رئيس الوزراء المصري في إثيوبيا... هل تتحرك قضية «سد النهضة»؟

مدبولي يرأس وفد القاهرة بالقمة الأفريقية

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
TT
20

رئيس الوزراء المصري في إثيوبيا... هل تتحرك قضية «سد النهضة»؟

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

تطرح مشاركة رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، على رأس وفد بلاده في اجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي بإثيوبيا، تساؤلات حول مدى تأثير تلك المشاركة على «حلحلة الخلاف القائم بين القاهرة وأديس أبابا» بشأن قضية «سد النهضة» الإثيوبي.

ورغم حرص القاهرة على مستوى المشاركة الرفيعة في «القمة» بأديس أبابا، فإن خبراء يرون أن «زيارة مدبولي لإثيوبيا لن تؤثر كثيراً في الوضع الراهن لأزمة (السد)، كونها غير مدرجة ضمن جدول أعمال اجتماعات القادة الأفارقة»، وأشاروا في الوقت نفسه إلى أن «ملف الأمن المائي المصري سيكون ضمن محادثات مدبولي الثنائية».

ويواجه مشروع «سد النهضة»، الذي أقامته إثيوبيا على رافد نهر النيل الرئيسي، اعتراضات من دولتي المصب مصر والسودان، وخاضت الدول الثلاث جولات متعددة للتفاوض على مدى نحو 13 عاماً دون الوصول لاتفاق حول قواعد «تشغيل السد».

وتُحمّل القاهرة الجانب الإثيوبي مسؤولية فشل مسار المفاوضات، وقالت في خطاب من «الخارجية المصرية» لمجلس الأمن الدولي، في سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس سياسة الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للوصول إلى حل».

ويترأس مدبولي وفد القاهرة في «القمة»، التي ستعقد يومي السبت والأحد في أديس أبابا، بمشاركة رؤساء دول وحكومات الدول الأفريقية، حسب «مجلس الوزراء المصري».

وتتصدر أجندة اجتماعات القمة الأفريقية انتخاب المناصب القيادية لمفوضية الاتحاد الأفريقي، إلى جانب ملف السلم والأمن ودور «الاتحاد» في حل النزاعات والصراعات بالقارة، والتكامل الاقتصادي، وآليات تفعيل منطقة التجارة الحرة الأفريقية.

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال اجتماع للحكومة المصرية في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال اجتماع للحكومة المصرية في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)

وسبق انعقاد «القمة»، اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي (يضم وزراء الخارجية)، الأربعاء والخميس الماضيين، بهدف التحضير للاجتماعات «القمة»، وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اجتماع «المجلس»، إن «التحديات التي تواجه القارة الأفريقية، والتي تشمل قضايا السلم والأمن وندرة المياه، وتغير المناخ، والهجرة، تستدعي تعزيز التضامن والعمل المشتركة لمواجهتها».

ولا يتوقع الأمين العام المساعد الأسبق لـ«منظمة الوحدة الأفريقية»، السفير أحمد حجاج، حراكاً في ملف «سد النهضة» خلال زيارة مدبولي لإثيوبيا، وقال إن «الهدف الرئيسي أمام رئيس الوزراء المصري المشاركة في اجتماعات القمة الأفريقية، وقضية (السد) غير مدرجة على جدول أعمال اجتماعات القادة الأفارقة».

ولا يعني عدم إدراج ملف «سد النهضة» ضمن جدول أعمال القمة الأفريقية، عدم تأكيد القاهرة مجدداً على حقوقها المائية، وفق حجاج، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر تتمسك بموقفها من ملف (السد) ولن تتنازل عن مسألة وجود اتفاق قانوني يضم عمليتي التشغيل والإدارة»، وقال إن «مصر تحرص على طرح قضية أمنها المائي على المستوى الخارجي باستمرار، وكان آخرها، في المحادثات التي جمعت وزير الخارجية المصري، ونظيره الأميركي، ماركو روبيو، في واشنطن».

وكان عبد العاطي قد أكد خلال لقاء روبيو، الاثنين الماضي، «موقف بلاده الثابت بضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم لتشغيل السد الإثيوبي، دون الافتئات على حقوق دولتي المصب»، وفق «الخارجية المصرية».

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، «اكتمال بناء مشروع السد»، وقال في أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد سيصل إلى 70 مليار متر مكعب، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي».

وتناوُل القاهرة لقضية أمنها المائي في القمة الأفريقية لن يكون في إطار «تقديم شكوى ضد الممارسات الإثيوبية»، بحسب مساعدة وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، مشيرة إلى أن «مصر تحرص على تناول قضية (السد) في الإطار الثنائي مع الدول الأفريقية، وليس على صعيد العمل الجماعي الأفريقي».

وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضور المصري في اجتماعات المنظمات الدولية مثل الاتحاد الأفريقي، دائماً ما يؤكد ثوابت رؤيتها المائية، المتعلقة بضرورة احترام القانون الدولي، والتنمية المشتركة مع دول حوض النيل».

وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في «الاجتماع التنفيذي للاتحاد الأفريقي» (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في «الاجتماع التنفيذي للاتحاد الأفريقي» (الخارجية المصرية)

وشدد وزير الخارجية المصري على «تمسك بلاده بحقوقها المائية، بوصفها قضية مصيرية»، مؤكداً خلال محادثات مع مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي، أنيت فيبر، في برلين، الجمعة، «ضرورة الالتزام بمبادئ القانون الدولي في إدارة الموارد المائية، بشكل عادل ومنصف، وبما يضمن حقوق جميع الأطراف».

وباعتقاد عمر، فإن «هناك قضايا أكثر حيوية لمصر، تناقشها القمة الأفريقية هذا العام، على رأسها تجديد الموقف الأفريقي الداعم للقضية الفلسطينية، والمساند للموقف العربي تجاه ما يحدث في غزة، ورفض دعوات التهجير»، إلى جانب «تطورات الحرب السودانية، ودعم الموقف المصري الداعم لاستعادة نشاط السودان مرة أخرى بالاتحاد الأفريقي»، إلى جانب «الأوضاع في ليبيا والقرن الأفريقي والبحر الأحمر».

لكن خبير الشؤون الأفريقية المصري، رامي زهدي، يرى أن «منصة القمة الأفريقية فرصة أمام الوفد المصري لطرح تطورات قضية السد الإثيوبي، من منطلق مناقشة اجتماعات القادة الأفارقة، قضايا السلم والأمن، وجزء منها قضايا الأمن المائي»، غير أنه أشار إلى أن «تناول قضية (السد) سيكون في إطار عام، دون الانخراط المباشر في مشاورات بين القاهرة وأديس أبابا».

ويعتقد زهدي أن «ملف الأمن المائي سيكون حاضراً في المحادثات الثنائية لرئيس الوزراء المصري مع الوفود الأفريقية، للتأكيد على شواغل بلاده في هذا الملف»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «تحديات الندرة المائية والتغيرات المناخية من القضايا التي يعاني منها كثير من الدول الأفريقية، وتحرص القاهرة على طرحها في اجتماعات الاتحاد الأفريقي».

وتنظر القاهرة لأمنها المائي بوصفه «قضية وجودية»، إذ تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات «الري المصرية».


مقالات ذات صلة

الأهلي يتقدم بمذكرتين قانونيتين لرابطة الأندية واللجنة الأولمبية المصرية

رياضة عربية أرسل النادي مذكرة أخرى إلى اللجنة الأولمبية المصرية للرد على جميع البنود التي تضمنها بيانها الأخير (النادي الأهلي)

الأهلي يتقدم بمذكرتين قانونيتين لرابطة الأندية واللجنة الأولمبية المصرية

أعلن الأهلي، حامل لقب الدوري المصري الممتاز لكرة القدم، اليوم (الأحد)، أنه تقدم بمذكرة قانونية إلى رابطة الأندية المحترفة وأخرى إلى اللجنة الأولمبية المحلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي رئيس حركة «حماس» الفلسطينية في غزة خليل الحية خلال كلمة بالفيديو (لقطة من فيديو) play-circle

«حماس» تعلن موافقتها على مقترح جديد لهدنة في غزة

أكد رئيس حركة «حماس» الفلسطينية في غزة خليل الحية أن حركته ترفض بشكل قاطع التهجير والترحيل لسكان قطاع غزة، مشدداً على أن «سلاح المقاومة خط أحمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الصحة خلال حديثه مع المرضى في المستشفى (وزارة الصحة)

حديث لمسؤول مصري مع مرضى يُثير انتقادات

وزارة الصحة المصرية قالت إن وزير الصحة استجاب لشكاوى المرضى التي تمحورت حول طول مدة الانتظار خلال جلسة الغسل الكلوي.

أحمد عدلي (القاهرة)
العالم العربي كعك العيد في أحد المخابز بمحافظة الجيزة قبل عيد الفطر (الشرق الأوسط)

عيد الفطر يوم الاثنين رسمياً في هذه الدول

أعلنت مصر وسوريا أن غداً (الأحد) سيكون المتمم لشهر رمضان، والاثنين أول أيام عيد الفطر. 

