ألسنة اللهب تتصاعد في الخرطوم مع احتدام معركة «القيادة العامة»

«الدعم السريع» تكثف هجماتها... والنيران تلتهم معالم شهيرة

برج شركة «النيل» أكبر شركات النفط في السودان يحترق يوم الأحد وسط معارك ضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع (أ.ف.ب)
برج شركة «النيل» أكبر شركات النفط في السودان يحترق يوم الأحد وسط معارك ضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع (أ.ف.ب)
TT
20

ألسنة اللهب تتصاعد في الخرطوم مع احتدام معركة «القيادة العامة»

برج شركة «النيل» أكبر شركات النفط في السودان يحترق يوم الأحد وسط معارك ضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع (أ.ف.ب)
برج شركة «النيل» أكبر شركات النفط في السودان يحترق يوم الأحد وسط معارك ضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع (أ.ف.ب)

هاجمت قوات «الدعم السريع»، يوم الأحد، لليوم الثاني على التوالي، مقر القيادة العامة للجيش السوداني في وسط الخرطوم، حيث تصاعدت ألسنة اللهب من أبراج عدة في قلب العاصمة، وفق ما أفاد شهود.

وقال سكان العاصمة إن «اشتباكات عنيفة تدور حول مقر قيادة الجيش، تُستخدم فيها جميع أنواع الأسلحة الثقيلة». وكانت المعارك في محيط مقر القيادة العامة قد استأنفت يوم السبت بعد هدوء نسبي لأسبوعين، وأدت هذه الاشتباكات إلى اشتعال النيران في مبانٍ عدة، بينها معالم شهيرة، في وسط الخرطوم.

وأظهرت مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي، تحققت من صحتها وكالة الصحافة الفرنسية، ألسنة اللهب تلتهم مباني شهيرة أبرزها البرج الذي يضم مقر ومكاتب شركة «النيل»، أكبر شركات النفط في البلاد. ويعد المبنى ذو الواجهات الزجاجية والتصميم الهرميّ، من أبرز معالم العاصمة. وأظهرت المقاطع احتراقه بشكل شبه كامل، إذ غطّى اللون الأسود طبقاته مع تواصل تصاعد الدخان منه. وغطى الدخان الأسود الكثيف سماء العاصمة السودانية. وأظهرت صور تمّ تداولها على مواقع التواصل، تهشّم نوافذ مبانٍ عدة في وسط الخرطوم واختراق الرصاص لجدرانها.

مقاتلون يقودون آليات عسكرية في السودان (أ.ف.ب)
مقاتلون يقودون آليات عسكرية في السودان (أ.ف.ب)

7500 قتيل

ومنذ اندلاع المعارك في السودان بين الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو في 15 أبريل (نيسان)، قُتل نحو 7500 شخص، ومن المرجح أن تكون الأعداد الفعلية أعلى بكثير، بينما اضطر نحو خمسة ملايين شخص إلى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو العبور إلى دول الجوار، خصوصاً مصر وتشاد.

وفرّ نحو 2.8 مليون شخص من الخرطوم التي تشهد قصفاً جوياً وبالمدفعية الثقيلة وحرب شوارع في مناطق سكنية.

وقال شهود في حي مايو في جنوب الخرطوم إنهم «سمعوا دوي قصف مدفعي كثيف على مواقع قوات الدعم السريع في منطقة المدينة الرياضية» المجاورة. وسقط 51 قتيلاً على الأقل الأسبوع الماضي في قصف استهدف سوقاً في حي مايو، وفق ما ذكرت هيئة الأمم المتحدة.

وفي ولاية كردفان التي تبعد 350 كيلومتراً غرب العاصمة، تبادل الجيش وقوات الدعم السريع القصف المدفعي يوم الأحد، بحسب ما أفاد السكان. ومنذ اندلاع الحرب، وقعت أشد المعارك في الخرطوم وفي إقليم دارفور بغرب السودان، حيث شنت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها هجمات على أساس عرقي، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق جديد في جرائم حرب محتملة. وكان إقليم دارفور مطلع القرن الحالي مسرحاً لنزاع دامٍ أوقع 300 ألف قتيل وأدى إلى نزوح أكثر من 2.5 مليون سوداني، بحسب الأمم المتحدة.

