ميليشيات «الوحدة» تتصدى لاحتجاجات الليبيين بعد أزمة «التطبيع»

متظاهرو الزاوية يحذرون من محاولة «جر المدينة للحرب»... ويواصلون محاولات إسقاط الدبيبة

جانب من احتجاجات سكان طرابلس على اجتماع نجلاء المنقوش بإيلي كوهين في روما (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات سكان طرابلس على اجتماع نجلاء المنقوش بإيلي كوهين في روما (أ.ف.ب)
TT

ميليشيات «الوحدة» تتصدى لاحتجاجات الليبيين بعد أزمة «التطبيع»

جانب من احتجاجات سكان طرابلس على اجتماع نجلاء المنقوش بإيلي كوهين في روما (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات سكان طرابلس على اجتماع نجلاء المنقوش بإيلي كوهين في روما (أ.ف.ب)

منعت قوات تابعة لحكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، متظاهرين من مدينة الزاوية (غرب العاصمة طرابلس) من دخولها للانضمام إلى الاحتجاجات الشعبية، التي دخلت يومها الثالث على التوالي، وذلك على خلفية اجتماع نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية بالحكومة مع نظيرها الإسرائيلي أخيراً في إيطاليا.

وامتنعت حكومة «الوحدة» عن نفي أو تأكيد ما تردد عن وصول المنقوش، المقالة من منصبها، إلى العاصمة الإسبانية مدريد (مساء الثلاثاء) في ثالث محطة لها، بعد هروبها خارج البلاد، إلى تركيا ثم بريطانيا بعد ذلك.

ووفق رسالة صوتية مسربة تم تداولها، فقد أبلغ عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بالحكومة، الدبيبة بـ«إخماد جميع التحركات المناوئة للحكومة في طرابلس»، وعدّ أن «الموضوع أصبح منتهياً»، لافتاً إلى أن انتشار قوات أجهزة الداخلية في العاصمة خلال اليومين الماضيين، لم يحدث منذ عام 2011، في إشارة إلى الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام العقيد الراحل معمر القذافي.

وادعى الطرابلسي، طبقاً لهذه الرسالة، أنه «تم تأمين جميع مؤسسات الدولة من دون إطلاق رصاصة واحدة، عبر 120 تمركزاً أمنياً لقوات الداخلية»، وفق قوله.

سكان طرابلس نظموا احتجاجات وأحرقوا إطارات سيارات للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (رويترز)

واتهم متظاهرو الزاوية قوة تابعة للأمن العام، بقيادة الطرابلسي، بـ«قطع طريق طرابلس أمامهم، والاعتداء عليهم بالضرب»، وحذروا من محاولة «جر مدينة الزاوية لحرب». وقال شهود عيان إن قوات أمنية تابعة للحكومة قطعت في وقت متأخر من (مساء الثلاثاء) الطريق في غرب طرابلس على المتظاهرين القادمين من الزاوية، للمطالبة بإسقاط حكومة الدبيبة، «ما دفعهم إلى مطالبة كتائب الزاوية بحمايتهم». كما شوهدت تحركات لأرتال من السيارات المسلحة لجهاز دعم الاستقرار، بقيادة غنيوة الككلي، و«اللواء 444 قتال»، بإمرة محمود حمزة، في منطقة قصر بن غشير لمنع المظاهرات، بينما استمر إشعال إطارات السيارات في عدة مناطق بالعاصمة.

كما دعا عدد من شباب الزاوية أبناء المناطق المجاورة لطرابلس للانضمام إليهم في زحفهم الذي بدأوه مساء الثلاثاء نحو المدينة لإسقاط حكومة الدبيبة، وطالبوا قيادات عسكرية فيها بحمايتهم.

لكن حمزة، آمر «اللواء 444» التابع لحكومة الدبيبة، تجاهل مطالبة الشباب له بالتدخل لحمايتهم من القوات الموالية لحكومة الدبيبة، بعد المطالبة بالعودة إلى مناطقهم، ومغادرة مقرهم في معسكر كلية الشرطة بمنطقة صلاح الدين. كما دعا شباب من منطقة الهضبة كل شبان العاصمة للانضمام إليهم «لإخراج المرتزقة منها»، ووقف ما وصفوه بـ«إهدار الدولار الذي تنفقه الحكومة عليهم». باعتبارهم «يمثلون تهديدا للبلاد، ويشكلون خطرا أمنيا واجتماعيا».

في المقابل، أكدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان قيام عناصر أمنية وعسكرية، تابعة لحكومة الوحدة بـ«إطلاق النار بشكل عشوائي لتفريق الاحتجاجات خلال ليلتي الأحد والاثنين الماضيين بعدة مناطق في العاصمة». وكشفت في بيان مساء الثلاثاء عن اعتقال عدد من المحتجين دون إجراءات قانونية، محملة وزارة الداخلية المسؤولية القانونية الكاملة حيال ضمان سلامة المتظاهرين، وطالبت النائب العام بالتحقيق في هذه الوقائع.

