سدود ليبيا... ضحية «الإهمال» وغياب الحكومة

انهيارها في درنة فاقم الخسائر المادية والبشرية

صورة بالقمر الصناعي للسدود في جنوب درنة، ليبيا، 7 سبتمبر 2023 (رويترز)
صورة بالقمر الصناعي للسدود في جنوب درنة، ليبيا، 7 سبتمبر 2023 (رويترز)
TT

سدود ليبيا... ضحية «الإهمال» وغياب الحكومة

صورة بالقمر الصناعي للسدود في جنوب درنة، ليبيا، 7 سبتمبر 2023 (رويترز)
صورة بالقمر الصناعي للسدود في جنوب درنة، ليبيا، 7 سبتمبر 2023 (رويترز)

شهدت السدود الـ16 التي تمتلكها ليبيا مشكلات عدة على مدى سنوات، وسط أزمة سياسية غير مسبوقة يعاني منها البلد منذ عام 2011، دون وجود حكومة مركزية قوية قادرة على فرض السيطرة وإدارة شئون البلاد، بما في ذلك التعامل مع خطر شح المياه.

وأدت العاصفة المتوسطية «دانيال»، التي ضربت معظم مناطق ومدن المنطقة الشرقية، إلى انهيار سدود مدينة درنة، التي تبعد أكثر من 1000 كيلومتر عن العاصمة طرابلس، وتتميز بطبيعتها الجبلية والساحلية، ما جعلها المدينة التي شهدت سقوط عدد كبير من الضحايا ما بين قتيل ومفقود.

وقال اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الوطني المتمركز في شرق البلاد، إن «الكارثة أتت بعد انهيار السدود فوق درنة، لتجرف أحياءً بأكملها وبسكانها إلى البحر».

ووفق قراءة أولية قدمتها إدارة السدود بوزارة الموارد المائية التابعة لحكومة الوحدة المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، فقد أدى تدفق كمية المياه المخزونة في سدي وادي درنة - أبو منصور ووادي درنة، بأضعاف سعة السدود إلى انهيارها، رغم ملاحظتها أن بوابة تصريف مياه السد كانت مفتوحة، مع ملاحظة اشتغال المفيض. وقدرت الكمية التي تحدثت عنها الوزارة بنحو 23.5 مليون متر مكعب، وقد تسبب تدفقها بعد انهيار السدين في إلحاق خسائر بشرية ومادية فادحة.

وكانت الوزارة قد حذرت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، المواطنين بأن منسوب المياه ببحيرة تخزين سد وادي درنة أبو منصور وصل إلى منسوب التصريف الطبيعي عبر المفيض (القمع)، وقالت إن كمية مياه الأمطار تجاوزت 200 ملم، تمثل ما وصفته برقم رهيب في فترة زمنية قصيرة، ودعت سكان منطقة الوادي للخروج لأماكن أكثر أمناً تحسباً لأي طارئ.

وشكل محمد قنيدي، وكيل وزارة الموارد المائية فريقاً لمتابعة أوضاع والانعقاد الدائم طوال فترة الأزمة، كما ترأس اجتماعاً (الاثنين) بطرابلس للجنة الطوارئ للاطلاع على أوضاع السدود بالمنطقة الشرقية، حيث جرى تكليف فريق هندسي بمتابعة كل السدود، واتخاذ كل الإجراءات والتدابير اللازمة.

صورة متداولة لسد لمدمر بالقرب من درنة، ليبيا (رويترز)

وتملك ليبيا 16 سداً مائياً موزعة على مدن مختلفة، لكنها عرضة للإهمال والسرقة وأعمال التخريب منذ سنوات، كما تتبدد معظم المياه المحتجزة خلف السدود دون الاستفادة منها رغم شح المياه. ويقول مراقبون إن معظم شبكات المياه المرتبطة بالسدود معطلة على الأقل منذ نحو 20 عاماً، بسبب انعدام الاستقرار السياسي والإداري في البلاد.

كما تعاني سدود عدة في حال تخزين كميات كبيرة من المياه بسبب موقعها غير المناسب من مشكلات فنية بسبب الصدوع والفوالق الصخرية. وفي ظل غياب حكومة موحدة، تغيب أيضاً المخصصات المالية اللازمة لعمليات الصيانة لأنابيب المياه والشبكات المرتبطة بالسدود.

