ما مخاطر توسيع الحرب جنوب غزة على مصر؟

في ظل رفض القاهرة المطلق لـ«تهجير الفلسطينيين»

ما مخاطر توسيع الحرب جنوب غزة على مصر؟
TT

ما مخاطر توسيع الحرب جنوب غزة على مصر؟

ما مخاطر توسيع الحرب جنوب غزة على مصر؟

تصاعدت التوقعات بازدياد التوتر في علاقات القاهرة وتل أبيب، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي تطوير عملياته العسكرية في غزة باتجاه المناطق الجنوبية للقطاع، وهو ما يتواكب مع حركة نزوح واسعة للسكان الفلسطينيين باتجاه المناطق الجنوبية القريبة من الحدود المصرية، في وقت تتمسك فيه القاهرة بموقفها الرافض للإجراءات الإسرائيلية لكل محاولات تهجير الفلسطينيين «داخل قطاع غزة أو خارجه».

وطالب الجيش الإسرائيلي، الخميس الماضي، سكان الجزء الجنوبي من قطاع غزة، بمغادرة منازلهم، في إشارة إلى توسيع العملية البرية لتصل إلى الجنوب، ونفذت إسرائيل عمليات عدة بمناطق دير البلح وخان يونس جنوب القطاع، كما قصف جيش الاحتلال، الأحد، مناطق بالقرب من مستشفى ناصر الطبي (أكبر مستشفيات جنوب غزة).

وذكرت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية قبل أيام، أن التحذير جاء في وقت تعتقد فيه إسرائيل أن كثيراً من قادة «حماس» تحركوا جنوباً باتجاه خان يونس، أكبر مدينة في جنوب غزة، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن كثير من المسؤولين الغربيين، الأمر الذي قد يشير إلى تصاعد وتيرة الهجمات الإسرائيلية المرتقبة وعنفها.

خان يونس

وتُعد منطقة خان يونس أعرض مناطق غزة بنحو 12 كيلومتراً، ومن الممكن أن يُجبر هجوم إسرائيلي في جنوب قطاع غزة مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين فروا أصلاً من الاجتياح الإسرائيلي لمدينة غزة في الشمال على النزوح مجدداً مع سكان خان يونس، التي يقطنها أكثر من 400 ألف نسمة، ما قد يفاقم الأزمة الإنسانية الحادة بالفعل.

ونزح منذ الهجوم الإسرائيلي على غزة نحو ثُلثي سكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة. وبحسب تقديرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، فإن عدد النازحين المقيمين في مرافق المؤسسة الأممية ارتفع إلى 914 ألفاً، موزعين على 156 مرفقاً أغلبها مدارس.

وقال كاظم أبو خلف، الناطق باسم «الأونروا» لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، الأحد، إن 670 ألفاً من النازحين موجودون في 97 منشأة بمنطقة الوسط وخان يونس ودير البلح، وفي مركز تدريب خان يونس، الذي يُعد أكبر منشآت «الأونروا»، ويوجد به 21700 نازح.

ويشير اللواء نصر سالم، المستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات الاستراتيجية، إلى أن «مساعي قوات الاحتلال للبحث عن الأنفاق التي تقول إن عناصر (حماس) تتحصن فيها تدفعها للاتجاه نحو الجنوب، بعدما فشلت في العثور على شيء له قيمة بالشمال»، مضيفاً أن «تلك الإجراءات ستدفع كثيراً من النازحين إلى الاتجاه جنوباً، وهو ما يمثل جزءاً من مخطط إسرائيل لإزاحة سكان القطاع نحو الأراضي المصرية».

وأوضح سالم لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف المصري الرافض لنزوح الفلسطينيين واضح، وهناك تفهم دولي للرؤية المصرية بهذا الصدد، فضلاً عن تراجع إسرائيل عن تصريحات سابقة بشأن دعوة سكان غزة إلى التوجه نحو الأراضي المصرية، إلا أنه أضاف أن كل ذلك «لا يعول عليه عند اتخاذ القرار المصري القائم على حماية الأمن القومي للدولة».

جريمة حرب

ووصف مسؤولون مصريون في أكثر من مناسبة، «سياسة التهجير القسري» التي تتبعها إسرائيل بأنها «جريمة حرب في حد ذاتها»، وشدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مراراً على أن بلاده «لم ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار»، مؤكداً أن مصر «لن تتهاون في حماية أمنها القومي».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتفقد قوات الجيش بالسويس في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

وخلال زيارته العاصمة الصينية بكين، الاثنين، ضمن اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية، قال وزير الخارجية المصرية، سامح شكري، لنائب الرئيس الصيني ووانج يي، إن «هناك سياسة كانت مُعلنة لتهجير الفلسطينيين من غزة، لكن الموقف المصري والعربي القوي الرافض للتهجير كان بمثابة خط أحمر»، وشدد الوزير المصري على أن «التهجير سوف يهدد السلم والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم».

ويرى الدكتور خالد فهمي، المستشار بمركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة المصرية، أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة «تحمل هدفين؛ أحدهما معلن وهو تعقب عناصر حركة (حماس) وضرب بنيتها العسكرية، والآخر غير معلن، ويتمثل في دفع سكان القطاع إلى النزوح عن أراضيهم وإخلاء القطاع من سكانه أو معظمهم على الأقل».

وأوضح فهمي لـ«الشرق الأوسط»، أن «اتجاه العمليات الإسرائيلية تجاه جنوب غزة سيؤدي لا محالة إلى تصعيد حدة التوتر في المنطقة»، خصوصاً أن جنوب القطاع يحاذي الحدود المصرية، وهو المجال النشط الذي تتحرك فيه قوافل المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح. وواصل فهمي: «تصعيد العمليات والاستهداف الإسرائيلي وفق النمط الذي شهدناه في شمال القطاع قد يؤثر سلباً على تدفق المساعدات، أو يتسبب في ارتكاب أخطاء تؤدي إلى تفاقم الموقف».

ونفذت إسرائيل منذ بدء هجومها على قطاع غزة كثيراً من عمليات القصف في مناطق جنوب غزة، إذ قصفت عدة مرات البوابة الفلسطينية من معبر رفح والطرق المؤدية إليها لعرقلة دخول المساعدات إلى القطاع الفلسطيني من الجانب المصري.

وأعلن المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية، في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن إصابات طفيفة وقعت بعد إصابة أحد أبراج المراقبة على الحدود المصرية بشظايا قذيفة من دبابة إسرائيلية عن طريق الخطأ. وأوضح المتحدث العسكري في بيان، أن «الجانب الإسرائيلي أبدى أسفه على الحادث غير المتعمد فور وقوعه، وجارٍ التحقيق في ملابسات الواقعة».