وتجاهل الدبيبة هذه التطورات؛ لكنه ظهر مشاركا في عقد قران عائلي في مسقط رأسه بمدينة مصراتة (غرب)، وذلك بحضور بعض وزرائه. واتهمت وسائل إعلام محلية عائلة الدبيبة بـ«استفزاز الليبيين عمدا»، عبر بث لقطات مصورة للحفل، وما وصفته بـ«عبثها للعب بأموال الشعب خلال الحفل، وتجاهل الانتفاضة الشعبية التي تطالب بإسقاطه».

انتقادات كثيرة وجهها الليبيون للدبيبة خلال مشاركته في حفل وتجاهله لاحتجاجات الليبيين (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، قال الرئيس السابق لمجلس الدولة، خالد المشري، إن تقييمه لحكومة الدبيبة من أول يوم جاءت فيه هو أنها «ستفعل أي شيء لأجل البقاء»، مشيراً إلى تلقيه تسريبات منذ فترة عن مساع للتواصل مع الاستخبارات الإسرائيلية من قبل شخصيات محسوبة على حكومة الدبيبة في الأردن، وادعى أنه «لم يستطع اتخاذ موقف سياسي بناءً على تسريبات تفتقد للأدلة».

إلى ذلك، أكد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، خلال اتصال هاتفي مع رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح، «رفض» المجلس والحكومة المنبثقة عنه لما سماه بـ«السلوك الشائن من خلال محاولات التطبيع، التي أقدمت عليها حكومة الدبيبة»، مشيراً إلى أنه دعا فتوح لزيارة ليبيا لتوطيد العلاقات الثنائية التاريخية بين البلدين.

من جهة أخرى، أكد بول سولير، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، خلال اجتماعه رفقة سفير فرنسا بعبد الله باتيلي، المبعوث الأممي، «تمسك بلاده بسيادة ليبيا وبجهود الوساطة، التي يبذلها باتيلي مع الأطراف الليبية الفاعلة كافة، بالإضافة إلى تصريحاته الداعية لتشكيل حكومة موحدة بهدف إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في أسرع وقت ممكن».

اجتماع المبعوث الفرنسي مع باتيلي (السفارة الفرنسية)

وكان محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، قد أعلن تلقيه دعوة فرنسية للمشاركة في لقاء بمؤتمر السلام بباريس في نوفمبر (تشرين الثاني) القادم. وأكد خلال اجتماعه مساء الثلاثاء مع سولير على سعي المجلس لإنهاء المراحل الانتقالية كافة عبر انتخابات شفافة، يشارك فيها كل الليبيين دون إقصاء أو تهميش.

ومن جانبه، قال رئيس مجلس الدولة، محمد تكالة، إنه بحث أيضا مع المبعوث الفرنسي، الأحداث السياسية الجارية في ليبيا، وخاصة فيما يتعلق بملف الانتخابات والمصالحة الوطنية.


مقالات ذات صلة

برلمانيون ليبيون يطالبون بالتحقيق في «شبهات فساد» بملتقى «حوار جنيف»

شمال افريقيا صورة أرشيفية للحوار السياسي الليبي في جنيف (البعثة الأممية)

برلمانيون ليبيون يطالبون بالتحقيق في «شبهات فساد» بملتقى «حوار جنيف»

طالب برلمانيون ليبيون النائب العام والجهات القضائية والرقابية بالإفصاح عن «شبهات الفساد والرشاوى» في «لجنة الحوار السياسي» التي أنتجت وثيقة «جنيف» عام 2021.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)

جدل في ليبيا بعد تشكيل الدبيبة إدارة جديدة لـ«الدعوة الإسلامية»

وسط مخاوف من «نهب أرصدتها»، أقدم رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة على تشكيل مجلس إدارة جديد لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

عقيلة صالح دعا إلى ضرورة تحقيق المصالحة «لتشمل جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ».

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من هيئة البحث عن المفقودين تتفحص رفاة أشلاء تم العثور عليها في ترهونة (هيئة البحث عن المفقودين)

سلطات ليبيا تتجاهل مذكرات اعتقال «الجنائية الدولية» لقادة «ميليشيا الكاني»

رحبت منظمات شعبية بمذكرة المحكمة الجنائية الدولية عن توقيف 6 أعضاء في ميليشيا «الكانيات» المسلحة، لاتهامهم بـ«ارتكاب جرائم حرب في البلاد»

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا خوري خلال لقائها فرحات بن قدارة (حساب خوري على «إكس»)

الأمم المتحدة تدعو قادة ليبيا لإدارة عائدات النفط «لصالح الشعب»

يتطلع الليبيون إلى مرحلة ما بعد حل أزمة «المركزي»، في وقت تسعى البعثة الأممية لجهة إدارة الموارد النفطية من قبل المصرف، وتسخير الموارد النفطية لتحقيق التنمية.

