تونس: ارتفاع عدد المتهمين في قضية فرار 5 إرهابيين من السجن إلى 10

تساؤلات تحيط بعملية الهروب وبسهولة اعتقالهم دون إبداء أي مقاومة

السجن المدني بالمرناقية (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)
السجن المدني بالمرناقية (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)
TT

تونس: ارتفاع عدد المتهمين في قضية فرار 5 إرهابيين من السجن إلى 10

السجن المدني بالمرناقية (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)
السجن المدني بالمرناقية (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)

قررت النيابة العامة التونسية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، اليوم الأربعاء، اعتقال موظفين إضافيين يعملان في قطاع السجون، على ذمة الأبحاث المتعلقة بحادثة فرار خمسة عناصر إرهابية خطيرة من سجن المرناقية قبل نحو أسبوع، ليرتفع بذلك عدد المتهمين إلى عشرة أفراد، أغلبهم من المباشرين للعمل بالسجن المدني بالمرناقية (غربي العاصمة).

علماً بأن وزارة العدل أعلنت إثر العملية عن إقالة المدير العام للسجن، وإحالته للتحقيق.

وكانت النيابة العامة قد سمحت، إثر الإعلان عن عملية الفرار لأطر الفرقة المركزية لمكافحة الإرهاب للحرس الوطني بثكنة العوينة (الضاحية الشمالية للعاصمة)، بالاحتفاظ بخمسة أفراد من أطر وموظفي السجن المدني بالمرناقية، يشتبه بهم في تسهيل عملية فرار العناصر الإرهابية الخمسة، المصنفة ضمن أخطر الداعمين للأفكار المتطرفة.

وبخصوص ملابسات عملية الفرار وكيف تمت؟ ومن سهل القيام بها؟ وما هي الأطراف السياسية أو الأمنية التي يشتبه في تنفيذها، قال فاكر بوزغاية، المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية في تصريح إعلامي، إن عملية فرار الإرهابيين من السجن وإلقاء القبض عليهم «ستتم على مستوى قيادات أمنية عليا». مبرزاً أن كمال الفقي، وزير الداخلية التونسية، تابع ميدانياً رفقة آمر الحرس الوطني، ومدير عام الأمن الوطني عملية إلقاء القبض على الإرهابيين صباح أمس (الثلاثاء)، وقال إنه من المنتظر تقديم تفاصيل أوفى حول ما حصل في وقت لاحق، على حد تعبيره.

ومع الإعلان عن «نجاح الأمن» في إعادة المساجين الخمسة إلى السجن، تظل عدة تساؤلات تحيط بهذه العملية، وبسهولة القبض عليهم دون أن يبدوا أي مقاومة، وهو ما يدعو إلى الاستغراب بحسب بعض المراقبين، الذين أجروا متابعة ومقارنة مع سلوك بعض المنتمين إلى التنظيمات الإرهابية خلال السنوات الماضية خلال عمليات اعتقالهم.

وفي هذا الشأن، قال مازن الشريف، الخبير التونسي في الجماعات الإرهابية، إن شكوكاً عديدة «تحوم حول عملية الفرار. فهل تمت بتدبير داخلي ومحلي من قبل أطراف تدين لأحزاب سياسية؟ أم أنها مدبرة من الخارج؟ وهي تحمل عدة رسائل، خاصة أن عملية الفرار نفذت مباشرة إثر تصريحات للرئيس التونسي حول تجريم التطبيع»، على حد قوله.

وأكد الشريف «استحالة فرار السجناء الخطرين بمفردهم من أحدث السجون التونسية، وأكثرها تحصيناً ومراقبة أمنية، كما أن التخلي عنهم بتلك الطريقة والقبض على أحدهم وهو بصدد اقتناء الخبز في أحد الأحياء الشعبية، والقبض على العناصر الأربعة الأخرى في جبل بوقرنين، دون أن يبدوا أي مقاومة، يثير بالفعل الكثير من الأسئلة، ولعل الإعلان عن القبض عنهم أحياء سيكشف الكثير من لغز الفرار وإعادتهم إلى السجن».

في السياق ذاته، شدد خليفة الشيباني، المتحدث السابق باسم الإدارة العامة للحرس التونسي (وزارة الداخلية) على ضرورة الكشف عن جميع تفاصيل العملية ومن يقف وراءها، وطالب بفضح الأطراف التي كانت تقف وراء عملية الفرار، معتبراً أنها تمت بتواطؤ يرتقي إلى مرتبة الخيانة.

واستبعد المصدر ذاته وجود أطراف خارجية ساهمت في عملية الفرار، مبرراً ذلك بالقبض عليهم في وقت وجيز جداً.