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من مصابي حادث «غواصة الغردقة» (محافظة البحر الأحمر)

مصر: ترجيحات عن «خلل تقني» تسبب في غرق «غواصة الغردقة»

لا تزال النيابة العامة بمحافظة البحر الأحمر جنوب مصر، تواصل تحقيقاتها الموسعة لكشف ملابسات وأسباب حادث غرق غواصة بالبحر الأحمر قرب شواطئ مدينة الغردقة.

هشام المياني (القاهرة )

دعوات في ليبيا إلى التصدي لـ«مهربي البشر» وتقديمهم للعدالة

مهاجرون جرى توقيفهم في شرق ليبيا بانتظار تسليمهم لجهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة (جهاز البحث الجنائي)
مهاجرون جرى توقيفهم في شرق ليبيا بانتظار تسليمهم لجهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة (جهاز البحث الجنائي)
TT
20

دعوات في ليبيا إلى التصدي لـ«مهربي البشر» وتقديمهم للعدالة

مهاجرون جرى توقيفهم في شرق ليبيا بانتظار تسليمهم لجهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة (جهاز البحث الجنائي)
مهاجرون جرى توقيفهم في شرق ليبيا بانتظار تسليمهم لجهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة (جهاز البحث الجنائي)

تصاعدت في ليبيا مطالب سياسيين ونشطاء بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة ظاهرة الهجرة غير النظامية، مشددين على أهمية التصدي لـ«مهربي البشر» وكشف أسمائهم، وفق ما تعهد به عصام أبو زريبة، وزير الداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب.

كتيبة عسكرية تضبط مهاجرين غير نظاميين أثناء تسللهم إلى غرب ليبيا (أرشيفية - «الكتيبة 17»)
كتيبة عسكرية تضبط مهاجرين غير نظاميين أثناء تسللهم إلى غرب ليبيا (أرشيفية - «الكتيبة 17»)

وكان أبو زريبة قد تعهد في منتصف مارس (آذار) الحالي بكشف أسماء المتورطين بـ«الاتجار بالبشر» في كل ليبيا خلال عشرة أيام، لكن المهلة انتهت دون الإعلان عن ذلك، وسط تساؤلات عن أسباب عدم تنفيذ وعده.

ويأتي ذلك وسط تزايد المطالب بسرعة إطلاع الرأي العام على ما توصل إليه لمواجهة هذه الظاهرة وتقديم المتهمين إلى العدالة. ويرى المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، أن أغلب تصريحات «وزيرَي» داخلية ليبيا «متناقضة مع الواقع» في ظل عجز كل منهما عن بسط نفوذ جهازه الأمني على عموم البلاد، لافتاً إلى تقارير أممية تفيد بتورط قيادات مسلحة وشرطية تتبع بشكل أو بآخر وزارة في نشاط «التهريب والاتجار».

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان الأولى هي «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة وتتخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها، والأخرى مكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية وبعض مدن الجنوب، بقيادة أسامة حماد.

وبموازاة تصريحات أبو زريبة، كان نظيره في غرب ليبيا بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي قد دعا إلى ضرورة «وضع ضوابط بشأن تدفقات المهاجرين إلى البلاد»، دون أن يتبع ذلك تحرك ملموس على الأرض حتى الآن. ورأى محفوظ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تعهدات أبو زريبة محاولة لإظهار قدرة حكومته على مكافحة قضية تهريب البشر في ظل تفجر المخاوف حينذاك من تزايد أعداد المهاجرين غير النظاميين ومساعي توطينهم في ليبيا.

وكانت تصريحات نُسبت إلى بدر الدين التومي، وزير الحكم المحلي بحكومة «الوحدة»، حذرت من أن عملية «توطين» المهاجرين في ليبيا، تسببت في حالة من الغضب الشعبي، رغم نفي الوزارة للأمر.

ويرى محفوظ أن مكافحة التهريب وضبط المتورطين بالاتجار بالبشر في ليبيا يتطلبان «آليات ومستويات عالية من التنسيق الإقليمي والدولي، في ظل ارتباط الأمر بعصابات الجريمة المنظمة العابرة للحدود. ودعا محفوظ المسؤولين «لترشيد تصريحاتهم التي تثير الجدل»، مذكراً «بعدم وفاء الطرابلسي بوعوده المتكررة بإخلاء العاصمة طرابلس من كل مظاهر التسلح وإخراج الأجهزة الأمنية كافة منهما.

ويحتل ملف الهجرة والتصدي لعمليات التهريب أولوية لدى الأطراف السياسية المحلية والدولية. فقد سبق وبحثت المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه مع القائم بأعمال السفارة الأميركية جيريمي برنت تداعيات الظاهرة، كما ناقش الطرابلسي تأثرات هذا الملف مع وفد أممي الأسبوع الماضي.

