مصر: هل ينجح «الحوار الوطني» في حل أزمة النشطاء المحبوسين؟

بعد إطلاق سراح باتريك زكي ومحمد الباقر

جانب من جلسة الحوار الوطني حول معوقات العمل الحزبي في مصر (الحوار الوطني المصري «فيسبوك»)
جانب من جلسة الحوار الوطني حول معوقات العمل الحزبي في مصر (الحوار الوطني المصري «فيسبوك»)
TT

مصر: هل ينجح «الحوار الوطني» في حل أزمة النشطاء المحبوسين؟

جانب من جلسة الحوار الوطني حول معوقات العمل الحزبي في مصر (الحوار الوطني المصري «فيسبوك»)
جانب من جلسة الحوار الوطني حول معوقات العمل الحزبي في مصر (الحوار الوطني المصري «فيسبوك»)

مع إطلاق السلطات المصرية، الخميس، سراح كل من الباحث باتريك زكي، والمحامي الحقوقي محمد الباقر، غداة إصدار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عفواً عنهما من أحكام قضائية غير قابلة للطعن، «استجابة لمناشدة من مجلس أمناء (الحوار الوطني)»، يُبدي حقوقيون، وسياسيون بارزون تطلعهم إلى «الإفراج عن المزيد من المحبوسين».

وتثير التطورات الأخيرة، تساؤلات، في الأوساط السياسية المصرية، حول مستقبل جهود «الحوار الوطني» في حل أزمة هؤلاء النشطاء «نهائياً».

ويجمع «الحوار الوطني»، قوى سياسية متنوعة، تجتمع لمناقشة قضايا عامة، منذ الثالث من مايو (أيار) الماضي. وفي ملف الحريات، يطغى على النقاش في أروقة «الحوار»، «الحاجة إلى إغلاق ملف النشطاء المحبوسين»، بحسب الحقوقي نجاد البرعي.

وتجيز المادة 155 من الدستور المصري، «لرئيس الجمهورية، بعد أخذ رأي مجلس الوزراء العفو عن العقوبة، أو تخفيفها»، وهي آلية يحتاجها كل سجين صدر بحقه حكم بالعقوبة، بينما تصدر قرارات الإفراج عن المحبوسين احتياطياً من النائب العام. وقال البرعي، وهو عضو مجلس أمناء «الحوار الوطني»، لـ«الشرق الأوسط»: «الحوار الوطني يتحدث دائماً عن المحبوسين».

ورداً على سؤال حول ما إذا كان يتوقع الإفراج عن المزيد من النشطاء، بعد قرار العفو الرئاسي الأخير، أجاب: «بالطبع نعم، هناك المزيد سيتم الإفراج عنهم. نحن نريد إغلاق هذا الملف».

وفي تصريح تلفزيوني، قال المنسق العام للحوار الوطني، ضياء رشوان، الأربعاء، إن مجلس أمناء «الحوار الوطني»: «يتطلع إلى مزيد من القرارات الجمهورية بالعفو عن المحبوسين». وأشار إلى أن عدد المفرج عنهم، من المحبوسين احتياطياً، منذ تشكيل لجنة العفو الرئاسي حتى الآن 1500 فرد. وتابع رشوان أنه «لا يوجد أحد من المنتسبين للعمل الحقوقي في مصر موجود بالسجن الآن».

يعود تاريخ تشكيل لجنة «العفو الرئاسي» إلى عام 2017، حيث جاءت ضمن مخرجات «المؤتمر الوطني للشباب» بشرم الشيخ، في ذلك العام. وتستهدف «مراجعة ملفات وقضايا المحبوسين احتياطياً من السياسيين غير المتورطين في أعمال عنف، ليتم الإفراج عنهم بقرار رئاسي»، وقد أعيد تشكيل اللجنة، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، في أبريل (نيسان) من العام الماضي.

