مصر تترقب مصير نحو 400 مفقود في الإعصار الليبي

وزيرة الهجرة قالت إن استمرار غمر المياه يعوق انتشال الجثامين

محافظ بني سويف يواسي أسر ضحايا إعصار ليبيا (صفحة محافظة بني سويف على فيسبوك)
محافظ بني سويف يواسي أسر ضحايا إعصار ليبيا (صفحة محافظة بني سويف على فيسبوك)
TT

مصر تترقب مصير نحو 400 مفقود في الإعصار الليبي

محافظ بني سويف يواسي أسر ضحايا إعصار ليبيا (صفحة محافظة بني سويف على فيسبوك)
محافظ بني سويف يواسي أسر ضحايا إعصار ليبيا (صفحة محافظة بني سويف على فيسبوك)

«نقوم بالاتصال به ونستمع لجرس الهاتف دون رد»، بكلمات تقطعها الدموع، يحكي المُسن المصري أحمد حميدة، والد الشاب مصطفى، المفقود في ليبيا منذ أن ضربتها السيول معاناته، متابعاً من قريته في محافظة أسيوط بصعيد مصر: «أتمنى الوصول لابني، لا نعرف عنه أي شيء منذ الاثنين الماضي».

كلمات الأب المكلوم تلخص حالة مئات الأسر المصرية، التي لا تزال تنتظر أي أنباء عن أبنائها في ليبيا، الذين انقطع تواصلهم مع ذويهم مع بدء العاصفة «دانيال»، التي أحدثت دماراً كبيراً، وأزهقت أرواح الآلاف.

ووفق وزارة الهجرة المصرية، تقدَّر أعداد المصريين في ليبيا وفقاً للمسجلين في قواعد البيانات 350 ألف شخص، بينهم 200 ألف في الشرق، و150 ألفاً في الغرب.

صلاة الغائب على أبناء قرية الشريف ضحايا إعصار ليبيا (صفحة محافظة بني سويف على فيسبوك)

وفي حين انتشرت استغاثة والد مصطفى عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، امتلأت صفحات ومجموعات أخرى بمئات الاستغاثات المماثلة عن مفقودين، تحرص أسرهم على نشر صورهم ومعلومات عنهم بهدف التوصل إلى معلومة تطمئنهم عليهم.

وقالت السفيرة سها جندي، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، إن وزارتها تلقت قرابة 400 اتصال من أسر فقدوا الاتصال مع ذويهم، وأُبْلِغَ عن 391 مفقوداً في ليبيا، ومعظمهم في درنة المنكوبة وشخص واحد في طبرق.

وأضافت، في تصريحات تلفزيونية، مساء الأحد، هناك تقارير دولية تشير إلى أن ما يقرب من 10 آلاف شخص لقوا حتفهم في الكارثة الإنسانية الخاصة بمدينة درنة من الليبيين وغيرهم من كل الجنسيات، وأنه حتى الآن يصعب التأكد من أعداد الضحايا المصريين، وما جرى التوصل إليه هو 87 من جثامين المصريين، بالتنسيق مع السلطات الليبية.

وأشارت وزيرة الهجرة، إلى «أن تعقُّد الكارثة البيئية واستمرار غمر المياه لمناطق كثيرة، أعجزا السلطات الليبية عن انتشال الجثامين سواء كانوا ليبيين أو مصريين أو غيرهم».

منظر عام للدمار الذي أعقب الفيضانات المدمرة (د.ب.أ)

وأوضحت «أنه حتى الآن هناك 3 مستشفيات ميدانية مصرية، اثنان منها في مدينة السلوم تستقبلان الضحايا من المصريين وغيرهم، وأخرى ميدانية تتمثل في حاملة الطائرات (الميسترال)، لدعم المتضررين من الكارثة».

وتحدثت «الشرق الأوسط» مع أحمد عبد الرحمن أبو حامد، مدير إدارة الإغاثة والطوارئ بجمعية «الهلال الأحمر» المصري فرع بني سويف، الذي يعمل برفقة 14 متطوعاً آخرين في قرية «الشريف»، التي شيعت قبل أيام 68 جثماناً من أبنائها راحوا ضحية الكارثة الليبية، والذي قال: «قمنا برفع حالة التأهب خلال الأيام الماضية للتعامل مع أسر الضحايا، ودفع (الهلال الأحمر) في فرع بني سويف بالمتطوعين إلى قرية الشريف المكلومة، خصوصاً أنها تضم عدداً كبيراً من الضحايا، والعدد الأكبر، لتقديم الدعم النفسي الاجتماعي لأسرهم، وهذا الدعم عبارة عن النزول ميدانياً لكل أسرة وجمع بيانات عن المتوفى بشكل مفصل، بهدف التعرف عن احتياجات هذه الأسر».


