الحرب في السودان تدخل شهرها السابع دون أفق حل

عضو سابق في «مجلس السيادة» يناشد الوساطة باستئناف «محادثات جدة»

TT

الحرب في السودان تدخل شهرها السابع دون أفق حل

دخان يتصاعد من طائرة محترقة داخل مطار الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
دخان يتصاعد من طائرة محترقة داخل مطار الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

دخلت الحرب بين طرفي القتال في السودان، الأحد، شهرها السابع دون توقف، ولا تلوح في الأفق بادرة نصر عسكري حاسم لأحد الطرفين، وهو ما كان قد ذهبت إليه تحليلات الخبراء وتوقعات السياسيين بأن القتال المستمرّ أنهك القوتين المتقاتلتين، وخلق حالة من توازن الضعف، على الرغم من أن الوضعين العسكري والميداني لا يزالان يعكسان تفوقاً لـ«الدعم السريع»، خلال الأشهر الأولى من الحرب.

نساء وأطفال في مخيم جديد للنازحين بالسودان (أ.ف.ب)

لم يشهد الموقف الميداني تغييراً كبيراً على الوضع الذي شكّلته الحرب خلال الأشهر الثلاثة الأولى، حيث لا تزال قوات «الدعم السريع» تُحكم سيطرتها على مواقع عسكرية وسيادية في العاصمة الخرطوم، وفي الوقت نفسه تهاجم باستمرار قيادة سلاح المدرّعات ومقرّ القيادة الرئيسي للجيش الذي بدوره يستميت في الدفاع عن المنطقتين العسكريتين.

وقال شهود عيان، لــ«الشرق الأوسط»، إن مناطق متفرقة في العاصمة الخرطوم شهدت قصفاً مدفعياً متبادلاً بين الجيش و«الدعم السريع»، وعادت مواجهات متقطعة في محيط سلاح قيادة المدرّعات، بمنطقة الشجرة جنوب الخرطوم.

وأفاد الشهود بأن الجيش أطلق قذائف مدفعية استهدفت مواقع لقوات «الدعم السريع» في مدينة أمدرمان. وفي المقابل ردّ «الدعم السريع» بقصف مماثل على أحياء شرق الخرطوم.

وفي موازاة ذلك، توترات أنباء عن رصد قوات لـ«الدعم السريع» تتوغل في ولاية النيل الأبيض وسط البلاد، وذلك بعد محاولة، خلال الأيام الماضية، للتمدد في مناطق بولاية الجزيرة الوسطية.

وفي حين تستمر المعارك يومياً في جبهات القتال بالعاصمة الخرطوم ويتمدد الصراع أكثر في ولايات دارفور وكردفان (غرب ووسط) البلاد، ويهدد مناطق أخرى ظلت، طيلة الفترة الماضية، خارج نطاق الاشتباكات، تتجمد مبادرات الحل السياسي المطروحة من دول المنطقة والجوار السوداني وتحركات القوى الدولية في حمل الطرفين على وقف دائم لإطلاق النار.

دخان يتصاعد من طائرة محترقة داخل مطار الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

وتبددت آمال السودانيين في توقف الحرب وعودتهم إلى منازلهم، عقب خروج قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، من مقر قيادة الجيش بوسط الخرطوم، وترديده، في أكثر من خطاب، بأن الحرب تنتهي بالقضاء على «تمرد قوات الدعم السريع»، ما يرشح باستمرار القتال لفترة أطول.

رسالة الفكي

ودعا عضو «مجلس السيادة السوداني» السابق، محمد الفكي سليمان، قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان إلى «التوجه فوراً نحو الحل السياسي لوقف الحرب، عبر (منبر جدة)، برعاية المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة»، مشدداً على أنه على قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) بذل مزيد من السيطرة على الانتهاكات التي ترتكبها قواته ضد المدنيين.

وأضاف الفكي: «اليوم، أكملنا الشهر السادس على الحرب اللعينة التي دمّرت البلاد»، موجّهاً عدة رسائل، للجبهة المدنية التي بصدد عقد اجتماع، في الأيام المقبلة، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وطالبهم بأن «يضعوا نصب أعينهم الهدف الأول؛ وهو وقف الحرب مهما كانت التنازلات، دون النظر للمصالح السياسية الضيقة».

ودعا، في تسجيل مصوَّر نُشره في «فيسبوك»، إلى أن تكون الجبهة واسعة تضم جميع السودانيين وتضغط من أجل إيقاف الحرب، وألّا يخضعوا لابتزاز القوى الداعمة للحرب.

ووجّه الفكي رسالة مباشرة إلى البرهان، داعياً إياه إلى الاعتذار عن الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، ومشيراً إلى أن حميدتي سبق أن اعتذر عن مشاركته في الانقلاب.

وشدَّد عضو «السيادي» السابق على دعوته البرهان للاتجاه مباشرة إلى الحل السياسي في منبر جدة، برعاية المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية؛ لحماية البلاد.

جنرالا الحرب في السودان البرهان وحميدتي (رويترز)

كما وجّه الفكي برسالة إلى قائد «الدعم السريع»، قائلاً: «الانتهاكات الإنسانية وأعمال النهب في ازدياد مستمر، وهذا الأمر ينتهك حقوق المدنيين، ويجب أن يكون هناك حزم على الأرض وكل المناطق التي توجد فيها قوات الدعم السريع تتعامل وفق قانون الحرب لحماية المدنيين».

