«الشائعات»... «صداع مزمن» في رأس الحكومة المصرية

نفت «أكاذيب» عن احتجاجات لمواطنين وانتهاكات بالسجون

رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (الحكومة المصرية)
رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (الحكومة المصرية)
TT

«الشائعات»... «صداع مزمن» في رأس الحكومة المصرية

رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (الحكومة المصرية)
رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (الحكومة المصرية)

تخوض الحكومة المصرية صراعاً متواصلاً ضد ما عدّته «حرب شائعات» تستهدف «الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية والأمنية في البلاد»، وأعدت الحكومة لذلك مجموعة من الأدوات لمواجهة هذه «الشائعات».

وبات رد الأجهزة الحكومية المعنية في مصر على الشائعات «عملاً يومياً»، ولم يعد الأمر يقتصر على وسائل الإعلام التي تخصص مساحات «معتبرة» من خدماتها اليومية لتفنيد الشائعات التي يتم رصدها؛ بل وصل إلى أن يحتل الرد على الشائعات جانباً من مهام وزارات ذات طبيعة أمنية، إذ أصدرت وزارة الداخلية المصرية السبت، بياناً كشفت فيه حقيقة مقطع فيديو متداول بشأن «وجود تجمعات في إحدى المحافظات المصرية».

وقالت «الداخلية» إنه «لا صحة لما تم تداوله بإحدى الصفحات التابعة لتنظيم (الإخوان) بمواقع التواصل الاجتماعي بشأن وجود تجمعات ليلية بإحدى المحافظات». وأضافت أن «ذلك المقطع قديم سبق تداوله منذ عدة أعوام، ويأتي ذلك في إطار المحاولات اليائسة لـ(الإخوان) لإثارة البلبلة والإيحاء للمواطنين بوجود مؤيدين لدعواتهم التحريضية بعد أن فقدت مصداقيتها بأوساط الرأي العام».

وفي بيان آخر سبق البيان الأول لـ«الداخلية»، نفت الوزارة السبت، أيضاً «صحة ما تناولته بعض القنوات الموالية لـ(الإخوان) من (ادعاءات وأكاذيب) بشأن الأوضاع داخل أحد مراكز الإصلاح والتأهيل (السجون)». وأضافت أن ذلك «يأتي ضمن مخططات التنظيم وأبواقه الإعلامية لـ(تزييف الحقائق) وترويج (أكاذيب مختلقة)». وأكدت الوزارة في بيانها أنه «سيتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية حيال مروجي تلك (الشائعات) بشكل حاسم».

رصد آلاف الشائعات

يشار إلى أن هناك عشرات الشائعات ترصدها مؤسسات رسمية مصرية يومياً، قدرها تقرير رسمي للجنة الاتصالات بمجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان) بـ«نحو 53 ألف شائعة خلال 3 أشهر في عام 2019»، فيما توالي جهات معنية أخرى؛ في مقدمتها «المركز الإعلامي التابع لمجلس الوزراء المصري» بإصدار تقارير دورية للرد على الشائعات.

وزارة الداخلية في مصر (الصفحة الرسمية على «فيسبوك»)

وأوضح تقرير لـ«المركز الإعلامي لمجلس الوزراء» حول الشائعات خلال عام 2022، أن «أكثر القطاعات تأثراً، كان الاقتصاد بنحو 23.6 في المائة، ويليه التموين 21.3 في المائة، ثم التعليم 19.1 في المائة، والصحة 11 في المائة، وكل من الزراعة والحماية الاجتماعية 4.9 في المائة، والطاقة والوقود 4 في المائة». وذكر التقرير حينها أن «الدولة المصرية لا تزال تخوض معركة الوعي، وهي المعركة التي تأتي على رأسها جهود مواجهة الشائعات التي تتخذ من الأزمات والتحديات بيئة خصبة للانتشار». ولفت إلى أن الشائعات «لا تتوقف عن (تزييف الحقائق) وخلق حالة من عدم الاستقرار وزعزعة الثقة في جهود الدولة وخططها للإصلاح والتنمية».