مقالات ذات صلة

البحر يلفظ 15 جثة على سواحل تونس الشرقية

المشرق العربي مهاجرون اعتُرض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسي (أرشيفية - أ.ف.ب)

البحر يلفظ 15 جثة على سواحل تونس الشرقية

انتشل خفر السواحل التونسي نهاية الأسبوع 15 جثة لفظها البحر على شواطئ محافظة المهدية في شرق تونس.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس يؤدي اليمين الدستورية (رويترز)

الرئيس التونسي يؤدي اليمين الدستورية لولايته الثانية

«نقف من دون حدود، مع كل الشعوب المضطهدة وأولها الشعب الفلسطيني حتى يستعيد حقه كاملاً ويقيم دولته المستقلة».

شمال افريقيا من الاجتماع التشاوري بتونس في 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)

ترتيب تونسي - جزائري للقمة المغاربية «المصغّرة» في غياب المغرب وموريتانيا

بحث وزيرا خارجية الجزائر وتونس «القمة المغاربية المصغّرة» المرتقبة في طرابلس، في غياب المغرب وموريتانيا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا فاروق بوعسكر رئيس هيئة الانتخابات خلال الإعلان عن فوز الرئيس سعيّد بالانتخابات الرئاسية (أ.ف.ب)

الرئيس التونسي يؤدي القسم الدستوري خلال أيام

كشف النائب بمجلس نواب الشعب التونسي (البرلمان)، ياسر القوراري، عن أن البرلمان بغرفتيه بصدد استكمال ترتيبات جلسة أداء اليمين الدستورية من قِبَل الرئيس سعيّد.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس قيس سعيد يحتفل مع مؤيديه بعد الإعلان عن فوزه بولاية ثانية (أ.ف.ب)

هيئة الانتخابات التونسية تهدد بمتابعة من يتهمها بـ«التزوير»

أصدرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية بلاغاً، أكدت فيه أنّ «كل اتهام مجاني لهيئة الانتخابات بتدليس أو تزوير النتائج، ستتم معاينته بصفة قانونية».

«الشرق الأوسط» (تونس)

هل ينجح «المقترح المصري» في التوصل إلى «هدنة» بغزة؟

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة (رويترز)
TT

هل ينجح «المقترح المصري» في التوصل إلى «هدنة» بغزة؟

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة (رويترز)

مقترح مصري جديد بشأن الهدنة في قطاع غزة، طرحته الرئاسة المصرية علناً، بعد ساعات من انطلاق جولة محادثات في الدوحة، وسط تضارب بشأن قبول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من عدمه، وغموض لا يزال يسيطر على رد «حماس»، قبل نحو أسبوع من اتجاه أنظار المنطقة نحو الانتخابات الأميركية المصيرية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، يرون أن المقترح المصري المعلَن بمثابة «تحريك للمياه الراكدة» في المفاوضات المجمدة منذ شهرين، ويضع ضغوطاً على نتنياهو، وهو بمثابة اختبار لجديته، معبِّرين عن تخوُّفهم من تعطيل الأخير، إتمام الصفقة قبل الانتخابات الأميركية انتظاراً لدعم حليفه دونالد ترمب حال وصوله للبيت الأبيض.

وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد قال في مؤتمر صحافي، الأحد الماضي، إن «مصر قامت خلال الأيام القليلة الماضية بجهد كبير لإطلاق مبادرة تهدف إلى تحريك الموقف، وإيقاف إطلاق النار لمدة يومين، يجري خلالها تبادل 4 رهائن مع الأسرى الموجودين في السجون الإسرائيلية، ثم خلال 10 أيام يجري التفاوض على استكمال الإجراءات في قطاع غزة، وصولاً إلى إيقاف كامل لإطلاق النار، وإدخال المساعدات».

وقبل تصريح السيسي بأسبوع تقريباً، عقد رئيس المخابرات المصرية، حسن رشاد، اجتماعاً، في 20 أكتوبر (تشرين الأول) بالقاهرة مع رئيس «الشاباك»، رونين بار، حسبما نقل موقع «أكسيوس»، الأحد، عن مصدر وصفه بالمطلع، لافتاً إلى أن المصريين اقترحوا البدء بـ«صفقة صغيرة» تتضمن إطلاق سراح عدد محدود من الرهائن المحتجزين لدى «حماس»، مقابل وقف إطلاق النار في غزة أياماً قليلة، على أن تتبعها مفاوضات متجددة حول اتفاق أشمل للرهائن، ووقف إطلاق النار.

فلسطينيون ينظرون إلى الأضرار بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة المحيطة بمستشفى كمال عدوان في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)

وساد التضارب بشأن موقف نتنياهو دون تعقيب مباشر من إسرائيل؛ وقالت «القناة 12» الإسرائيلية، الاثنين، إنه جرى طرح الاقتراح المصري للمناقشة في المجلس الوزاري المصغّر «الكابنيت»، وحظي بتأييد غالبية الوزراء باستثناء نتنياهو وإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

لكن وسائل إعلام عبرية، عادت ونقلت عن نتنياهو، قوله خلال اجتماع لحزب «الليكود»، يوم الاثنين: «إذا كان هناك اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة يومين للإفراج عن 4 من الرهائن، فسأقبله على الفور».