كما نفذ الجيش الإسرائيلي مطلع الشهر الحالي، عملية توغل مركزة في جنوب قطاع غزة، حيث «اشتبكت قواته مع مجموعة مسلحين خرجت من أحد الأنفاق»، بحسب بيان عسكري إسرائيلي.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وأستراليا يبحثان الأوضاع في غزة

الخليج الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وأستراليا يبحثان الأوضاع في غزة

تلقّى الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، اليوم الأربعاء، اتصالاً هاتفياً من وزيرة الخارجية الأسترالية، بيني وونغ.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي فلسطينيون فارّون من خان يونس يصلون إلى رفح جنوباً بالقرب من حدود قطاع غزة مع مصر (أ.ف.ب) play-circle 01:14

الجيش الإسرائيلي يحاصر خان يونس وسط معارك عنيفة

يحاصر الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأربعاء)، مدينة خان يونس الكبيرة جنوب قطاع غزة، حيث تجري اشتباكات من الأعنف على الأرض منذ بدء الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ مواطن فلسطيني يتفقد سيارته التي احترقت نتيجة غارة لمستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية (رويترز)

مسؤول بالبيت الأبيض يعرب لإسرائيل عن قلقه من عنف المستوطنين في الضفة

أعرب فيل غوردون، مستشار الأمن القومي لنائبة الرئيس كامالا هاريس، عن القلق من الخطوات التي قد تؤدي لتصعيد التوترات في الضفة الغربية، وعنف المستوطنين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي مديرة «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» (USAID) سامانثا باور تتحدث إلى وسائل الإعلام أثناء زيارتها لمركز مساعدة اللاجئين من منطقة ناغورنو كاراباخ في قرية كورنيدزور الحدودية بأرمينيا في 26 سبتمبر 2023 (رويترز)

مسؤولة أميركية وصلت إلى مصر للبحث في مساعدات غزة

وصلت سامانثا باور رئيسة «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» إلى سيناء في مصر، الثلاثاء، وأعلنت تقديم مساعدات إضافية بأكثر من 21 مليون دولار للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري نازحون فلسطينيون من خان يونس إلى رفح اليوم الثلاثاء (د.ب.أ)

تحليل إخباري في التخطيط لـ«اليوم التالي» بعد الحرب… كلٌّ يغنّي على ليلاه

واشنطن تريد سلطة «متجددة» تحكم الضفة وغزة. السلطة تريد أن تحكم وفق اتفاق شامل. إسرائيل بحكومتها الحالية لا تريد حل الدولتين. هذه سيناريوهات لـ«اليوم التالي».

كفاح زبون (رام الله)

«الدعم» تتهم الجيش بتدمير مصفاة البترول الرئيسية بالسودان

«الدعم» تتهم الجيش بتدمير مصفاة البترول الرئيسية بالسودان
TT

«الدعم» تتهم الجيش بتدمير مصفاة البترول الرئيسية بالسودان

«الدعم» تتهم الجيش بتدمير مصفاة البترول الرئيسية بالسودان

اتهمت «قوات الدعم السريع» في السودان، الجيش بقصف «مصفاة الجيلي» للبترول، شمال مدينة بحري بالعاصمة الخرطوم، وتدميرها بالكامل، «بعد استهدافها من الطيران الحربي». وتسيطر «قوات الدعم»، منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، على «مصفاة الجيلي» التي تُغذِّي مستودعات الوقود، وتنتج نحو 70 في المائة من احتياجات البلاد.

ولم يصدر الجيش السوداني تعليقاً سريعاً على الاتهامات الموجّهة إليه، لكنه و«قوات الدعم» عادةً ما يتبادلان إلقاء المسؤولية بشأن عمليات تدمير البنى التحتية، واستهداف المدنيين. وأدانت «قوات الدعم»، في بيان على منصة «إكس (تويتر سابقاً)»، ما وصفته بـ«التصرفات البربرية» التي ظل «ينتهجها فلول النظام المعزول وأعوانهم التي تخالف كل القوانين الدولية، بما في ذلك اتفاقيات جنيف وإعلان جدة». وقالت: «إن عمليات التدمير المُمَنهج للمنشآت العامة والبنية التحتية الحيوية تؤكد، وبشكل قاطع، أن هذه الطغمة الفاسدة تستهدف، في المقام الأول، الشعب السوداني في مُقدّراته وممتلكاته». وأضافت: «نكشف عن هذه الجرائم لميليشيا البرهان، وكتائب النظام البائد الإرهابية، لنضع المجتمع الدولي والإقليمي أمام مسؤولياته لإدانة هذه الجرائم المتواصلة ضد الشعب السوداني».


انتظام خدمات الإنترنت في مصر بعد عطل طارئ

صورة عامة من العاصمة المصرية القاهرة (أ.ف.ب)
صورة عامة من العاصمة المصرية القاهرة (أ.ف.ب)
TT

انتظام خدمات الإنترنت في مصر بعد عطل طارئ

صورة عامة من العاصمة المصرية القاهرة (أ.ف.ب)
صورة عامة من العاصمة المصرية القاهرة (أ.ف.ب)

أعلنت الشركة المصرية للاتصالات اليوم (الأربعاء) انتظام خدمة الإنترنت بالكامل على مستوى مصر.

كانت الشركة قد أعلنت أمس تأثر خدمات الإنترنت في عدة مناطق ببعض المحافظات المصرية، نتيجة عطل تقني بأحد أجهزة الشبكة الرئيسية، وفقاً لما ذكرته «وكالة أنباء العالم العربي».

ونفت الشركة في بيان، اليوم، وجود قطع بأحد الكابلات البحرية، بينما أعربت عن اعتذارها للعملاء عن هذا العطل الذي وصفته بالطارئ.

وقالت الشركة في البيان إنها ستعوّض مستخدمي الخدمة المتضررين وغير المتضررين، بإضافة 10 غيغابايت للاستخدام لجميع الباقات.

ويقدر عدد مستخدمي الإنترنت في البلاد بنحو 85.8 مليون مستخدم حتى مايو (أيار) الماضي، منهم نحو 11.3 مليون مستخدم للإنترنت الثابت، وفقاً لتقرير أصدرته وزارة الاتصالات في أغسطس (آب).


قوش والمولى والحسين... «رجال البشير الأقوياء» تحت سيف عقوبات واشنطن

(من اليمين) محمد عطا المولى وعثمان الحسين وصلاح قوش
(من اليمين) محمد عطا المولى وعثمان الحسين وصلاح قوش
TT

قوش والمولى والحسين... «رجال البشير الأقوياء» تحت سيف عقوبات واشنطن

(من اليمين) محمد عطا المولى وعثمان الحسين وصلاح قوش
(من اليمين) محمد عطا المولى وعثمان الحسين وصلاح قوش

أعاد إعلان وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على ثلاث شخصيات قوية بارزة من أركان حكم الرئيس السوداني السابق عمر البشير، تسليط الضوء على أدوارهم قبيل وبعد «ثورة عام 2019» التي أطاحت بحكمه، خصوصاً أن اتهامات واشنطن بحقهم لم تقتصر على فترة حكم النظام السابق، بل امتدت إلى ممارساتهم بعد الإطاحة به.

والمسؤولون النافذون المعاقبون أميركياً هم: الرئيس السابق لجهاز الأمن ورجل المخابرات صلاح عبد الله الشهير بـ«قوش»، وغريمه الذي تبادل معه رئاسة جهاز الأمن أيضاً محمد عطا المولى، وثالثاً جاء مدير مكاتب البشير، الوزير السابق، طه عثمان الحسين.

