هجوم جوي ومدفعي واسع للجيش في الخرطوم وكردفان

اتهامات لقادة الجيش بحماية قادة نظام البشير الهاربين من السجن

TT

هجوم جوي ومدفعي واسع للجيش في الخرطوم وكردفان

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فروا من الصراع في دارفور في أدري بتشاد (رويترز)
صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فروا من الصراع في دارفور في أدري بتشاد (رويترز)

شنت طائرات حربية للجيش السوداني، الجمعة، غارات مكثفة على أحياء تسيطر عليها قوات «الدعم السريع» داخل الخرطوم، وحول مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان.

ووفقاً لشهود عيان ومصادر محلية تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، شن الجيش السوداني غارات جوية عنيفة ومتواصلة، وهجمات بالمدفعية، على أحياء شرق النيل وجنوب الخرطوم، وطال القصف الجوي والمدفعي ضواحي مدينة (الأبيض) على مسافة نحو 350 كيلومتراً غرب العاصمة الخرطوم، لليوم الثاني على التوالي.

وقالت لجان المقاومة (تنظيمات شبابية) في منطقة «الكلاكلة» جنوب الخرطوم، إن اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة تدور بين الجيش وقوات «الدعم السريع» داخل الأحياء المأهولة بالسكان.

بدورها، أعلنت غرفة طوارئ جنوب الخرطوم، سقوط ضحايا مدنيين إثر غارات جوية متفرقة على الأحياء السكنية، مشيرة إلى وصول العشرات من المصابين، من بينهم أطفال صغار في السن، إلى «مستشفى بشائر» لتلقي الإسعافات.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فروا من الصراع في دارفور في أدري بتشاد (رويترز)

وقالت في بيان على صفحتها الرسمية في «فيسبوك»، إن القصف الجوي أدى إلى تضرر جزئي لعدد من المنازل ونفوق أعداد من الحيوانات.

من جهة ثانية، وجهت تنسيقيات لجان المقاومة في جنوب الخرطوم، نداءات عاجلة لإنقاذ آلاف من المدنيين المحاصرين داخل الأحياء السكنية، العاجزين عن الوصول إلى المواد الغذائية والرعاية الصحية.

وقالت اللجان في بيان، اليوم الجمعة، إن تصاعد حدة الاشتباكات وعدم فتح ممرات إنسانية أوقف وصول المساعدات الإنسانية الغذائية والصحية، في وقت تواجه فيه المنظمات الإنسانية والعاملون المتطوعون خطورة كبيرة في الحركة لمساعدة المواطنين.

وناشدت لجان المقاومة جميع السودانيين في الداخل والخارج مد يد العون ومساعدة الأسر بالغذاء ومياه الشرب.

مطالب بالقبض على قادة النظام المعزول

في غضون ذلك، وجهت «هيئة الاتهام في بلاغ انقلاب الثلاثين من يونيو (حزيران) 1989»، تهمة إلى قادة الجيش بتوفير حماية قادة النظام المعزول الذين هربوا من سجن «كوبر» المركزي في الخرطوم بحري، بعد أسبوع من اندلاع الحرب.

البشير أثناء محاكمته في سبتمبر 2020 (رويترز)

وعبر الناطق الرسمي باسم الهيئة، المحامي معز حضرة، في بيان، عن استغرابه من ظهور المتهمين في بلاغ الانقلاب، في بعض ولايات السودان التي تقع تحت سيطرة القوات المسلحة، ودعوتهم للحرب والتحريض تحت سمع وبصر جنرالات الجيش السوداني.

وأضاف أنه في الوقت الذي تنشط فيه استخبارات الجيش في القبض على الناشطين السياسيين الذي يطالبون بوقف الحرب، فإنها تغض الطرف عن فلول النظام السابق من المتهمين الهاربين من السجون السودانية.

وطالب معز حضرة قادة الشرطة والاستخبارات العسكرية بالقبض على المتهمين المطلوبين للعدالة، وتسليمهم إلى أقرب نقطة شرطة أو نيابة، مشيراً إلى أن أي شرطي أو وكيل نيابة يظهر المتهمون في نطاق اختصاصاته ولم يقم باتخاذ الإجراءات القانونية المطلوبة، يعرض نفسه للملاحقة بموجب المادة (89) من القانون الجنائي السوداني، وهي إهمال الموظف العام واجبات وظيفته.

وقال إن عدم القبض على المتهمين الهاربين يؤكد أن فلول النظام السابق يتلقون حماية من حكومة الأمر الواقع في كثير من الولايات التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني.

بدورها، قالت قوات «الدعم السريع»، التي يقودها محمد حمدان دقلو الشهير باسم «حميدتي»، في بيان، إن نشاط قادة النظام البائد وتحركاتهم في عدد من ولايات البلاد يتم تحت حماية قوات الانقلابيين في الاستخبارات العسكرية وجهاز المخابرات العامة والشرطة، وبتمويل من حكومات الولايات.

وأضاف البيان أن دعوة قادة النظام الفارين إلى الاستنفار لدعم الجيش، دليل دامغ على أن الحرب الدائرة هي جزء من مخطط كبير بين النظام البائد وقادة الجيش لاستعادة سلطتهم.


