كيف يعزز التنسيق المصري - التركي جهود دعم غزة؟

شكري وفيدان بحثا هاتفياً سبل إيصال مزيد من المساعدات إلى القطاع

الرئيسان المصري والتركي خلال لقائهما على هامش القمة العربية الإسلامية بالرياض (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والتركي خلال لقائهما على هامش القمة العربية الإسلامية بالرياض (الرئاسة المصرية)
TT

كيف يعزز التنسيق المصري - التركي جهود دعم غزة؟

الرئيسان المصري والتركي خلال لقائهما على هامش القمة العربية الإسلامية بالرياض (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والتركي خلال لقائهما على هامش القمة العربية الإسلامية بالرياض (الرئاسة المصرية)

عززت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من وتيرة التنسيق المصري - التركي المشترك، ودفعت الاتصالات بين البلدين من مرحلة التعاون الثنائي إلى التنسيق الإقليمي.

وبحث وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مساء (الاثنين)، مع نظيره المصري، سامح شكري «إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة». وجاءت مباحثات الوزيرين خلال اتصال هاتفي، وفق ما نقلت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء عن مصادر دبلوماسية لم تسمها، مشيرة إلى أن الوزيرين تبادلا الآراء بشأن الخطوات التي يمكن اتخاذها لمتابعة القرارات الصادرة عن القمة العربية الإسلامية الطارئة التي استضافتها السعودية، السبت الماضي.

وزار وزير الخارجية التركي خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، القاهرة مرتين لبحث تطورات الموقف الإقليمي في أعقاب عملية «طوفان الأقصى»، كما شارك الوزير التركي في «قمة القاهرة للسلام».

وفي الوقت نفسه، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، نظيره التركي رجب طيب إردوغان، في الرياض، حيث ذكر بيان رئاسي مصري حينها أن «الاجتماع تناول سبل مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين في مختلف المجالات». وتوافق الرئيسان على «ضرورة الوقف الفوري للقصف المستمر والعمليات العسكرية في قطاع غزة؛ لتجنب تعريض المدنيين للمزيد من المخاطر وإزهاق الأرواح، وتأكيد ضرورة إنفاذ المساعدات الإغاثية لأهالي غزة».

تنسيق إقليمي

ومن جهته، رأى الباحث في الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، كرم سعيد، الثلاثاء، أن «تعدد المشاورات المصرية - التركية سواء على المستوى الرئاسي أو الوزاري، فضلاً على الإشادة اللافتة التي قدمها الرئيس التركي خلال قمة الرياض بالدور المصري في دعم قطاع غزة، «إشارة واضحة على انتقال التقارب المصري - التركي من المستوى الثنائي إلى المستوى الإقليمي».

وأضاف سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن التنسيق المصري - التركي «يُمكن أن يوفر تحركاً أكثر فاعلية على مستويات عدة من بينها؛ إدارة ملف الأسرى، الذي تضطلع فيه مصر وتركيا وقطر بأدوار متقدمة، إضافة إلى الاتصالات مع قوى دولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة بالنظر إلى ما تملكه القاهرة وأنقرة من علاقة استراتيجية مع واشنطن».

وتوقع سعيد، أن تزداد وتيرة التعاون المصري - التركي على المستوى الإقليمي خلال الفترة المقبلة، خصوصاً في ملفات مثل ليبيا وسوريا واليمن، مؤكداً أن هذا التعاون «سيزداد عمقاً مدفوعاً بحالة التوتر الكامنة لكلا البلدين مع إسرائيل على خلفية العمليات العسكرية في غزة، أو توسعها مستقبلاً في المنطقة».

ولفت سعيد إلى أن علاقات القاهرة وأنقرة مع تل أبيب «تمر بمرحلة غير مسبوقة من التوتر»، وتدرك إسرائيل أن «التقارب المصري - التركي، وتوافق المصالح بينهما يمكن أن يخلقا قوة إقليمية ضاغطة».