وتسبب الاقتتال المسلح على مدى السنوات الماضية في تعطيل سدود عدة وتخريبها، وسرقة معداتها المكلفة والباهظة الثمن، وبالتالي إضعاف قدرتها على تخزين كميات كبيرة من المياه.

ونصحت دراسة أكاديمية متخصصة بضرورة إنشاء السدود الحجرية والسدود التعويقية للحد من تدفق مياه الأمطار، وانجراف التربة، والعمل على زراعة أشجار لتكون مصدات للرياح للحد من حركة التربة وانجرافها.


مقالات ذات صلة

دعوات حقوقية لكشف مصير دبلوماسي ليبي اختفى في بنغازي

شمال افريقيا الدبلوماسي الليبي أسامة يونس بوحلاق (حسابات مقربة من الدبلوماسي)

دعوات حقوقية لكشف مصير دبلوماسي ليبي اختفى في بنغازي

دخلت السفارة الليبية في العاصمة الأردنية عمّان على خط أزمة الدبلوماسي الليبي أسامة يونس بوحلاق، الذي اختفى في بنغازي، قبل أسبوع، وسط دعوات بكشف مصيره.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة ديكارلو متحدثة وتجاورها خوري في لقاء بممثلين من المجتمع المدني الليبي (البعثة الأممية)

خيبة أمل لفشل مفاوضات حل أزمة «المركزي» في ليبيا

انتهت مشاورات أجرتها أطراف أزمة «المركزي» الليبي دون حل نهائي، لكنها أثمرت الاتفاق على مواصلة «توسيع المشاورات»، إثر ذلك عبرت البعثة الأممية عن «أسفها».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي (وزارة الداخلية)

«داخلية» الدبيبة تواصل إبعاد الميليشيات عن المقار الحكومية

وفق اتفاق بين حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة وكبار التشكيلات المسلحة بطرابلس، تواصل السلطات الأمنية الرسمية تسلم المقار الحكومية وإبعاد الميليشيات عنها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا روزماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارتها إلى ليبيا (البعثة الأممية)

الأمم المتحدة تحض الليبيين على إجراء انتخابات لإنهاء «الانسداد السياسي»

عدّت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة إجراء انتخابات في ليبيا «تتحرى المصداقية والشمول» «السبيل الأوحد» الكفيل بإنهاء الانسداد السياسي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع عقيلة صالح مع ديكارلو (مجلس النواب)

​البعثة الأممية تستأنف وساطتها لحل أزمة «المركزي» الليبي

اجتمع ممثلو مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» والمجلس الرئاسي في ليبيا مساء الأربعاء بالعاصمة طرابلس برعاية بعثة الأمم المتحدة.

خالد محمود (القاهرة )

دعوات حقوقية لكشف مصير دبلوماسي ليبي اختفى في بنغازي

الدبلوماسي الليبي أسامة يونس بوحلاق (حسابات مقربة من الدبلوماسي)
الدبلوماسي الليبي أسامة يونس بوحلاق (حسابات مقربة من الدبلوماسي)
TT

دعوات حقوقية لكشف مصير دبلوماسي ليبي اختفى في بنغازي

الدبلوماسي الليبي أسامة يونس بوحلاق (حسابات مقربة من الدبلوماسي)
الدبلوماسي الليبي أسامة يونس بوحلاق (حسابات مقربة من الدبلوماسي)

وسط دعوات منظمات حقوقية محلية لكشف مصيره، دخلت السفارة الليبية في العاصمة الأردنية عمّان على خط أزمة الدبلوماسي الليبي أسامة يونس بوحلاق، الذي اختفى في بنغازي، قبل أسبوع، وقالت إنها تلقت بـ«أسف شديد» خبر فقدان الاتصال واختفاء الموظف الدبلوماسي، أثناء قيامه بزيارة المدينة، الواقعة شرقي البلاد.

وكان حقوقيون ليبيون تحدثوا عن أنه نشبت مشادة بين نجل بوحلاق الذي كان بصحبة والده في زيارة إلى بنغازي وقوات من الشرطة العسكرية، وبعد انتهائها توجه الدبلوماسي لزيارة شقيقته في أحد مستشفيات المدينة، فألقت الشرطة العسكرية القبض عليه.

