درنة الليبية تواري ضحايا «دانيال» بمقابر جماعية... وعشرات الجثث تنتظر الدفن

استخراج عائلات بأكملها من تحت الأنقاض... وتواصل البحث عن آلاف المفقودين

TT

درنة الليبية تواري ضحايا «دانيال» بمقابر جماعية... وعشرات الجثث تنتظر الدفن

بعض الجثث المنتشلة في درنة (جهاز الإسعاف والطوارئ)
بعض الجثث المنتشلة في درنة (جهاز الإسعاف والطوارئ)

فاحت رائحة الموت في أنحاء درنة الليبية، وخلت المدينة، الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، من بعض أحيائها السكنية بعد أن ضربها إعصار «دانيال»، بينما انشغل الناجون منهم في جمع الجثث من الشوارع، ونقلها أو التقاطها عندما تقذفها أمواج البحر المتوسط.

وتحول شارع الأسطى الشهير في درنة، الذي كان يعج بالحياة والمارة، إلى ركام من المنازل المهشمة، كما غيرت السيول المدمرة ملامح مناطق عديدة، من بينها ساحة مسجد الصحابة بالمدينة، الذي اقتلعت البنايات والأرصفة من حوله.

وأمام فداحة الكارثة، تتصاعد الأرقام المعلنة والمتوقعة عن أعداد القتلى والمفقودين، فمبكراً أعلن الناطق باسم جهاز الإسعاف والطوارئ، أسامة علي، أن عدد الوفيات في درنة تجاوز سجل 2300 ضحية، إضافة إلى 5 آلاف مفقود، بينما أعلنت حكومة أسامة حماد أن الأعداد تجاوزت 6 آلاف شخص، لكن أعداد الضحايا في تزايد ساعة تلو أخرى.

وفي أول مشاهد الدفن، جمع مواطنون 300 جثة في ساحة عامة بالمدينة، وصلّوا عليها وواروها الثرى، ووضعوا في كل حفرة 10 جثة، في حين اكتظ مستشفى الوحدة بالمدينة بأكثر من 800 جثة تنتظر التعرف على هويتها، قبل أن توارى الثرى بنفس الطريقة الجماعية.

وعلى حافة البحر تجمع المواطنون لالتقاط الجثث، التي تقذف بها أمواج «المتوسط» إلى الشاطئ، بعد أن التهمت السيول ربع مدينة درنة تقريباً، بحسب مسؤولين عديدين، كما افترشت مئات العائلات ساحات عامة بالمدينة بعدما دمّر الإعصار منازلهم.

وقال طارق الخراز، المتحدث باسم وزارة الداخلية في الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، اليوم (الثلاثاء)، إن عدد القتلى الذين سقطوا في درنة تجاوز 6 آلاف، مبرزاً أن عدد المفقودين «لا يزال آخذاً في التزايد»، في ظل فقد عائلات بالكامل جراء الفيضانات.

ووصف الخراز في تصريحات صحافية الوضع في درنة بأنه «كارثة إنسانية»، ويتطلب مساندة من دول الجوار والدول الصديقة، وقال بهذا الخصوص: «نواجه صعوبات بسبب ضعف الإمكانيات، رغم أن السلطات المحلية تقوم بدورها على أكمل وجه. وما زالت هناك جثث تحت الأنقاض تحتاج إلى وسائل حديثة للوصول إليها بأسرع وقت».

ومع انحسار السيول التي ضربت درنة، بدت الأمور مُفجعة لمن بقوا على قيد الحياة، وهو ما وصفه وزير الصحة بالحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، عثمان عبد الجليل، بقوله إن «الوضع ما زال خطيراً في درنة، وهناك أماكن لا تزال معزولة». ونوّه إلى أن أعداد الوفيات التي ستظهر غداً في درنة «مخيفة»، وستكون أكبر بكثير مما هو معلن حالياً، وقال إن القوات المسلحة «تجري جهوداً كبيرة للوصول إلى هذه المناطق».