وحذر الرئيس المصري في أكثر من مناسبة إسرائيل من المضي قدماً في «التهجير القسري» للفلسطينيين من قطاع غزة، مؤكداً أن إسرائيل «تجاوزت حق الدفاع عن النفس».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أ.ف.ب)

وشدد على أن مصر «لم ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية»، وأنها «لن تتهاون في حماية أمنها القومي». كما وصف الرئيس التركي حرب إسرائيل على قطاع غزة بـ«المذبحة»، وألغى زيارة كانت مقررة لإسرائيل، وقال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، «لم يعد شخصاً يمكننا التحدث معه بأي شكل من الأشكال».

واستعادت العلاقات المصرية - التركية طبيعتها خلال الأشهر الماضية بعد عقد كامل من الانقطاع والتوتر، وأعلن البلدان في يوليو (تموز) الماضي، ترفيع العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى السفراء، والتقى رئيسا البلدين مرتين خلال العام الماضي على هامش أحداث دولية، كما التقى وزراء ومسؤولون بارزون في البلدين، مرات عدة.

وفي سياق ذي صلة، وعلى صعيد التحركات المصرية المعنية بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، جدد وزير الخارجية المصري، الثلاثاء، التأكيد على أن الانتهاكات الإسرائيلية في حق المدنيين الفلسطينيين، لا سيما النساء والأطفال، «ترقى لكونها جرائم حرب مكتملة الأركان»، مشدداً على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للقطاع بشكل كامل ومستدام وآمن.

وبحث وزير الخارجية المصري، مع وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، سيما بحوث، مسارات العمل المشتركة للحد من الأوضاع الإنسانية المتردية في قطاع غزة، وما يتعرض له المدنيون الفلسطينيون بمن في ذلك الأطفال والنساء من اعتداءات إسرائيلية جسيمة تخالف أحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

شكري خلال مباحثات مع وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة (الخارجية المصرية)

وأوضح المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، الثلاثاء، أن المسؤولة الأممية استعرضت خلال اللقاء الوضع المتردي للنساء والأطفال في قطاع غزة، لا سيما في ظل وجود أكثر من 55 ألف سيدة حامل في القطاع وعمليات القصف المستمرة للمستشفيات، وعدم قدرتها على تقديم الرعاية الصحية للمصابين والمرضى.


مقالات ذات صلة

محادثات «فتح» و«حماس» بالقاهرة... هل «تُقلص فجوات» اليوم التالي لـ«حرب غزة»؟

شمال افريقيا فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)

محادثات «فتح» و«حماس» بالقاهرة... هل «تُقلص فجوات» اليوم التالي لـ«حرب غزة»؟

وفق مصدر فلسطيني، تحدث إلى «الشرق الأوسط»، فإن محادثات «فتح» و«حماس» تسعى إلى قطع الطريق على إسرائيل لعرقلة أي ترتيبات مرتبطة باليوم التالي من «حرب غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
خاص سفير الاتحاد الأوروبي لدى السعودية والبحرين وعمان كريستوف فارنو (الشرق الأوسط)

خاص «حل الدولتين» ينتظر دعماً من القمة الخليجية - الأوروبية

أكّد سفير الاتحاد الأوروبي لدى السعودية والبحرين وعُمان، كريستوف فارنو، أن هناك توافقاً خليجيّاً أوروبيّاً حول ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان.

