سلطات ليبية تطالب بتحقيق للكشف عن المسؤولين عن تفاقم ضحايا الفيضانات

عمال إغاثة أتراك ينتشلون جثماناً من تحت الأنقاض في درنة (أ.ب)
عمال إغاثة أتراك ينتشلون جثماناً من تحت الأنقاض في درنة (أ.ب)
TT

سلطات ليبية تطالب بتحقيق للكشف عن المسؤولين عن تفاقم ضحايا الفيضانات

عمال إغاثة أتراك ينتشلون جثماناً من تحت الأنقاض في درنة (أ.ب)
عمال إغاثة أتراك ينتشلون جثماناً من تحت الأنقاض في درنة (أ.ب)

طالبت سلطات في ليبيا اليوم (الخميس) بإجراء تحقيق لمعرفة إن كان هناك تقصير قد وقع من أشخاص وساهم في مقتل الآلاف في أسوأ كارثة طبيعية في تاريخ البلاد الحديث، في وقت يبحث فيه الناجون عن ذويهم الذين جرفتهم الفيضانات.

ودمرت سيول ناجمة عن العاصفة «دانيال» سدودا مساء (الأحد) لتندفع المياه صوب مجرى نهر موسمي يقسم المدينة وتجرف في طريقها مباني إلى البحر بداخلها عائلات نائمة.

وتباينت أعداد من تأكد مقتلهم التي أعلنها المسؤولون حتى الآن، ولكنها جميعها بالآلاف، مع وجود آلاف آخرين في عداد المفقودين.

وقال رئيس بلدية درنة عبد المنعم الغيثي إن الوفيات في المدينة قد تصل إلى ما بين 18 ألفا و20 ألفا، استنادا إلى حجم الأضرار.

وأضاف، لوكالة «رويترز» في درنة، أن المدينة بحاجة إلى فرق متخصصة في انتشال الجثث. وعبر عن مخاوفه من حدوث وباء بسبب كثرة الجثث تحت الأنقاض وفي المياه.

متطوع يبحث عن ناجين أو جثامين وسط الأنقاض في مدينة درنة (أ.ف.ب)

وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إنه كان من الممكن تجنب الخسائر الفادحة في الأرواح لو كان لدى ليبيا، التي تشهد اضطرابات منذ أكثر من عقد، هيئة أرصاد جوية فعالة قادرة على إصدار التحذيرات.

وأوضح الأمين العام للمنظمة بيتيري تالاسي، في تصريحات للصحافيين بجنيف، «لو كان لديهم هيئة أرصاد جوية تعمل بشكل طبيعي، لكان بإمكانهم إصدار تحذيرات».

وتابع: «كان من الممكن أن تتمكن سلطات إدارة الطوارئ من إجلاء الناس. وكان بإمكاننا تجنب معظم الخسائر البشرية».

ولفت معلقون آخرون الانتباه إلى تحذيرات صدرت من قبل، من بينها ورقة بحثية أكاديمية نشرها العام الماضي متخصص في علوم المياه أوضحت مدى هشاشة وضع المدينة في مواجهة الفيضانات والحاجة الملحة لصيانة السدود التي تحميها.

وقال محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي المؤلف من ثلاثة أعضاء ويقوم مقام الرئيس في منطقة الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، على منصة «إكس» (تويتر سابقا)، إن المجلس طلب من النائب العام التحقيق في الكارثة.

وأضاف أنه يجب محاسبة الذين أدت أفعالهم أو تقاعسهم عن العمل إلى انهيار السد وأيضا محاسبة كل من عطل المساعدات.

وقال هشام أبو شكيوات، وزير الطيران المدني في الحكومة الليبية التي تعمل في شرق ليبيا، إنه من المحتمل أن تعلن السلطات المدينة منطقة عسكرية غدا الجمعة لتيسير عمليات الإنقاذ، بما سيعني منع جميع المدنيين، بما في ذلك الصحافيين، من الدخول.

ويبحث أسامة الحصادي، وهو سائق يبلغ من العمر (52 عاما)، عن زوجته وأطفاله الخمسة منذ وقوع الكارثة.

وقال، لوكالة «رويترز»، وهو يبكي: «ذهبت سيرا على الأقدام للبحث عنهم، ذهبت إلى كل المستشفيات والمدارس ولكن دون جدوى».

واتصل الحصادي، الذي كان يعمل وقت هبوب العاصفة ليلا، بهاتف زوجته مرة أخرى لكنه كان مغلقا.

وأضاف: «راح ما لا يقل عن 50 فردا من عائلة والدي ما بين مفقود وقتيل».

