الجيش الجزائري يريد الخبرة الصينية في مجال «المسيّرات»

في مسعى لبلوغ الريادة بالمنطقة المغاربية

جانب من نشاط قائد الجيش الجزائري في الصين (وزارة الدفاع الجزائرية)
جانب من نشاط قائد الجيش الجزائري في الصين (وزارة الدفاع الجزائرية)
TT

الجيش الجزائري يريد الخبرة الصينية في مجال «المسيّرات»

جانب من نشاط قائد الجيش الجزائري في الصين (وزارة الدفاع الجزائرية)
جانب من نشاط قائد الجيش الجزائري في الصين (وزارة الدفاع الجزائرية)

بحث رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أول سعيد شنقريحة، في الصين التي يزورها منذ الأحد الماضي، بناء شراكة عسكرية متنوعة، والاستفادة من خبرات الصناعة الحربية الصينية، في مجال الطائرات المسيّرة، وإدارة أنظمة الدفاع والأمن.

والتقى شنقريحة، وأعضاء وفد وزارة الدفاع الذي يرافقه إلى الصين في إطار مهمته، أبرزَ مسؤولي الشركة الحكومية «بولي تكنولوجيز» المختصة في إنتاج واستيراد وتصدير المعدات المدنية، خصوصاً العسكرية. وتُعرف هذه الشركة بإدارة مورد للحلول المتكاملة لأنظمة الدفاع والأمن الوطنية، لفائدة عديد من البلدان الشريكة للصين.

قائد الجيش الجزائري مع رئيس أركان الجيوش الصيني (وزارة الدفاع الجزائرية)

ويأمل الجيش الجزائري، وفق مصادر إعلامية متابِعة للزيارة، بالاستفادة من دراية وخبرة شركات صينية تزوّد الجيش الصيني بالعتاد الحربي والفني، في إطار شراكات تجارية ستسمح للجيش الجزائري بدعم خطة تحديثه المتبعة منذ سنوات، والتقليل من التبعية لمورده التقليدي، وهو الصناعة العسكرية الروسية.

وأظهر شنقريحة، حسب المصادر ذاتها، اهتماماً خاصاً بنشاط شركة «آيرو سبايس شنزو ايريال» (Aerospace Shenzhou Aerial Vehicle Co)، التي زارها، وهي مختصة في إنتاج معدات مختلفة متعلقة بتركيب الطائرات دون طيار والأجهزة الفضائية، وقد حققت في السنوات الأخيرة تقدماً فنياً مثيراً للإعجاب، حسب خبراء في الميدان. ويرغب المشرفون على قطاع الدفاع بالجزائر إطلاق شراكة بغرض تطوير، في وقت مبكر، أنشطة التجمع والبحث والتدريب لصالح الصناعة العسكرية الجزائرية الناشئة في هذا المجال. ويبقى الهدف الأكبر من وراء هذا المسعى، تحقيق الريادة بمنطقة شمال أفريقيا والمغرب العربي، في استخدام وتطوير الطائرات دون طيار.

رئيس أركان الجيش الجزائري في زيارة إلى مركز رواد الفضاء ببكين (وزارة الدفاع الجزائرية)

وعقد شنقريحة، (الاثنين)، اجتماعاً مع الفريق أول ليو زينلي، رئيس أركان الجيوش في «اللجنة العسكرية المركزية» لجمهورية الصين الشعبية. ونقل بيان لوزارة الدفاع الجزائرية، عن قائد الجيش، إشادته بـ«كرم الضيافة وحسن الوفادة اللتين حظينا بهما منذ وصولنا، وهو ما يعكس مدى قوة تعاوننا الثنائي الذي ينهل من ينابيع الإرث التاريخي للبلدين، بكل ما يمثله ذلك من عمق سياسي واستراتيجي وإنساني». كما أشاد بـ«تميز العلاقات العريقة التي تربط البلدين الصديقين، التي تعود جذورها، على وجه الخصوص، إلى ثورة أول نوفمبر (تشرين الثاني) 1954 المجيدة. فجمهورية الصين الشعبية كانت من بين الدول الأولى التي ساندت كفاح الشعب الجزائري، من أجل تقرير مصيره في مؤتمر باندونغ سنة 1955، وكانت أول دولة غير عربية تعترف بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، فور إعلان تشكيلها يوم 19 سبتمبر(أيلول) 1958».