ورغم اختلاف مصالحهم حيناً بل والتصارع بين بعضهم أحياناً؛ فإن سيف العقوبات الأميركية التي أعلنت (مساء الاثنين)، جمع الزملاء والأفرقاء السودانيين الثلاثة، وتضمن البيان الأميركي اتهامات للثلاثي بأنهم «لعبوا دوراً في تقويض الأمن والاستقرار في البلاد»، مستنداً في ذلك إلى أمر تنفيذي يقضي بعقوبات على من يزعزعون الاستقرار ويقوضون الديمقراطية في السودان.

وحمّلت الخزانة الأميركية كلاً من قوش، وعطا المولى، المسؤولية عن «إعادة عناصر النظام السابق للسلطة، وتقويض جهود إنشاء الحكومة المدنية»، بينما وجهت لطه اتهامات بـ«تسهيل الدعم العسكري والمادي لـ(قوات الدعم السريع)».

وبقرار «الخزانة الأميركية»، انضم الرجال الثلاثة إلى قائمة العقوبات المفروضة على مسؤولين سابقين أشهرهم «رجل الإسلاميين» علي أحمد كرتي «المتهم بالوقوف خلف انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول)» 2021 بقيادة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، و«حرب 15 أبريل (نيسان)» الماضي بين الجيش و«الدعم السريع»، وكذلك الرجل الثاني بقوات «الدعم السريع» عبد الرحيم دقلو.

فمن هم الرجال الثلاثة الأحدث خضوعاً للعقوبات الأميركية؟ وماذا يعرف السودانيون عنهم؟

الصندوق الأسود

يُنظر إلى «صلاح قوش» باعتباره أحد أركان «الحركة الإسلامية الاستخبارية» منذ أن كانت سرية، إلى أن تمت تسميته عام 1999 مديراً لجهاز المخابرات العامة وامتد عمله لفترتين امتدتا لأكثر من عقد. وبعد إقالته وسجنه أعيد مديراً للجهاز مرة أخرى في 11 فبراير (شباط) 2018، وظل في المنصب حتى سقوط «نظام الإسلاميين» بقيادة البشير في 11 أبريل 2019.

وطوال فترة رئاسته للجهاز الأخطر في البلاد، اتُهم «قوش» بانتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان في البلاد، وجرائم ضد المدنيين في الخرطوم ودارفور، وشملت لائحة اتهاماته: «الاعتقال، والتعذيب، والقتل خارج نطاق القانون»، وكان يُنظر إلى ممارسات الجهاز في عهده باعتبارها «مثيرة للرعب».

لم يعتد قوش السكون حتى بعد خروجه من المنصب، وجرّب ذلك في عهد البشير، إذ بعدما خرج من رئاسة جهاز الاستخبارات للمرة الأولى، تمت تسميته مستشاراً أمنياً لرئاسة الجمهورية، ومرة ثانية اتهم بالضلوع في محاولة انقلابية ضد البشير بالاشتراك مع ضباط في الجيش عام 2013، فأقيل من منصبه ووضع في الحبس إلى أن تم الإفراج عنه بعفو رئاسي.

مكنت القدرات الخاصة لقوش الرجل من استعادة عافيته مطلع عام 2018، ووسط دهشة الجميع، أصدر البشير قراراً أطاح فيه برئيس جهاز المخابرات محمد عطا المولى (المعاقب أميركياً أيضاً)، وأعاد تعيين «قوش» رئيساً للجهاز، وظل رئيساً لجهاز الأمن والمخابرات في دورته الثانية حتى سقوط حكم البشير الذي كان يأمل في أن يُفلح قوش في قمع الاحتجاجات المبكرة ضد حكمه، لكنه لم يُفلح في قمع «الثورة»، برغم العنف الذي واجه به المحتجين السلميين وأدى إلى مقتل العشرات.

وبسبب منصب قوش على رأس جهاز المخابرات السودانية المتشابك مع قطاعات واسعة من قوى التطرف وجماعات العنف التي كان السودان موئلاً لبعضها، تمكن الرجل من بناء علاقة خاصة مع «وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA)» تجاوزت حالة العداء العلني بين نظام البشير وواشنطن، والحصار والعقوبات الاقتصادية والتجارية التي تفرضها الأخيرة على الدولة المصنفة ضمن الدول الراعية للإرهاب.

أدار قوش علاقات حكومته الإسلامية مع الحركات المتطرفة، وخلق علاقات قوية معها، بما في ذلك استضافة زعيم القاعدة أسامة بن لادن، و«الإرهابي كارلوس» وغيرهما، لكنه وظف معلوماته لتعضيد العلاقة مع الـ«سي آي إي». إلى حد اتهامه من قبل مناوئيه بأنه «غدر بحلفائه المتطرفين، وسلم ملفاتهم كاملة للوكالة الأميركية»، لكن ذلك على أي حال لم يمنع واشنطن بعد سقوط البشير من حظر سفر قوش إلى الولايات المتحدة.

حاول قوش «تسلق الثورة» كما يرى البعض، بعد أن تيقن من سقوط حكم البشير بالتواصل مع بعض القوى السياسية مبدياً استعداده لدعمها، مقابل ضمان وجوده في المرحلة المقبلة، لكن الضغوط الشعبية أطاحت به، فاضطر للاستقالة من منصبه الأمني، وقبل القبض عليه وتقديمه لمحاكمة مزمعة «تسلل» الرجل إلى خارج البلاد، وخلال العام الماضي راجت صورة له أثناء لقائه مع بعثة لفريق سوداني أثناء وجودها في القاهرة.

الرجل الثاني

وكما جمعت العقوبات الأميركية بين قوش والفريق محمد عطا المولى، فإن الثاني جاء في رئاسة جهاز المخابرات السوداني خلفاً للأول، بعدما كان يشغل موقع النائب له، وكان بمثابة الرجل الثاني في جهاز المخابرات خلال عهد قوش.

ويُعتقد على نطاق واسع أن ثالث المعاقبين مدير مكاتب البشير طه عثمان الحسين، الذي لعب دوراً مهماً في إقالة قوش وتعيين عطا المولى بديلاً له.

وشكّل الرجلان (المولى، والحسين)، تحالفاً صلباً بعد إطاحة قوش، ظل يتحكم في جهاز الدولة وأجهزتها الأمنية بخاتم البشير. لكن حاكم السودان فاجأهم مجدداً وأعاد تعيين قوش مديراً لجهاز الأمن والاستخبارات، وأبعد المولى سفيراً للخرطوم في واشنطن فظل هناك حتى سقوط حكم البشير، وتردد أن خلافات البشير ونائبه بكري حسن صالح، أدت لإطاحة عطا المولى المحسوب على النائب.

مدير المكاتب

في 9 يونيو (حزيران) 2015 أصدر البشير مرسوماً عين بموجبه الفريق أمن، طه عثمان الحسين، وزير دولة ومديراً عاماً لمكاتب الرئيس برئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء، بصلاحيات ونفوذ واسعين، وتردد على نطاق واسع أن طه بمعاونة عطا المولى لعب دوراً مهماً في الكيد لقوش ما دفع الرئيس البشير لإقالته.

تزايد نفوذ مدير مكاتب الرئيس كثيراً، وأصبح هو الحاكم الفعلي للبلاد، وفقاً لتسريبات من مناوئيه الإسلاميين، كما أصبح مسيطراً على المشهد السياسي؛ وإزاء هذه الحملات اضطر البشير لإعفائه من منصبه وتعيين قريبه حاتم حسن بخيت مكانه.