غازي الحارثي (الرياض)
المشرق العربي جنود في مقبرة بالقدس يوم 6 أكتوبر الحالي خلال تشييع عسكري قُتل بهجوم بطائرة مسيّرة يُعتقد أنها أُطلقت من العراق (أ.ف.ب)

عشرات جنود الاحتياط يرفضون الخدمة في إسرائيل

كشفت مصادر إعلامية في تل أبيب عن اتساع ظاهرة التذمر في صفوف الجيش، وسط معلومات عن رفض 130 جندياً الخدمة في جيش الاحتياط.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا محادثات السيسي ووزير الخارجية الأردني في القاهرة تناولت جهود التهدئة بالمنطقة (الرئاسة المصرية)

مصر والأردن يحذران من خطورة «التصعيد العسكري» بالمنطقة

لقاء الرئيس المصري ووزير الخارجية الأردني في القاهرة تناول مستجدات الجهود المصرية والأردنية الرامية للتهدئة في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يزعم زيارة غزة... وتقرير يؤكد عدم وجود سجل لذلك

زعم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أنه سبق أن زار غزة في الماضي، لكن تقريراً نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أكد أنه لا يوجد أي سجل لهذه الزيارة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

محادثات «فتح» و«حماس» بالقاهرة... هل «تُقلص فجوات» اليوم التالي لـ«حرب غزة»؟

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)
TT

محادثات «فتح» و«حماس» بالقاهرة... هل «تُقلص فجوات» اليوم التالي لـ«حرب غزة»؟

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)

محادثات مكثفة بين حركتي «فتح» و«حماس» بالقاهرة على مدار يومين، ضمن مساعي الوصول إلى توافقات مشتركة في قضايا مرتبطة بالتطورات السياسية والميدانية بالمناطق الفلسطينية و«توحيد الصف الفلسطيني» وعدد من الترتيبات المتعلقة بالتطورات الراهنة في قطاع غزة.

ووفق مصدر فلسطيني، تحدث إلى «الشرق الأوسط»، فإن تلك المحادثات «تسعى لقطع الطريق على إسرائيل لعرقلة أي ترتيبات مرتبطة باليوم التالي من (حرب غزة) التي تجاوزت العام، وتقليص (الفجوات المحتملة)».

وتعود شرارة تلك المحادثات لما قبل سؤال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، باسم نعيم، أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، عن الأنباء التي ترددت عن توافق «حماس» و«فتح» على قيام السلطة الفلسطينية بإدارة القطاع والمعابر «مدنياً»، قبل أن يجيب نعيم بقوله: «غير صحيح»، لافتاً حينها إلى أنه سيتم اتخاذ قرار بهذا الشأن خلال لقاء بين الحركتين، في إشارة إلى أن الاجتماع سيتناول ترتيبات خاصة بإدارة القطاع والجانب الفلسطيني من معبر رفح، الذي كانت تسيطر عليه «حماس» قبل الحرب، قبل أن تحتله إسرائيل في مايو (أيار) الماضي.

رد فعل فلسطينيين في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

وأعلنت حركة «فتح»، في بيان صحافي، قبل أسبوع، عن عقد اجتماع في القاهرة مع «حماس»، غير أنه لم يتم، دون تقديم الحركتين تفسيراً، ليلتئم بعدها، الثلاثاء، مع وصول وفود من الحركتين إلى القاهرة؛ لبحث «التوصل إلى المصالحة»، بحسب إعلام فلسطيني وإسرائيلي.

وشهدت محادثات اليوم الأول مناقشات تهدف إلى «ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني في ظل الأوضاع الراهنة»، وبحث «آلية عمل اللجنة المعنية بإدارة المعابر وملفات الصحة والإغاثة والإيواء والتنمية الاجتماعية والتعليم»، وفق ما نقلته قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، الأربعاء، عن مصادر مصرية، لم تسمّها.

وترأس وفد «حماس»، في اجتماع القاهرة، عضو المكتب السياسي للحركة، خليل الحية، بحسب بيان للحركة، الأربعاء، مشيرة إلى أن حركة «فتح» تشارك في الاجتماع برئاسة نائب رئيس الحركة، محمود العالول، بهدف «بحث العدوان على قطاع غزة والتطورات السياسية والميدانية وتوحيد الجهود والصف الوطني».

