتوافق المشاركين في «الحوار الوطني»، منها: «حالات الحبس الاحتياطي المكرر، لصعوبة علاجه قانوناً»، إلى جانب «بدائل الحبس الاحتياطي، المطبقة في دول أخرى»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن المشاركين في الجلسات «تداولوا مقترحات تتعلق باستخدام أسورة تتبع ممغنطة، أو تحديد إقامة المتهم، أو تطبيق نظام المراقبة الشرطية»، مبرزاً أنه «لا يستطيع أحد وقف إجراء الحبس الاحتياطي، بصفته (احترازاً قانونياً) في أثناء التحقيقات في القضايا».

وأخلت السلطات المصرية، الأسبوع الماضي، سبيل 79 متهماً من المحبوسين على ذمة قضايا، في خطوة قُوبلت بترحيب قوى سياسية وحزبية.

ورأى رئيس «كتلة الحوار» (كيان سياسي دُشّن من فعاليات الحوار الوطني)، باسل عادل، أن «هناك إرادة سياسية لحلحلة أزمة الحبس الاحتياطي»، متوقعاً «إجراء تعديلات تشريعية على قانون الإجراءات الجنائية، استجابة إلى توصيات مناقشات الحوار الوطني». ولفت لـ«الشرق الأوسط» إلى «وجود إجماع من القوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني على الفصل بين إجراء الحبس الاحتياطي ضد (المتهمين الجنائيين)، والسياسيين». وقال إن هناك مطالب بعدم استخدام الحبس الاحتياطي في «قضايا الرأي وحرية التعبير والتظاهر».

جانب من جلسات ملف «الحبس الاحتياطي» في مصر (الحوار الوطني)

ولفت رئيس «المنظمة العربية لحقوق الإنسان»، علاء شلبي، إلى أن مناقشة قضية الحبس الاحتياطي «عبّرت عن إرادة سياسية تتجه إلى الإفراج عن كل المحبوسين احتياطياً في قضايا عامة خلال الأيام المقبلة». وأشار إلى إجماع المشاركين في مناقشات «الحوار الوطني» حول «رد تدابير الحبس الاحتياطي إلى أصلها بصفتها إجراء احترازياً، يجري استخدامها في أضيق الحدود، والإجماع على استبعاد التوسع في تطبيقها كمّاً وكيفاً، وتكثيف استخدام بدائل للحبس».

وأوضح شلبي لـ«الشرق الأوسط»، أن «مناقشة إشكاليات الحبس الاحتياطي في جلسة خاصة من الحوار الوطني ليست بديلاً عن إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد»، لافتاً إلى أن مجلس الوزراء المصري «أقر في ديسمبر (كانون الأول) 2022 تعديلات على القانون، وانتهت اللجنة النيابية الفنية من مراجعته في أبريل (نيسان) الماضي، وتعهّد رئيس مجلس النواب المصري (البرلمان) في يوليو (تموز) الحالي بمناقشة القانون في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».

وناقش مجلس النواب المصري، في مارس (آذار) الماضي، مشروع قانون بتعديلات تشريعية لتقليص مدد «الحبس الاحتياطي». وتضمّنت التعديلات المقترحة وضع حد أقصى لمدة الحبس الاحتياطي، وتنظيم التعويض عنه، وتقليص مدة الحبس، لتصبح في «قضايا الجنح» 4 أشهر بدلاً من 6 أشهر، وفي «الجنايات» 12 شهراً بدلاً من 18 شهراً، و18 شهراً بدلاً من عامين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة السجن المؤبد أو الإعدام».