ما تأثير مشاركة يمامة وزهران وعمر في «رئاسية مصر» على مستقبل أحزابهم؟

حازم عمر خلال مؤتمر له (حملته)
حازم عمر خلال مؤتمر له (حملته)
TT

ما تأثير مشاركة يمامة وزهران وعمر في «رئاسية مصر» على مستقبل أحزابهم؟

حازم عمر خلال مؤتمر له (حملته)
حازم عمر خلال مؤتمر له (حملته)

مع اقتراب إجراء الانتخابات الرئاسية المصرية، في الداخل المصري، المقرر لها الأحد المقبل لمدة ثلاثة أيام، أثيرت تساؤلات حول مدى تأثير مشاركة المرشحين الثلاثة عبد السند يمامة، رئيس حزب «الوفد»، وفريد زهران، رئيس «الحزب المصري الديمقراطي»، وحازم عمر، رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، في الانتخابات الرئاسية، على نشاط أحزابهم عقب انتهاء السباق الرئاسي.

وأدلى المصريون في الخارج بأصواتهم في الانتخابات أيام 1 و2 و3 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من خلال 137 مقراً انتخابياً بالسفارات والقنصليات المصرية لدى 121 دولة، في حين تجرى الانتخابات في داخل مصر أيام 10 و11 و12 من الشهر ذاته. ويخوض سباق المنافسة في الاستحقاق الرئاسي المصري، إلى جانب الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، زهران، ويمامة، وعمر.

وشكلت الانتخابات الرئاسية فرصة للمرشحين رؤساء الأحزاب الثلاثة للظهور الإعلامي في البرامج التلفزيونية والاحتكاك بالجماهير في الشارع المصري أكثر عبر المؤتمرات الانتخابية.

فريد زهران في أحد المؤتمرات (حملته)

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، أن مشاركة رؤساء الأحزاب الثلاثة «حققت مكاسب عدة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المرشحين الثلاثة زهران، ويمامة، وعمر، ربحوا من المشاركة في انتخابات الرئاسة؛ فقد قدموا أنفسهم للساحة السياسية والإعلامية والجمهور»، ولذلك فإن «مشاركتهم ستنعكس إيجابياً على نشاط أحزابهم عقب انتهاء الانتخابات، وستفرض على هذه الأحزاب الظهور والاحتكاك بالجماهير واستثمار ما تم وتطوير برامجها». وبحسب فهمي، فإن «المرشحين الثلاثة أعادوا تقديم أنفسهم للرأي العام خلال فترة الدعاية الانتخابية، واكتسبوا على المستوى الشخصي خبرات عدة، منها تطوير آلياتهم للتواصل مع المصريين، وإدارة السباق الانتخابي وتنظيم المؤتمرات، مما قد يؤهلهم للاستفادة من ذلك في المستقبل».

ويمتلك حزب «الوفد» 50 مقعداً في مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان)، و17 مقعداً في مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، ويعد من أقدم الأحزاب المصرية؛ إذ يعود تأسيسه إلى عام 1919 بقيادة الزعيم سعد زغلول، وظل «حزب الأغلبية» حتى قيام ثورة 1952 التي ألغت نظام الأحزاب، وأعيد تأسيسه عام 1978 تحت اسم «حزب الوفد الجديد» في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات عقب عودة نظام الأحزاب.

عبد السند يمامة يتحدث في أحد المؤتمرات (حملته)

ولدى الحزب «المصري الديمقراطي الاجتماعي» 7 مقاعد في مجلس النواب، و3 مقاعد في مجلس الشيوخ، وتأسس عام 2011. أما حزب «الشعب الجمهوري»، فقد تأسس عام 2012، ولدى الحزب 50 نائباً في مجلس النواب، و17 في «الشيوخ».

إلى ذلك، كثف المرشحون دعايتهم الانتخابية، الثلاثاء، عبر اللقاءات التلفزيونية والمؤتمرات الانتخابية بالمحافظات المصرية المختلفة، والتي تستمر بداخل مصر حتى الجمعة المقبل 8 ديسمبر الحالي، حيث يبدأ الصمت الانتخابي قبل يومين من بدء التصويت بالداخل.

في السياق، وصف المقرر المساعد للمحور السياسي بـ«الحوار الوطني» المصري، الدكتور مصطفى كامل السيد، مشاركة زهران ويمامة وعمر في الانتخابات الرئاسية بـ«الفرصة الجيدة لتطوير أداء أحزابهم». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لدى الأحزاب الثلاثة فرصة جيدة لتوسيع نشاط أحزابهم عقب الانتخابات الرئاسية، وسيكون لديهم مساحة أكبر للتواصل مع الجماهير». وأضاف السيد أن «رؤساء الأحزاب الثلاثة اكتسبوا خبرات سياسية من المشاركة، سواء في تنظيم المؤتمرات، أو اختيار اللغة المناسبة للتواصل مع الجمهور للتعبير عن رؤيتهم».


ما سيناريوهات عودة التحركات المصرية - الأميركية لوقف الحرب في غزة؟

السيسي خلال مباحثات مع كامالا هاريس في دبي السبت الماضي (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال مباحثات مع كامالا هاريس في دبي السبت الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

ما سيناريوهات عودة التحركات المصرية - الأميركية لوقف الحرب في غزة؟

السيسي خلال مباحثات مع كامالا هاريس في دبي السبت الماضي (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال مباحثات مع كامالا هاريس في دبي السبت الماضي (الرئاسة المصرية)

بدأ وزير الخارجية المصري، سامح شكري، زيارة إلى العاصمة الأميركية، واشنطن، تستهدف «دفع وتعزيز العلاقات الاستراتيجية» على المستوى الثنائي، كما تتضمن المشاركة في أعمال الوفد الوزاري العربي الإسلامي، الذي سيُجري محادثات مكثفة مع مسؤولي الإدارة الأميركية وقيادات الكونغرس بشأن تصاعد الأزمة في قطاع غزة، والمساعي المصرية القطرية الأميركية لاستعادة التهدئة.

وتوجه شكري الثلاثاء إلى واشنطن، وذلك في زيارة ثنائية يلتقي خلالها عدداً من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، بما في ذلك رؤساء وأعضاء اللجان المعنية بالسياسة الخارجية في الكونغرس الأميركي، وذلك بهدف دفع وتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وفق ما أفاد بيان للخارجية المصرية.

وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، أن الزيارة تشمل أيضاً عقد لقاءات مع عدد من مراكز الفكر والأبحاث الأميركية، بالإضافة إلى المشاركة في لقاءات إعلامية، موضحاً أن الزيارة سيعقبها انضمام شكري للوفد الوزاري العربي الإسلامي المقرر أن يزور واشنطن في السابع من الشهر الحالي، حيث سيعقد الوفد لقاءات مع وزير الخارجية الأميركي وعدد من أعضاء الكونغرس ووسائل الإعلام الأميركية؛ سعياً لوقف الحرب الدائرة في قطاع غزة؛ واتصالاً بالتكليف الصادر عن القمة العربية الإسلامية الأخيرة.

وتسعى مصر بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة لاستعادة التهدئة في غزة، في أعقاب انهيار الهدنة الإنسانية الأولى التي دخلت حيز التنفيذ في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بوساطة من الدول الثلاث بعد 48 يوما من القصف الإسرائيلي العنيف للقطاع.