طفل جريح يتلقى العلاج في مستشفى ناصر بعد القصف الإسرائيلي على خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وركّزت اجتماعات اليوم الأول بين «فتح» و«حماس» على «التطورات السياسية والميدانية بالمناطق الفلسطينية وتوحيد الصف الفلسطيني»، و«ناقشت عدداً من الترتيبات المتعلقة بالتطورات الراهنة»، وتم مدّ الاجتماعات ليوم ثانٍ، الخميس، بحسب ما ذكرته قناة «القاهرة الإخبارية»، وسط أنباء تناقلتها وسائل إعلام فلسطينية ومصرية، عن اتفاق بشأن تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة شؤون غزة «حياتياً، وليس سياسياً»، ولا سيما إدارة معبر رفح البري من الجانب الفلسطيني، وتوفير المستلزمات الحياتية من أدوية وتعليم وصحة وغذاء.

وبحسب معلومات القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، فإن الاجتماعات بين الحركتين بدأت ببحث لجنة مهنية لإدارة قطاع غزة، مستدركاً: «لكن (حماس) مُصرة ألا تكون لجنة، وأن تكون حكومة تكنوقراط مسؤولة عن القطاع والضفة».

كما تمت مناقشة إطار جديد لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي تقودها «فتح»، لبحث ضمّ حركات أخرى، وفق معلومات الرقب، الذي أشار إلى أن «هذه المحادثات لم تنضج وتصل لاتفاق بشكل قطعي، وسط محاولات لتفكيك أي تباينات».

وقال الرقب، لـ«الشرق الأوسط»، يفترض أن تلك المحادثات تسعى لقطع الطريق على إسرائيل لعرقلة أي ترتيبات مرتبطة باليوم التالي من حرب غزة، التي تجاوزت العام، وتقليص الفجوات المحتملة، موضحاً: «لكن التعنت الإسرائيلي سيبقى تهديداً محتملاً سيواجه مخرجات الاجتماع المصري، سواء بالاتفاق أو مزيد من المباحثات لتقريب وجهات النظر».

دخان ولهيب يتصاعدان من منزل أصيب بغارة إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (رويترز)

وتأتي الاجتماعات وسط جمود مفاوضات «هدنة غزة» منذ أسابيع، على خلفية تمسك رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، بشروط، أبرزها عدم الانسحاب من الجانب الفلسطيني لمعبر رفح و«محور فيلادلفيا»، الحدودي مع مصر، ورفض بقاء «حماس» بالسلطة في اليوم التالي من انتهاء الحرب.

ولذا، فإن هذا التعنت الإسرائيلي، الذي عطّل مسار وقف الحرب لعام، سيحاول، مهما كانت اتفاقات القاهرة وقدرتها على تقليص أي فجوة محتملة، أن يضع عراقيل أمامها، بحسب الرقب، الذي أشار إلى أن «البيان الختامي سيضع النقاط فوق الحروف بشأن مستقبل مسار التسوية الداخلية، وقد تتبعه اجتماعات أخرى مستقبلية، تضم كل الفصائل، لتعظيم نقاط الخلاف والابتعاد عن أي خلافات».

وفي يوليو (تموز) الماضي، توصل 14 فصيلاً فلسطينياً، بما في ذلك حركتا «فتح» و«حماس»، إلى إعلان تاريخي للمصالحة الوطنية في بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية. وسبق أن وقّعت حركتا «حماس» و«فتح» اتفاق مصالحة في العاصمة المصرية، القاهرة، في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، ورحّب الرئيس الفلسطيني محمود عباس آنذاك به، ووصفه بـ«الاتفاق النهائي لإنهاء الانقسام الفلسطيني»؛ لكن لم يُترجم شيء من الاتفاق على أرض الواقع.

وكل هذه الاتفاقات السابقة يمكن البناء عليها، وفق أيمن الرقب، في توحيد الصف الفلسطيني، غير أنه يرى «أهمية أن يدعم المجتمع الدولي مسار تلك الاتفاقات، ويعززها حتى لا تعرقلها إسرائيل مجدداً».