أما ولي الدين محمد آدم (24 عاما)، وهو عامل سوداني في مصنع للطوب يعيش في ضواحي المدينة، فقد استيقظ على صوت هدير المياه وقت العاصفة وهرع إلى وسط المدينة ليجد ملامحها وقد انطمرت.

وأضاف أن تسعة من زملائه العمال فقدوا، كما فقد نحو 15 آخرين عائلاتهم.

وقال: «جرفهم السيل عبر الوادي إلى البحر. الله يرحمهم ويدخلهم الجنة».

مساعدات دولية

وصلت فرق إنقاذ من مصر وتونس والإمارات وتركيا وقطر. وأرسلت تركيا سفينة تحمل معدات لإقامة مستشفيين ميدانيين.

وأرسلت إيطاليا ثلاث طائرات محملة بالإمدادات وفرق الإنقاذ، بالإضافة إلى سفينتين تابعتين للبحرية واجهتا صعوبة في تفريغ حمولتيهما لأن ميناء درنة الممتلئ بالحطام كان غير صالح للاستخدام تقريبا.

رجل يجلس وسط الأنقاض بعد دمار ألحقته الفيضانات بمدينة درنة (أ.ف.ب)

وتواجه عمليات الإنقاذ تعقيدات بسبب الانقسام السياسي في ليبيا التي يبلغ عدد سكانها سبعة ملايين نسمة ولا يوجد بها حكومة مركزية وتندلع فيها الحرب من وقت لآخر منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأطاحت بمعمر القذافي في عام 2011.

وتتمركز حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا في طرابلس غربا. بينما تعمل حكومة موازية في الشرق الذي تسيطر عليه قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر. وشهدت درنة على وجه الخصوص حالة من الفوضى إذ كانت تحت سيطرة جماعات مسلحة متعاقبة، منها تنظيم داعش في فترة ما، قبل أن تخضع بصعوبة لسيطرة حفتر.

ومن المتوقع أن يصل وفد من وزراء حكومة الوحدة الوطنية إلى بنغازي في شرق البلاد اليوم (الخميس) لإظهار التضامن ومناقشة جهود الإغاثة. وهو حدث نادر منذ أن رفض برلمان شرق ليبيا الاعتراف بتلك الحكومة العام الماضي.

ويظهر حجم الدمار واضحا من المناطق المرتفعة فوق درنة. وأصبح وسط المدينة المكتظ بالسكان على شكل هلال واسع ومسطح يغمره الوحل.

ولم يتبق سوى الركام وطريق جرفت المياه ما كان فيها عند موقع سد كان يحمي المدينة ذات يوم.

وإلى أسفل الطريق، تناثرت على الشاطئ ملابس ودمى وأثاث وأحذية ومتعلقات أخرى جرفتها السيول بعدما اجتاحت المنازل. وغطى الطين الشوارع التي تناثرت عليها أشجار اقتلعت من جذورها ومئات السيارات المحطمة التي انقلب كثير منها وانحشرت سيارة في شرفة الطابق الثاني لمبنى مدمر.

وقال المهندس محمد محسن بوجميلة (41 عاما): «نجوت مع زوجتي لكني فقدت شقيقتي. شقيقتي تعيش في وسط المدينة حيث حدث معظم الدمار. عثرنا على جثتي زوجها وابنها وقمنا بدفنهما».

كما عثر على جثتي شخصين من الأغراب في شقته. وبينما كان يتحدث، انتشل فريق إنقاذ مصري في مكان قريب منه جثة جارته. وقال بوجميلة: «إنها الخالة خديجة، الله يرحمها».


مقالات ذات صلة

فيضانات مدمرة تودي بحياة 16 شخصاً في سومطرة الإندونيسية (صور)

آسيا عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا الفيضانات في كارو بإندونيسيا (أ.ب)

فيضانات مدمرة تودي بحياة 16 شخصاً في سومطرة الإندونيسية (صور)

أفاد مسؤول إندونيسي بمصرع 16 شخصاً وفقدان 7 آخرين جراء فيضانات في سومطرة الإندونيسية

أوروبا وزيرة الانتقال البيئي في إسبانيا تيريسا ريبيرا (رويترز)

وزيرة البيئة الإسبانية تدافع عن طريقة استجابة الحكومة للفيضانات

دافعت وزيرة الانتقال البيئي في إسبانيا، تيريسا ريبيرا، أمام البرلمان، اليوم (الأربعاء)، عن عمل المؤسسات الحكومية عقب فيضانات 29 أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أفريقيا لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
أوروبا رئيس منطقة فالنسيا كارلوس مازون بعد حديثه في البرلمان الإقليمي حول ما حدث في فيضانات 29 أكتوبر 2024 في فالنسيا 15 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

رئيس منطقة فالنسيا الإسبانية يقر بحدوث «أخطاء» في إدارته للفيضانات

برر رئيس منطقة فالنسيا الإسبانية كارلوس مازون، اليوم (الجمعة)، بشكل مسهب إدارته للفيضانات القاتلة في 29 أكتوبر، واعترف بحدوث «أخطاء».