ولم تدم الهدنة سوى أسبوع قبل أن تستأنف قوات الاحتلال الإسرائيلي عملياتها العسكرية، بعد تبادل للاتهامات مع «حركة حماس» عن المتسبب في انهيار الهدنة.

وأكدت مصر وقطر في تصريحات متزامنة استمرارهما في السعي من أجل الوساطة بين إسرائيل و«حركة حماس» من أجل التوصل إلى هدنة إنسانية جديدة، وسط تصاعد للأزمة الإنسانية في القطاع.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية بالقاهرة، ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، طارق فهمي، أن زيارة وزير الخارجية المصري إلى واشنطن ستكون ذات أجندة محددة تركز على تأكيد المواقف المصرية الرافضة لمشروع التهجير القسري للفلسطينيين، وتوضيح المخاطر الجسيمة إقليمياً جراء استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية الراهنة.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن قنوات الاتصال الدبلوماسية والأمنية بين القاهرة وواشنطن «لم تتوقف»، وأن تنسيقاً رفيع المستوى يجري من أجل دفع الإدارة الأميركية لممارسة ضغط جاد وحقيقي على الحكومة الإسرائيلية، سيما وأنه حتى الآن لا تزال المواقف الأميركية «تراوح مكانها ولا تريد أن تذهب بعيدا في الضغط على حكومة الحرب الإسرائيلية لحسابات أميركية داخلية»، وهو ما يحول، في تقديره، دون توقع تغير حقيقي على الأرض على الأقل في المدى القصير، خاصة في أعقاب انسحاب إسرائيل من مفاوضات الدوحة الأمنية.

وكانت العاصمة القطرية قد استضافت خلال الأسبوع الماضي اجتماعات أمنية رفيعة المستوى بين قادة أجهزة الاستخبارات في مصر والولايات المتحدة وإسرائيل، إضافة لمسؤولين قطريين لبحث سبل تمديد الهدنة، قبل أن يقرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، استدعاء وفد الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد» من المفاوضات.

دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)

بدوره أشار مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، جمال بيومي، إلى أن زيارة شكري وبعدها زيارة الوفد الوزاري العربي الإسلامي تستهدف استعادة «بعض التوازن» في الموقف الأميركي، لافتا إلى صعوبة أن تغير الولايات المتحدة موقفها بدرجة كبيرة في المرحلة الراهنة.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الزيارة تستهدف تذكيرا للإدارة الأميركية ودوائر صنع السياسة هناك بأهمية العلاقات الاستراتيجية مع مصر والدول العربية، وأن التضحية بتلك المصالح من أجل الدعم المطلق لإسرائيل «أمر يتطلب المراجعة».

وشدّد على أن المخاوف المصرية من سيناريو التهجير القسري للفلسطينيين «ستكون محل نقاش»، لافتا إلى المواقف المعلنة من جانب رموز الإدارة الأميركية برفض أي تحركات إسرائيلية في هذا الصدد، كما أعرب عن توقعه بأن تكون للزيارة إلى واشنطن «نتائج مباشرة» تسهم في حلحلة الأزمة المحتدمة في قطاع غزة.

يُذكر أن الرئيس الأميركي جو بايدن أكد في اتصال هاتفي مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، الشهر الماضي، أن الولايات المتحدة «لن تسمح بأي حال من الأحوال بالتهجير القسري للفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية، أو إعادة رسم حدود غزة».

في المقابل، أكد الرئيس المصري موقف مصر الثابت برفض سياسات العقاب الجماعي والتهجير، مؤكداً أن مصر «لم ولن تسمح بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية»، وفق بيان للرئاسة المصرية.

كما أكد السيسي ونائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، خلال لقاء على هامش «قمة المناخ» في دبي، السبت، خطورة الموقف الحالي في غزة وضرورة العمل على الحيلولة دون اتساع دائرة النزاع، كما شددا، وفق بيان للرئاسة المصرية، على ضرورة حماية المدنيين ومنع استهدافهم، ورفض البلدين القاطع للتهجير القسري للفلسطينيين.


«التقدم والاشتراكية» المغربي يقدم مقترحاته بشأن تعديل قانون الأسرة

نبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية رفقة أعضاء من حزبه خلال تقديم مقترحات الحزب (الشرق الأوسط)
نبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية رفقة أعضاء من حزبه خلال تقديم مقترحات الحزب (الشرق الأوسط)
TT

«التقدم والاشتراكية» المغربي يقدم مقترحاته بشأن تعديل قانون الأسرة

نبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية رفقة أعضاء من حزبه خلال تقديم مقترحات الحزب (الشرق الأوسط)
نبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية رفقة أعضاء من حزبه خلال تقديم مقترحات الحزب (الشرق الأوسط)

تقدم حزب التقدم والاشتراكية المغربي (معارضة برلمانية) بمقترح مثير يقضي بالمساواة في الالتزام بفترة العدة بين الرجل والمرأة. وطالب في مذكرة، قدّمها في لقاء صحافي بمقره بالرباط، تضمنت مقترحاته لتعديل مدونة (قانون) الأسرة، بمراجعة مسألة العدة، «وتجاوز التصور التقليدي» لها، من خلال اللجوء إلى الوسائل العلمية الحديثة للتأكد من وجود حمل من عدمه، إعمالاً لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة.

ودعا الحزب، ذو التوجه اليساري، إلى عدم السماح للرجل بالزواج هو أيضاً خلال فترة العدة، معتبراً أن إقرار المساواة بين الزوجين يتطلب أن يكتسبا الحق في زواج جديد داخل الآجال نفسها، ووفق المقتضيات القانونية نفسها، التي تسري عليهما معاً حتى يتمكنا من أخذ الوقت الكافي، واتخاذ القرار المناسب في حالة ثبوت وجود حمل.

في السياق ذاته، دعا الحزب إلى إقرار المساواة، بالتنصيص على أن يكون الطلاق بائناً في كل الأحوال، حتى لا تظل المرأة تحت رحمة الرجل بعد طلاقها خلال مدة العدة، وإلى إعادة النظر في المقتضى الذي يفيد بأنه إذا رغب الزوج في إرجاع زوجته المطلقة طلاقاً رجعياً، فإنه يكتفي بإشهاد عدلين، وإذا رفضت الزوجة تكون ملزمة باللجوء إلى مسطرة الشقاق.

وبخصوص موضوع زواج القاصرات، دعا الحزب إلى منعه مطلقاً، وقال إن هناك تنامياً واستفحالاً لظاهرة تزويج القاصرات وبلوغها مستويات قياسية، وجد مقلقة حسب الإحصائيات المعلن عنها رسمياً، التي تسير في اتجاه معاكس للتحولات المجتمعية. واعتبر أن الظاهرة تعكس انتهاكاً صارخاً لحقوق الطفل، وتجاهلاً لمصلحته الفضلى بشكل تعسفي وواسع، وتهدد استقرار الأسر وتوازنها. ولهذا «بات من المستعجل والضروري إلغاء الاستثناء قطعياً ونهائياً»، في إشارة إلى أن مدونة الأسرة المغربية تنص على أن سن الزواج هو 18 سنة، لكن الاستثناء يمكن القاضي من الموافقة على زواج القاصر.