اجتماع الوفدين العسكريين الجزائري والصيني (الدفاع الجزائرية)

وتحدث شنقريحة، حسب البيان ذاته، عن «المواقف المشرفة والمتبادلة بين البلدين الصديقين... وانطلاقاً من هذه العلاقات التاريخية المتميزة، التي تأسست على التضامن النضالي المشترك من أجل السيادة واستقلالية القرار واسترجاع الحقوق السيادية، فإن النضال من أجل العدالة والحرية ما زال قائماً، خصوصاً اليوم، في ظل سياق عالمي يتجه أكثر نحو تعددية قطبية غير مسبوقة»، داعياً إلى «إعادة هيكلة التوزيع العالمي للقوة، بعيداً عن توجهات الهيمنة القائمة على الإقصاء ومحاولات فرض الأجندات وتقويض الخيارات السيادية للدول»، في إشارة، ضمناً، إلى العدوان الإسرائيلي على غزة، واصطفاف القوى الغربية الكبرى وراء إسرائيل في حرب الإبادة التي تشنها على الفلسطينيين.

اجتماع الوفدين العسكريين الجزائري والصيني (الدفاع الجزائرية)

والمعروف أن الجزائر، ناشدت، على لسان رئيسها عبد المجيد تبون، الحقوقيين وخبراء القانون عبر العالم، رفع دعاوى قضائية أمام محكمة الجنايات الدولية ضد الاحتلال الإسرائيلي، بسبب ما يرتكبه من جرائم ضد الفلسطينيين في غزة، داعية إلى «إنهاء عقود من الإفلات من العقاب بخصوص الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين».


مقالات ذات صلة

تحقيق جديد يفتح ملف «مسؤولية» فرنسا عن تجاربها النووية في الجزائر

شمال افريقيا صورة لأحد التفجيرات النووية في الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

تحقيق جديد يفتح ملف «مسؤولية» فرنسا عن تجاربها النووية في الجزائر

يُصر الجزائريون على مطلب التعويض المادي عن التفجيرات النووية الفرنسية في صحرائهم، وعلى مسؤولية باريس في تنظيف المواقع الملوثة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا اجتماع سابق لقضاة جزائريين حول تطبيق أحكام قانون مكافحة غسل الأموال (صورة أرشيفية)

الجزائر تتعهد الخروج من «اللائحة الرمادية» لغسل الأموال

تعهدت الحكومة الجزائرية بالخروج من «اللائحة الرمادية» لـ«مجموعة العمل المالي»، التي تصنف البلدان «الأقل انخراطاً» في جهود مكافحة غسل الأموال.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
رياضة عالمية الحارس الدولي الجزائري ألكسندر أوكيدجا (وسائل إعلام جزائرية)

الجزائري أوكيدجا يغادر ميتز بعد 7 مواسم

أعلن ميتز الصاعد حديثاً لدوري الدرجة الأولى الفرنسي لكرة القدم، الجمعة، رحيل الحارس الدولي الجزائري، ألكسندر أوكيدجا، عن النادي بعد 7 مواسم قضاها مع الفريق.

«الشرق الأوسط» (ميتز)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

هل تفتح «المصالح الاقتصادية» باب المصالحة بين الجزائر وفرنسا؟

يرى مراقبون أن مبادرة اقتصادية جزائرية–فرنسية قد تُشكّل مدخلاً لاستئناف الحوار بين سلطات البلدين.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا جانب من جلسة المصادقة على النصوص المثيرة للجدل (البرلمان)

البرلمان الجزائري يصادق على حزمة قوانين «مثيرة للجدل»

صادق «المجلس الشعبي الوطني» في الجزائر على حزمة من النصوص التشريعية تعدها الحكومة ذات طابع هيكلي، لكنها أثارت جدلاً كبيراً.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

معارك بابنوسة بغرب كردفان مستمرة

تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)
تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)
TT

معارك بابنوسة بغرب كردفان مستمرة

تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)
تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)

لا أحد يستطيع «الجزم» بما يحدث في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان السودانية، التي تشهد معارك كسر عظم واستنزاف منذ عدة أيام، بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وفي حين يؤكد الجيش أنه سحق القوات المهاجمة عن المدينة التي تعد آخر معاقله بولاية غرب كردفان، تناقلت مواقع مؤيدة لـ«قوات الدعم السريع»، مقاطع فيديو تفيد بسيطرة «الدعم» على أجزاء كبيرة من المدينة واقترابهم من استعادة السيطرة عليها، بما في ذلك مقرات تابعة للفرقة 22، إحدى أكبر تجمعات قوات الجيش السوداني في غرب البلاد.