مقالات ذات صلة

السعودية تؤكد حرصها على عودة الأمن والاستقرار للسودان

الخليج رئيس مجلس السيادة السوداني يستقبل نائب وزير الخارجية السعودي في بورتسودان (واس)

السعودية تؤكد حرصها على عودة الأمن والاستقرار للسودان

أكد المهندس وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، حرص قيادة بلاده على عودة الأمن والاستقرار للسودان، واستئناف المفاوضات.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
المشرق العربي مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مؤتمر القوى السودانية في القاهرة «خطوة إيجابية» رغم «التحفظات»

رغم تحفظ بعض القوى السودانية على مخرجات مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية الذي استضافته القاهرة السبت الماضي، فإن مراقبين يرون فيه «خطوة إيجابية».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا زعيم حركة «العدل والمساواة» بالسودان جبريل إبراهيم (الصفحة الرسمية - فيسبوك)

جبريل إبراهيم: مسار وقف الحرب في السودان لا يزال طويلاً

قال زعيم حركة «العدل والمساواة» بالسودان جبريل إبراهيم، إن مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة، «مَعنيّ بحوار سياسي سوداني، وليس إنهاء الحرب».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي خلال استقباله ممثلي «قوى سياسية سودانية» في القاهرة (الرئاسة المصرية)

مصر تدعو لحل سياسي شامل للأزمة السودانية

دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى «ضرورة التوصل لحل سياسي شامل للأزمة السودانية».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا حضور لافت خلال مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة (الخارجية المصرية)

«مؤتمر القاهرة» للقوى السودانية يطرح رؤى لإنهاء الحرب

استضافت العاصمة المصرية القاهرة، السبت، فعاليات مؤتمر «القوى السياسية والمدنية السودانية» تحت شعار «معاً لوقف الحرب».

أحمد إمبابي (القاهرة)

«تفشي الغش» بين الطلاب في الامتحانات يزعج الليبيين

جانب من امتحان (وزارة التربية والتعليم)
جانب من امتحان (وزارة التربية والتعليم)
TT

«تفشي الغش» بين الطلاب في الامتحانات يزعج الليبيين

جانب من امتحان (وزارة التربية والتعليم)
جانب من امتحان (وزارة التربية والتعليم)

سلطت استقالة مدير «المركز الوطني» للامتحانات في ليبيا، أحمد مسعود، اعتراضاً على «تفشي الغش» بين الطلاب في الامتحانات، الضوء على هذه الظاهرة التي أحدثت صدمة وانزعاجاً لدى كثيرين من أولياء الأمور والتربويين معاً.

وجاءت الاتهامات الأولية لتُحمّل المسؤولية لوزارة التربية والتعليم، بينما يرى بعض المتابعين للعملية التعليمية أن ظاهرة «الغش» في ليبيا انتشرت بعد أحداث «ثورة» 17 فبراير (شباط) عام 2011.

من امتحان في مرحلة التعليم الثانوي (وزارة التربية والتعليم)

وخلال السنوات الماضية، كانت وزارة التربية والتعليم تعلن عن ضبط حالات «غش» في امتحانات شهادتي الإعدادية والثانوية، لكن هذا العام، بدا أن الظاهرة «استفحلت» وفق هؤلاء المتابعين، ودفعت مسعود للتقدم باستقالته لوزير التعليم بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة موسى المقريف، على «الهواء مباشرة» ليجري في عقبها توقيفه 3 أيام.

ومع تصاعد الأحاديث عن الظاهرة، قال النائب العام المستشار الصديق الصور، إنه وجّه ببحث الوقائع التي أوردها مدير «المركز الوطني» للامتحانات؛ وانتهت سلطة التحقيق إلى إخلاء سبيله.

وأضاف مكتب النائب العام أن «المحقق فحص الشواهد التي ساقها مسؤول المركز للدلالة على ظاهرة الغش بامتحانات الإعدادية؛ فأسفر البحث عن تحديد 18 لجنة مراقبة «شهدت نشاطاً أثَّر على شؤون الامتحانات ونظمها»، لافتاً إلى النيابة العامة انتهت إلى تحريك دعوى جنائية بمواجهة مسؤولي تلك اللجان.

امتحان (وزارة التربية والتعليم)

ووسط تبادل الاتهامات عن أسباب استفحال عملية «الغش»، نوّه المحلل السياسي هيثم أحمد الورفلي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأن «هذه الظاهرة المنتشرة في أغلب البلدان العربية لم تلاحظ في كل لجان الامتحانات في ليبيا».

والورفلي ممن يرون أن هذه الظاهرة «انتشرت في ليبيا بعد (أحداث) 17 فبراير عام 2011، ويرجع ذلك «للظروف التي مرت بها ليبيا على مراحل متفاوتة»، غير أنه يتحدث عن وجود ما سماه «التراخي» لدى الوزارة «حتى يتمكن الطلاب من النجاح؛ نظراً لما كانوا يعانونه من نزوح وانقطاع الكهرباء، بجانب ظروف اجتماعية أخرى».