قوات من «الدعم السريع» في منطقة مايو جنوب الخرطوم يونيو 2019 (أ.ب)
قوات من «الدعم السريع» في منطقة مايو جنوب الخرطوم يونيو 2019 (أ.ب)

اتهامات بوجود مرتزقة أجانب

من جانبه، قال رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل إن مقاتلين يدخلون وكذلك أسلحة إلى البلاد من ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى لتغذية الصراع بالخرطوم. وأضاف في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي، أن لجنة تحضيرية في بورتسودان تعد للقاء لتوحيد الصف يجمع مختلف القطاعات السياسية والمدنية نهاية هذا الشهر، للتوافق على خارطة طريق للعودة إلى المسار السياسي المدني.

ومضى قائلاً إنه ليس هناك مجال لوقف الحرب في البلاد عن طريق التفاوض، مؤكداً أن الأولوية بالنسبة لحزب الأمة هي إنهاء الصراع «ولا مجال لوقف هذه الحرب إلا بطريقتين، إما هزيمة قوات الدعم السريع فتستسلم، أو يتم التفاوض مع أمراء الحرب على الأرض بواسطة الوسطاء ومساومتهم على مبالغ تمنح لهم مقابل أن يضعوا السلاح. لكن ليس هناك مجال لوقف الحرب عن طريق التفاوض مع قوات الدعم السريع».

سودانيون يطبخون في مدرسة جرى تحويلها إلى مأوى للنازحين في بلدة وادي حلفا شمال السودان (أ.ف.ب)
سودانيون يطبخون في مدرسة جرى تحويلها إلى مأوى للنازحين في بلدة وادي حلفا شمال السودان (أ.ف.ب)

حكومة بلا حاضنة سياسية

وذكر أن الوضع طبيعي في كل ولايات السودان والحياة تسير بصورة طبيعية، حتى في الخرطوم مناطق شمال أمدرمان آمنة وأعداد كبيرة من المواطنين لجأوا لهذه المناطق. وأضاف: «هناك حل واحد هو أن تستلم المجموعات والجيوب المتبقية من الدعم السريع في العاصمة مقابل العفو، ثم بعد ذلك يدمج ما هو صالح في الجيش، أو يسرح. وهناك أجانب يمكن ترحيلهم إلى بلادهم إذا استسلموا». وتابع: «إذا استطاعت القوات المسلحة إخراج الدعم السريع من الأحياء السكنية والمرافق العامة ستنتهي الحرب. تتبقى بعد ذلك جيوب في جنوب دارفور وشمال دارفور وغرب دارفور».

وفيما يتعلق بالحديث عن تشكيل حكومة جديدة، قال الفاضل: «لا يمكن تشكيل حكومة من دون حاضنة سياسية. الجيش وحده لا يستطيع تشكيل حكومة لأن هذا سيعرضه لعقوبات». وأضاف: «نحن الآن لدينا عمل ولجنة تحضيرية في بورتسودان تجهز لملتقى لتوحيد الصف الوطني يجمع كل أهل السودان، المجتمع الأهلي والمدني والقوى السياسية وجميع قطاعات الشعب، نهاية هذا الشهر للتوافق على خارطة طريق للعودة إلى المسار السياسي المدني».

وذكر أن الملتقى يهدف أيضاً للاتفاق على «أسس تشكيل حكومة وحدة وطنية، ثم بعد ذلك يذهب وفد من هذا الملتقى للتشاور مع قيادة القوات المسلحة حول أسس تشكيل الحكومة بعد أن يتم الاتفاق على البرنامج وأسس تشكيل هذه الحكومة».


مقالات ذات صلة

«السبع» تدعو إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في السودان

العالم سودانيات نازحات يتحدثن بجوار خيامهن في مخيم «عبد الله ناجي» للإيواء في بورتسودان الذي يأوي نازحين معظمهم من العاصمة الخرطوم (رويترز)

«السبع» تدعو إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في السودان

دعا وزراء خارجية دول مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، أمس (الثلاثاء) إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في السودان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو المعروف ﺑ«حميدتي» (رويترز)

قائد «الدعم السريع» يعلن «قيام حكومة السلام والوحدة» الموازية في السودان

أعلن قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي، على «تلغرام»، «قيام حكومة السلام والوحدة»، مشيراً إلى أنها تمثّل «الوجه الحقيقي للسودان».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا المشاركون في مؤتمر لندن حول السودان أثناء اجتماعهم (موقع الخارجية البريطانية)