ولحقت أضرار كبيرة بشبكات المياه، وكل البنية التحتية، وقنوات الصرف الصحي في درنة، بحسب مسؤولين محليين، لكن الشركة القابضة للاتصالات أعلنت، اليوم الثلاثاء، عودة شبكة الاتصالات والإنترنت في منطقتي الفتايح والبريد بمدينة درنة.

من جهته، أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ في ليبيا دخول الفريق الثالث لدعم مدينة درنة، علماً بأنه سبق للجهاز التصريح، صباح اليوم الثلاثاء، في بيان مقتضب بأن أكثر من 5 آلاف مواطن صاروا في عداد المفقودين، لكن طارق رمضان، المسؤول بالاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، قال لوسائل إعلام من جنيف، إنه يتوقّع ارتفاع حصيلة قتلى الفيضانات في شرق ليبيا «بشكل هائل»، في ظل تقارير عن آلاف المفقودين.

وأضاف رمضان موضحاً أن حصيلة القتلى «ضخمة وقد تصل إلى الآلاف... ونؤكد من مصادرنا المستقلة للمعلومات بأن عدد المفقودين وصل إلى 10 آلاف شخص حتى الآن».

وانتشلت فرق المتطوعين أكثر من ألف جثة من درنة، بحسب هشام شكيوات، وزير الطيران المدني وعضو لجنة الطوارئ التابع لحكومة حماد، وقال إنه «من غير الممكن إحصاء العدد الكلي للقتلى في الوقت الراهن، لكن العدد كبير للغاية».

وأضاف شكيوات لوكالة «رويترز» عبر الهاتف: «عُدت من هناك (درنة)... الأمر كارثي للغاية... فالجثث ملقاة في كل مكان في البحر، في الأودية، وتحت المباني، ولا أبالغ عندما أقول إن 25 في المائة من المدينة اختفى. العديد من المباني انهار».

بدوره، تحدث عبد الله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب، عن الدعم المقدم إلى درنة، وقال إن 70 طبيباً من مختلف التخصصات الطبية قدموا من مدينة طرابلس، ووصلوا مطار بنينا الدولي، فجر اليوم (الثلاثاء)، وأنهم في طريقهم إلى درنة لتقديم الدعم الطبي للمواطنين، مشيراً إلى تسلُّم وزارتي الصحة والداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب 20 طناً من المستلزمات الطبيبة كدفعة أولى.

ونعى الهلال الأحمر الليبي، اثنين من متطوعيه، هما أدوال وعبادي الخرم، بعدما جرهما السيل خلال مهمتهما الإنسانية لإنقاذ سكان درنة.


مقالات ذات صلة

إعصار «أوسكار» يودي بحياة ما لا يقل عن 6 أشخاص في كوبا

أميركا اللاتينية انقطاع التيار الكهربائي في هافانا بعدما ضرب الإعصار أوسكار مساء الأحد كوبا (د.ب.أ)

إعصار «أوسكار» يودي بحياة ما لا يقل عن 6 أشخاص في كوبا

 أعلن الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل أمس (الاثنين) وفاة ما لا يقل عن 6 أشخاص بعدما ضرب إعصار «أوسكار» شرق كوبا.

«الشرق الأوسط» (هافانا)
العالم صورة ملتقطة عبر الأقمار الصناعية بواسطة الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي لإعصار أوسكار (أ.ب)

الإعصار أوسكار يصل إلى اليابسة في جزر البهاما

قال المركز الوطني الأميركي للأعاصير، اليوم الأحد، إن الإعصار أوسكار وصل إلى اليابسة في جزيرة إيناجوا الكبرى؛ إحدى جزر البهاما.