ويقول عضو اللجنة، ووكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، عن «تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين»، طارق الخولي، إن قرارات العفو الرئاسي «كان لها إسهام قوي في الحفاظ على مناخ يسمح بحالة الحوار ويقلل من أي توتر ما بين القوى المختلفة». ورداً على سؤال حول ما إذا كان «الحوار الوطني» بصدد «إنهاء ملف النشطاء المحبوسين»، قال الخولي، لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن قرارات العفو قوة دفع لنجاح الحوار الوطني وقدرته على أن ينتج حلولاً جذرية لكل التحديات والقضايا».

ويقدر المتحدث الإعلامي باسم «الحركة المدنية الديمقراطية»، خالد داود، عدد النشطاء الذين تطالب الحركة بالإفراج عنهم، بما يتراوح بين 30 و40 ناشطاً، منهم 3 يحتاجون إلى «عفو رئاسي»، وهم: «محمد أكسجين، وعلاء عبد الفتاح، وأحمد دومة».

ويشير داود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الباقين من المحبوسين احتياطياً يملك النائب العام المصري الإفراج عنهم مباشرة.

وذكر أن «الحركة المدنية»، قدّمت، منذ حفل إفطار الأسرة المصرية، العام الماضي، قائمة بأسماء النشطاء الذين تطالب بإطلاق سراحهم، إلى الجهات المعنية كافة.

وتعليقاً على قرار العفو الرئاسي الأخير، يقول داود: «هذا ما كنا نأمله منذ اشتركنا في (الحوار الوطني). وكان هذا أحد المطالب الرئيسية منذ دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإفطار الأسرة المصرية، في أبريل (نيسان) 2022، ونحن نطالب بالإفراج عن النشطاء، ورفع الحجب عن المواقع الإلكترونية».

واستطرد: «هذه كلها من الإجراءات العاجلة التي يمكن أن تمنح ثقة للناس بأن (الحوار الوطني) عملية مجدية، لتحقيق الانفتاح في المجال السياسي، وتغيير الأجواء التي عشناها على مدار السنوات التسع أو العشر الماضية. سعداء جداً بالقرار السريع الذي صدر بحق باتريك زكي، ومحمد الباقر، ونتمنى خروج الباقين».

ويقول داود، وهو المقرر المساعد للجنة الأحزاب السياسية في «الحوار الوطني»، إن «إغلاق ملف النشطاء المحبوسين، والاستجابة للمطالب الخاصة بالحريات العامة، يمنحانا، كمعارضة، مصداقية بأن مشاركتنا في (الحوار الوطني) مجدية».


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
آسيا نيلا إبراهيمي ناشطة في مجال حقوق الفتيات الأفغانيات تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال (أ.ف.ب)

فرت وعائلتها هرباً من «طالبان»... أفغانية تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال

فازت فتاة مراهقة فرت مع عائلتها من أفغانستان بعد عودة «طالبان» إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، بجائزة «كيدز رايتس» المرموقة لنضالها من أجل حقوق المرأة.

«الشرق الأوسط» (كابل - أمستردام)
شمال افريقيا أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)

مسؤولة أميركية تبحث بالجزائر الحرية الدينية وإدارة الهجرة

عطاف اتصل هاتفياً بنظيره الأميركي، وأبلغه بأن «معلوماته بشأن الحرية الدينية في الجزائر، خاطئة وغير دقيقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي البروفسور نظام محمود

جرّاح بريطاني يصف استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال في غزة

روى جراح متقاعد من لندن ما شاهده خلال عمله التطوعي في مستشفى بغزة، وتحدث عن استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال بعد القصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
TT

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

أثار عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، حفيظة وغضب أنصار نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، وعدد من أطياف المجتمع الراغبين في السلطة، بعدما تعهّد «بعدم إعادتهم إلى حكم البلاد مرة ثانية».