جمال جوهر (القاهرة )

الجيش السوداني يحقق انتصاراً في «جبل موية»

البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يحقق انتصاراً في «جبل موية»

البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

أعلن الجيش السوداني تحقيق انتصارات في منطقة «جبل موية» الاستراتيجية، بعدما كان قد فقد السيطرة عليها لصالح «قوات الدعم السريع» في أواخر يونيو (حزيران) الماضي. كما التحم الجيش مع قواته في ولاية سنار وولاية النيل الأبيض، منهياً بذلك عزلة هاتين الولايتين التي كانت مفروضة عليهما لنحو 3 أشهر. وقال مؤيدون للجيش ومواطنون إن قوات الجيش استعادت المنطقة، وسيروا مواكب احتفالية لإنهاء الحصار الذي كان مفروضاً عليهم.

وسيطرت «قوات الدعم السريع» على منطقة «جبل موية» في 25 يونيو الماضي، بعد معارك شرسة دارت بينها وبين الجيش، ما مكنها من قطع الطرق الرابطة بين ثلاث ولايات، وعزل قواعد الجيش هناك.

وتقع منطقة «جبل موية» على بعد 250 كيلومتراً جنوب العاصمة الخرطوم، وتعد موقعاً استراتيجياً تتداخل فيه ثلاث ولايات هي: الجزيرة، وسنار، والنيل الأبيض.

و«جبل موية» عبارة عن ثلاثة تلال جبلية هي «جبل موية، وجبل دود، وجبل بيوت»، وتتحكم المنطقة في الطريق البري الرابط بين مدينتي ربك حاضرة ولاية النيل الأبيض، وسنار أكبر مدن ولاية سنار، كما تتحكم في الطريق الذي يربط منطقة المناقل بمدينة سنار. وتحيط بجبل موية عدة مناطق عسكرية تابعة للجيش هي «الفرقة 17 سنجة» بولاية سنار، و«الفرقة 18 مشاة» بولاية النيل الأبيض، و«اللواء جوي 265 سنار»، وقاعدة «كنانة الجوية».

وحولت سيطرة «قوات الدعم السريع» على جبل موية تلك المناطق العسكرية إلى جزر معزولة عن بعضها، وعزلت الولايات الثلاث عن بقية أنحاء البلاد.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (مواقع التواصل)

وقال إعلام مجلس السيادة الانتقالي في نشرة إن نائب القائد العام للجيش الفريق شمس الدين الكباشي قدم التهاني للجيش بانتصاراته، وتعهد بـ«مواصلة الزحف حتى تطهير آخر شبر من هذا البلد، من دنس الميليشيا الإرهابية المتمردة» في إشارة إلى «قوات الدعم السريع». ونقلت صفحة الجيش على مواقع التواصل الاجتماعي أن مدينة كوستى في ولاية النيل الأبيض شهدت مسيرات جماهيرية عفوية، احتفالاً بانتصارات الجيش في محور جبل موية ومحور طريق ربك - سنار، والتقاء «قوات الفرقة ١٨ مشاة» مع قوات متقدمة ولاية سنار.

ولا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على معظم ولايتي سنار والجزيرة وأجزاء من شمال ولاية النيل الأبيض، التي سيطرت عليها بعد إحكام السيطرة على «جبل موية»، بالتفاف على قوات الجيش الموجودة في مدينة سنار، وسيطرت على مقر الفرقة في مدينة سنجة بجانب مدينتي الدندر، والسوكي وعدد آخر من البلدات المهمة في الولاية.

وفيما يشبه الاعتراف بفقدان المنطقة الاستراتيجية تساءل مستشار قائد «قوات الدعم السريع» الباشا طبيق، في تغريدة ساخرة على صفحته بمنصة (إكس)، من جيش عمره أكثر من 100 عام، ويملك مشاة وطيراناً ومهندسين وبحرية ومظلات واستراتيجية وسلاح أسلحة وغيرها، وتسانده في القتال «كتائب الإسلاميين الإرهابية، وأكثر من 15 حركة مسلحة مرتزقة... وأصبح حُلمه كله عبور جسر وفتح شارع فقط»، وذلك في إشارة لخسارته لمنطقة جبل موية وفتح الطريق الرابط بين سنار وكوستى، وعبور قوات الجيش جسر «الحلفايا» في شمال الخرطوم الأسبوع الماضي.