خبراء يكشفون سر قوة «زلزال المغرب» ومدى خطورة توابعه

تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن التأثيرات المحتملة على شمال أفريقيا

من آثار الزلزال (أ.ف.ب)
من آثار الزلزال (أ.ف.ب)
TT

خبراء يكشفون سر قوة «زلزال المغرب» ومدى خطورة توابعه

من آثار الزلزال (أ.ف.ب)
من آثار الزلزال (أ.ف.ب)

استيقظ العالم السبت على أخبار ومشاهدات الزلزال المدمر بقوة بلغت 7 درجات على مقياس ريختر، في إقليم الحوز جنوب مراكش بالمغرب. ووفق ناصر جابور، من المعهد الوطني للجيوفيزياء في المغرب، فإن الزلزال هو الأعنف في المملكة منذ قرن، موضحاً في تصريح لوكالة «المغرب العربي للأنباء»، أن مركزه حُدد على بعد 80 كلم جنوب غربي مدينة مراكش، تم استشعاره بالعديد من المدن في محيط 400 كلم.

«الشرق الأوسط» استطلعت آراء عدد من الخبراء والمتخصصين حول الآثار المترتبة على وقوع الزلزال ومدى خطورة توابعه، وإذا كان من الممكن لها أن تستحث بؤراً زلزالية أخرى في مناطق مجاورة لها، وما إذا كانت هناك أي تحذيرات محتملة من وقوع موجات تسونامي في البحر الأبيض المتوسط، أو المحيط الأطلسي، والمخاطر المحتملة في شمال أفريقيا.

عائلات باتت في العراء في وسط مراكش (أ.ف.ب)

وقال الدكتور جاد القاضي، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، إنه «أعنف زلزال يضرب المغرب منذ عقود، فهو أقوى منذ زلزال أغادير عام 1960 (15 ألف قتيل) وزلزال إقليم الحسيمة شمال المغرب عام 2004 (أكثر من 600 قتيل)»، مضيفاً أن «منطقة مراكش من المناطق التي تتميز بالمباني القديمة تاريخياً والتي تفتقر إلى الكود الزلزالي المنظم لعمليات البناء الحديث، خاصة في الريف، حيث العديد من المباني بالطوب اللبن، مما فاقم من أعداد المباني التي انهارت بعد وقوع الزلزال»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «المنطقة مركز الزلزال متاخمة لمنطقة جبلية، وهو ما فاقم من أعداد الضحايا نتيجة الانزلاقات الأرضية، التي تسببت في وقوع أضرار كبيرة في الأرواح والممتلكات».

ونفى القاضي وجود أي إنذارات لحدوث موجات تسونامي محتملة، نظرا لأن «الزلزال وقع في اليابسة في منطقة جبلية، وبعيداً عن البحر بمسافة 300 كيلومتر، لذا فلا توجد إشارة من أي نوع لهذا الاحتمال المستبعد».

حول ما إذا كان من الممكن للبؤرة الزلزالية أن تستحث بؤراً زلزالية أخرى في مناطق مجاورة لها. علق القاضي بقوله إن «المقصود هنا مناطق مجاورة تقع في نطاق لا يتجاوز 500 كلم»، مشدداً على أن «الزلازل المستحثة تكون دائماً أقل في الشدة». وفسر ذلك بأن «هناك طاقات كامنة مختزنة يمكنها أن تتحرر وتحدث ذلك التأثير، وهو ما حدث في تركيا خلال الزلزال الأخير».

من الدمار في مولاي إبراهيم (رويترز)

من جانبه، قال الدكتور ميمون شوراق، أستاذ الزلازل بجامعة محمد الأول بالمغرب، نائب رئيس المفوضية الأفريقية للزلازل، إن «المنطقة التي حدث بها الزلزال تقع على الصفيحة القارية التكتونية التي تغطي قارة أفريقيا، وهذا النشاط الزلزالي حدث نتيجة تحرك تلك الصفيحة أسفل الصفيحة القارية التكتونية التي تغطي قارة أوروبا»، مشدداً على أنه منذ عام 1900 وحتى يومنا هذا، لم تعرف هذه المنطقة زلزالا بهذه القوة. وأوضح في تصريحات على هامش مؤتمر صحافي نظمه المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر (السبت)، أنه وفقاً لقياسات حديثة على نظام «جي بي إس» فإن هناك حركة في هذا الفالق بمقدار واحد ملم كل عام، وقد تسبب تراكم ذلك على مدار أعوام كثيرة في وقوع زلزال اليوم. وتابع أنه يتوقع ارتفاع أعداد الضحايا، ولكن الأرقام النهائية لا يمكن تقديرها قبل أسبوع أو 10 أيام، على أقل تقدير.

