هل يفصح الرئيس التونسي عن نيته الترشح لدورة جديدة؟

بعد إعلان ثلاثة عن نيتهم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة

سعيد خلال زيارته الأخيرة إلى جنوب تونس (موقع رئاسة الجمهورية)
سعيد خلال زيارته الأخيرة إلى جنوب تونس (موقع رئاسة الجمهورية)
TT

هل يفصح الرئيس التونسي عن نيته الترشح لدورة جديدة؟

سعيد خلال زيارته الأخيرة إلى جنوب تونس (موقع رئاسة الجمهورية)
سعيد خلال زيارته الأخيرة إلى جنوب تونس (موقع رئاسة الجمهورية)

قبل نحو سنة من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في تونس، لا تزال نوايا الترشح «محتشمة ومحدودة»، حيث لم يعبر سوى ثلاثة أطراف عن رغبتهم في الترشح لهذه الانتخابات التي تجرى السنة المقبلة لدى انتهاء العهد الأول للرئيس التونسي قيس سعيد الذي امتد من 2019 إلى 2024.

وفي محاولة من المقبلين على الترشح لإضفاء بعض الحركية على ملف الترشح للرئاسية، عبّرت ألفة الحامدي، رئيسة حزب «الجمهورية الثالثة»، وعبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، ونزار الشعري رئيس «حركة قرطاج الجديدة»، عن نواياهم للترشح إلى الانتخابات الرئاسية، فيما لم يحسم سعيد أمر ترشحه لدورة رئاسية جديدة.

وأعربت عدة أطراف سياسية، من بينها ائتلاف «صمود» اليساري المعارض، عن شكوكها حول إمكانية إجرائها بالفعل، وتساءلت إن كانت ستجرى وفق دستور 2014 أم دستور 2022 وما حمله من صلاحيات دستورية واسعة لرئيس الجمهورية، خاصة في ظل عدم حديث الرئيس عن شروط الترشح، وإن كانت القيادات السياسية المعتقلة حالياً يحق لها الترشح لتلك المحطة الانتخابية، وعدم الحسم في مسألة التدابير الاستثنائية التي أقرها منذ يوم 25 يوليو (تموز) 2021، ولم يعلن تراجعه عنها، وواصل تسيير البلاد وفق المراسيم الرئاسية.

ألفة الحامدي (موقع حزب الجمهورية الثالثة)

وفي هذا الشأن، أعلنت ألفة الحامدي، قبل أيام، عن نيتها الترشح لمنصب الرئيس باقتراح من المجلس الوطني لحزب «الجمهورية الثالثة». وانتقدت بشدة فترة حكم الرئيس التونسي الحالي، مؤكدة أن خيارات سعيد وسياساته الاقتصادية والمالية والداخلية والخارجية طيلة أربع سنوات من الحكم، معتبرة أنها «محدودة»، على حد قولها.

ووعدت الحامدي بتقديم مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي مُغاير لمشروع قيس سعيّد، مؤكدة أن خياراته الحالية «تشكل خطراً سيادياً حقيقياً على الدولة التونسية والتونسيين في الحاضر والمستقبل»، على حد تعبيرها.

ويرى مراقبون أن قائمة منافسي قيس سعيد ستكون محدودة في ظل الملفات القضائية الثقيلة، ومن بينها التآمر ضد أمن الدولة التي يحاكم على أساسها عدد كبير من القيادات السياسية التي قد تكون قادرة على منافسة سعيد، ومن بينهم راشد الغنوشي، رئيس «حركة النهضة»، وعصام الشابي، رئيس «الحزب الدستوري»، وغازي الشواشي، الرئيس السابق لـ«حزب التيار الديمقراطي». وكلهم يقبعون حالياً في سجن «المرناقية» غرب العاصمة التونسية.

