تشديد مصري على رفض «خطة إسرائيلية» لتوطين الفلسطينيين في سيناء

شكري عدّها «مثيرة للسخرية»

وزير الخارجية المصري سامح شكري  (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري سامح شكري (الخارجية المصرية)
TT

تشديد مصري على رفض «خطة إسرائيلية» لتوطين الفلسطينيين في سيناء

وزير الخارجية المصري سامح شكري  (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري سامح شكري (الخارجية المصرية)

جددت مصر تأكيد موقفها الرافض لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى أراضيها. وفي أول تعليق رسمي على «وثيقة مسربة» من وزارة الاستخبارات الإسرائيلية بشأن توطين فلسطيني قطاع غزة في مصر، وصف وزير الخارجية المصري سامح شكري الوثيقة بأنها «مثيرة للسخرية».

في غضون ذلك، يتواصل الحشد الإعلامي، وعبر منصات التواصل الاجتماعي، لرفض الإجراءات الإسرائيلية بحق سكان غزة لدفعهم إلى النزوح نحو سيناء، وسط حديث عن «حملات» ضد القاهرة بسبب رفض السلطات المصرية تصفية القضية الفلسطينية والقبول بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء.

وقال شكري في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية، أذيعت مساء الخميس، إن وثيقة وزارة الاستخبارات الإسرائيلية المسربة التي تقترح نقل ملايين الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء في مصر «اقتراح مثير للسخرية».

وأكد شكري أنه لم يتحدث إلى إسرائيل حول الخطة، مضيفاً: «لا أعتقد أننا سنتحدث مع إسرائيل، أو أي طرف سيثير مثل هذا الاقتراح (السخيف)». وذكر أن «الدول ذات سيادة وهي محددة بشكل جيد من خلال حدودها، من خلال سكانها. ومسألة النزوح في حد ذاتها هي مسألة تتعارض مع القانون الإنساني الدولي. لذا أعتقد أن لا أحد سيقوم بنشاط غير قانوني».

مبنى وزارة الخارجية المصرية في القاهرة (الخارجية المصرية)

وثيقة إسرائيلية

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نشرت «وثيقة منسوبة» لوزارة الاستخبارات الإسرائيلية، صادرة في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. تقترح الوثيقة، التي قلل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أهميتها في وقت سابق، نقل السكان المدنيين في غزة إلى شمال سيناء، بدعوى أن مثل هذه الخطة «ستكون الأفضل لأمن إسرائيل على المدى الطويل».

ورفضت مصر في مناسبات عدة أي مساعٍ لتهجير الفلسطينيين قسرياً إلى الأراضي المصرية. وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي مراراً أن مصر «لم ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار»، مشدداً على أن حماية الأمن القومي لبلاده «لا تهاون فيها»، وأن «مصر دولة قوية لا تُمس».

وأعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، عن امتنانه للدور الذي قامت به مصر في تسهيل آلية خروج المواطنين الأميركيين وغيرهم من الرعايا الأجانب من غزة، مؤكداً في تغريدة له (الجمعة) أننا «نركز بشدة على حل الدولتين ونرفض الترحيل القسري للفلسطينيين خارج قطاع غزة».

وهذه المرة الثانية التي تبدي فيها الإدارة الأميركية موقفاً رافضاً لتهجير الفلسطينيين، إذ سبق أن ناقش الرئيس جو بايدن خلال اتصال هاتفي مع نظيره المصري في 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «أهمية حماية حياة المدنيين، واحترام القانون الإنساني الدولي، وضمان عدم دفع فلسطينيي غزة إلى النزوح إلى مصر أو أي دولة أخرى»، وفق بيان صادر عن البيت الأبيض، وخلال الاتصال أكد الرئيس الأميركي «رفض الولايات المتحدة نزوح الفلسطينيين خارج أراضيهم»، حسب بيان للمتحدث باسم الرئاسة المصرية.

تفاعل «سوشيالي»

ولا تزال المخاوف من تصعيد الهجمات الإسرائيلية في غزة، بما يدفع سكان القطاع إلى النزوح الجماعي نحو الأراضي المصرية، تثير تفاعلاً على منصات التواصل الاجتماعي، كما تحظى باهتمام مكثف في وسائل الإعلام المصرية التي تفرد مساحات بارزة من تغطياتها لتأكيد الموقف المصري الرافض رسمياً وشعبياً لأي إجراءات لتهجير سكان قطاع غزة.

وتحدث الكاتب والبرلماني المصري مصطفى بكري، (الجمعة)، عن سبب ما سمّاه بـ«الحملات السياسية والإعلامية والحروب الاقتصادية» التي تُشن ضد الرئيس المصري. وأرجع في تدوينة عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس» (تويتر سابقاً) تلك الحملات إلى «رفضه تصفية القضية الفلسطينية وقبول تهجير الفلسطينيين إلى سيناء». وأضاف بكري أن «المخطط كبير، وعناصره في الداخل والخارج»، مشدداً على أن «خيارنا الوحيد هو دعم القيادة السياسية وموقفها من رفض التهجير وتصفية القضية».

