بدت الأزمة الليبية ممتدة، دون حل في الأمد القريب، في ظل تمسّك الأطراف السياسية المنقسمة في البلاد بما يرونه «قانونياً» لجهة إجراء الانتخابات العامة، وسط انتظار تحرك البعثة الأممية لإنقاذ خريطتها التي سبق أن أعلنت عنها أمام مجلس الأمن الدولي في إحاطات سابقة.
وأمام عدم وجود حلحلة ملموسة على أي مسار سياسي، بعد أكثر من عام على مهمة عبد الله باتيلي، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، تزايدت مخاوف السياسيين بالبلاد من مدى تأثّر قضيتهم باتساع رقعة الصراعات في المنطقة، بالنظر إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وما تبعتها من مواقف دولية «متعارضة قد تأخذ الأزمة إلى نفق مظلم».
ويرى رئيس حزب «صوت الشعب» الليبي فتحي عمر الشبلي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن ما حدث ويحدث في غزة «أعطى رسالة بأن الدول الكبرى، من بينها أميركا وبريطانيا وألمانيا المتورطة بمساندة ودعم الكيان الإسرائيلي، ليست مهتمة بقضايا الأمة العربية، بقدر ما هي حريصة على مصلحة إسرائيل».
وتتداخل أميركا ودول أوروبية، من بينها بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، بالإضافة إلى دول إقليمية، في الأزمة الليبية، ويرى سياسيون ليبيون أن «هذه التدخلات في كثير منها تعرقل الحل السياسي»، وأرجعوا ذلك «لإصرار هذه الدول على دعم كل منهم جبهته في الداخل الليبي، ما يخلق تعارضاً في المصالح، ثم مزيداً من الفشل داخلياً».
ويقول سياسي ليبي إن الوجه الذي أظهرته الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا على سبيل المثال مؤخراً لجهة الأزمة الفلسطينية «خلق لدى الليبيين حالة من النفور وعدم الاطمئنان لتقديم تلك الدول نفسها على أنها وسيطة تسعى لحل قضيتهم»، وزاد: «تبين للجميع أن المسألة لا تعدو كونها لعبة مصالح وفرض نفوذ».
ونوّه السياسي الليبي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى «وجود حالة انشغال دولي وعربي بما يجري من حرب إسرائيلية على قطاع غزة»، وقال: «كانت العاصمة طرابلس قبل بدء الحرب تشهد زيارات لسياسيين ودبلوماسيين دوليين بشكل ملحوظ، الآن الأنظار متجهة نحو القطاع».
وتدعم أميركا والدول الأوروبية الأربع دعوة المبعوث الأممي في ليبيا إلى التوصل لتسوية سياسية في البلاد تمهّد الطريق لإجراء انتخابات.
وفي آخر بيان أصدرته الدول الخمس في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قالت إنها «تؤيد بقوة دعوة الأمم المتحدة لكل القادة الليبيين إلى العمل معاً من أجل التوصل إلى تسوية سياسية ملزمة، تمهد الطريق لإجراء انتخابات وطنية وحكومة موحدة».
غير أنه مع الانشغال بالحرب الإسرائيلية على غزة، تراجعت تحركات البعثات الدبلوماسية لهذه الدول بشكل ملحوظ في ليبيا، باستثناء لقاء عقده ريتشارد نورلاند السفير والمبعوث الأميركي إلى ليبيا مع فرحات بن قدارة، رئيس مجلس إدارة «المؤسسة الوطنية للنفط الليبية»، أكدت فيه واشنطن «أهمية الحفاظ على استقلالية مؤسسة النفط ونزاهتها التكنوقراطية، بالإضافة إلى سلامة موظفيها».
وبالنظر إلى جمود العملية السياسية في ليبيا، وبعد أقل من أسبوع على لقاء رئيسي مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» عقيلة صالح ومحمد تكالة في القاهرة، يترقب الليبيون أي تحرك للمبعوث الأممي بشأن إنقاذ فرصة إجراء انتخابات عامة في ليبيا من الفشل.
وأبلغ مجلس النواب الليبي أعضاءه بجلسة تعقد الاثنين، وفق ما أكد النائب إسماعيل الشريف، مرجحاً أن تتم مناقشة ما أثمرت عنه مشاورات صالح وتكالة في القاهرة حول قانوني الانتخابات الرئاسية والنيابية المنتظرة.
ويتمسك باتيلي بأن قانونَي الانتخابات الجديدين «يسترعيان عدداً من الملاحظات»، وقال في إحاطته السابقة أمام مجلس الأمن الدولي إن هناك «بعض القضايا المثيرة للجدل» تحتاج حلاً، من بينها إلزامية الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، خلافاً للممارسة المتعارف عليها.