«الشرق الأوسط» (ميامي )
الولايات المتحدة​ امرأة تسير في وسط المدينة أثناء وصول إعصار «ميلتون» إلى اليابسة في تامبا بفلوريدا (أ.ف.ب)

رياح عاتية وأمطار غزيرة وفيضانات... الإعصار «ميلتون» يبدأ باجتياح فلوريدا (صور)

بدأ الإعصار «ميلتون» الذي يُعتبر «خطراً للغاية» باجتياح سواحل ولاية فلوريدا في جنوب الولايات المتحدة ليل الأربعاء، مصحوباً برياح عاتية وأمطار غزيرة وفيضانات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج دعت السفارة المواطنين في حالات الطوارئ إلى الاتصال بأرقام الطوارئ (الشرق الأوسط)

السعودية تدعو مواطنيها في أميركا للحيطة من إعصار «ميلتون»

طالبت سفارة السعودية في الولايات المتحدة الأميركية مواطنيها الموجودين في ولايات جورجيا ونورث كارولاينا وساوث ‫كارولاينا، بأخذ الحيطة والحذر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ تسببت الأمطار الغزيرة الناجمة عن الإعصار «هيلين» في حدوث فيضانات وأضرار قياسية في كارولينا الشمالية (أ.ف.ب)

الإعصار «هيلين» يقتل 63 شخصاً على الأقل في الولايات المتحدة

ارتفعت حصيلة القتلى جراء الإعصار «هيلين» إلى 63 شخصاً على الأقل، وفقاً للسلطات التي أشارت إلى أن ملايين الأميركيين في 10 ولايات لا يزالون من دون تيار كهربائي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

وسط ترقب وانتظار لما ستسفر عنه الأيام المقبلة، استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية بالمشهد الإعلامي.

وتصدر قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية والصحافية، الترند في مصر عبر «هاشتاغات» عدة، حمل بعضها أسماء ضمها التشكيل الجديد، لا سيما وزير الشباب والرياضة السابق خالد عبد العزيز الذي ترأس «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، والإعلامي أحمد المسلماني رئيس «الهيئة الوطنية للإعلام»، وعبد الصادق الشوربجي رئيس «الهيئة الوطنية للصحافة».

وأعيد تشكيل «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، لمدة 4 سنوات، بموجب القرار الجمهوري «رقم 518 لسنة 2024»، «برئاسة خالد عبد العزيز، وعضوية كل من: المستشار عبد السلام النجار، نائب رئيس مجلس الدولة، والدكتور محمود ممتاز، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، والدكتور حسام عبد المولى، ممثلاً للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والصحافيين عبد المحسن سلامة وعادل حمودة، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والصحافية علا الشافعي، والإعلامي عصام الأمير، والدكتورة منى الحديدي، ممثلاً للمجلس الأعلى للجامعات».

ونص القرار الجمهوري رقم 520 لسنة 2024 على «تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام، لمدة أربع سنوات، برئاسة أحمد المسلماني، وعضوية كل من: المستشار حماد مكرم، نائب رئيس مجلس الدولة، وخالد نوفل، ممثلاً لوزارة المالية، والمهندس وليد زكريا، ممثلاً للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والإعلاميين أسامة كمال وريهام الديب، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، وهالة فاروق حشيش، ممثلاً لنقابة الإعلاميين، وسامي عبد السلام، ممثلاً للنقابة العامة للعاملين بالصحافة والطباعة والإعلام، والكاتبة صفية مصطفى أمين، من الشخصيات العامة وذوى الخبرة».

كما أعيد تشكيل «الهيئة الوطنية للصحافة» لمدة 4 سنوات أيضاً، بموجب القرار الجمهوري رقم 519 لسنة 2024، حيث احتفظ عبد الصادق الشوربجي، بمنصبه رئيساً للهيئة التي ضمت في عضويتها كلاً من: المستشار محمود عمار، نائب رئيس مجلس الدولة، وياسر صبحي، ممثلاً لوزارة المالية، والصحافيين علاء ثابت وعمرو الخياط، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والصحافيين حمدي رزق، وسامح محروس، ممثلين للصحافة القومية، وأسامة سعيد أبو باشا، ممثلاً للعاملين بالمؤسسات الصحفية القومية، والكاتبة سحر الجعارة من الشخصيات العامة وذوي الخبرة».