مقالات ذات صلة

مقتل شخصين جراء عاصفة مميتة ضربت غرب أميركا

الولايات المتحدة​ طواقم تعمل على إزالة شجرة أسقطتها عاصفة قوية ضربت منطقة شمال غربي المحيط الهادئ بالولايات المتحدة (رويترز)

مقتل شخصين جراء عاصفة مميتة ضربت غرب أميركا

ضربت عاصفة قوية ولاية واشنطن الأميركية، اليوم (الأربعاء)، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مئات الآلاف وتعطل حركة السير على الطرق ومقتل شخصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا فتاة تركب دراجة هوائية تحت المطر في فالنسيا بإسبانيا (إ.ب.أ)

إغلاق مدارس وإلغاء رحلات... موجة عواصف جديدة تضرب إسبانيا (صور)

تسببت موجة جديدة من العواصف في إسبانيا في إغلاق مدارس وإلغاء رحلات قطارات، بعد أسبوعين من مقتل أكثر من 220 شخصاً وتدمير آلاف المنازل جراء فيضانات مفاجئة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الاقتصاد رافعات ضخ النفط في مستودع فاكا مويرتا للنفط والغاز الصخري في الأرجنتين (رويترز)

النفط يتراجع مع انحسار تهديد عاصفة في أميركا وحوافز صينية مخيّبة للتوقعات

واصلت أسعار النفط انخفاضها يوم الاثنين مع انحسار خطر تعطل الإمدادات بسبب عاصفة أميركية، وبعد أن خيّبت خطة التحفيز الصينية آمال المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد علم الولايات المتحدة يرفرف بينما تشتد قوة الإعصار في خليج المكسيك (رويترز)

توقعات بتوقف إنتاج 4 ملايين برميل نفط في أميركا الأسبوع الجاري

يتوقع باحثون تعطل إنتاج النفط في الولايات المتحدة بنحو أربعة ملايين برميل خلال الأسبوع الجاري، وذلك مع قرب العاصفة «رفائيل» إلى خليج المكسيك.

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
أوروبا صورة ملتقطة في الأول من نوفمبر 2024 تظهر الآثار المدمرة للفيضانات على منطقة تجارية في بلدة ألفافار بمنطقة فالنسيا شرق إسبانيا (أ.ف.ب)

205 قتلى جراء الفيضانات في إسبانيا... وأضرار هائلة تخلّفها العاصفة

ارتفعت حصيلة عدد قتلى الفيضانات العنيفة في إسبانيا إلى 205 أشخاص على ما أفادت فرق الإنقاذ مع ترجيح أن يرتفع العدد نظراً لعدد المفقودين الكبير.

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)

ليبيون يتساءلون حول جدوى «شرعنة» الميليشيات المسلحة

الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)
الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)
TT

ليبيون يتساءلون حول جدوى «شرعنة» الميليشيات المسلحة

الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)
الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)

أثار وصف رئيس حكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة» في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، لوزير داخليته المكلف، عماد الطرابلسي، بكونه «زعيم ميليشيا سابق»، موجة من التفاعل عبر منصات التواصل الاجتماعي على مدار الأسبوع الماضي، وفتحت الباب عن باقي التشكيلات والموقف الرسمي منها.

ورغم اتفاق آراء مراقبين للشأن الليبي على أن حديث الدبيبة عن الطرابلسي جاء في إطار محاولة التبرير والدفاع عن الأخير، عبر الإشارة لقدومه من خلفية ميليشياوية، تتسم بعدم الانضباط، فإن التساؤلات تجددت حول دعوات الدبيبة لدمج قادة الميليشيات في المؤسستين الأمنية والعسكرية.

من مخلفات اشتباكات ميليشيات مسلحة في طرابلس العام الماضي (أ.ف.ب)

في هذا السياق، يرى الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، أن تصريحات الدبيبة ودفاعه عن الطرابلسي «أثارت تساؤلات حول ضرورة مراجعة سياسة الاستعانة بشخصيات غير مؤهلة داخل مؤسسات الدولة، وذلك لتفادي حدوث الضجة الواسعة، التي فجرتها تصريحات الطرابلسي بخصوص الحجاب»، لافتاً إلى أنها تسببت مؤخراً في «تهديد بعض النساء غير المحجبات».

وأضاف القماطي موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن حديث الدبيبة «أثار تساؤلات حول عدم اقترابه من معضلة وجود الميليشيات في الساحة، أو البدء في معالجتها بتسريحها، وإعادة دمجها على أسس مهنية».

وكان الدبيبة قد صرح خلال حديثه عن الميليشيات بأن حكومته «لا تزال تعمل على معالجة الخلافات والاشتباكات بين المجموعات المسلحة»؛ مبرزاً أن «الضغط لا يزال متواصلاً لتأهيل أبنائنا من حملة السلاح حتى لو أعطيناهم رتباً، مع التأكيد على أن هدفهم هو حماية البلاد ومواجهة الجريمة، وهؤلاء الشباب منهم الآن وزراء»، في إشارة ضمناً إلى الطرابلسي.