أهمية بابنوسة

بابنوسة، ويدللها أهلها باسم «القميرة» (تصغير قمر)، إحدى مدن ولاية غرب كردفان المهمة، وتبعد عن العاصمة الخرطوم بنحو 700 كيلومتر، وتنبع أهميتها من كونها «تقاطع طرق» تربط غرب السودان بوسطه وشماله، بل وجنوبه قبل انفصاله، وعندها يتفرع خط السكة حديد إلى مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، وإلى مدينة واو بجنوب السودان، وتعد واحدة من أكبر من مراكز سكك حديد السودان.

ويعتمد اقتصاد المدينة على التجارة والزراعة والرعي، ويوجد بها أول مصنع لتجفيف الألبان في الإقليم، أنشئ بمنحة من دولة يوغسلافيا السابقة على عهد الرئيس الأسبق إبراهيم عبود في خمسينيات القرن الماضي، وافتتحه الرئيس اليوغسلافي المارشال جوزيف بروز تيتو. وتضم الفرقة 22 التابعة للجيش، إلى جانب عناصرها، قوات قادمة من ولايات ومناطق دارفور وكردفان سيطرت عليها «قوات الدعم السريع».

أطفال سودانيون في معسكر للنازحين بولاية جنوب كردفان (أرشيفية - رويترز)

وظلت المدينة تشهد معارك منذ الأيام الأولى للحرب، ما أدى إلى هجرة أهلها، إلى مدينة المجلد القريبة، والقرى والبلدات المجاورة، وتحولت إلى مدينة «أشباح» يسكنها جنود من الطرفين المتقاتلين. ثم توقف القتال فيها في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، باتفاق ثلاثي بين الجيش و«الدعم السريع» والإدارة الأهلية بالمدينة، قضى بوقف التصعيد وتحليق الطيران الحربي والقصف في المدينة، لكن الأوضاع ظلت متوترة في المدينة، واعتصمت بها قوات الجيش بمقراتها غرب المدينة، بينما ظلت «قوات الدعم السريع» تسيطر على الأحياء «المهجورة».

لكن المدينة شهدت معارك ضارية منذ السبت، وقال عنها الجيش، في بيان رسمي، إن قواته في الفرقة 22، سحقت هجوماً كبيراً لـ«قوات الدعم السريع» التي حشدت لها من كل صوب، وتوعد بتحويل المدينة إلى مقبرة لـ«قوات الدعم السريع»، «وما يجمعون».

حرب استنزاف

ولم تصدر تعليقات رسمية من «قوات الدعم السريع» حول حقيقة الوضع في المدينة، لكن منصتها على «تلغرام» ذكرت أنها سيطرت على اللواء 189 التابع للفرقة، فيما ذكرت منصات تابعة للجيش أن «قوات الدعم السريع» بسطت سيطرتها مؤقتاً على مقر اللواء، واضطرت للانسحاب بعد تدخل قوات الجيش، بيد أن مصدراً عسكرياً طلب عدم كشف اسمه، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة بابنوسة أسوة بمدينة الفاشر، تعد «مناطق استنزاف» لـ«قوات الدعم السريع»، حيث خسرت أعداداً كبيرة من الرجال والعتاد أثناء محاولتها مهاجمة مقرات الجيش، وأضاف: «في معركة بابنوسة أمس، نصب الجيش فخاً لـ(الدعم السريع)، فاندفع بمقاتليه تجاه مقر الفرقة، قبل أن يطبق عليهم، ويصدهم، ملحقاً بهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد».

الحرب شرَّدت ملايين السودانيين بين نزوح في الداخل ولجوء إلى الخارج (أ.ف.ب)

وتعد معارك بابنوسة محورية لكل من الجيش و«الدعم السريع»، ففي حال سيطرت «قوات الدعم السريع» على المدينة ستبسط سيطرتها على كامل ولاية غرب كردفان المحادة لدولة جنوب السودان من جهة الجنوب، وولايتي شمال وجنوب كردفان من جهة الشرق، وولايات جنوب وشمال دارفور، من جهة الغرب، وذلك بعد أن أكمل سيطرته على مدينتي «النهود والخوى»، وحال احتفاظ الجيش بقاعدته في بابنوسة، يكون قد احتفظ بموطئ القدم في الولاية، يمهد لخطواته باتجاه دارفور.