فيما أشادت تدوينات أخرى لمواطنين مصريين بموقف وزير الخارجية المصري بشأن «وثيقة الاستخبارات الإسرائيلية»، وسط إشادة بحكمة التعامل المصري مع الموقف والقدرة على إدارة الأزمة.

مشروعات إسرائيلية

من جانبه، أشار عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير رخا أحمد حسن، إلى أن وصف وزير الخارجية المصري للوثيقة الإسرائيلية بشأن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء بأنها هزلية «يأتي إدراكاً لحالة التخبط التي تعانيها الحكومة الإسرائيلية حالياً»، لافتاً إلى أن السلطات الإسرائيلية «لا تمتلك تصوراً واضحاً عما تريده بعد انتهاء الحرب»، وأن الأصوات التي تدعو إلى تهجير الفلسطينيين إلى مصر هي جزء من حالة التخبط الإسرائيلية التي أعقبت الصدمة الشديدة بعد 7 أكتوبر الماضي.

وأوضح حسن لـ«الشرق الأوسط» أن «الإدارة الأميركية نفسها وعبر مسؤولين موجودين حالياً في تل أبيب لا يجدون رؤية إسرائيلية متماسكة تجاه المرحلة التالية لانتهاء الحرب»، مشيراً إلى أن الموقف المصري من رفض مشروعات تهجير الفلسطينيين إلى سيناء «ليس جديداً»، ومؤكداً أنه كان الرد المتكرر في كل المرات التي طُرحت فيها هذه الأفكار، لكنه أضاف أن «غرور القوة» الذي ينتاب الإسرائيليين في الفترة الراهنة، بسبب الدعم الأميركي الغربي غير المحدود، يدفعهم إلى تصور إمكانية تنفيذ هذا المشروع القديم، مشدداً على أن التعامل المصري الذي وصفه بـ«الواقعي» يقف عقبة أمام تلك المشروعات الإسرائيلية.


مقالات ذات صلة

غزة: غارة إسرائيلية تُخرج «مستشفى كمال عدوان» عن الخدمة

المشرق العربي مسعفون بالقرب من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

غزة: غارة إسرائيلية تُخرج «مستشفى كمال عدوان» عن الخدمة

أعلنت منظمة الصحة العالمية أنّ العملية العسكرية التي شنّتها إسرائيل قرب مستشفى كمال عدوان أدّت إلى خروج آخر مرفق صحي رئيس شمالي القطاع عن الخدمة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مدنيون داخل مبنى مهدم عقب غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لـ«تجاوز مرحلة التفاصيل» وإبرام الاتفاق

اتهامات متبادلة لطرفي الحرب في قطاع غزة بـ«وضع شروط جديدة» جعلت المفاوضات تراوح مكانها وسط مساعٍ لا تتوقف من الوسطاء لوقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة  (أ.ف.ب) play-circle 02:02

الجيش الإسرائيلي يقتحم مستشفى بشمال غزة... ووزارة الصحة تفقد الاتصال مع الطاقم الطبي

قال مسؤولون إن القوات الإسرائيلية اقتحمت مستشفى كمال عدوان، أحد المرافق الطبية الثلاثة الواقعة شمال قطاع غزة، اليوم (الجمعة)، وأمرت العشرات من المرضى بإخلائه.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: «المناطق العازلة» تُعمق مخاوف الإخفاق

حديث إسرائيلي رسمي عن إنشاء «مناطق عازلة» في قطاع غزة، أثار تساؤلات بشأن مدى تأثيراتها على اتفاق الهدنة المحتمل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي تسبب القصف الإسرائيلي على غزة في استشهاد أكثر من 45 ألف فلسطيني أكثر من نصفهم نساء وأطفال (رويترز)

تجمدوا حتى الموت... البرد يودي بحياة 3 أطفال في غزة

توفي 3 أطفال فلسطينيين في الساعات الـ48 الماضية بسبب البرد الشديد، حيث قال الأطباء إنهم تجمدوا حتى الموت أثناء وجودهم في مخيمات غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

تبون يخاطب الجزائريين حول «تحديات الداخل واستفزازات الخارج»

الرئيس تبون مع وزيره الأول (الرئاسة)
الرئيس تبون مع وزيره الأول (الرئاسة)
TT

تبون يخاطب الجزائريين حول «تحديات الداخل واستفزازات الخارج»

الرئيس تبون مع وزيره الأول (الرئاسة)
الرئيس تبون مع وزيره الأول (الرئاسة)

ماذا سيعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في خطابه، المقرر غداً (الأحد) أمام غرفتي البرلمان؟

هذا هو السؤال الذي يجري طرحه منذ الخميس في أوساط الأحزاب المعارضة والمؤيدة له على حد سواء، إثر تداول أخبار بأنه «سيلقي الخطاب السنوي الذي تعهد به العام الماضي»، بحسب حسابات عدد من الناشطين بوسائل الإعلام الاجتماعي.