مرصد متخصص

الدكتورة نعايم سعد زغلول، رئيسة المركز الإعلامي بمجلس الوزراء المصري، أشارت إلى أن المركز «يمتلك مرصداً علمياً يضم كثيراً من الخبرات والكفاءات المتخصصة والمدربة على رصد وتحليل الشائعات بمختلف أشكالها»، مضيفة أن المركز «يعمل منذ عام 2014 في التصدي لهذه المساعي الهدامة وفق منهجية علمية تدرك أهمية سلاح الوعي في بناء وتحصين الأوطان». وأوضحت زغلول لـ«الشرق الأوسط»، أن دور المركز لا يقتصر فقط على رصد وتحليل الشائعات، بل يتضمن كذلك التواصل على مدار الساعة مع الجهات المعنية لتوفير المعلومات الصحيحة والدقيقة وإتاحة تلك المعلومات بكل حيادية ومصداقية وشفافية، باعتبارها حقاً أصيلاً من حقوق المواطن المصري.

وشددت رئيسة المركز الإعلامي بمجلس الوزراء المصري على الدور الذي يقوم به المركز بالتعاون مع مختلف الجهات الرسمية والأكاديمية، بالإضافة إلى التواصل المستمر مع مختلف وسائل الإعلام من أجل «المساهمة في تشكيل وعي مجتمعي وتعزيز قدرة الرأي العام على التحقق من (المعلومات المغلوطة)، وعدم الانسياق وراء مروجيها ومخططاتهم، وذلك فضلاً عن القيام بعملية تحليل وقياس لهذه الشائعات، من أجل وضع التصورات اللازمة لتطوير آليات العمل وطرق المواجهة)».

وترصد تقارير المركز الإعلامي لمجلس الوزراء بمصر أنماطاً متعددة من الشائعات اليومية، وتصنفها وفق درجات الانتشار والخطورة. ووفق أحدث تلك التقارير، فإن «العام الماضي شهد أعلى معدلات انتشار الشائعات في البلاد بمعدل بلغ 20.5 في المائة، وهو معدل يتصاعد سنوياً منذ عام 2014، الذي سجل معدل انتشار للشائعات بمقدار 1.4 في المائة فقط». ولفت التقرير إلى جملة مما وصفها بـ«أخطر الشائعات»؛ من بينها «زعم تعرض مصر لأزمات نقص واختفاء سلع غذائية جراء تداعيات أزمة الغذاء العالمية»، و«وجود أزمة سيولة في القطاع المصرفي المصري»، و«اعتزام الحكومة خصخصة المستشفيات الحكومية».

سلاح خطير

من جانبه، وصف اللواء أحمد العوضي، رئيس «لجنة الدفاع والأمن القومي» بمجلس النواب المصري، الشائعات، بأنها «جزء من الحرب التي تتعرض لها مصر منذ 2013»، مشيراً إلى أن «كثيراً من القوى الداخلية والخارجية تسعى إلى (هدم كيان الدولة) وبث حالة من الإحباط في نفوس المواطنين عبر إطلاق مئات الشائعات يومياً».

ويرى العوضي أن الشائعات باتت «سلاحاً خطيراً» في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنه أشار إلى «أهمية الدور الذي تقوم به المؤسسات الرسمية، عبر إتاحة المعلومات الصحيحة والرد السريع على تلك الشائعات»، مشدداً في الوقت ذاته، على «أهمية بناء الوعي لدى المواطنين حتى يمكنهم التصدي لتلك الشائعات، أو على الأقل عدم الانسياق وراءها».

وحول مدى كفاية الإجراءات الأمنية والعقوبات التشريعية لمواجهة ازدياد الشائعات في مصر، أشار العوضي إلى أن الإجراءات الأمنية لتعقب مطلقي الشائعات، وكذلك تغليظ العقوبات بحقهم «مسألة لا غنى عنها»، لكنه أضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «بناء الوعي يظل السلاح الأهم في معركة تصدي الدولة المصرية لحرب الشائعات، خصوصاً في ظل التحديات الراهنة، التي تنشط خلالها الجماعات التي تستخدم الشائعات و(الأخبار الزائفة) وسيلة للهجوم على الدولة».


مقالات ذات صلة

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

شمال افريقيا مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة) في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصياتها على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

يواصل مسؤولون مصريون جولاتهم المفاجئة على الأسواق للتأكد من توافر السلع بـ«أسعار مناسبة»، عقب زيادة أسعار الوقود.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

حلّ الماس الكهربائي بوصفه «متهماً أول» في الحرائق التي اندلعت أخيراً بأسواق تجارية «شهيرة» في وسط القاهرة.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق «الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

تحتفل فرقة «الحضرة» المصرية للإنشاد الديني بعيد ميلادها التاسع خلال فعاليات الموسم الصيفي للموسيقى والغناء في دار الأوبرا؛ بإحيائها حفلاً على «المسرح المكشوف».