وناشد الفكي المجتمع الدولي ورعاة منبر «جدة»؛ السعودية والولايات المتحدة، الإعلان عن استئناف المحادثات بين الجيش و«الدعم السريع» في وقت قريب، ومحاصرة كل الجهات التي ترغب في استمرار الحرب.


مقالات ذات صلة

السودان يُعوّل على دعم اقتصادي مصري لتقليل خسائر الحرب

شمال افريقيا نائب السفير السوداني في القاهرة خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن ملتقين اقتصاديين بين البلدين (الشرق الأوسط)

السودان يُعوّل على دعم اقتصادي مصري لتقليل خسائر الحرب

أعلنت السفارة السودانية في القاهرة عن تدشين عدد من الفعاليات الاقتصادية بين مصر والسودان خلال الفترة المقبلة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا سيدة هربت من الحرب في السودان تغطي وجهها خلال الحديث عن انتهاكات جنسية (أ.ب)

مندوبة بريطانيا بالأمم المتحدة تدعو لوضع حد للعنف الجنسي في السودان

شددت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة، باربرا وودورد، على ضرورة وضع حد للعنف الجنسي في السودان، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج خلال استقباله دفع الله الحاج علي سفير جمهورية السودان لدى السعودية (الشرق الأوسط)

«التعاون الخليجي» يؤكد أهمية الحفاظ على سيادة وأمن السودان ووحدة أراضيه

أكد جاسم البديوي أن دول المجلس تؤكد على أهمية الحفاظ على سيادة وأمن السودان واستقراره ووحدة أراضيه، ومساندته في مواجهة تطورات وتداعيات الأزمة الحالية.

شمال افريقيا الرئيس السوداني السابق عمر البشير (أرشيفية - رويترز)

السودان: انشقاق كبير يهز حزب البشير «المعزول»

ضرب انشقاق كبير حزب المؤتمر الوطني الحاكم في عهد الرئيس المعزول عمر البشير إثر انتخاب، أحمد هارون، المطلوب لدى «الجنائية» الدولية رئيساً له

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا أعضاء جدد في القوات المسلحة السودانية يعرضون مهاراتهم خلال حفل تخرج في مدينة القضارف بشرق البلاد 5 نوفمبر (أ.ف.ب)

«شرق السودان» على حافة الفوضى مع انتشار الحركات المسلحة

طالبت حركة شبابية في شرق السودان بطرد الحركات المسلحة الحليفة للجيش من المنطقة، وتوعدت بإغلاق الإقليم الذي تتخذ الحكومة من عاصمته بورتسودان عاصمة مؤقتة لها.

أحمد يونس (كامبالا)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)
مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)
TT

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)
مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

أوقفت السلطات التونسية مسؤولاً في جمعية تساعد المهاجرين في جنوب البلاد، وأحالته إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، هذا الأسبوع، وفق ما أفاد به المتحدث باسم «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، وكالة الصحافة الفرنسية.

ورأى المتحدث رمضان بن عمر أن إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

رمضان بن عمر (متداولة)

وأضاف أن عبد الله السعيد، وهو تونسي من أصل تشادي ومؤسس جمعية «أطفال القمر في مدنين»، أُوقِفَ في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) مع الكاتبة العامة للجمعية وأمينة مالها. كما أوقف موظفان في البنك الذي أودعت فيه حسابات الجمعية.

وأوردت صحيفة «لابريس» الناطقة بالفرنسية، السبت، أن «5 نشطاء يعملون لصالح جمعية - في مدنين - تم إيداعهم السجن من أجل عرضهم على القطب القضائي لمكافحة الإرهاب».

وأضافت الصحيفة أنه «بين عامي 2019 و2023، تلقت هذه الجمعية أموالاً من الخارج لمساعدة المهاجرين من جنوب الصحراء على دخول الأراضي التونسية بشكل غير قانوني».

وأطلقت «لجنة المتابعة ضد سياسات تجريم التضامن» المكونة من منظمات غير حكومية عدة من بينها «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، نداءً لدعم عبد الله السعيد، قالت فيه إن «ذنبه سياق سياسي جعل من تضامنه مع أطفال المهاجرين واللاجئين بجهة مدنين، جريمة».

مهاجرون اعتُرض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسي (أرشيفية - أ.ف.ب)

وندد رمضان بن عمر بـ«موجة قمع جديدة أشد قسوة» بحق النشطاء في مساعدة المهاجرين، بعد سلسلة توقيفات أولى في مايو (أيار) استهدفت 3 منظمات على الأقل: «جمعية منامتي» المناهضة للعنصرية ومديرتها سعدية مصباح، وكذلك منظمة «تير دازيل» (أرض اللجوء) و«المجلس التونسي للاجئين». ورأى أن التوقيفات «رسالة إلى جميع الذين يعملون في مجال التضامن مع المهاجرين».

وتبعد بعض سواحل تونس أقل من 150 كيلومتراً من إيطاليا، وهي إحدى نقاط الانطلاق الرئيسية في شمال أفريقيا للمهاجرين من جنوب الصحراء الذين يحاولون عبور البحر بشكل محفوف بالمخاطر.

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)

وبحسب رمضان بن عمر، فإن سبب التحقيق هو ربط «المساعدات والشركاء الأجانب (للجمعية) بهدف توطين المهاجرين في تونس»، وتعزيز «السردية السياسية» للسلطات.

وكان الرئيس قيس سعيّد ندد في خطاب ألقاه في فبراير (شباط) 2023 بوصول «جحافل» من المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس ضمن «مخطط إجرامي لتغيير التركيبة الديموغرافية».