وأكد «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، في منشور مقتضب بحسابه بمنصة «فيسبوك»، اليوم (السبت)، أن تبون «سيلقي خطاباً موجهاً للأمة أمام البرلمان بغرفتيه»، علماً بأن الغرفة الثانية هي «مجلس الأمة»، ورئيسها هو الشخص الثاني في الدولة، حسبما ينص عليه الدستور.

من جلسة سابقة للمجلس الشعبي الوطني (البرلمان)

ووفق مصادر من محيط الرئاسة بشأن الخطاب، المنتظر في «نادي الصنوبر» بالضاحية الغربية للعاصمة، فإن تبون «سيخوض في أهم مشروعاته للولاية الثانية، والتحديات الاقتصادية الكبرى المطروحة حالياً، والتهديدات الخارجية التي تواجه البلاد، خصوصاً الاضطرابات في الجوار، وجرائم إسرائيل في غزة». كما أشارت المصادر نفسها، إلى «دعوات ملحة لسياسيين لتقديم موعد الحوار السياسي الذي تعهد به»، في إشارة إلى احتمال أن يعلن عن تاريخ الاجتماع مع الأحزاب، بعد أن تعهد بذلك في وقت سابق.

أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي دعا تبون إلى تسبيق موعد الحوار مع الأحزاب (إعلام حزبي)

وصرح تبون في بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خلال لقاء صحافي بثه التلفزيون الحكومي، بأنه يعتزم إجراء «حوار وطني مع الطبقة السياسية، في نهاية 2025 أو بداية 2026»، من دون أن يذكر أي شيء عن مضمون هذه المبادرة. والأسبوع الماضي، دعاه حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» المؤيد له، إلى تسبيق موعد الحوار، بذريعة أن «الاستفزازات التي تتعرض لها البلاد من الخارج تستدعي رص الصفوف، وإطلاق استشارة في الداخل حول كيفية التصدي للظرف الصعب».

وتتعامل الحكومة، وكل الأحزاب والتنظيمات ووسائل الإعلام الموالية لها، مع القطيعة التي تعيشها العلاقات مع فرنسا، والخلاف الحاد مع المغرب حول نزاع الصحراء، وتداعيات الاضطرابات في مالي والنيجر وليبيا، على الوضع في جنوب الجزائر، على أنها «تحديات كبرى، جزء منها مقصود، الهدف منه المس بأمن البلاد القومي».

ومن المنتظر أن يتضمن خطاب الرئيس «استكمال برنامجه الاقتصادي»، الذي دافع عنه في حملة انتخابات الرئاسة، التي نظمت في 7 سبتمبر (أيلول) الماضي. وتقوم خطته على تنويع الصادرات، خصوصاً محاولات فك التبعية لإيرادات المحروقات.

الرئيس تبون أثناء اجتماعه مع الولاة لبحث مشكلات التنمية في 24 ديسمبر الحالي (الرئاسة)

وبكلام آخر، سيشرح تبون حلوله لمشكلات الاقتصاد في الولاية الثانية (2024 - 2029). كما ينتظر أن يتناول «حسنات» قانون الاستثمار الجديد، الذي يهدف إلى «تحسين بيئة الأعمال، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية»، حسب الحكومة.

وصرح تبون في وقت سابق، بأنه حقق 7 مليارات دولار صادرات خارج النفط والغاز، وأنه يعتزم رفع الرقم إلى 13 مليار دولار. لكنّ خبراء مستقلين عن الحكومة يشككون في قدرة البلاد على بلوغ هذا السقف، قياساً إلى حالة الضعف التي يوجد عليها الإنتاج الوطني، ويرجحون بأن البلاد ستبقى تعول على ريع المحروقات لسد حاجياتها لمدة طويلة، في ظل غياب إصلاحات هيكلية جادة على طرق إدارة الاقتصاد والاستثمار.

من اجتماع سابق للرئيس بالأحزاب السياسية (الرئاسة)

وفي تقدير «المجاهد»، الصحيفة الحكومية الأولى، سيتناول خطاب تبون «محورين رئيسيين: الأول يقدم فيه حصيلة ولايته الأولى كما وعد بذلك خلال أدائه اليمين الدستورية في 16 سبتمبر الماضي، بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية. أما المحور الثاني، فسيعرض فيه خريطة طريق ولايته الثانية، وتفاصيل خطته الخماسية لتحقيق تعهداته بأن يجعل من الجزائر قوة اقتصادية ناشئة، مع تحقيق ناتج محلي إجمالي قدره 400 مليار دولار في غضون عام 2027».