بدوره، أشاد الناشط الحقوقي الليبي طارق لملوم بقرار أبو زريبة لكشف أسماء المتورطين في الاتجار بالبشر عبر إعداد قوائم بأسمائهم، إلا أنه يرى أن المهلة الزمنية التي حددها لرئيس جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة اللواء صلاح الخفيفي، لتنفيذ المهمة تنبئ بدرجة ما «بعدم الجدية». وتابع لملوم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مدة عشرة أيام أو حتى أسبوعين لا تكفي حتى لتجميع المطلوبين من بلدية واحدة بالمدن التي تشتهر بنشاط التهريب». وتساءل الناشط الحقوقي «عن قدرة أبو زريبة ومساعديه على التنسيق مع دول الجوار الليبي أو الدول الأوروبية في إطار مكافحة شبكات التهريب؛ في حين أن حكومته لا تحظى بالاعتراف الأممي، وانحصار أوجه التعاون الأمني والاستخباراتي مع حكومة الدبيبة».

وتوقع لملوم أن تتضمن تلك القوائم حال إعدادها «عناصر هامشية بنشاط التهريب مثل سائقي السيارات التي تنقل المهاجرين عبر الصحراء أو أصحاب مخازن صغيرة يتم تجميع هؤلاء بها، دون أن تمتد لأي أسماء نافذة»، مرجعاً ذلك «لتخوف كل حكومة على خسارة شعبيتها بمناطق نفوذها إذا سعت لملاحقة أسماء تنتمي إلى قبائل كبيرة هناك، أو قيادات تشكيلات مسلحة موالية لها».

قبيل عملية ترحيل مهاجرين سودانيين وتشاديين (جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة في ليبيا)
قبيل عملية ترحيل مهاجرين سودانيين وتشاديين (جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة في ليبيا)

وتنشط عصابات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر في مدن ليبية عدة، خصوصاً تلك القريبة من المناطق الحدودية مع الدول الأفريقية التي تعد المصدر الأول للمهاجرين، وكذلك الواقعة على شواطئ المتوسط التي تنطلق منها الرحلات إلى أوروبا. وبعيدا عن تقييم تعهدات أبو زريبة وغيره من القيادات التنفيذية، أكد رئيس لجنة الأمن القومي بالمجلس الأعلى للدولة سعيد محمد ونيس، على أن معالجة قضية الهجرة وتداعياتها من الاتجار بالبشر «تتطلب تنفيذ رؤية وطنية شاملة». وقال ونيس لـ«الشرق الأوسط» إن «أسماء المتورطين في التهريب والاتجار بالبشر ضُمنت بالتقرير الأممي الذي نشر نهاية العام الماضي الصادر عن لجنة خبراء المعني بليبيا، وبالتالي نرى أن محاربة الهجرة تتطلب أموراً عدة كتعديل التشريعات لتغليط العقوبات على المهربين».

ورأى ونيس أن الأمر يتطلب تنسيقاً أمنياً وسياسياً مع دول المصدر لتلك الظاهرة العابرة للحدود، ومراجعة الاتفاقيات التي وقّعت بين بلادنا معهم وهو تحقق المرجو منها، وأيضاً تنظيم عمل المنظمات الدولية بشأن الهجرة في بلادنا. وأشار إلى أنه «في حال اتفقت لجنتا الأمن القومي بمجلسه والبرلمان على تلك المعالجة الوطنية التي توازن بين السيادة الليبية والالتزامات الدولية وتعنى بدراستها كقضية استراتيجية بأبعادها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، فإنه يمكن تطبيقها حتى في ظل وضعية الانقسام الحكومي الراهن عبر إقناع حكومتي طرابلس والشرق بتنفيذها كل بمنطقة نفوذها».

ورغم إقراره بأن سيطرة المجموعات المسلحة على مناطق بعينها ونفوذ بعض الأسر والقبائل قد يوفر ملاذاً آمناً للإفلات أسماء متورطة بنشاط التهريب والاتجار من العقاب، يؤكد ونيس أن إدانة هؤلاء تُعدّ خطوة رئيسية». وقال إن «الإدانة القانونية الموثقة تظل قائمة كالسيف على رقاب هؤلاء وإذا لم يطولهم العقاب اليوم فغداً قد يتغير الوضع أو حسابات المصالح وتطولهم، فربما نُفاجأ بأن المجتمع الدولي قرر بلحظة ما مساعدة الليبيين في تعقب هؤلاء».