نادية عبد الحليم (القاهرة)

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة)، الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)»، لتتمكن من تسلُّم أراضي المرحلة الأولى المخصصة للمشروع المشترك بين مصر والإمارات، الذي يستهدف تنمية وتطوير المنطقة.

ووجّه رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، السبت، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، شريف الشربيني، بمتابعة موقف تعويضات الأهالي والتعاون مع محافظة مرسى مطروح والجهات المعنية الأخرى «لسرعة الانتهاء من هذا الملف». وأكد مدبولي خلال جولة له بمدينة العلمين (شمال مصر)، السبت، أنه «لا بديل عن الالتزام بالمواعيد المحددة لبدء المرحلة الأولى من المشروع».

ووقّعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع»، (الدولار الأميركي يساوي 48.30 جنيه في البنوك المصرية).

وذكر مدبولي خلال توقيع الاتفاق أن مدينة رأس الحكمة الجديدة ستقام على مساحة 170.8 مليون متر مربع، وستوفر كثيراً من فرص العمل، معتبراً أن مثل هذه النوعية من المشروعات «يمكنها المساهمة في تحقيق حلم مصر لجذب 40 أو 50 مليون سائح». ووفق إحصاءات سابقة لوزارة السياحة والآثار المصرية فإن «نحو 14.9 مليون سائح زاروا مصر العام الماضي».

وقال مدبولي في وقت سابق إن «مشروع تنمية وتطوير رأس الحكمة»، يعد أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر. وشدد حينها على أن المشروع «شراكة استثمارية وليس بيع أصول».

رئيس الوزراء المصري ووزير الإسكان خلال زيارة "العلمين الجديدة" (مجلس الوزراء المصري)

في غضون ذلك، عقد رئيس مجلس الوزراء المصري، السبت، عقب جولته بمدينة العلمين الجديدة، اجتماعاً مع عدد من المسؤولين، أكد خلاله «أهمية المشروعات الجاري تنفيذها في الساحل الشمالي». وقال إنها «تضع مصر على خريطة الاستثمار والسياحة العالمية»، مشيراً إلى أنه «إلى جانب المشروعات المهمة، التي يجري تنفيذها في مدينة العلمين الجديدة، فقد بدأ العمل الجاد تمهيداً للمرحلة الأولى من مشروع رأس الحكمة، الجاري تنفيذه بشراكة مصرية-إماراتية». ووصف مدبولي المشروع بأنه «متوقع أن يدر على الاقتصاد المصري موارد دولارية ضخمة خلال فترتي الإنشاء والتشغيل».

وكان المشروع قد جرى توقيعه في وقت شهدت مصر خلاله «فجوة دولارية». واعتبر خبراء ومراقبون وقتها (أي قبل تحرير سعر صرف الجنيه في مارس/ آذار الماضي) أن الحكومة تحتاج إلى «حلول عاجلة» لإحداث توازن بين السعر الحقيقي للجنيه، والسعر المتداول للدولار في «السوق السوداء».

مخطط مدينة "رأس الحكمة" (موقع خريطة مشروعات مصر)

من جانبه، استعرض وزير الإسكان المصري خلال الاجتماع مع مدبولي «ملف التعويضات» التي سيتم تقديمها للأهالي في منطقة رأس الحكمة، تمهيداً لتسليم أراضي المرحلة الأولى للجانب الإماراتي، لبدء تنفيذ المشروع. وأكد الوزير المصري أن التنسيق مع الجانب الإماراتي «يجري بشكل متسارع من أجل تسليم أراضي المرحلة الأولى». وعرض الوزير أيضاً الموقف التخطيطي لمشروع «السكن البديل لأهالي منطقة رأس الحكمة»، لافتاً إلى أن هذا المشروع «سيتم تنفيذه بما يلائم تطلعات سكان المنطقة».

وكانت الشركة «القابضة» الإماراتية (ADQ) قد ذكرت في وقت سابق أن مشروع تطوير منطقة رأس الحكمة «يستهدف ترسيخ مكانة رأس الحكمة بوصفها وجهة رائدة لقضاء العطلات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ومركزاً مالياً، ومنطقة حرة مجهزة ببنية تحتية عالمية المستوى لتعزيز إمكانات النمو الاقتصادي والسياحي في مصر»، وفق بيان لـ«وكالة الأنباء الإماراتية».