وحسب مذكرة الحزب، فإن زواج القاصر يقترب بشكل أو بآخر من «أنواع الرق المعاصرة، ويجسد مظهراً من مظاهر الاتجار في البشر»، ما يستوجب تجريمه عبر ترتيب العقوبات الزجرية الكفيلة بمحاربته. وبخصوص تعدد الزوجات، دعا الحزب أيضاً إلى منعه، معتبراً أنه يشكل أحد مكامن الخلل الواجب تجاوزها، عبر إلغائه ومنعه منعاً نهائياً ومطلقاً، لأنه يجسد «أحد أسوأ أشكال التمييز والعنف القانوني ضد المرأة، ويحط من كرامتها وإنسانيتها، ويكرس مظهراً من مظاهر الاستعباد في صيغه الجديدة، ويضرب في العمق كل المقتضيات المتعلقة بالمساواة بين الرجل والمرأة». كما دعا الحزب إلى جعل الأسرة تحت رعاية الزوجين معاً، بما يعني انعدام أي تراتبية بين الزوج والزوجة، وبالتالي انتفاء مفهوم القوامة الذي يظهر في مجموعة من مقتضيات المدونة الحالية.

واعتبر الحزب أنه يتوجب مراجعة الإطار المفاهيمي، عبر القطع مع المفاهيم التقليدية المتجاوزة، والصيغ اللغوية التي من شأنها وضع المرأة «في خانة الدونية مقارنة مع الرجل»، ومع أي تعبير من شأنه أن يجعل منها مجرد مفعول به في هذه المؤسسة من قبيل المتعة.

أما بخصوص إثبات النسب، فقد دعا الحزب إلى اعتماد الخبرة الجينية في إثبات نسب الأطفال المولودين خارج إطار الزواج، معتبراً أنه أصبح من الضروري حماية الأطفال المولودين خارج إطار الزواج، وضمان حقوقهم الأساسية على قدم المساواة مع باقي الأطفال، بدءاً بإلغاء التمييز بين البنوة والنسب، وآثارهما المتعلقة بالأب والأم كليهما، ثم اعتماد الخبرة الجينية في إثبات النسب، وإقرار حق الطفل فيه، بصرف النظر عن إطار العلاقة التي تربط بين والديه البيولوجيين، وبالتالي اكتساب كل الحقوق المترتبة عن اكتساب النسب، وتحميل الدولة مصاريف إجراء هذه الخبرة في حالة تعذر دفع تكاليفها.

واعتبر الحزب أن إهدار حق الطفل في النسب في حالة رفض الأب البيولوجي الإقرار بنسبه إليه يعد تمييزاً صارخاً وانتهاكاً لحقوقه، وتمييزاً كذلك بين الرجل والمرأة في تحمل مسؤولية أطفالهما، حيث يعفي الأب البيولوجي إعفاء تاماً من أي التزام قانوني أو مالي أو معنوي تجاه ابنه، وتظل الأم وحدها مسؤولة عنه.

في سياق آخر، دعا الحزب إلى إصلاح مؤسسة الصلح وإحداث آلية الوساطة الاجتماعية، في ظل واقع أصبح يتسم بكثرة الطلاق. وخلص إلى أنه أصبح من الضروري اليوم التفكير في تأطير الوساطة الأسرية لتساهم في تعزيز وتنويع صيغ الاستشارة في النزاعات الأسرية، قبل اللجوء إلى تحكيم القضاء، وأن تأخذ بعين الاعتبار الاختلالات التي شابت مسطرة الصلح في السابق.


مثول محامية أمام القضاء التونسي بسبب ملف «التآمر ضد أمن الدولة»

جانب من الوقفة التضامنية مع دليلة مصدق (موقع جبهة الخلاص)
جانب من الوقفة التضامنية مع دليلة مصدق (موقع جبهة الخلاص)
TT

مثول محامية أمام القضاء التونسي بسبب ملف «التآمر ضد أمن الدولة»

جانب من الوقفة التضامنية مع دليلة مصدق (موقع جبهة الخلاص)
جانب من الوقفة التضامنية مع دليلة مصدق (موقع جبهة الخلاص)

مثلت المحامية التونسية دليلة مصدق بن مبارك، عضو هيئة الدفاع عن الموقوفين في ملف «التآمر ضد أمن الدولة»، (الثلاثاء)، أمام المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، على خلفية تصريحات أدلت بها على قناة تونسية حول قضية المساجين السياسيين، كما أُحيل معها في القضية نفسها الصحافي برهان بسيس، الذي يعمل بالقناة ذاتها.

وتنديداً بما تتعرّض له مصدق وغيرها من الناشطين السياسيين، من مضايقات وحظر لتقديم أي معلومات حول ملف التآمر وحول وضعية المتهمين، نظمت «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة (الثلاثاء)، وقفة تضامنيّة أمام مقر المحكمة الابتدائيّة لمُساندة المتهمين، والتنديد بما تتعرّض له مصدق من «مضايقات واستهداف مُمنهج، تحت طائلة المرسوم الرئاسي 54 على خلفيّة تصريحات إعلامية، تتعلق بقضية (التآمر على أمن الدولة)».

في هذا السياق، كشف أحمد نجيب الشابي، رئيس «جبهة الخلاص الوطني»، عن إحالة عدد آخر من المحامين، من بينهم إسلام حمزة وعبد العزيز الصيد، إلى التحقيق؛ بسبب تصريحات إعلامية أدلوا بها حول قضية المعتقلين السياسيّين. وقال إن ذلك يُمثّل «إمعاناً في محاصرة حرية التعبير، واستهدافاً للمحامين بهدف إخراس أصواتهم، في انتهاك صارخ للحصانة التي منحها القانون للدفاع»، على حد تعبيره.

يذكر أن القضاء التونسي أصدر قراراً يقضي بمنع تداول معلومات حول ملف «التآمر ضد أمن الدولة»، ولاحق كثيراً من المحامين، الذين أدلوا بتصريحات خاصة عند دخول عدد من المعتقلين السياسيين، من بينهم جوهر بن مبارك، شقيق دليلة مصدق، وراشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة»، وعصام الشابي رئيس «الحزب الجمهوري»، في إضراب عن الطعام داخل غرف اعتقالهم في السجن المدني.

وكان هؤلاء المحامين قد طالبوا بفتح تحقيقات ضد المعتقلين، وتحديد التهم الموجهة لهم بدقة، بالاعتماد على حجج وأدلة قانونية، بعد اعتقال دام 6 أشهر للمعتقلين جميعاً، وتمديد أول بالسجن لمدة 4 أشهر لبعض المعتقلين، ولمرتين بأربعة أشهر للبعض الآخر.

من جهة ثانية، أصدرت محكمة بوسط العاصمة تونس، قرار إيداع بسجن رجل الأعمال والرئيس الأسبق لنادي النجم الساحلي رضا شرف الدين؛ بسبب جرائم مالية، وفق ما صرح به محاموه اليوم (الثلاثاء). وقال المحامي جمال الحاجي إن شرف الدين «يواجه تهم غسل الأموال، وارتكاب جرائم جمركية وصرفية، وتهرب ضريبي».