مؤتمر لندن : توافق على «منع تقسيم السودان» ووقف الحرب و«دبلوماسية صبورة»

دعا مؤتمر دولي عقد في لندن، حول السودان، إلى ضرورة وقف النار الفوري والدائم وإنهاء الصراع، في السودان، ورفض تقسيمه ومن التدخلات التي تطيل الحرب

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا سكان محليون يهتفون مع وصول الجنود إلى منطقة استعادها الجيش السوداني مؤخراً جنوب الخرطوم (أ.ب)

الأمم المتحدة تتوقع عودة 2.1 مليون نازح للخرطوم خلال 6 أشهر

أعلنت الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء أنها تتوقع عودة أكثر من مليوني نازح من السودان الذي مزقته الحرب إلى الخرطوم خلال الأشهر الستة المقبلة، إذا سمحت الظروف.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك (موقع «صمود» على فيسبوك)

حمدوك يطالب باجتماع لمجلس الأمن بحضور البرهان وحميدتي

دعا رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك لعقد اجتماع مشترك بين مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي وأطراف النزاع السوداني للاتفاق على «هدنة إنسانية».

محمد أمين ياسين (نيروبي) «الشرق الأوسط» (لندن)

مصر تتطلع لمشاركة الاتحاد الأوروبي في مؤتمر إعمار غزة

نساء وأطفال غزيون نازحون يركبون على ظهر سيارة مع أمتعتهم خلال عبورهم ممر نتساريم في وقت سابق (أ.ف.ب)
نساء وأطفال غزيون نازحون يركبون على ظهر سيارة مع أمتعتهم خلال عبورهم ممر نتساريم في وقت سابق (أ.ف.ب)
TT
20

مصر تتطلع لمشاركة الاتحاد الأوروبي في مؤتمر إعمار غزة

نساء وأطفال غزيون نازحون يركبون على ظهر سيارة مع أمتعتهم خلال عبورهم ممر نتساريم في وقت سابق (أ.ف.ب)
نساء وأطفال غزيون نازحون يركبون على ظهر سيارة مع أمتعتهم خلال عبورهم ممر نتساريم في وقت سابق (أ.ف.ب)

أعربت مصر عن تطلعها لمواصلة الاتحاد الأوروبي دعمه للسلطة الفلسطينية، والمشاركة بشكل فعال وبنَّاء في مؤتمر التعافي المبكر وإعادة الإعمار في غزة، المقرر أن تستضيفه مصر بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية.

ورحبت القاهرة، في بيان لوزارة الخارجية، الأربعاء، بإعلان المفوضية الأوروبية في 14 أبريل (نيسان) الجاري، البرنامج المالي متعدد السنوات للتعافي الفلسطيني، الذي يقدَّر بـ1.6 مليار يورو، والذي يعكس دعم الاتحاد الأوروبي للسلطة الفلسطينية وتمكين مؤسساتها، ويسهم في تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني وتلبية احتياجاته المشروعة في قطاع غزة والضفة الغربية.

ولمواجهة دعوات «تهجير الفلسطينيين» من أرضهم، أقرت «القمة العربية»، الشهر الماضي، في القاهرة مقترحاً مصرياً يستهدف العمل على «التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، وفق مراحل محددة، في فترة زمنية 5 سنوات، وبتكلفة تقديرية تبلغ 53 مليار دولار». ومقترح «تهجير الفلسطينيين» من غزة دعا إليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومسؤولون إسرائيليون، وواجه رفضاً عربياً وإسلامياً واسعاً.

ودعت القاهرة إلى مؤتمر دولي لدعم إعادة الإعمار في غزة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة. وأشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارته لمصر، الشهر الجاري، إلى أن «المؤتمر سيُعقد بمجرد وقف الأعمال العدائية في القطاع».

ووفق إفادة لـ«مجلس الوزراء المصري»، الأربعاء، أكدت القاهرة أن موقف الاتحاد الأوروبي يجسد تفهماً لضرورة دعم الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه النضالي، والعمل على إيجاد تسوية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية تستند إلى حل الدولتين.

كما رحبت مصر أيضاً بالمبلغ الذي جرى تخصيصه لدعم اللاجئين الفلسطينيين عبر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (أونروا)، (82 مليون يورو)، خصوصاً أن دور الوكالة لا يمكن الاستبدال به أو الاستغناء عنه في تقديم الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين.