تونس تمنع دخول وفد من البرلمان الأوروبي أراضيها

كان يروم مقابلة ممثلين عن الأحزاب المعارضة والمجتمع المدني

الرئيس التونسي عدّ زيارة الوفد الأوروبي «تدخلاً في الشأن الداخلي التونسي» (الرئاسة)
الرئيس التونسي عدّ زيارة الوفد الأوروبي «تدخلاً في الشأن الداخلي التونسي» (الرئاسة)
TT

تونس تمنع دخول وفد من البرلمان الأوروبي أراضيها

الرئيس التونسي عدّ زيارة الوفد الأوروبي «تدخلاً في الشأن الداخلي التونسي» (الرئاسة)
الرئيس التونسي عدّ زيارة الوفد الأوروبي «تدخلاً في الشأن الداخلي التونسي» (الرئاسة)

أعلمت وزارة الخارجية التونسية بعثة الاتحاد الأوربي بتونس، أمس (الأربعاء)، أن وفد لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان الأوروبي «غير مُرحّب به في تونس»، بعد أن أعلن عن نيته القيام بزيارة إلى تونس، ومقابلة عدد من ممثلي الأطراف السياسية المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، في ظل انتقادات سياسية حادة وجّهتها اللجنة وممثلو الأحزاب اليسارية الأوروبية. في السابق لواقع الحريات وحقوق الإنسان في تونس.

وقالت المحامية التونسية دليلة مصدّق، عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين في تونس: إن وفداً من لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي، كان سيحل اليوم (الخميس) الحالي في زيارة إلى تونس، تستمر يومين؛ بهدف الاطلاع من كثب على الوضع السياسي الراهن في تونس.

في السياق ذاته، كشف غريغوريو سورجي، الصحافي المختصّ في الشأن السياسي الأوروبي، أن السلطات التونسية رفضت السماح لوفد برلماني أوروبي بزيارة تونس.

وتأتي هذه الزيارة في إطار بعثة لتقصّي الحقائق، أرسلتها لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي إلى تونس في أبريل (نيسان) 2022، عندما كان البرلمان قلقاً بشأن التراجع السياسي والحقوقي في تونس، وبشأن المعايير الديمقراطية وحقوق الإنسان.

ووفق ما نشره الموقع الرسمي للبرلمان الأوروبي، فإنّ الوفد الذي يقوده عضو البرلمان الأوروبي مايكل غاهلر (حزب الشعب الأوروبي بألمانيا)، كان سيلتقي عدداً من ممثّلي منظّمات المجتمع المدني التونسي، وقيادات النقابات العماليّة، وقادة المعارضة، وممثّلي المكوّنات السياسية في تونس، وهو ما تعدّه الرئاسة التونسية «تدخلاً في الشأن الداخلي التونسي».

يذكر أنّ البرلمان الأوروبي قرّر في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي عدم مراقبة الانتخابات البرلمانية التونسية، في ضوء التطوّرات السياسية والاجتماعية التي شهدتها البلاد، إثر إعلان الرئيس قيس سعيّد التدابير الاستثنائية، وحل الحكومة والبرلمان والمجلس الأعلى للقضاء.

وأوضح البرلمان الأوروبي، أنّ قراره بشأن تونس، صدر على ضوء قرار المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان، وتقرير لجنة البندقية المتعلّق بالإطار التشريعي والدستوري للاستفتاء والانتخابات البرلمانية.

على صعيد آخر، أفاد الحبيب الطرخاني، المتحدث باسم محكمة الاستئناف بتونس، بأن النيابة العامة التونسية لدى محكمة الاستئناف سمحت بفتح بحث لكشف هوية أصحاب ومستعملي الصفحات والحسابات والمجموعات الإلكترونية، التي تعمد إلى استغلال هذه المنصات لإنتاج وترويج وإعداد إشاعات كاذبة؛ بهدف التشهير وتشويه السمعة، والإضرار بالأمن العام، على حد تعبيره.

وكشف المصدر ذاته، عن أن عدداً من الصفحات والمواقع الإلكترونية محل تتبعات قضائية لدى النيابة العامة، وذكر بالاسم عدداً من المواقع بوصفها مواقع غالباً ما تتضمن نقداً لاذعاً للواقع السياسي والاجتماعي في تونس، لكن منظمات حقوقية عدة عبّرت في المقابل عن خشيتها من أن تكون هذه العملية مقدمة للقضاء على «حرية التعبير».


مقالات ذات صلة

«رئاسية» تونس... بين مطرقة المقاطعة وسندان الاحتجاجات

شمال افريقيا متابعون يتوقعون فوزاً سهلاً للرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد في هذه الانتخابات (أ.ب)

«رئاسية» تونس... بين مطرقة المقاطعة وسندان الاحتجاجات

تشهد انتخابات الرئاسة التونسية جدلاً كبيراً بسبب الاحتجاجات التي رافقت الحملة الانتخابية، والانتقادات التي وجّهت لهيئة الانتخابات وللرئيس قيس سعيد بقمع الحريات.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا شبان تونسيون يتظاهرون في تونس العاصمة يوم 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

شباب محبط من السياسة في تونس يرى الحلّ في الهجرة

بحسب دراسة أجراها «الباروميتر العربي» صدرت قبل أكثر من شهر، فإن 7 من كل 10 شباب تونسيين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما يريدون الهجرة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)

السجن 12 عاماً لأحد مرشحي «رئاسية» تونس في 4 قضايا

حكم على المرشح للانتخابات الرئاسية التونسية، العياشي زمال، بالسجن 12 عاماً في 4 قضايا، لكنه لا يزال يتمتع بحق مواصلة السباق الانتخابي.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا صور الإرهابيين الخمسة الذين فروا من سجن المرناقية قبل عام وتسبب تهريبهم في إيقاف عشرات الأمنيين  (صور وزارة العدل التونسية أرشيف)

تونس: تمديد حبس 20 أمنياً في قضية «تهريب إرهابيين من السجن»

كشفت مصادر أمنية تونسية عن إيقاف 5 من «التكفيريين» وعشرات من المشتبه في تعاونهم مع «الإرهابيين» ومهربي البشر ومع العصابات المتورطة في جرائم عديدة.

كمال بن يونس (تونس)
شمال افريقيا المرشح العياشي زمال (الشرق الأوسط)

النيابة العامة تأمر بسجن مرشح لـ«رئاسية» تونس

النيابة العامة في تونس تأمر بسجن المرشح الرئاسي التونسي العياشي زمال للاشتباه في تزوير تزكيات شعبية.

«الشرق الأوسط» (تونس)

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في دارفور

دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
TT

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في دارفور

دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)

لقي أكثر من 60 شخصاً مصرعهم، وأُصيب أكثر من 250 مدنياً، جرّاء قصف الطيران الحربي السوداني لمنطقة الكومة بولاية شمال دارفور، في عملية وصفها مراقبون بأنها «أكبر المجازر» ضد المدنيين، ارتكبها الطيران المقاتل التابع الجيش السوداني منذ بدء الحرب. وفي غضون ذلك لقي العشرات مصرعهم في غارات جوية أخرى استهدفت مناطق مليط وود أبو صالح شمال ولاية شمال دارفور، وأم ضوا بان بالخرطوم، وسط مطالبات بفرض حظر على الطيران العسكري التابع للجيش السوداني.

وقال شهود تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» هاتفياً من مليط، إن الطيران الحربي، التابع للجيش السوداني، استهدف سوق منطقة الكومة صبيحة الجمعة، وألقى عدداً من «البراميل المتفجرة»؛ مما أدى إلى إحراق السوق بشكل واسع، وقُتل جرّاء الغارة الجوية أكثر من 60 شخصاً، وجُرح أكثر من 250 مدنياً، جراح بعضهم خطيرة؛ إذ كانوا يرتادون «سوق الجمعة»، في حين ينتظر أن يتزايد عدد القتلى تباعاً بين الجرحى، بسبب عدم وجود الرعاية الصحية والطبية.

ووصف شهود ما حدث في منطقة الكومة بأنها «مجزرة» غير معهودة، استهدفت عن قصد المدنيين المقيمين هناك، بسبب عدم وجود أي مشاهد أو تمركزات لـ«قوات الدعم السريع» في السوق المكتظة بالمدنيين، وقالوا إن السوق «كانت تشهد نشاطاً طبيعياً عندما استهدفها القصف الجوي فجأة ودون سابق إنذار؛ مما أسفر عن دمار واسع فيها، في حين تناثرت جثث القتلى في أرجائها».

وفي مدينة مليط، قال شهود عيان إن الطيران الحربي استهدف، الجمعة، أيضاً «حفل عرس»؛ ما أدى إلى مقتل نحو 13 شخصاً وجُرح آخرون، في عملية وُصفت هي الأخرى بأنها استهداف للمدنيين، حيث لا توجد عناصر لـ«قوات الدعم السريع» في المكان.

ويؤكد قادة الجيش دائماً أن العمليات الحربية الجوية تستهدف «قوات الدعم السريع»، لكن النشطاء وشهود عيان ينفون وجود هذه القوات، في حين تتصاعد دعوات بين مؤيدي الجيش وأنصاره من الإسلاميين وكتائبهم إلى استهداف ما يسمونه «الحواضن الاجتماعية» لـ«قوات الدعم السريع»؛ انتقاماً من انتهاكاته بوسط وشمال البلاد.

ونشر نشطاء على وسائط التواصل الاجتماعي قوائم بأسماء الضحايا، من النساء والأطفال وكبار السن، الذين كانوا يمارسون التسوق أو يعرضون سلعهم للبيع في السوق الأسبوعية، وبينهم زوجة وابنة شقيق عضو «مجلس السيادة الانتقالي» ومساعد قائد الجيش إبراهيم جابر.

ووجّهت قوى سياسية وحركات مسلحة وتنظيمات حقوقية انتقادات حادة لتصعيد العمليات الجوية للجيش السوداني في إقليم دارفور خصوصاً، وطالبت بفرض حظر للطيران الحربي في الإقليم. وقالت «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) في بيان، السبت، إن سوق مدينة الكومة شهدت انتهاكاً مريعاً بحق المدنيين، جرّاء قصف الطيران الحربي التابع للجيش السوداني؛ مما أدى إلى إزهاق أرواح عشرات القتلى ومئات الجرحى من الذين تصادف وجودهم في أثناء الغارة الجوية.

كما نددت «تقدم» بغارات جوية استهدفت مناطق أم ضو بان بالخرطوم، وود أبو صالح ومليط بولاية شمال دارفور، نتج عنها مقتل العشرات من المدنيين وجرح المئات.

وأبدت «تقدم» أسفها لما أطلقت عليه «استمرار الانتهاكات على المدنيين، وتكرارها بشكل ممنهج في مختلف أنحاء السودان»، ودعت إلى التذكير بـ«إعلان جدة الإنساني» الذي شدد على التمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين والأعيان المدنية والأهداف العسكرية، والامتناع عن أي هجوم يُتوقع أن يسبب أضراراً مدنية عرضية مفرطة، مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة. ودعت طرفي القتال إلى حقن دماء السودانيين والانخراط فوراً في مفاوضات لوقف الحرب.

من جهتها، وصفت القوى المدنية الدارفورية الغارة الجوية بأنها «واحدة من أبشع جرائم الحرب»، وقالت إن الطيران الحربي قصف مدينتي الكومة ومليط بوابل من الصواريخ والبراميل المتفجرة، والأسلحة المحرمة دولياً، مستهدفاً مناطق «مأهولة جداً بالسكان المدنيين»؛ مما خلّف عشرات القتلى والجرحى، إلى جانب قصف تجمع مدني في «سرادق عزاء» بمدينة مليط، راح ضحيته أكثر من 100 قتيل.

وناشد التجمع المدني المنظمات الحقوقية والإنسانية التدخل السريع والحاسم؛ لوضع حد لما سمّاه «جرائم جماعات الهوس الديني وطيران جيش الفلول، الذي بات سجله متخماً بالمذابح في حق مدنيين أبرياء وعلى حين غرة»، مندداً بصمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة حيال الجرائم التي يرتكبونها، ومطالباً الأسرة الدولية بفرض حظر على الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، «الذي ظلّ يحصد أرواح المدنيين أغلبهم من الأطفال والنساء»، وفقاً للبيان.