وكثف الرئيس التونسي خلال الأشهر الماضية من تحركاته الميدانية في زيارات شملت عدة مدن تونسية اعتبرت من قبل معارضيه «ضمن حملته الانتخابية السابقة لأوانها وغير المعلنة». وأرفق تلك الزيارات بتصريحات أكد من خلالها ضرورة الحفاظ «على قوت التونسيين، وعدم رفع الدعم عن عدد من المنتجات»؛ للمحافظة على مقدرتهم الشرائية.

عبير موسي في اجتماع حزبي (موقع الحزب)

في السياق ذاته، اتهمت قيادات «الحزب الدستوري الحر» التي رشحت عبير موسي، رئيسة الحزب للمنافسة على منصب الرئيس، السلطة السياسية التونسية بـ«تلفيق» التهم الخطيرة لموسي لقطع الطريق أمامها لخوض الانتخابات الرئاسية، معتبرة أنها «مرشحة جادة وقادرة على الفوز بكرسي الرئاسة».

وفي هذا الشأن، قال نوفل بودن، عضو هيئة الدفاع عن عبير موسي، إن قرار احتجازها والتّنكيل بها واضطهادها هدفه «تصفيتها سياسياً وإخراس صوت (الحزب الدّستوري الحر) الذي بقي صامداً ومتجذّراً في كلّ ربوع تونس، رغم الحكم الفرديّ وإلغاء مقوّمات الديمقراطيّة والعمل الحزبي في البلاد»، على حد تعبيره .

وطالبت عدة قيادات سياسية بإجراء الانتخابات الرئاسية التونسية في موعدها، وفتح أبواب الترشح أمام الفئات الشابة، وضخ دماء جديدة في الساحة السياسية التي «أصابها الوهن»، على حد تعبيرهم.

عبير موسي في اجتماع حزبي (موقع الحزب)

وقال نزار الشعري، رئيس «حركة قرطاج الجديدة»، لـ«الشرق الأوسط»، إن انتخاب سعيد رئيساً لتونس في سنة 2019 كان «بمثابة الثورة الثانية، وقد اتضح ذلك إثر تجميد البرلمان، ثم تغيير الدستور وإطلاق الجمهورية الثالثة... لكن في يوليو 2021 تأكد أن ما أقره الرئيس سعيد يعد النهاية السياسية له، وهو بذلك... لا بد أن يفتح المجال لجيل جديد من السياسيين من أجل بناء تونس الجديدة»، على حد تعبيره.

وبخصوص إمكانية ترشح الرئيس الحالي لفترة رئاسية ثانية، وسبب عدم إعلانه عن ذلك بصفة رسمية، توقع الشعري الطامح للوصول إلى قصر قرطاج، أن الرئيس لن يعلن عن ترشحه «فقد قام بمهمته التي جاء من أجلها على أتم وجه، ولم يعد يطمح لشيء آخر بعد ذلك، وقد صرح في وقت سابق بأنه سيسلم تونس للوطنيين من أبنائها، وأغلب الظن أنهم كثر، ولديهم من الحلم والطموح والقدرة ما يؤهلهم إلى الانطلاق في تشييد الوطن، الذي يريده الشعب، والإعداد لعودة قرطاج عظيمة من جديد».

غير أن عدداً من الأحزاب السياسية الموالية والمناصرة له، وأغلبها تشكّل بعد سنة 2021، قد دعوه للترشح ومواصلة قيادة تونس وتنفيذ مشروعه السياسي المعتمد على التمثيل القاعدي.

وكان عدد من المتابعين للشأن السياسي التونسي، من بينهم يوسف الصديق والصادق بلعيد وأمين محفوظ وحسين الديماسي، قد تساءلوا عن تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية، وهل من المجدي الإبقاء على جانب الغموض الذي يرافق العملية الانتخابية قبل سنة واحدة، واعتبروا أن كلفة عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها ستكون «باهظة وشديدة التأثير».