ومن المتوقع أن تشهد الجلسات العامة لمجلس النواب المصري (البرلمان)، الأسبوع المقبل، أداء رؤساء الهيئات الإعلامية الجدد اليمين أمام النواب.

وتعهد الشوربجي، في مداخلة لقناة «إكسترا نيوز» المصرية، الاثنين، بـ«استكمال مسيرة التطوير»، مشيراً إلى أن «الهيئة تعمل على مواجهة التحديات والاهتمام بالصحافة الورقية ومواكبة التطورات».

وقال إن «الفترة السابقة شهدت مصاعب كثيرة جداً، من بينها جائحة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية، ما أثر في صناعة الصحافة بمصر».

وأضاف أنه «استطاع تحويل التحديات إلى إيجابيات، حتى بدأت مؤسسات صحافية تنهض»، متعهداً بأن «تشهد الفترة المقبلة تحقيق المؤسسات الصحافية التوازن المالي، إلى جانب تطوير المحتوى التحليلي، دون إهمال الصحافة الورقية».

ويأتي تشكيل هذه الهيئات بموجب المواد 211 و212 و213 من الدستور المصري لعام 2014، وتعديلاته عام 2019، التي تنص على تشكيل «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» باعتباره «هيئة مستقلة تختص بتنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية، وغيرها»، إلى جانب هيئتي الصحافة والإعلام، حيث «تختص الأولى بإدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة»، بينما تعمل الثانية على «إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوكة للدولة».

وحظي خالد عبد العزيز بالنصيب الأكبر من الاحتفاء على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما بين الصحافيين والنقاد الرياضيين، والمتابعين للشأن الرياضي بشكل عام، كونه شغل في وقت سابق منصب وزير الشباب والرياضة.

وأعرب الفنان نبيل الحلفاوي، عبر حسابه على «إكس»، عن «تفاؤله» بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية، وعدّ اختيار عبد العزيز لرئاسة «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، بمثابة «بشرى خير واختيار صادف أهله ورضا المتطلعين للأفضل».

وكذلك أكد الناقد الرياضي إكرامي الرديني، عبر «إكس»، أن عبد العزيز هو «الرجل المناسب في المكان المناسب»، معرباً عن أمله في أن يسهم التشكيل الجديد في «وضع المعايير المناسبة لهذه الفترة المنفلتة إعلامياً».

وأشار الصحافي والناقد الرياضي رضوان الزياتي، عبر «إكس»، إلى أن التشكيل الجديد للهيئات الإعلامية «لاقى نسبة كبيرة من القبول الشعبي»، معرباً عن أمله في أن «يكون هناك إعلام محترم وموضوعي ينحاز للوطن والشعب».

وبينما أكد العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتور حسن عماد مكاوي، أنه «من المبكر الحديث عن دلالات أو انعكاسات التغيير على المشهد الإعلامي»، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التغيير كان مطلوباً بدرجة كبيرة، لا سيما أن المجالس السابقة لم تؤدِّ ما عليها من دور، ولم تحقق أهدافها بالشكل المرغوب».

وأعرب عن أمله في أن «يحمل التشكيل الجديد تغييراً ملحوظاً في المشهد الإعلامي».

وجاء قرار إعادة تشكيل الهيئات متأخراً بضعة شهور، حيث صدر قرار تشكيل الهيئات السابقة في 24 يونيو (حزيران) 2020، لمدة 4 سنوات، وأدى الصحافي كرم جبر، اليمين أمام مجلس النواب، رئيساً لـ«المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» في 5 يوليو (تموز) من العام نفسه. وتزامناً مع موعد انتهاء مدة ولاية الهيئات السابقة، نشرت وسائل إعلام محلية أسماء مرشحين لرئاستها، مع الإشارة إلى قرب صدور قرار بتعيينهم.