تأجيل النظر في قضية الهجوم الإرهابي على مدينة بن قردان التونسية

خلف أكثر من 50 قتيلاً وعشرات الجرحى

قوات الأمن التونسي تعزز إجراءاتها الأمنية في جزيرة جربة بعد الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له من طرف مجموعة من الإرهابيين (أ.ف.ب)
قوات الأمن التونسي تعزز إجراءاتها الأمنية في جزيرة جربة بعد الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له من طرف مجموعة من الإرهابيين (أ.ف.ب)
TT

تأجيل النظر في قضية الهجوم الإرهابي على مدينة بن قردان التونسية

قوات الأمن التونسي تعزز إجراءاتها الأمنية في جزيرة جربة بعد الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له من طرف مجموعة من الإرهابيين (أ.ف.ب)
قوات الأمن التونسي تعزز إجراءاتها الأمنية في جزيرة جربة بعد الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له من طرف مجموعة من الإرهابيين (أ.ف.ب)

أجلت محكمة الاستئناف بالعاصمة التونسية النظر في قضية المتهمين في ملف الهجوم الإرهابي على مدينة بن قردان، الذي حدث في السابع من مارس(آذار) 2016، وقررت تأجيل المحاكمة إلى شهر مارس(آذار 2024، استجابة لطلبات محامي بعض المتهمين، الذين التمسوا مزيدا من الوقت للإطلاع وإعداد وسائل الدفاع في واحدة من أعنف الهجمات الإرهابية، التي شنتها عناصر موالية لتنظيم داعش بهدف إقامة إمارة داعشية في المنطقة، والانطلاق منها لمهاجمة بقية التراب التونسي.

وخلال الجلسة التي عقدت أمس (الثلاثاء) تحت حراسة أمنية مشددة، رفض بعض المتهمين المثول أمام المحكمة، بعد أن تم جلبهم من السجن، وهو سلوك غالبا ما تعبر به العناصر الإرهابية عن عدم رضاها على طريقة المحاكمة، وعلى الاتهامات الإرهابية الموجهة إليهم.

وكانت المحكمة الابتدائية التونسية قد قضت في حق 16 إرهابيا من المتهمين بالإعدام شنقا، فيما صدرت أحكام على 15 متهما آخرين بالسجن مدى الحياة، وحُكم على اثنين بالسجن 30 عاما، واثنين بالسجن 27 عاما، وسبعة آخرين بالسجن 24 عاما، وثلاثة بالسجن 20 عاما. كما صدرت في نفس القضية أحكام بالسجن، تراوحت بين 4 و15 سنة سجنا، وعرفت تلك الأحكام طريقها نحو الاستئناف من قبل النيابة العامة، لكنها لم تنل رضا محامي المتهمين.

وتعد قضية الهجوم الإرهابي على مدينة بن قردان، الواقعة على الحدود التونسية- الليبية، من أكبر القضايا التي تشهدها محاكم تونس، حيث تشمل نحو 90 متهما، من بينهم 45 محالون بحال إيقاف، والبقية بحال سراح، فيما تم القضاء على العشرات من الإرهابيين خلال المواجهات المسلحة، التي وقعت قبل نحو سبع سنوات. ويواجه المتهمون عدة تهم خطيرة، من بينها الإضرار بأمن الدولة، والانضمام إلى تنظيم إرهابي، والإضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة. ويمكن أن تصل الأحكام القضائية فيها حد الإعدام في حال ثبوت ارتكابهم أعمال إرهابية، خلفت وراءها قتلى، حسب ما ينص عليه قانون مكافحة الإرهاب التي صادقت عليه تونس سنة 2015.

وتعود أطوار هذا الهجوم الإرهابي إلى سنة 2016، حينما حاولت مجموعة من العناصر الإرهابية، أغلبها تلقت تدريبا في ليبيا المجاورة، التسلل إلى مدينة بن قردان قصد السيطرة عليها، وإقامة إمارة داعشية بها، وعرفت المنطقة مواجهات مسلحة مع وحدات مشتركة بين الأمن والجيش التونسي دامت نحو أسبوعين تقريبا، تمّ خلالها القضاء على 55 عنصرا إرهابيا، من بينهم 36 مسلحًا، كما تم إلقاء القبض على عدد كبير من المشتبه بمشاركتهم في هذا الهجوم.

ومن بين العناصر الإرهابية الخطيرة التي تم إيقافها عادل الغندري، المصنّف "خطير جدّا"، وهو من مواليد سنة 1986، ينحدر من منطقة بن قردان، وقد أثبتت التحريات الأمنية ضلوعه وتورطه في الإعداد لهذا الهجوم الإرهابي، علاوة على المشاركة في العديد من العمليات الإرهابية الأخرى التي عرفتها تونس.


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

بعد تأكيدات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الأسبوع الماضي، باستمرار سريان مذكرة التوقيف التي صدرت بحق سيف الإسلام، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، عاد اسم سيف الإسلام ليتصدر واجهة الأحداث بالساحة السياسية في ليبيا.

وتتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير»، التي خرجت للشارع ضد نظام والده، الذي حكم ليبيا لأكثر من 40 عاماً.