وتم إيقاف شرف الدين، وهو رجل أعمال معروف في القطاع الصحي ونائب سابق في البرلمان، منذ 26 يوماً للتحقيق في شبهة التآمر على أمن الدولة أيضاً لكن لم توجه له تهم. وقال محاميه لإذاعة «شمس إف إم» الخاصة، إن هيئة الدفاع تقدمت بمطلب صلح للجمارك لمعرفة ما المطلوب من شرف الدين.

ويقبع في السجون التونسية العشرات من السياسيين ورجال الأعمال في حملة إيقافات منذ أشهر، بتهم تتعلق بفساد مالي وشبهة التآمر على أمن الدولة. لكن المعارضة تقول إن التهم ملفقة وسياسية، وتتهم الرئيس التونسي قيس سعيد بممارسة ضغوط على السلطة القضائية.

في حين يردد سعيد، الذي أطاح النظام السياسي القائم قبل 2021، بأنه يريد «تصحيح مسار الثورة، ومكافحة الفساد والفوضى بمؤسسات الدولة».


تراشق لفظي بين «ويجز» ووائل غنيم يُثير الاهتمام في مصر

«ويجز» (صفحته على فيسبوك)
«ويجز» (صفحته على فيسبوك)
TT

تراشق لفظي بين «ويجز» ووائل غنيم يُثير الاهتمام في مصر

«ويجز» (صفحته على فيسبوك)
«ويجز» (صفحته على فيسبوك)

أثار التراشق اللفظي بين الناشط السياسي المصري وائل غنيم، ومطرب الراب المصري «ويجز» حول حرب غزة، اهتمام متابعي مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وتصدرت تدوينات واسما غنيم و«ويجز» محركات البحث على «غوغل» وعلى منصة «إكس»، الثلاثاء، خصوصاً بعد تعليقات لمتابعين تحدثوا عن أن غنيم أغلق حساباته على «السوشيال ميديا»، وأنه جرى اختراق حساب «ويجز» على «إكس»، ووضع صور لأشخاص آخرين بدلاً من صورته.

بدأ التراشق بتدوينة «ويجز» على «إكس»، تساءل فيها: «لماذا يحق للمواطن الإسرائيلي العيش في الأمان فوق أرض مسروقة، في حين أن مواطنين عزل أبرياء يتعرضون للبشائع الإسرائيلية؟». ووجّه «ويجز» حديثه لغنيم قائلاً: «لا تتحدث عن إسرائيل بقدر ما تتحدث عن (حماس)»، كما وجّه «جملاً غاضبة» لغنيم بشأن مواقفه.

ورد غنيم على تدوينة «ويجز»، وانتقد «حماس»، فأتبعها «ويجز» بتدوينة أخرى انتقد فيها غنيم.

وعلق عدد من المتابعين على تدوينة «ويجز» منهم أحمد رضا، الذي قال: «شكراً يا ويجز على موقفك». ونصح كثير من المتابعين «ويجز» بألا يرد على غنيم. وعلّق بعض المتابعين بشكل موسع على اختفاء حسابات غنيم على «فيسبوك» و«إكس» و«إنستغرام». وذكر صاحب حساب يدعي «ميد ديرادج» بأن وائل في الغالب «حذف حسابه مؤقتاً خوفاً من سحب المتابعات»، مشيراً إلى أن «هذه الحركة يقوم بها كل المشاهير عند أي مشكلة». بينما قال مدونون آخرون إن وائل اخترق حساب «ويجز»، واستبدل بصورة مطرب الراب صوراً لأشخاص آخرين.

وائل غنيم (موقع ساوندكلاود)

ورأى أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، عثمان فكري، أن «التراشق على (السوشيال ميديا) أصبح الاستخدام الأبرز للبعض على (فيسبوك) و(إكس) والمنصات الجديدة مثل الأنستا وثريدز... وغيرها»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «البعض على (السوشيال ميديا) يكون هدفه إشعال الفتن، وإثارة المشكلات».

يذكر أن «ويجز» واسمه الحقيقي أحمد علي، مطرب راب مصري (25 عاماً)، حقق شهرة كبيرة منذ عام 2020 بأغنية «دورك جاي» مع «مولوتوف» المختص بالموسيقى الإلكترونية، ونال «ويجز» شهرة واسعة وسط الشباب والأجيال الجديدة خصوصاً في المناطق الشعبية.

عودة إلى فكري الذي أوضح أن «الفترة الأخيرة شهدت وقائع تراشق كثيرة بين ناشطين في مصر وخارجها بشأن الحرب على غزة»، مشيراً إلى أن «التراشق على (إكس) للأسف يسير وراءه كثير من المتابعين، ويتحول الأمر إلى معركة».

ويعد وائل غنيم (43 عاماً) من النشطاء المؤثرين في «السوشيال ميديا»، وهو ممن برزوا خلال أحداث 25 يناير (كانون الثاني) 2011، واختارته مجلة «تايم» الأميركية ضمن قائمة المائة شخصية الأكثر تأثيراً في العالم عام 2011.


هل يحتاج المصريون موافقة إسرائيلية للعودة إلى بلدهم من غزة؟

دخان يتصاعد خلال غارة إسرائيلية على مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد خلال غارة إسرائيلية على مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

هل يحتاج المصريون موافقة إسرائيلية للعودة إلى بلدهم من غزة؟

دخان يتصاعد خلال غارة إسرائيلية على مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد خلال غارة إسرائيلية على مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

أكدت وزارة الخارجية المصرية أنها «من تتولى ترتيبات عودة المصريين من قطاع غزة». وذلك عقب حديث لبرلماني مصري سابق بشأن «إرسال قوائم الراغبين في الخروج من القطاع الفلسطيني إلى السلطات الإسرائيلية للحصول على موافقتها، والتأكد مع عدم وجود علاقة لتلك الأسماء بحركة (حماس)».

وأوضح المتحدث الرسمي باسم «الخارجية المصرية»، أحمد أبو زيد، في بيان، الثلاثاء، أن «مكتب التمثيل المصري لدى السلطة الفلسطينية في رام الله، والقطاع القنصلي بوزارة الخارجية، يتلقيان الأسماء والوثائق الخاصة بالمواطنين الراغبين في العودة إلى أرض الوطن، حيث يتم إعداد كشوف تفصيلية بها لموافاة السلطات المصرية المعنية بها، تمهيداً لتسليمها للقائمين على معبر رفح الحدودي من الجانبين المصري والفلسطيني لتسهيل عملية عبورهم من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية».

وذكر متحدث «الخارجية المصرية»، في رده على استفسار عدد من المحررين الدبلوماسيين حول الإجراءات المتبعة لعودة المصريين من قطاع غزة لمصر، أن «كل ما يتردد إعلامياً خلاف ذلك»، داعياً إلى «توخي الحذر والدقة الشديدة عند تداول أي معلومات غير صحيحة منسوبة لأي جهة أو أفراد لا يتمتعون بصفة رسمية».

بيان «الخارجية المصرية» جاء في أعقاب تصريحات أدلى بها البرلماني المصري السابق ورئيس «منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية» الدكتور سمير غطاس، خلال لقاء، مساء الاثنين، مع الإعلامي عمرو أديب على قناة «إم بي سي». وقال فيها إنه «يتم إخطار الجانب الإسرائيلي بأسماء المصريين الراغبين في العودة من غزة لتحديد مدى علاقتهم بـ(حماس)، والموافقة على عودتهم أو رفضها».