مقالات ذات صلة

تونس: انتشال 6 جثث متحللة لمهاجرات من بينهن رضيعة

شمال افريقيا «الحرس الوطني التونسي» ينقذ قارباً يحمل مهاجرين غير نظاميين (صفحة الحرس الوطني التونسي على فيسبوك)

تونس: انتشال 6 جثث متحللة لمهاجرات من بينهن رضيعة

أعلن مصدر قضائي في تونس الخميس العثور على ست جثث متحللة لمهاجرات غرقى من بينهن رضيعة في أحدث مأساة تشهدها سواحل تونس.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا جانب من وقفة سابقة نظمها محامون وسط العاصمة التونسية للاحتجاج على «التضييق على الحريات» (أرشيفية - إ.ب.أ)

تونس: المحامون يحملون «الشارات الحمراء» احتجاجاً على «قيود مسلطة على مهامهم»

يتّهم المحامون، السلطةَ التنفيذية «بالهيمنة على جهاز القضاء» منذ إطاحة الرئيس قيس سعيد بالنظام السياسي في 2021، وتوسيع صلاحياته في دستور جديد، و«بإعاقة عملهم».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي وعلم بلاده (د.ب.أ)

توقيف 4 أشخاص في تونس بسبب رفع علم تركيا خطأ على مبنى حكومي

فتحت وزارة النقل تحقيقاً في الواقعة «لتحميل المسؤوليات، واتخاذ الإجراءات الإدارية والترتيبية في الغرض».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا العلم التونسي أمام البنك المركزي في العاصمة تونس 4 أكتوبر 2017 (رويترز)

توقيف 4 أشخاص في تونس بسبب رفع علم تركيا خطأ على مبنى حكومي

أوقف القضاء التونسي 4 أشخاص إثر رفع علم دولة تركيا من طريق الخطأ على مبنى حكومي بالعاصمة، على ما ذكرت وسائل إعلام محلية، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا إحدى الطائرات الأربع التي تسلمتها تونس (وكالة الأنباء التونسية)

4 طائرات استطلاع من أميركا إلى تونس

سلمت أميركا تونس 4 طائرات مخصصة للاستطلاع ومجهزة بأحدث المنظومات؛ «بما سيعزز القدرات العسكرية والعملياتية للجيش الوطني في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة».

«الشرق الأوسط» (تونس)

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟
TT

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

لا يجد بعض المسؤولين الليبيين غضاضة في ارتداء الكوفية الفلسطينية الشهيرة أمام عدسات المصورين، تعبيراً عن دعمهم لقطاع غزة ضد العدوان الإسرائيلي، في ظل تمسك البلد المنقسم سياسياً بـ«تجريم التطبيع مع إسرائيل».

فمن أمام جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى قاعات الاجتماعات في ليبيا، تأتي الموافقة الرسمية لتعكس جانباً من رؤية البلاد حيال الأحداث في غزة، وما يجري في لبنان، لكن تظل ردود الفعل المجتمعية «أكثر غضباً» في كثير من الأحايين.

وفي ظل تعاطف مجتمعي ليبي واسع مع الشعبين الفلسطيني واللبناني، يأتي الخطاب الرسمي على لسان رئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي، ليؤكد أن «ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة وتطهير عرقي ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني يُمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

وتعبر قطاعات ليبية عدة عن «تعاطفها وتضامنها» مع ما يجري في غزة ولبنان، وفق ما يرصد عبد الرؤوف بيت المال، النائب بحزب «ليبيا النماء»، لكنه يشير إلى أن الانقسام الحاصل في البلاد «يفتت الرؤية في ظل عدم وجود حكومة واحدة».

والمنفي الذي أكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره و«إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف»، ذكّر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الأسبوع الماضي، بموقف بلده، الذي انضم إلى جنوب أفريقيا في القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل.

وفيما دعا المنفي لتعزيز المساءلة عن «الانتهاكات والإبادة الجماعية» التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، رأى أن «إبعاد شبح نشوب حرب إقليمية في المنطقة، يكون من خلال معالجة الوضع في غزة، وإيقاف الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة في فلسطين ولبنان».

وفي أعقاب اندلاع الحرب على غزة، شهدت طرابلس بعض المظاهرات الغاضبة، مثل بقية العواصم العربية؛ إذ احتشد آلاف المواطنين في «ميدان الشهداء» بوسط طرابلس، للتنديد بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتضامناً مع الشعب الفلسطيني.

