ما المأمول من طرح أول «وثيقة معاش» بالدولار للمصريين بالخارج؟

تستهدف توفير «تغطية تأمينية» للمغتربين

جانب من المؤتمر الصحافي للإعلان عن وثيقة «معاش بكرة» بالدولار للمصريين بالخارج (وزارة الهجرة المصرية)
جانب من المؤتمر الصحافي للإعلان عن وثيقة «معاش بكرة» بالدولار للمصريين بالخارج (وزارة الهجرة المصرية)
TT
20

ما المأمول من طرح أول «وثيقة معاش» بالدولار للمصريين بالخارج؟

جانب من المؤتمر الصحافي للإعلان عن وثيقة «معاش بكرة» بالدولار للمصريين بالخارج (وزارة الهجرة المصرية)
جانب من المؤتمر الصحافي للإعلان عن وثيقة «معاش بكرة» بالدولار للمصريين بالخارج (وزارة الهجرة المصرية)

في تحرك جديد لتشجيع المغتربين المصريين على «تحويل أموالهم بالعملة الصعبة إلى مصر»؛ طرحت الحكومة المصرية أول «وثيقة معاش» بالدولار لمواطنيها المقيمين بالخارج، تحت اسم «معاش بكرة»، لتحفيزهم على «زيادة تحويلاتهم الدولارية»، و«توفير الحماية الاجتماعية لهم من خلال توفير معاش إضافي للمستفيدين وصرفه بالدولار». التحرك الحكومي الجديد يرى محللون أن «هدفه جذب تحويلات المصريين بالخارج».

وتمثل تحويلات الخارج مورداً رئيسياً للاقتصاد المصري من العملات الأجنبية؛ حيث يبيّن التقرير الاقتصادي لشمال أفريقيا الصادر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن «تحويلات المصريين بالخارج مثلت نسبة 7.8 في المائة من الناتج القومي الإجمالي لمصر عام 2021».

وتم الإعلان عن إطلاق الوثيقة الجديدة في مؤتمر صحافي بالقاهرة (الاثنين) جمع بين هيئة الرقابة المالية والبنك الأهلي المصري ووزارة الهجرة المصرية وشركة مصر لتأمينات الحياة التابعة لشركة مصر القابضة للتأمين.

وأعلن رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية بمصر، محمد فريد صالح، بدء الاكتتاب لشراء الوثيقة للمصريين بالخارج بالدولار، بهدف «توفير التغطية التأمينية للمعاش، وحالات العجز الكلي والجزئي، وكذلك الادخار، على أن يتم الاكتتاب وصرف التعويضات من خلال عمليات مميكنة رقمية لضمان وصول المستحقات لمشتركي الوثائق».

وقالت وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج، سها الجندي، إن «الوزارة تعتزم الترويج لوثيقة المصريين بالخارج بالدولار، لتوضيح مزاياها في توفير الحماية الاجتماعية من خلال توفير معاش إضافي للمستفيدين منها وصرفه بالدولار».

وتشير آخر بيانات للبنك المركزي المصري إلى «تراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنحو 26 في المائة في الفترة بين يوليو (تموز) 2022 ومارس (آذار) 2023».

من جانبه، أكد رئيس البنك الأهلي المصري، هشام عكاشة، أنه «ستتم إتاحة شراء وثيقة المصريين بالخارج عبر منصة مخصصة لشراء الوثيقة، على أن يتم شراؤها من خلال بطاقة ائتمان أو خصم من خارج مصر، ولا يُقبل شراؤها من خلال أي بطاقة لبنوك محلية».

بدوره، قال رئيس شركة مصر لتأمينات الحياة، أحمد عبد العزيز، إن شراء الوثيقة «متاح من سن 18 إلى 59 عاماً، على أن يكون الحد الأدنى لعمر الوثيقة 5 سنوات، وسيتم صرف المعاش، بناءً على عمر العميل وكذلك سن الاستحقاق المتفق عليها».

الدكتورة هدى الملاح، مديرة المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى في مصر، أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «معاش بكرة» هو «أول وثيقة من نوعها تشهدها الدولة المصرية، وهو ما يُمكن وصفه بأنه نتاج (تفكير جديد خارج الصندوق) يعمل على تحقيق أكثر من جانب؛ فالوثيقة تعمل على توفير النقد الأجنبي في مصر، خصوصاً في ظل تراجع تحويلات المصريين بالخارج؛ حيث تعتمد مصر على مدخرات وتحويلات مغتربيها في الخارج بصفة أساسية في دعم توفير العملة الصعبة بالبلاد».

وتعد مصر خامس أكبر متلقٍّ للتحويلات الخارجية عالمياً، وفقاً لتقرير «الهجرة والتنمية» الصادر عن البنك الدولي في مايو (أيار) 2022.

وترى الملاح أن الوثيقة أيضاً «تعد تغطية تأمينية اجتماعية للمصريين العاملين بالخارج، بما يمثل حماية اجتماعية لهم، خصوصاً أن بعضهم يعمل من دون تغطية أو مظلة تأمينية».