ومع انطلاق امتحانات الشهادة الثانوية في 23 يونيو (تموز) الماضي، حذر المقريف، الطلاب من «الغش»، وقال إنه «لن يتسامح مع أي حالة تتورط في ذلك، سواء كان السبب فيها طالباً أو معلماً»... ويؤدي الامتحان هذا العام 115 ألفاً و110 طلاب.

وقال الورفلي إنه في السنوات الثلاث الماضي «تحسنت الأوضاع من ناحية الدراسة وغيرها، وجرى التشديد على الطلبة، وبدا هناك تصحيح للمسار في نظام التعليم».

ولم يتوقف «الغش» في الامتحانات على الشهادة الإعدادية، فقد أعلن رئيس اللجنة العليا لامتحانات الشهادة الثانوية محمد فاضل، الأحد الماضي، إلغاء امتحانات 275 طالباً بالشهادة الثانوية لتورطهم في استخدام هواتفهم المحمولة في أعمال «غش»، بالإضافة إلى إعفاء 24 مشرفاً، منوهاً بأن وقائع عمليات «الغش» شهدتها مدارس في مدن عدة من بينها بنغازي وطبرق، وبني وليد والكفرة ومصراتة وزلتين وجنزور وقصير غشير وغريان والزنتان.

وكان النائب العام قد أعلن دعمه الجهود المبذولة من أجل القضاء على ظاهرة الغش في امتحانات إتمام شهادة الثانوية العامة، موجهاً بعدم التهاون مع كل من يقوم أو يساعد على الغش بجميع أشكاله من الطلبة، أو من المكلفين بالإشراف على الامتحانات.

مدير «المركز الوطني» للامتحانات في ليبيا المستقيل (وزارة التربية والتعليم)

ومسعود الذي صدم الجميع في ليبيا، وقال خلال مؤتمر صحافي عقدته وزارة التربية والتعليم بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، الأربعاء الماضي، لإعلان نتيجة الشهادة الإعدادية: «للأسف، الغش في ليبيا برعاية المعلمين والمعلمات ومشرفي اللجان»؛ لافتاً إلى أن بعض المناطق بلغت نسبة النجاح فيها 95 و99 في المائة. وبعد أن وصف هذه النتيجة بأنها «مستحيلة» تقدم باستقالته من منصبه، لكنه اختفى بعد ساعات، وقال مقربون منه إن الأمن الداخلي اعتقله.

وأعلنت وزارة التربية والتعليم بحكومة «الوحدة الوطنية» اعتماد نتيجة امتحانات الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح عامة بلغت 60.38 في المائة، لكن سرعان ما انتشرت في البلاد حالة من السخط والانزعاج مما سموه «بلوغ الغش في بعض المناطق مستويات غير مسبوقة».

ويرى الباحث الليبي في مجال حقوق الإنسان محمود الطوير أن «الغش» في الامتحانات الليبية أصبح «ظاهرة سلبية متطورة، لكونها مدعومة بالطرق الحديثة من الخداع والاحتيال؛ الأمر الذي يعد آفة تضرّ بالمجتمع وتشوّه قيَمه، ما يؤدي لسلب الحقوق، ويشجع على انتشار الفساد».

ويحذر الطوير في حديثه إلى «الشرق الأوسط» من أن «ظاهرة الغش التي طغت هذه الأيام تنذر بسقوط كبير في أخلاق وسلوك الأفراد، ودمار وانهيار لمقومات المجتمع»، لافتاً إلى أن «الأمر استفحل ووصل إلى التفنن في ابتكار الطرق الحديثة التي لم تكن تخطر من قبل، على بال أحد».

طالبات مرحلة التعليم الثانوي في امتحان مادة الأحياء (وزارة التربية والتعليم)

وسعت الوزارة مبكراً إلى تحذير الطلاب من الإقدام على تصوير ورقة أسئلة الامتحانات، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، كما شددت على منع دخول اللجان بالهواتف المحمولة أو آلات التسجيل أو أي أجهزة إلكترونية.

وجاء في صفحة منسوبة لأولياء أمور طلاب مدارس «النجم الساطع»، بعد استقالة وتوقيف مدير «المركز الوطني» للامتحانات، أن «أغلب لجان امتحانات الثانوية العامة بمختلف مدن ليبيا، يتفشى فيها الغش بشكل ملحوظ بعد السماح للطلاب بدخول الامتحان بالهواتف».

وأشاد كثيرون في ليبيا باستقالة مدير «المركز الوطني» للامتحانات، وقال المفتش التربوي أونيس يزيد: «الاستقالة تعدّ قراراً شجاعاً» منه، لكن مسعود أخطأ عندما «عمم التهمة على جميع المعلمين والمعلمات ومديري المدارس».

وألقى أونيس في تصريح صحافي باللائمة على مديري مكاتب الامتحانات في المناطق، وقال: «إن الغش يبدأ من عندهم، باختيارهم من يتساهل مع الطلاب واستبعاد الأوفياء للمهنة، وذلك بقصد رفع نسبة النجاح الذي يتبعه تباهٍ وتفاخر على صفحات السوشيال ميديا للمدارس والمراقبات بالمناطق المختلفة».