ويرى بيت المال في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن الشعب الليبي «واعٍ لما يحاك للقضية الفلسطينية؛ وأن النظام الصهيوني يعمل على تفتيت العرب والعمل على تأسيس إسرائيل الكبرى». ويعتقد أن كل ما يحدث في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق «يسير في اتجاه تكوين إسرائيل الكبرى».

الموقف الرسمي الليبي المُعلن من إسرائيل والتطبيع معها «مجرّم» وفق قرار سابق لمجلس النواب، الذي أكد رئيسه، عقيلة صالح، عدم «إقامة أي اتصالات أو علاقات مع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين الإسرائيليين، وتجريم سفر الطائرات والسفن الإسرائيلية عبر ليبيا».

وظهر صالح مرتدياً الكوفية الفلسطينية في جلسة رسمية عقدها البرلمان، عقب الكشف عن «لقاء سري» بين وزيرة الخارجية بحكومة «الوحدة الوطنية» المقالة نجلاء المنقوش، ونظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في روما.

وقال صالح: «عاشت فلسطين في الوجدان الليبي اسماً عزيزاً يثير الحزن، ويشعل الغضب، ويلهب الأحاسيس، فنشأ تقارب كبير بينها وبين ليبيا، أسهم في إبراز خصوصية ما بينهما من روابط، ومنشأ هذا التقارب في العروبة والإسلام هو تعرض البلدين إلى احتلال استيطاني هدف إلى طمس الهوية».

ومندوب ليبيا بالأمم المتحدة الطاهر السني، الذي ظهر مرتدياً الكوفية الفلسطيني هو الآخر خلال كلمة سابقة له في جلسة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تتعلق بالشأن الليبي، قال إن ليبيا «لن تعدّ المقاومة ضد الاحتلال والدفاع عن النفس إرهاباً؛ ومن منكم نال استقلاله وتحرر من الاستعمار دون مقاومة».

ونقل السني جانباً من كلمته في تغريدات قصيرة عبر حسابه على منصة «إكس»، وزاد: «التاريخ سيتذكر من أخذ موقفاً قانونياً أو إنسانياً مما يجري؛ وسيتذكر كل من كانت إنسانيته في غيبوبة ودعم، أو صمت على الجرائم والفظائع المرتكبة بالبث المباشر صوتاً وصورة».

وكان رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، قد سارع لإصدار قرار في 25 يونيو (حزيران) الماضي، يستثني بموجبه مواطني دولة فلسطين من جميع الرسوم المتعلقة بالتأشيرات والإقامة، المحددة باللائحة التنفيذية للقانون رقم 6 لسنة 1987.

ولم تمنع الاتهامات المواجهة لحكومة «الوحدة» بالسعي لـ«التطبيع مع إسرائيل» من ارتداء الدبيبة الكوفية الفلسطينية خلال جولة ميدانية، بالعاصمة طرابلس قبل نحو عام تقريباً.

كما استقبل في مرات سابقة بمكتبه نائب رئيس الوزراء، ووزير الإعلام الفلسطيني نبيل أبو ردينة، والسفير الفلسطيني لدى ليبيا محمد رحال، وبحث معهما مستجدات الأوضاع السياسية في فلسطين، وآلية تقديم المساعدات الإنسانية لأهالي غزة، إضافة إلى سُبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

وبموازاة المواقف الرسمية، تعكس ردود الفعل الخاصة مواقف «أكثر سخونة» تجاه ما يحدث في غزة ولبنان، إذ انتقد أحمد قذاف الدم المسؤول السياسي لـ«جبهة النضال الوطني الليبية»، «الصمت على ما يحدث من عدوان سَافِرْ على لبنان».

وقال في تصريح صحافي: «أحيي الصمود البطولي لـ(حزب الله)، والشعب اللبناني لوقوفهما بكبرياء في وجه الغطرسة الإسرائيلية».