وأطلقت الحكومة المصرية، على مدار الأشهر الماضية، عدداً من المبادرات لتشجيع المصريين العاملين في الخارج على تحويل أموالهم، من بينها مبادرة «استيراد سيارات المصريين بالخارج»، ومبادرة الإعفاء الجمركي على واردات الذهب، وكذلك تحفيز المصريين في الخارج على فتح حسابات دولارية، وإصدار شهادات دولارية بعائد تنافسي مرتفع، كما امتدت إلى تسوية أوضاع من سافر للخارج دون أداء الخدمة العسكرية الإلزامية التجنيدية مقابل مبلغ يتم دفعه بالدولار أو اليورو، كذلك تخطط الحكومة المصرية لإنشاء الشركة الاستثمارية للمصريين في الخارج، وإطلاق مظلة للحماية الاجتماعية والتأمينية، لتشمل جميع أوجه الرعاية لهم.

وهنا تشير الملاح إلى أن «الحكومة المصرية تحاول عبر هذه المبادرات الاستفادة من أي حصيلة دولارية».


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء المصري في إثيوبيا... هل تتحرك قضية «سد النهضة»؟

شمال افريقيا «سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

رئيس الوزراء المصري في إثيوبيا... هل تتحرك قضية «سد النهضة»؟

يواجه مشروع «سد النهضة»، الذي أقامته إثيوبيا على رافد نهر النيل الرئيسي، اعتراضات من دولتي المصب مصر والسودان.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

مدبولي يرأس وفد مصر إلى «القمة الأفريقية» في إثيوبيا

يترأس رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وفد بلاده المشارك في اجتماع الدورة العادية الـ38 لمؤتمر «قمة الاتحاد الأفريقي» بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في واشنطن - 10 فبراير 2025 (أ.ب)

مصر تبلور تصوّراً شاملاً لإعادة إعمار غزة «بوجود الفلسطينيين على أرضهم»

قالت وزارة الخارجية المصرية إن القاهرة بصدد بلورة تصوُّر شامل لإعادة إعمار غزة «بوجود الفلسطينيين على أرضهم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصطفى مدبولي خلال اجتماع الحكومة المصرية (مجلس الوزراء المصري)

الحكومة المصرية تضع «لمسات أخيرة» على حزمة حماية اجتماعية

وفق رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الخميس، «سوف نعرض حزمة الحماية الجديدة على الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الأيام القليلة المقبلة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

مدبولي يرأس وفد مصر إلى «القمة الأفريقية» في إثيوبيا

يترأس رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وفد بلاده المشارك في اجتماع الدورة العادية الـ38 لمؤتمر «قمة الاتحاد الأفريقي» بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

رئيس الوزراء المصري في إثيوبيا... هل تتحرك قضية «سد النهضة»؟

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
TT
20

رئيس الوزراء المصري في إثيوبيا... هل تتحرك قضية «سد النهضة»؟

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

تطرح مشاركة رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، على رأس وفد بلاده في اجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي بإثيوبيا، تساؤلات حول مدى تأثير تلك المشاركة على «حلحلة الخلاف القائم بين القاهرة وأديس أبابا» بشأن قضية «سد النهضة» الإثيوبي.

ورغم حرص القاهرة على مستوى المشاركة الرفيعة في «القمة» بأديس أبابا، فإن خبراء يرون أن «زيارة مدبولي لإثيوبيا لن تؤثر كثيراً في الوضع الراهن لأزمة (السد)، كونها غير مدرجة ضمن جدول أعمال اجتماعات القادة الأفارقة»، وأشاروا في الوقت نفسه إلى أن «ملف الأمن المائي المصري سيكون ضمن محادثات مدبولي الثنائية».

ويواجه مشروع «سد النهضة»، الذي أقامته إثيوبيا على رافد نهر النيل الرئيسي، اعتراضات من دولتي المصب مصر والسودان، وخاضت الدول الثلاث جولات متعددة للتفاوض على مدى نحو 13 عاماً دون الوصول لاتفاق حول قواعد «تشغيل السد».

وتُحمّل القاهرة الجانب الإثيوبي مسؤولية فشل مسار المفاوضات، وقالت في خطاب من «الخارجية المصرية» لمجلس الأمن الدولي، في سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس سياسة الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للوصول إلى حل».

ويترأس مدبولي وفد القاهرة في «القمة»، التي ستعقد يومي السبت والأحد في أديس أبابا، بمشاركة رؤساء دول وحكومات الدول الأفريقية، حسب «مجلس الوزراء المصري».

وتتصدر أجندة اجتماعات القمة الأفريقية انتخاب المناصب القيادية لمفوضية الاتحاد الأفريقي، إلى جانب ملف السلم والأمن ودور «الاتحاد» في حل النزاعات والصراعات بالقارة، والتكامل الاقتصادي، وآليات تفعيل منطقة التجارة الحرة الأفريقية.