وذهب وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، في تصريحات، الأحد، إلى أنه يجب تقديم «تنازلات مؤلمة» لتأمين استعادة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، مشيراً إلى أن العمليات العسكرية وحدها لن تحقق أهداف الحرب.

ورقة ضغط

الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أن المقترح المصري بمثابة تحريك للمياه الراكدة في المفاوضات، لافتاً إلى أن المقترح يعد بمثابة ورقة ضغط على الجانبين، لا سيما على نتنياهو، واختبار لمدى جديته أمام الرأي العام الإسرائيلي، خصوصاً مع طرح يومين فقط كبداية مقابل 4 أسرى، وحال رفضه سيؤكد أنه ضد الحفاظ على أرواح شعبه.

وبحسب فؤاد أنور، فإن هناك تضارباً وتخبطاً في الجانب الإسرائيلي، وليس هناك بيان رسمي يحسم قبول الصفقة من عدمه، في ضوء وجود خلافات بين نتنياهو وغالانت الأقرب لتمرير الصفقة، وتقديم تنازلات تحفظ أرواح الرهائن، متوقعاً استمرار رئيس الوزراء الإسرائيلي في المراوغة.

عناصر من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» يسلمون رهائن ضمن صفقة لتبادل الرهائن مع إسرائيل نوفمبر الماضي (د.ب.أ)

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن المقترح المصري أمامه «تحدي معارضة نتنياهو له، وفق ما أثير إعلامياً بأنه طلب تعديلات عليه في اجتماع الدوحة، وأنه يجب إتمام الاتفاق تحت بند مفاوضات تحت النار».

وباعتقاد مطاوع فإنه لن تقبل دولتا الوساطة مصر وقطر أو «حماس» ذلك الموقف الإسرائيلي، في ظل ما يثار إعلامياً أيضاً بأن الحركة طرحت صفقة شاملة بمثابة مقترح جديد. وذلك المقترح بحسب فؤاد أنور، يراه موقفاً إسرائيلياً، يقابله رفض من «حماس»، والتمسك بصفقة على مراحل للرهائن لكشف جدية ومصداقية نتنياهو.

وجاء الإعلان عن المقترح المصري تزامناً مع استضافة قطر، الأحد، بحضور مدير المخابرات المركزية الأميركية ويليام بيرنز، ورئيس «الموساد» ديفيد برنياع، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، «بهدف التوصل إلى اتفاق قصير الأجل لأقل من شهر، وتبادل بعض الرهائن مع فلسطينيين محتجزين في سجون إسرائيل، بوصفه مقدمة لاتفاق أكثر استدامة»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء، عن مصدر لم تسمه، وقتها.

وكشفت «‏القناة 12» الإسرائيلية، الاثنين، أن أجواء مباحثات الدوحة التي لم تشارك بها مصر بشأن التهدئة في غزة كانت «إيجابية، والهدف عقد اجتماع آخر خلال أيام».

شراء الوقت

ولم يصدر حتى الآن تعليق رسمي من «حماس» على المقترح المصري، لكن مسؤولاً فلسطينياً قريباً من جهود الوساطة قال لـ«رويترز»: «أتوقع أن تستمع (حماس) إلى العروض الجديدة، لكنها لا تزال مصممة على أن يؤدي أي اتفاق إلى إنهاء الحرب، وخروج القوات الإسرائيلية من غزة».

وفي ظل غموض موقف «حماس»، يرى فؤاد أنور أنه لا بديل عن «تنازلات» تقدمها إسرائيل كما قال غالانت، لافتاً إلى أن نتنياهو يتوهم أنه حقق مكاسب، بينما هناك 101 أسير لدى «حماس» لن يستطيع حل أزمتها بتلك المراوغات، والانفصال عن الواقع من أجل دعم حليفه دونالد ترمب وبقائه السياسي.

ويتوقع أنه حال تراجع نتنياهو وجلست الفرق الفنية لكتابة تفاصيل الاتفاق ضمن جولات جديدة من المحادثات بعد اجتماع الدوحة، فإنه من الممكن أن يحدث قبل الانتخابات الأميركية، مستدركاً: «لكن إذا استمرت مراوغة نتنياهو فستستمر المحادثات، ولن يكون هناك اتفاق إلا بعد الانتخابات».

ويتفق المحلل السياسي الفلسطيني، مع الرأي السابق، متوقعاً استمرار جولات المحادثات دون الذهاب لاتفاق على أرض الواقع قبل الانتخابات الأميركية، مشيراً إلى أن نتنياهو يواصل شراء الوقت والمراوغة لعدم إبرام اتفاق إلا بعد الانتخابات، وظهور الفائز بها.