«الجيش الوطني» يطارد «متمردين تشاديين» جنوب ليبيا

حفتر يوجه بحماية حدود البلاد

قيادات عسكرية تابعة لـ«الجيش الوطني» الليبي تدرس عملية تأمين الحدود (المتحدث باسم الجيش)
قيادات عسكرية تابعة لـ«الجيش الوطني» الليبي تدرس عملية تأمين الحدود (المتحدث باسم الجيش)
TT

«الجيش الوطني» يطارد «متمردين تشاديين» جنوب ليبيا

قيادات عسكرية تابعة لـ«الجيش الوطني» الليبي تدرس عملية تأمين الحدود (المتحدث باسم الجيش)
قيادات عسكرية تابعة لـ«الجيش الوطني» الليبي تدرس عملية تأمين الحدود (المتحدث باسم الجيش)

عزّز «الجيش الوطني» الليبي الإجراءات المتخذة لحماية الحدود المتاخمة للدول الأفريقية التي تشهد صراعات داخلية، فيما طاردت قوات «اللواء طارق بن زياد المعزز» التابع للقيادة العامة، فلول «المتمردين التشاديين»، داخل الحدود الجنوبية الليبية.

وقال اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم القائد العام لـ«الجيش الوطني» إنه تنفيذاً لتعليمات القائد العام المشير خليفة حفتر، اجتمع آمر قوة عمليات الجنوب مع آمري المناطق والوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية «للبدء في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة تأمين الجنوب الغربي».

وتحدث المسماري، مساء الأحد، عن أن الاجتماع تطرق «لتحديد الواجبات والمهام وتنسيق خطة التعاون بين جميع الوحدات العسكرية في الجنوب الغربي؛ وصون الأمن وفرض إنفاذ القانون وحماية الحدود الليبية مع دول الجوار، خاصة التي تشهد صراعات وأزمات أمنية وعسكرية».

وفيما نوه المسماري إلى أن الحضور أكدوا على جاهزيتهم التامة لتنفيذ الأوامر والتقيد بما جاء في «خطة العمليات العسكرية» نشرت صفحات موالية لـ«الجيش الوطني» مقاطع فيديو تظهر مطاردة قوات «اللواء طارق بن زياد المعزز» ما وصفتهم بفلول من «متمردين تشاديين» داخل الحدود الليبية، ودفعتهم للفرار نحو إنجامينا، في ظل تصاعد ألسنة النيران من العربات المحترقة.

جانب من المواجهات بين قوات اللواء طارق بن زياد وعناصر تشادية على الحدود الليبية (من مقطع فيديو متداول على صفحات موالية للجيش الوطني)

وقال مصدر مقرب من «الجيش الوطني» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «قواته تجري عملية تمشيط واسعة للحدود المتاخمة للسودان والنيجر وتشاد، منذ عدة أشهر، سعياً لمنع أي اختراقات محتملة».

وتوقع المصدر أن «يزيد (الجيش الوطني) في قادم الأيام قبضته على الحدود الليبية، ضمن المرحلة الثانية من خطته لتأمين الشريط الحدودي ضد المسلحين وجماعات تهريب النفط والبشر».

وتتخذ بعض الفصائل التشادية المعارضة للسلطة العسكرية في إنجامينا من الجنوب الليبي ملاذاً. لكن جبهة «التغيير والوفاق» المتمردة في تشاد، المعروفة باسم «فاكت» اتهمت السلطة المؤقتة في بلادها بقصف إحدى قواعدها على الحدود الليبية، الأربعاء الماضي، ما اضطرها إلى الإعلان عن إنهاء وقف إطلاق النار - الموقع بين أطراف الأزمة منذ عام 2021.

وتُوصف الحدود الليبية المشتركة مع تشاد بأنها ساحة خلفية ونقطة انطلاق للمتمردين الذين يشنّون عمليات في الداخل التشادي. وسبق وقتل الرئيس التشادي، إدريس ديبي، على يد متمردين كانوا يتمركزون على الحدود مع ليبيا في 20 أبريل (نيسان) 2021.

وسبق لقوات من فرقة المهام الخاصة واللواء طارق بن زياد التابع لـ«الجيش الوطني» الليبي أن نفذت في أوقات سابقة عملية عسكرية استهدفت تمركزاً لعناصر المعارضة التشادية في بلدة تربو الحدودية، وأوقعت خسائر فادحة في عتادها.

ورد الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، على تقارير تحدثت عن قصف جيشه مواقع للمعارضة المسلحة التشادية داخل الأراضي الليبية، وقال في بث مباشر، إن قواته لم تدخل الأراضي الليبية لتعقب فلول المتمردين امتثالاً لاتفاقية موقعة قبل خمسة أعوام مع ليبيا.

وكان عمر المهدي بشارة، رئيس «حركة الخلاص الوطني» التشّادية، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس الانتقالي ديبي، «يقود بنفسه عملية عسكرية في شمال البلاد منذ ثلاثة أيام ضد قوات المعارضة التشادية الموجودة على الشريط الحدودي مع ليبيا»، ولفت إلى أن التطورات المتصاعدة أجبرت ديبي على النزول إلى الميدان لإدارة العمليات العسكرية «لوقف زحف قوات المعارضة تجاه مدينة (فايا) عاصمة إقليم تيبستي».

قيادات عسكرية تابعة لـ«الجيش الوطني» الليبي تبحث عملية تأمين الحدود (المتحدث باسم الجيش)

وكان «الجيش الوطني» أطلق خطة أمنية قبل قرابة 3 أعوام لتأمين الحدود التي تطل على دول السودان وتشاد والنيجر والجزائر بقصد القضاء على الجماعات الإرهابية والعصابات العابرة للحدود ومكافحة الهجرة غير النظامية.



مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون بالرصاص في قرية في ولاية الجزيرة (وسط السودان) إثر هجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» الأربعاء، ليضاف إلى 40 آخرين قُتلوا في بلدات أخرى بالولاية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط البلاد الذي دمّرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، على ما أفادت مصادر طبية ومحلية في الولاية، الأربعاء.

ولليوم الثاني على التوالي، عاود عناصر من «قوات الدعم السريع» الهجوم على قرية «التكينة» (وسط الجزيرة)، مستخدمة بعض الأسلحة الثقيلة، مخلّفة 5 قتلى، كما نفذ الطيران الحربي للجيش ضربات جوية لوقف تقدمها من اقتحام المنطقة. وفي وقت سابق، حذَّر كيان «مؤتمر الجزيرة» الذي يرصد انتهاكات الحرب، من وقوع مجزرة وشيكة تخطط لها «قوات الدعم السريع» تستهدف أهالي المنطقة، التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القرى المجاورة. وقال سكان في التكينة إن المسلحين من أبناء المنطقة تصدُّوا للقوة التي حاولت التوغل من جهة الحي الغربي.

«الدعم»: مؤامرة لخلق مواجهة مع المدنيين

بدورها، قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ترصد أبعاد مؤامرة يقودها عناصر من النظام السابق (الحركة الإسلامية) وما تسميه «ميليشيات البرهان» تقوم بحشد المواطنين وتسليحهم في ولاية الجزيرة بهدف «خلق مواجهة بين قواتنا والمدنيين». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي، الفاتح قرشي، أن هناك فيديوهات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن وجود «مخطط لتسليح المواطنين في قرى الجزيرة وتظهر الفلول (عناصر النظام السابق) وبعض المخدوعين من قرية التكينة وقرى أخرى، يتوعدون بمهاجمة قواتنا».

عائلة نازحة بعد مغادرتها منزلها في جزيرة توتي في الخرطوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

وناشدت أهالي القرى النأي بأنفسهم عن «مخطط الفلول ومحاولات الزج بالمواطنين في القتال باسم المقاومة الشعبية»، مؤكدة أنها لن تتهاون في التعامل بحزم مع المسلحين و«كتائب فلول الحركة الإسلامية».

في هذا السياق، أكد طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مقتل 40، مشيراً إلى أن «القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص». وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرّض الفرق الطبية لهجمات. وقال شهود في قرية ود عشيب إن «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، شنَّت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني. وقال شاهد في اتصال هاتفي مع الوكالة إن «الهجوم استُؤنف صباح» الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «أعمال نهب».

الأمم المتحدة قلقة

ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع» خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في أكتوبر (تشرين الأول).

مشهد للدمار في أحد شوارع أم درمان القديمة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (رويترز)

ومنذ ذلك التاريخ، وثَّقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسة كانت تُعدّ سلة الخبز في السودان. وحذَّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، من أن اندلاع أعمال العنف هناك «يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر».

وتعرَّضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة؛ مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية. وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأُصيب العشرات منهم بالمرض. ويصل الكثير من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد «السير لأيام عدة... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها»، وفق ما قال دوجاريك، الجمعة. وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية. وقال دوجاريك: «إنهم مضطرون إلى النوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى».

80 % من المرافق الصحية مغلقة

وتقدّر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة. وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص الجوع الحاد.

من جهة ثانية، شنَّ الطيران الحربي للجيش السوداني سلسلة من الغارات الجوية على مواقع «الدعم السريع» شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً لمصادر محلية. وعاد الهدوء النسبي، الأربعاء، إلى الفاشر التي تشهد منذ أسابيع مستمرة معارك ضارية بعد توغل «قوات الدعم السريع» إلى وسط الفاشر.

مشروع توطين ألماني

من جهة ثانية، قالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، خلال زيارتها لتشاد، الأربعاء، إن برلين تعتزم دعم مشروع يهدف إلى دمج اللاجئين السودانيين في تشاد. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم حكومة تشاد تخصيص 100 ألف هكتار من الأراضي مجاناً، ليتم منح نصفها لأسر اللاجئين والنصف الآخر للأسر المعوزة في المجتمعات المضيفة. ومن المقرر أن يتم تخصيص هكتار واحد لكل أسرة.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

ومن المقرر أن يقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لهذه الأسر؛ لجعل الأراضي صالحة للاستخدام. وقالت شولتسه، خلال زيارتها لمعبر أدري الحدودي شرق تشاد: «للأسف، علينا أن نفترض أن العودة إلى السودان لن تكون ممكنة لمعظم اللاجئين في المستقبل المنظور». وأضافت شولتسه أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً. وقالت: «لهذا السبب يُعدّ هذا النهج، الذي يمنح اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأراضي ويجعلها صالحة للاستخدام مجدداً كالحقول والمراعي، خطوة رائدة، حيث إن الذين يمتلكون أراضي خصبة يمكنهم توفير احتياجاتهم بأنفسهم». وقالت مديرة منظمة «وورلد فيجن ألمانيا»، جانين ليتماير، إن نحو 250 ألف لاجئ يعيشون حالياً ظروفاً صعبة، بمساكن مؤقتة بدائية في منطقة أدري وحدها. وأضافت ليتماير أن الأشخاص في كثير من الحالات يعيشون تحت أغطية من القماش المشمع المشدود على جذوع الأشجار أو الأعمدة.