شهدت الساعات الماضية تحولاً مفاجئاً في المشهد السوداني بإعلان فصائل مسلحة موقعة على اتفاق «سلام جوبا» الانتقال من الحياد إلى الانخراط في القتال إلى جانب القوات المسلحة السودانية ضد قوات «الدعم السريع»، بعد سبعة أشهر من اندلاع الحرب. بيد أن هذا الموقف أوجد شقاقاً حاداً داخل الكتلة، حيث تمسكت فصائل أخرى بالاستمرار في موقف الحياد. يأتي هذا التطور بعد يوم من إعلان «الدعم السريع» التوصل إلى اتفاق مع عدد من القادة الميدانيين للحركات المسلحة على اتفاق لتشكيل قوة مشتركة لتأمين وحماية إقليم دارفور، إلا أن القوة المشتركة للفصائل المسلحة نفت، في بيان الجمعة، أي اتفاق بين الطرفين.
وأعلنت حركات الكفاح المسلح الموقعة على «اتفاق جوبا» لمسار السلام في دارفور 2020، أبرزها «حركة العدل والمساواة» بقيادة جبريل إبراهيم، و«حركة جيش تحرير السودان» مني أركو مناوي، في بيان مشترك الخميس، أنها «في حِل من أي حياد»، مضيفة: «نعلن مشاركتنا في العمليات العسكرية في كل الجبهات دون أي تردد».
قررنا اليوم الخروج عن موقف الحياد الذي اتخذناه بصورة جماعية عند مبتدأ الحرب بعدما تبين للقاصي و الداني أن الدعم السريع و مرتزقته الوافدة تستهدف المواطن الأعزل في نفسه و ماله و عرضه، و ان انتهاكات فظيعة غير مسبوقة ترتكبها هذه المليشيات في حقه،
— Gebreil Ibrahim (@GebreilIbrahim1) November 16, 2023
وأكدت تمسكها المطلق بـ«وحدة السودان أرضاً وشعباً، وعدم السماح بتمرير أجندة تفكيك السودان الجارية الآن». وأدانت الحركات بشدة تجاوزات «قوات الدعم السريع» وميليشياتها الأخرى الأجنبية والمرتزقة في قتل المواطنين العزل على أساس العرق، وارتكابها انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، مؤكدة وقوفها ضد مشروعها لتقسيم البلاد. وطالب البيان القيادة في الجارة تشاد بـ«التوقف عن إمداد (الدعم السريع) بالعتاد العسكري والمرتزقة عبر فتح حدودها وأراضيها ومجالها الجوي»، داعية المجتمع الدولي والإقليمي وكل دوائر انتماء السودان لاتخاذ موقف واضح لإيقاف الحرب».
وطالبت الفصائل المسلحة بصورة خاصة الاتحاد الأفريقي بوقف الانتهاكات وجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكب حالياً في دورتها الثانية بإقليم دارفور. يأتي رد فعل الفصائل المسلحة الدارفورية بعد أسابيع من سيطرة «قوات الدعم السريع» على ولايات جنوب ووسط وغرب الإقليم، دون تدخل من القوات المشتركة المكونة لحماية مواطني دارفور.
القوة المشتركة
بدورها نفت القوة المشتركة للفصائل المسلحة أي اتفاق بينها وبين «قوات الدعم السريع»، على تشكيل قوات مشتركة لتأمين الإقليم، ومحاربة الظواهر السالبة. وقالت في بيان صدر في وقت متأخر من ليل الخميس: «نحيطكم علماً قد تم اجتماع بيننا و(الدعم السريع) ولن ننكر ذلك البتة»، مضيفة: «كان هدف الاجتماع النقاش حول وقف الحرب بمدن دارفور المتبقية (الضعين والفاشر) لاعتبار أن المدينتين تأويان النازحين والفارين من الحرب من ولايات دارفور المختلفة».
وذكر البيان أن قيادة القوة المشتركة تقدمت بورقة لـ«الدعم السريع» تحمل مبررات منع الحرب بالمدينتين، لكن تم رفضها من قبل «الدعم السريع»، وأصرت على مواصلة الحرب وانتهى الاجتماع دون اتفاق. وأفادت في البيان بـ«أن مزاعم (الدعم السريع) حول تشكيل قوة مشتركة مع الحركات عارية من الصحة تماماً، ولا تعدو كونها أحلام يقظة». من جهة ثانية، قال فصيل منشق من «حركة العدل والمساواة»، بقيادة سليمان صندل، إن الحركات المسلحة لم تكن محايدة منذ اندلاع الحرب وقبله، وعملت على عرقلة مسار الانتقال المدني بوقوفها مع انقلاب الجيش في 25 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وأفاد المتحدث الرسمي باسم المجموعة ضو البيت يوسف، في بيان الجمعة، بأن مجموعة جبريل إبراهيم تقف مع عناصر «حزب المؤتمر الوطني» المعزول التي أشعلت الحرب في البلاد، مضيفاً أن هذه الحركات تقف اليوم صفاً واحداً مع فلول النظام المعزول.