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)
أوروبا فتاة تركب دراجة هوائية تحت المطر في فالنسيا بإسبانيا (إ.ب.أ)

إغلاق مدارس وإلغاء رحلات... موجة عواصف جديدة تضرب إسبانيا (صور)

تسببت موجة جديدة من العواصف في إسبانيا في إغلاق مدارس وإلغاء رحلات قطارات، بعد أسبوعين من مقتل أكثر من 220 شخصاً وتدمير آلاف المنازل جراء فيضانات مفاجئة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لدعم وتعزيز «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، يوم الاثنين المقبل، بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.

وأعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، عن استضافة «مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، يوم 2 ديسمبر (كانون الأول)، وقال خلال مشاركته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا الاثنين: «المؤتمر سيبحث إجراءات تعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، حسب إفادة للخارجية المصرية.

وأعاد عبد العاطي التأكيد على محددات الموقف المصري تجاه التطورات الإقليمية، التي تتضمن «ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق، فضلاً عن أهمية الانتقال لإيجاد أُفق سياسي لتنفيذ حل الدولتين».

وكشفت مصادر مصرية مطلعة أن «المؤتمر سيعقد على مستوى وزراء الخارجية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضور سيشمل تمثيلاً إقليمياً، من دول المنطقة، ودولياً، من المجتمع الدولي»، إلى جانب «تمثيل المؤسسات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها (الأونروا)».

وتجري القاهرة استعداداتها المكثفة لاستضافة المؤتمر، لضمان مشاركة واسعة فيه إقليمياً ودولياً، وفق المصادر، التي أشارت إلى أن «مصر ما زالت تتلقى تأكيدات من الدول التي ستشارك»، وأوضحت أن «المؤتمر سيناقش الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للوضع في قطاع غزة»، وأن «دعم عمل وكالة (الأونروا)، سيكون من فعاليات المؤتمر».

ويعقد المؤتمر في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات لقطاع غزة، بعد قرار إسرائيل بحظر عمل أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويتوقف رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، صلاح عبد العاطي، عند عقد المؤتمر بالتزامن مع الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وقال إن «الفلسطينيين ينظرون بإيجابية لمؤتمر القاهرة الوزاري، أملاً في تحقيق اختراق لأزمة المساعدات الإنسانية، والتدخل لإنفاذ الدعم لسكان القطاع»، مشيراً إلى أن «استمرار الوضع الحالي، مع حلول موسم الشتاء، يفاقم من المعاناة الإنسانية للسكان بغزة».

وتحدث عبد العاطي عن الأهداف التي يأمل الفلسطينيون أن يحققها المؤتمر، ودعا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة أن يحقق المؤتمر استجابة إنسانية سريعة لسكان القطاع، كما حدث في التدخلات المصرية السابقة»، إلى جانب «ممارسة ضغوط على الجانب الإسرائيلي لفتح المعابر أمام المساعدات الإغاثية»، كما طالب بـ«تشكيل تحالف دولي إنساني لدعم الإغاثة الإنسانية لغزة».

وتقول الحكومة المصرية إنها قدمت نحو 80 في المائة من حجم المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة، وفق تصريحات لوزير التموين المصري في شهر مايو (أيار) الماضي.

واستضافت القاهرة، في أكتوبر من العام الماضي، «قمة القاهرة للسلام»، بمشاركة دولية واسعة، بهدف «دفع جهود المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار، والعمل على تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، أن «مؤتمر القاهرة الوزاري يستهدف إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية، مرة أخرى، في ضوء التطورات الإقليمية»، وقال إن «توقيت ومستوى التمثيل في المؤتمر، يقدمان رسائل تنبيه مبكرة لخطورة الوضع في القطاع، والمسار المستقبلي للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي».

وستتجاوز مناقشات المؤتمر حدود الدعم الإنساني والإغاثي لسكان قطاع غزة، وفقاً لفهمي، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر سياسي بالدرجة الأولى، ويستهدف استعراض الجهود المبذولة، خصوصاً من الدول العربية، لوقف الحرب في القطاع»، مشيراً إلى أن «المؤتمر سيسعى لصياغة مقاربات جديدة للتعاطي مع الأزمة في غزة، والقضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تولي إدارة دونالد ترمب مهامها الرسمية في أميركا».