هذه الرواية لم تكذبها أو تؤكدها أي جهة رسمية في بنغازي، لكن بعد بيان السفارة الليبية في عمّان، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي عبر حساباتهم، تفاصيل مشابهة لعملية توقيف بوحلاق، وسط دعوات حقوقية من بينها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، بضرورة الكشف عن مصيره.

وتداول نشطاء تعليقاً منسوباً لحساب «عطية حلاق»، من قبيلة العواقير التي ينتمي إليها الدبلوماسي، ناشد فيه القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» التي وصفها بـ«الحكيمة» لإطلاق سراحه. وقال إن بوحلاق ألقي القبض عليه بعد «مشاجرة ودفاع عن نجله مع الشرطة العسكرية».

وأعربت السفارة الليبية في عمّان عن «بالغ قلقها» من واقعة اختفاء بوحلاق، وقالت إن هذا الحادث يمثل «انتهاكاً صارخاً للقوانين والأعراف والاتفاقيات الدولية والدبلوماسية؛ وما تتضمنه من حماية للموظفين الدبلوماسيين».

وناشدت السفارة الجهات الرسمية والأمنية في مدينة بنغازي كافة إلى «التحرك العاجل» وبذل الجهود الحثيثة في سبيل البحث عن الدبلوماسي لعودته إلى أهله بأمن وسلام.

وتخوف نشطاء ليبيون عبر حساباتهم من أن يلقى بوحلاق مصير النائب إبراهيم الدرسي، الذي اختفى في بنغازي في 18 مايو (أيار) الماضي، ولم تعلن أي جهة عن مصيره حتى الآن. وتنتشر في ليبيا بشكل واسع عمليات الخطف والإخفاء القسري منذ الفوضى التي سادت البلاد بعد ثورة 17 فبراير (شباط) 2011.

وكان مقربون من الدرسي عضو مجلس النواب عن بنغازي أعلنوا خطفه من منزله، بعد حضوره الاحتفال بذكرى «عملية الكرامة» التي نظمها «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، مشيرين إلى أن الأجهزة الأمنية عثرت على سيارته في منطقة سيدي فرج شرقي المدينة.

وتفيد تقارير دولية ومحلية برواج عمليات الخطف القسري في ليبيا، ما دفع البعثة الأممية غير مرة إلى إدانة «أشكال الاحتجاز التعسفي كافة في جميع أنحاء ليبيا»، وقالت إن «مثل هذه الأعمال تقوّض سيادة القانون، وتخلق مناخاً من الخوف»، مذكرة أيضاً السلطات بالتزامها باحترام الحريات الأساسية، ودعم حقوق الإنسان وسيادة القانون.

وفي سياق يتعلق بعمليات الإخفاء القسري في ليبيا، أكدت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة، روزماري ديكارلو، خلال اجتماعها مع ممثلي المجتمع المدني ومنظمات الشباب والنساء في كل من طرابلس وبنغازي، أهمية وجود «حيز مدني حر ومفتوح»، وأوضحت أن المجتمع المدني المزدهر هو «قوة لا غنى عنها للتغيير من أجل تعزيز الحقوق».

وأعرب المشاركون في اللقاءات مع ديكارلو، بحسب البعثة الأممية، عن مخاوفهم بشأن «القيود الرسمية المفروضة على الحيز المدني، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري»، وأكدوا أن معظم المناقشات العامة تركز على الشرق والغرب، ولا تشمل في كثير من الأحيان الجنوب. كما قدموا تفاصيل عن التحديات التي تواجهها النساء على وجه الخصوص عند الانخراط في عمل المجتمع المدني والسفر والمشاركة في الحياة العامة.

وأكدت وكيلة الأمين العام أن «منظمات المجتمع المدني تلعب دوراً بالغ الأهمية في تعزيز المشاركة العامة والشفافية والمساءلة»، مضيفة أن «الوضع في ليبيا بات أكثر انقساماً من ذي قبل. إنها فترة حرجة. لا يمكننا أن نخسر ما اكتسبناه بالفعل. النساء والشباب والمجتمع المدني هم مفتاح التحول السياسي وبناء السلام في ليبيا».