وأكد شوراق على أن «هناك أربعة عوامل زادت من قوة الزلزال، بداية من ارتفاع شدته على مقياس ريختر، والتي تقترب من قوة قنبلة هيروشيما»، وفق قوله، مضيفاً أن «عمق بؤرة الزلزال القريبة من سطح الأرض ساهمت في أن يكون التأثير أقوى، كما أن التوقيت الليلي لوقوع الزلزال زاد من تأثيره، وأخيراً نوعية المباني التي تفتقر إلى الكود الزلزالي المنظم لها في عمليات البناء».

في حين وصف الدكتور شريف الهادي، الأستاذ بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، المنطقة التي وقع بها الزلزال بأنها «منطقة ناشئة زلزالياً»، حيث يقع ذلك الفالق الجيولوجي على الحافة القارية لقارة أفريقيا، ويمثل انفصال قارة أفريقيا عن قارة أوروبا، نافياً أن يمتد تأثير الزلزال إلى المناطق المجاورة في شمال قارة أفريقيا.

وأضاف الهادي أن «قوة الزلزال بلغت 7 درجات على مقياس ريختر، وضمن نطاق التدمير المتوسط وأعلى من المتوسط»، مشدداً على أن «الأحياء القديمة ستكون قابلة للضرر البالغ بخلاف الأماكن الجديدة التي بنيت وفق الكود الزلزالي المنظم لعمليات البناء»، موضحاً أن الزلزال وصل مداه إلى قرابة 400 كلم، حتى شمال مدينتي الدار البيضاء والرباط المغربيتين، ومن المتوقع أن تحدث هزات زلزالية أو ما يعرف بالتوابع الزلزالية، ولكن ستكون أقل شدة، نافياً أن «يكون لهذا الزلزال علاقة بزلزال تركيا الذي كان أشد قوة وأكثر تدميراً».

الهادي أكد أن «الأنشطة الزلزالية تتركز في مناطق وقوعها ولا تنتشر في العادة لأماكن أخرى»، نافياً صحة المعلومات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي عن إمكانية الانتقال لأماكن أخرى مجاورة في المنطقة، لكنه شدد على أنه في ظروف نادرة «يمكن أن تسبب البؤرة الزلزالية في إثارة بؤر زلزالية أخرى مجاورة نشطة، كما قد حدث في زلزال تركيا».

عائلات أمضت الليل في وسطية شارع محمد السادس في مراكش (إ.ب.أ)

أما الدكتور صلاح محمود، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية الأسبق، وأستاذ ديناميكا الأرض، فقال إن زلزال المغرب وقع في صدع جبلي شهير يمر من جنوب مراكش بجبال أطلس، ويتقاطع في المحيط الأطلسي، وهو الصدع ذاته الذي شهد زلزال أغادير عام 1960 والذي خلّف 15 ألف قتيل، وهو أحد أحزمة الزلازل المشهورة في البلاد.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن قوة الزلزال الجديد «جاءت بسبب عدم تعرض هذا الصدع لهزات أرضية متكررة منذ أكثر من 70 عاماً، وبالتالي فإن طاقة الزلزال تجمعت منذ ذلك الحين، وخرجت قوتها كاملة في الزلزال الحالي، لأن وقوع هزات متكررة على فترات مُتباعدة يقلل عادة من قوة الزلزال الكبير عند حدوثه». وأوضح «أن خطورة هذا الزلزال والهزات الارتدادية الناتجة عنه تنحصر فقط في مركز الزلزال والمنطقة المحيطة به والتي تقع في حدود 100 كلم من بؤرة الزلزال، لكن قوتها تكون عادة أقل من الزلزال الرئيسي، وخطورتها تتمثل في إعادة صدع وتدمير المباني التي تأثرت بالزلزال الرئيسي ولم تسقط، وبالتالي لا ينصح في الوقت الحالي بعودة الناس للمنازل التي تقع في بؤرة الزلزال، لاحتمالية تعرضها للسقوط، وذلك إلى أن تستقر القشرة الأرضية وتتوقف الهزات الارتدادية».

عن الفروق بين زلزال المغرب وتركيا. قال محمود إن «زلزال المغرب يختلف كلياً عن الزلزال الذي وقع في تركيا وتأثرت به مناطق في سوريا في فبراير (شباط) الماضي، فزلزال المغرب ورغم قوته الكبيرة فإنه أقل خطورة لأنه وقع في صدع جبلي، وبالتالي اقتصرت خطورته على الهزات الارتدادية التي وقعت في محيطه فقط وتحديداً في منطقة مراكش بالمغرب، أما زلزال تركيا فقد سبب دماراً لأن مركزه كان غرب محافظة غازي عنتاب بالقربِ من الحدود مع سوريا، وتبعته هزات ارتدادية عنيفة بمناطق مأهولة بالسكان».