وأثارت تصريحات الدبيبة، ودفاعه عن الطرابلسي وغيره من الميليشيات، موجة من الانتقادات لرئيس الحكومة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث وصفه بعضهم بأنه هو مَن عيّن الوزير «الميليشياوي»، فيما تساءل بعضهم الآخر عن كيفية منح رتب عسكرية ومسؤوليات مهمة في الدولة لشخصيات لا يزال يجري تأهيلها.

بهذا الخصوص، يعتقد الناشط السياسي، أحمد التواتي، أن الدبيبة بإلغائه مفعول تصريحات الطرابلسي الجدلية، «يعني استشعاره بوجود خطأ ما بها وبسياسات أخرى للوزير؛ وأنه لا يعتزم التراجع عن سياسة شرعنة الميليشيات وقادتها»، وقال التواتي لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف حديث الدبيبة لم يكتفِ بالتعاطي مع تصريحات الطرابلسي عن الحجاب والأخلاق على أنها حديث عفوي؛ بل تضمن أيضاً مغازلة لقادة باقي الميليشيات بأن الفرصة متاحة أمامهم ليتحولوا بالمثل لوزراء مثل الطرابلسي».

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية»، ويرأسها عبد الحميد الدبيبة، والثانية مكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب، وتحظى بدعم القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر.

وانتقد التواتي محاولة الدبيبة «التقليل من مخاطر وجود الميليشيات في العاصمة وبقية المدن، الواقعة تحت سيطرة حكومته بالمنطقة الغربية بالحديث عن قلة اشتباكاتها، وخلافاتها مع بعضها بعضاً، وأن مسار تأهيلها لا يزال مستمراً»، وقال إن السنوات الماضية شهدت اشتباكات حادة بين هذه المجموعات المسلحة، سقط خلالها عدد من المدنيين، ما بين قتيل وجريح، أو تمت محاصرة أحيائهم السكنية، مضيفاً أن الدبيية «يحاول تبرير عجز الطرابلسي عن الوفاء بتعهداته المتكررة منذ أشهر بإخراج تلك الميليشيات ومختلف الأجهزة الأمنية من العاصمة».

في سياق ذلك، حرصت عدة أصوات حقوقية وسياسية على تذكير الدبيبة بأن الطرابلسي ليس وحده الزعيم الميليشياوي السابق في حكومته، وأنه يوجد بجواره وكيل وزارة الدفاع العقيد عبد السلام الزوبي، ومدير إدارة الاستخبارات العسكرية التابعة للوزارة ذاتها، العميد محمود حمزة.

ليبيون طالبوا بشرعنة الميليشيات عبر دمجها في المؤسستين العسكرية والأمنية بالمنطقة الغربية (إ.ب.أ)

من جهته، استعرض مدير المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، الشريف عبد الله، مراحل سابقة لشرعنة الميليشيات عبر دمجها في أجهزة الدولة، وخصوصاً المؤسستين العسكرية والأمنية بالمنطقة الغربية. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن حكومة «الوفاق الوطني»، برئاسة فائز السراج السابقة، «هي مَن دشنت هذا المسار؛ وحكومة الدبيبة قطعت بدورها خطوات به»، عادّاً أن هذا القرار «لم يؤدِ لضبط سلوك تلك المجموعات أو خضوعها لأي تعليمات يصدرها أي مسؤول بالدولة، واقتصرت علاقتهم بها على ما منح لهم من شرعية ونفوذ ورواتب شهرية».

ويعتقد عبد الله أن الخطورة «لا تكمن فقط في تولي قيادات هذه الميليشيات مناصب رفيعة بالوزارات، مثل الطرابلسي والزوبي، وإنما في شرعنة كياناتهم المسلحة»، وقال إن «عبد الغني الككلي، وهو قائد ميليشياوي، صار يعرّف اليوم بكونه رئيس (جهاز الاستقرار) التابع للمجلس الرئاسي، وبات يتمتع بنفوذ كبير بالعاصمة وخارجها، بل ويردد أنه وغيره من قادة الأجهزة الأمنية يتم استطلاع رأيهم حيال تعيين المسؤولين».

وشدد عبد الله على أن ظاهرة تعيين قادة الميليشيات في أجهزة الدولة «ليست قاصرة على الغرب الليبي»، مشيراً في هذا السياق إلى أن وكيل وزارة الداخلية بالحكومة المكلفة من البرلمان، فرج أقعيم، كان قبل عام 2015 قائد مجموعة مسلحة، قبل أن تتم شرعنتها من قِبَل القيادة العامة لـ«الجيش الوطني».