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال اجتماع للحكومة المصرية في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال اجتماع للحكومة المصرية في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)

وسبق انعقاد «القمة»، اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي (يضم وزراء الخارجية)، الأربعاء والخميس الماضيين، بهدف التحضير للاجتماعات «القمة»، وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اجتماع «المجلس»، إن «التحديات التي تواجه القارة الأفريقية، والتي تشمل قضايا السلم والأمن وندرة المياه، وتغير المناخ، والهجرة، تستدعي تعزيز التضامن والعمل المشتركة لمواجهتها».

ولا يتوقع الأمين العام المساعد الأسبق لـ«منظمة الوحدة الأفريقية»، السفير أحمد حجاج، حراكاً في ملف «سد النهضة» خلال زيارة مدبولي لإثيوبيا، وقال إن «الهدف الرئيسي أمام رئيس الوزراء المصري المشاركة في اجتماعات القمة الأفريقية، وقضية (السد) غير مدرجة على جدول أعمال اجتماعات القادة الأفارقة».

ولا يعني عدم إدراج ملف «سد النهضة» ضمن جدول أعمال القمة الأفريقية، عدم تأكيد القاهرة مجدداً على حقوقها المائية، وفق حجاج، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر تتمسك بموقفها من ملف (السد) ولن تتنازل عن مسألة وجود اتفاق قانوني يضم عمليتي التشغيل والإدارة»، وقال إن «مصر تحرص على طرح قضية أمنها المائي على المستوى الخارجي باستمرار، وكان آخرها، في المحادثات التي جمعت وزير الخارجية المصري، ونظيره الأميركي، ماركو روبيو، في واشنطن».

وكان عبد العاطي قد أكد خلال لقاء روبيو، الاثنين الماضي، «موقف بلاده الثابت بضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم لتشغيل السد الإثيوبي، دون الافتئات على حقوق دولتي المصب»، وفق «الخارجية المصرية».

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، «اكتمال بناء مشروع السد»، وقال في أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد سيصل إلى 70 مليار متر مكعب، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي».

وتناوُل القاهرة لقضية أمنها المائي في القمة الأفريقية لن يكون في إطار «تقديم شكوى ضد الممارسات الإثيوبية»، بحسب مساعدة وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، مشيرة إلى أن «مصر تحرص على تناول قضية (السد) في الإطار الثنائي مع الدول الأفريقية، وليس على صعيد العمل الجماعي الأفريقي».

وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضور المصري في اجتماعات المنظمات الدولية مثل الاتحاد الأفريقي، دائماً ما يؤكد ثوابت رؤيتها المائية، المتعلقة بضرورة احترام القانون الدولي، والتنمية المشتركة مع دول حوض النيل».

وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في «الاجتماع التنفيذي للاتحاد الأفريقي» (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في «الاجتماع التنفيذي للاتحاد الأفريقي» (الخارجية المصرية)

وشدد وزير الخارجية المصري على «تمسك بلاده بحقوقها المائية، بوصفها قضية مصيرية»، مؤكداً خلال محادثات مع مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي، أنيت فيبر، في برلين، الجمعة، «ضرورة الالتزام بمبادئ القانون الدولي في إدارة الموارد المائية، بشكل عادل ومنصف، وبما يضمن حقوق جميع الأطراف».

وباعتقاد عمر، فإن «هناك قضايا أكثر حيوية لمصر، تناقشها القمة الأفريقية هذا العام، على رأسها تجديد الموقف الأفريقي الداعم للقضية الفلسطينية، والمساند للموقف العربي تجاه ما يحدث في غزة، ورفض دعوات التهجير»، إلى جانب «تطورات الحرب السودانية، ودعم الموقف المصري الداعم لاستعادة نشاط السودان مرة أخرى بالاتحاد الأفريقي»، إلى جانب «الأوضاع في ليبيا والقرن الأفريقي والبحر الأحمر».

لكن خبير الشؤون الأفريقية المصري، رامي زهدي، يرى أن «منصة القمة الأفريقية فرصة أمام الوفد المصري لطرح تطورات قضية السد الإثيوبي، من منطلق مناقشة اجتماعات القادة الأفارقة، قضايا السلم والأمن، وجزء منها قضايا الأمن المائي»، غير أنه أشار إلى أن «تناول قضية (السد) سيكون في إطار عام، دون الانخراط المباشر في مشاورات بين القاهرة وأديس أبابا».

ويعتقد زهدي أن «ملف الأمن المائي سيكون حاضراً في المحادثات الثنائية لرئيس الوزراء المصري مع الوفود الأفريقية، للتأكيد على شواغل بلاده في هذا الملف»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «تحديات الندرة المائية والتغيرات المناخية من القضايا التي يعاني منها كثير من الدول الأفريقية، وتحرص القاهرة على طرحها في اجتماعات الاتحاد الأفريقي».

وتنظر القاهرة لأمنها المائي بوصفه «قضية وجودية»، إذ تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات «الري المصرية».