عودة إلى شوراق الذي أفاد بأن «ما حدث كان مفاجأة وهناك مجموعة من الفرضيات التي يجب دراستها للوقوف بدقة على الأسباب العلمية لوقوع هذا الزلزال، وأن أمر الإعلان عن ذلك الآن ربما يكون سابقا لأوانه»، مؤكداً أن الزلزال نشاط طبيعي يتوقع حدوثه في أي مكان، ولكن الأهمية الكبيرة تتمثل في طرق الاستعداد لهذه المخاطر، وضرورة الأخذ بالكود الزلزالي المنظم لعمليات التشييد والبناء.


مقالات ذات صلة

رصد تسونامي منخفض في جزيرة يابانية نائية بعدما ضربها زلزال

آسيا أصدرت اليابان تحذيراً من احتمال وقوع تسونامي في جزيرتي إيزو وأوجاساوارا النائيتين على بعد نحو 600 كيلومتر جنوب طوكيو (أرشيفية - أ.ب)

رصد تسونامي منخفض في جزيرة يابانية نائية بعدما ضربها زلزال

أعلنت وكالة الأرصاد الجوية اليابانية أنه تم رصد تسونامي منخفض في جزيرة هاشيجوجيما اليابانية النائية بعدما ضرب المنطقة زلزال بلغت قوته 5.9 درجة جزر إيزو.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم زلزال بقوة 6.5 درجة يقع قبالة كولومبيا البريطانية في كندا

زلزال بقوة 6.5 درجة يقع قبالة كولومبيا البريطانية في كندا

قالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، إن زلزالاً بلغت قوته 6.5 درجة وقع قبالة ساحل مدينة بورت ماكنيل في إقليم كولومبيا البريطانية في كندا اليوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
آسيا  صبي يمشي على أرضية منزل تم بناؤه حديثًا بينما تظهر أنقاض منزل قديم سقط أثناء زلزال في جتلان، ميربور، باكستان 25 سبتمبر 2019 (رويترز)

زلزال بقوة 5.75 درجة يضرب باكستان

قال المركز الألماني لأبحاث علوم الأرض، اليوم (الأربعاء)، إن زلزالا بقوة 5.75 درجة ضرب باكستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
تكنولوجيا دمار ناتج عن زلزال في كاليفورنيا (أرشيف - رويترز)

هل ينجح الذكاء الاصطناعي في توقّع الزلازل؟

لسنوات عديدة، كانت فكرة القدرة على توقّع الزلزال أمراً مستبعداً؛ فهل ينجح الذكاء الاصطناعي في هذا الأمر؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا من قرية منكوبة في الهوز بجبال الأطلس (أ.ف.ب)

ألف أسرة فقط أنهت بناء بيوتها بعد عام على أعنف زلزال في المغرب

تسبب الزلزال الذي ضرب مناطق شاسعة في نواحي مراكش بوسط البلاد، ليل 8 سبتمبر (أيلول) الماضي، في مقتل نحو 3 آلاف شخص، وألحق أضراراً بنحو 60 ألف بناية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)

الخرطوم: عشرات القتلى والجرحى بقصف لطيران الجيش

جانب من الحرب الدائرة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (رويترز)
جانب من الحرب الدائرة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (رويترز)
TT

الخرطوم: عشرات القتلى والجرحى بقصف لطيران الجيش

جانب من الحرب الدائرة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (رويترز)
جانب من الحرب الدائرة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

قُتل 23 شخصاً، وجُرح أكثر من 40 آخرين، السبت، إثر قصف طيران الجيش السوداني سوقاً مجاورة لأحد المعسكرات الرئيسية لـ«قوات الدعم السريع» في الخرطوم، حيث يدور قتال «شوارع عنيف» وسط غموض وتكتم شديدين من الطرفين حول مسار المعارك، وإلى كفة من تميل المواجهات التي دخلت أسبوعها الثالث.

وتقع السوق في منطقة تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» بالقرب من معسكر رئيسي لها في المدينة الرياضية جنوب العاصمة السودانية.

ويلقي الجيش بكل ثقله مسنوداً بـ«كتائب البراء بن مالك» لإعادة السيطرة على المدينة.

وتشير أنباء إلى أن قواته تتقدم في منطقة المقرن على الضفة الغربية عند ملتقى النيلين (الأزرق والأبيض)، وسيطرت على بعض المباني الشاهقة، بينما تتحدث منصات محسوبة على «قوات الدعم السريع» عن صدّ محاولات عبور جديدة لجسر النيل الأبيض الرابط بين أم درمان والخرطوم، وتكبيد المهاجمين خسائر كبيرة في الأرواح.