* تنديد بقرار «الجنائية»

بهذا الخصوص، أبرز عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن القوى الفاعلة في شرق البلاد وغربها «لا تكترث بشكل كبير بنجل القذافي، كونه لا يشكل خطراً عليها، من حيث تهديد نفوذها السياسي في مناطق سيطرتها الجغرافية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم قلة ظهور سيف منذ إطلاق سراحه من السجن 2017، فإن تحديد موقعه واعتقاله لن يكون عائقاً، إذا ما وضعت القوى المسلحة في ليبيا هذا الأمر هدفاً لها».

صورة التُقطت لسيف الإسلام القذافي في الزنتان (متداولة)

وفي منتصف عام 2015 صدر حكم بإعدام سيف الإسلام لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب»، وقتل مواطنين خلال «ثورة فبراير»، إلا أن الحكم لم يُنفَّذ، وتم إطلاق سراحه من قبل «كتيبة أبو بكر الصديق»، التي كانت تحتجزه في الزنتان. وبعد إطلاق سراحه، لم تظهر أي معلومات تفصيلية تتعلق بحياة سيف الإسلام، أو تؤكد محل إقامته أو تحركاته، أو مَن يموله أو يوفر له الحماية، حتى ظهر في مقر «المفوضية الوطنية» في مدينة سبها بالجنوب الليبي لتقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.

وأضاف التكبالي أن رفض البعض وتنديده بقرار «الجنائية الدولية»، التي تطالب بتسليم سيف القذافي «ليس لقناعتهم ببراءته، بقدر ما يعود ذلك لاعتقادهم بوجوب محاكمة شخصيات ليبية أخرى مارست أيضاً انتهاكات بحقهم خلال السنوات الماضية».

* وجوده لا يشكِّل خطراً

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، انضم للرأي السابق بأن سيف الإسلام «لا يمثل خطراً على القوى الرئيسية بالبلاد حتى تسارع لإزاحته من المشهد عبر تسليمه للمحكمة الدولية»، مشيراً إلى إدراك هذه القوى «صعوبة تحركاته وتنقلاته». كما لفت إلى وجود «فيتو روسي» يكمن وراء عدم اعتقال سيف القذافي حتى الآن، معتقداً بأنه يتنقل في مواقع نفوذ أنصار والده في الجنوب الليبي.

بعض مؤيدي حقبة القذافي في استعراض بمدينة الزنتان (متداولة)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من طرابلس مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وهي مدعومة من قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، الذي تتمركز قواته بشرق وجنوب البلاد.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي الليبي، حسين السويعدي، الذي يعدّ من مؤيدي حقبة القذافي، أن الولاء الذي يتمتع به سيف الإسلام من قبل أنصاره وحاضنته الاجتماعية «يصعّب مهمة أي قوى تُقدم على اعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية»، متوقعاً، إذا حدث ذلك، «رد فعل قوياً جداً من قبل أنصاره، قد يمثل شرارة انتفاضة تجتاح المدن الليبية».

ورغم إقراره في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «كل القوى الرئيسية بالشرق والغرب الليبيَّين تنظر لسيف الإسلام بوصفه خصماً سياسياً»، فإنه أكد أن نجل القذافي «لا يقع تحت سيطرة ونفوذ أي منهما، كونه دائم التنقل، فضلاً عن افتقاد البلاد حكومة موحدة تسيطر على كامل أراضيها».

ورفض المحلل السياسي ما يتردد عن وجود دعم روسي يحظى به سيف الإسلام، يحُول دون تسليمه للمحكمة الجنائية، قائلاً: «رئيس روسيا ذاته مطلوب للمحكمة ذاتها، والدول الكبرى تحكمها المصالح».

* تكلفة تسليم سيف

من جهته، يرى الباحث بمعهد الخدمات الملكية المتحدة، جلال حرشاوي، أن الوضع المتعلق بـ(الدكتور) سيف الإسلام مرتبط بشكل وثيق بالوضع في الزنتان. وقال إن الأخيرة «تمثل رهانات كبيرة تتجاوز قضيته»، مبرزاً أن «غالبية الزنتان تدعم اللواء أسامة الجويلي، لكنه انخرط منذ عام 2022 بعمق في تحالف مع المشير حفتر، ونحن نعلم أن الأخير يعدّ سيف الإسلام خطراً، ويرغب في اعتقاله، لكنهما لا يرغبان معاً في زعزعة استقرار الزنتان، التي تعدّ ذات أهمية استراتيجية كبيرة».

أبو عجيلة المريمي (متداولة)

ويعتقد حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة يتبع أيضاً سياسة تميل إلى «عدم معارضة القذافي». ففي ديسمبر (كانون الأول) 2022، سلم المشتبه به في قضية لوكربي، أبو عجيلة المريمي، إلى السلطات الأميركية، مما ترتبت عليه «تكلفة سياسية»، «ونتيجة لذلك، لا يرغب الدبيبة حالياً في إزعاج أنصار القذافي. فالدبيبة مشغول بمشكلات أخرى في الوقت الراهن».