وأثار حديث غطاس تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وكان لافتاً أن منشور بيان «الخارجية المصرية» على صفحتها الرسمية بموقع «فيسبوك» قد حفل بعشرات الردود معظمها يتضمن شكاوى من مواطنين عالقين داخل قطاع غزة أو من ذويهم، يطالبون فيها الحكومة المصرية بـ«سرعة التحرك لضمان خروجهم من القطاع».

فلسطينيون يفرون من المعارك العنيفة بين الجيش الإسرائيلي و«حماس» بمدينة خان يونس (د.ب.أ)

من جانبه، أشار مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، رخا أحمد حسن، إلى أن ما يعيشه قطاع غزة حالياً هو «فترة استثنائية» لا يمكن الحديث فيها عن إجراءات معتادة يجري اتباعها في الظروف العادية، موضحاً أن إسرائيل «هي من تسيطر فعلياً الآن على القطاع، وتتحكم في حركة الأفراد والشاحنات داخله بصورة كاملة».

وأضاف حسن لـ«الشرق الأوسط» أن الأمر الواقع حالياً في قطاع غزة «يفرض إجراءات استثنائية، خاصة في ظل الخوف المبالغ فيه من جانب إسرائيل من إمكانية خروج قيادات من حركة (حماس) من القطاع، سواء بين المصابين الذين يخرجون لتلقي العلاج، أو بين المسافرين من حملة جوازات السفر الأجنبية، وهو ما يجعلها تفرض حصاراً كاملاً على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، ولا يُمكن خروج أحد منه إلا بتنسيق مسبق»، بحسب قوله.

واعتبر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن طرح أمور تتعلق بالترتيبات الاستثنائية في قطاع غزة حالياً «بصورة مثيرة» أمر «لا يخدم المصلحة العامة، بل يمثل ضغطاً لا مبرر له»، مؤكداً أن حالة الحرب الراهنة في القطاع الفلسطيني «تفرض ما يكفي من ضغوط، وتتطلب عملاً دقيقاً لضمان سلامة خروج المواطنين المصريين الراغبين في العودة إلى أرض الوطن».

ويعد معبر رفح شريان الحياة الرئيسي الذي يربط قطاع غزة الفلسطيني بالعالم الخارجي، وهو المعبر الوحيد للقطاع مع دولة غير إسرائيل، إلا أن إسرائيل قصفت بوابة الجانب الفلسطيني من المعبر والطريق المؤدية إليه عدة مرات منذ اندلاع الموجة الحالية من الصراع بعد عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأوقفت مصر خروج رعايا الدول الأجنبية، ورهنته بدخول المساعدات إلى القطاع، وبدأ دخول المساعدات فعلياً من يوم 21 أكتوبر الماضي، بالتزامن مع السماح بخروج رعايا دول أجنبية عدة، كما نشطت حركة الدخول والخروج من المعبر خلال أسبوع الهدنة الإنسانية.


خبيرة أممية تطالب الجزائر بالإفراج عن المدافعين عن حقوق الإنسان

وزير الاتصال الجزائري مع الخبيرة الأممية (وزارة الاتصال)
وزير الاتصال الجزائري مع الخبيرة الأممية (وزارة الاتصال)
TT

خبيرة أممية تطالب الجزائر بالإفراج عن المدافعين عن حقوق الإنسان

وزير الاتصال الجزائري مع الخبيرة الأممية (وزارة الاتصال)
وزير الاتصال الجزائري مع الخبيرة الأممية (وزارة الاتصال)

دعت المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن وضع المدافعين عن حقوق الإنسان، ماري لاولور، الثلاثاء، الحكومة الجزائرية إلى الإفراج عن الناشطين الحقوقيين، وعدم استهدافهم بسبب نشاطهم مع تعديل القوانين التي تجرّم عملهم، في ختام زيارة للبلد.

وأوصت الخبيرة الأممية خلال مؤتمر صحافي السلطات الجزائرية بـ«الإفراج عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان المسجونين، بسبب ممارستهم حرية التعبير والرأي وتكوين الجمعيات». وبحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، لا يزال العشرات خلف القضبان في الجزائر على خلفية الحراك المطالب بالديمقراطية أو الدفاع عن الحريات الفردية.

وذكرت المقررة أن «معظم الذين قابلتهم إما سجنوا مرة واحدة على الأقل في حياتهم، وإما يواجهون اتهامات جنائية». كما دعت الحكومة إلى «تعديل المواد في قانون العقوبات، التي تنص على عقوبات جنائية لكل من يشتم أو يهين الأفراد، أو الهيئات أو المؤسسات»؛ لأنه «يتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان وحرية التعبير».

الخبيرة الأممية تتوسط نشطاء ومحامين بمدينة تيزي وزو (حسابات ناشطين)

ورغم ترحيبها بجهود الحكومة في مجال حقوق الإنسان، فإنها أشارت إلى أن «المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين اختاروا العمل خارج إطار المجتمع المدني، الذي صممته الحكومة، يواجهون صعوبات خطيرة مما يؤثر أيضاً على أسرهم». مبدية أسفها لأن «بعض المدافعين عن حقوق الإنسان رفضوا، أو ألغوا مقابلاتهم في اللحظة الأخيرة خوفاً من المضايقات».

وذكرت في هذا السياق حالة الناشط أحمد منصري، الذي اعتقل بعد لقائه المقرر الخاص المعني بحرية التجمع السلمي، وتكوين الجمعيات في سبتمبر (أيلول) الماضي. كما أشارت المقررة إلى حالات «تقييد حرية تنقل المدافعين عن حقوق الإنسان» داخل الجزائر، ومنعهم من السفر إلى الخارج، معربة عن أسفها لـ«حرمان» الناشطين الحقوقيين من الوصول إلى موارد مالية من الخارج تحت طائلة السجن، ما «يفاقم عزلتهم» على حد قولها.

ورأت أن «القوانين السارية حالياً تستخدم للحد من عمل المدافعين عن حقوق الإنسان ومعاقبتهم»، لافتة بصورة خاصة إلى استخدام بند من القانون الجنائي على ارتباط بالمسائل الإرهابية، بهدف «قمع» الناشطين. وقالت بهذا الخصوص إن «تحديد الإرهاب في هذا البند مبهم وواسع، إلى حد أنه يترك للأجهزة الأمنية هامش تصرف كبيراً لتوقيف المدافعين عن حقوق الإنسان». كما تطرقت المقررة الأممية إلى الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي حلتها السلطات في مطلع العام، وأبدت أملها في أن تتمكن من «استعادة مكانتها بين منظمات المجتمع المدني».

كما رأت أن حل منظمة غير حكومية أخرى بارزة هي «تجمع عمل الشباب» يشكل «عقوبة بالغة الشدة». وبدأت لاولور زيارتها للجزائر في 26 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بدعوة من الحكومة، التقت خلالها نحو خمسين ناشطاً حقوقياً وصحافيين، إضافة إلى مسؤولين منهم وزير العدل، ومنظمات المجتمع المدني في العاصمة الجزائرية ووهران وتيزي وزو، على أن تقدم تقريرها لمجلس حقوق الإنسان في مارس (آذار) المقبل.