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

وكان الدبيبة يلقي كلمة أمام فعاليات ختام «ملتقى شباب ليبيا الجامع» في مصراتة، مساء السبت، وتطرَّق فيها إلى «الذين يريدون العودة إلى السلطة»، مثل النظام السابق ومؤيدي «الملكية الدستورية»، بالإضافة إلى من يريد «العسكر»، وقال متحدياً: «لن يحكمونا».

ووجّه حديثه لليبيين، وقال: «هناك 4 مكونات هي أسباب المشكلة في ليبيا».

وتُعدّ هذه المرة الأولى التي يوجه فيها الدبيبة انتقادات لاذعة لكل هذه الأطراف مجتمعة، من منطلق أن «الحكم في ليبيا يحدَّد بالدستور وليس بخشم البندقية».

حفتر في لقاء سابق مع عدد من قادة قواته ببنغازي (الجيش الوطني)

ودون أن يذكر أسماء أشخاص، قال: «هناك من يريد الحكم بالسلاح، وآخرون يتخذون من الدين شعاراً ويريدون السلطة، بجانب من يدعون للعودة إليها مرة ثانية؛ سواء الملكية أم نظام القذافي»؛ في إشارة إلى سيف الإسلام القذافي، وأنصار «الملكية الدستورية» الذين يستهدفون تنصيب الأمير محمد السنوسي ملكاً على البلاد.

واستطرد الدبيبة: «النظام العسكري لن يحكمنا مرة أخرى، ولا تفكروا فيمن تجاوز الثمانين أو التسعين عاماً وما زال يحلم بحكم ليبيا»؛ في إشارة إلى المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني.

وخرجت صفحات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، موالية للنظام السابق، تنتقد الدبيبة، وتتهم حكمه بـ«الفساد»، رافضة تلميحاته بشأن المشانق التي كانت تُعلَّق بالمدن الرياضية إبان عهد القذافي. وذلك في معرض تعليقه على هتاف مجموعة من الشباب للقذافي، بعد خسارة منتخبهم أمام بنين في تصفيات «أمم أفريقيا».

سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)

وبجانب انتقاده النظم السابقة، التي قال إنها «تريد العودة لحكم ليبيا»، تطرّق الدبيبة أيضاً إلى من «يستخدمون الشعارات الدينية»، ومن «ينادون بحكم القبيلة».

وتحدّث الدبيبة أمام جموع الشباب في أمور مختلفة؛ من بينها المجموعات المسلَّحة، التي كرر رغبته في «دمجها في مؤسسات الدولة، ومنح عناصرها رواتب»، مذكّراً بأن عماد الطرابلسي «كان زعيم ميليشيا، والآن لديه مسؤوليات لحفظ الأمن والاستقرار بصفته وزيراً للداخلية في حكومتي الشرعية».

وللعلم، أتى الدبيبة إلى السلطة التنفيذية في ليبيا، وفق مخرجات «حوار جنيف» في 5 فبراير (شباط) 2021 بولاية مؤقتة مدتها عام واحد فقط، للإشراف على الانتخابات العامة، لكنه يؤكد عدم تخليه عن السلطة إلا بإجراء انتخابات عامة في البلاد.

محمد السنوسي يتوسط شخصيات ليبية من المنطقة الغربية (حساب محمد السنوسي على «إكس»)

وكثّف الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي لقاءاته بشخصيات ليبية في إسطنبول مؤخراً، ما طرح عدداً من الأسئلة حينها حول هدف الرجل المقيم في بريطانيا من مشاوراته الكثيرة مع أطياف سياسية واجتماعية مختلفة.

ومحمد الحسن هو نجل الرضا السنوسي، الذي عيَّنه الملك إدريس السنوسي ولياً للعهد في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1956، وتُوفي في 28 من أبريل (نيسان) 1992.

ولوحظ أن السنوسي، الذي لم يزرْ ليبيا منذ كان صبياً، يكثّف لقاءاته في الخارج بشخصيات ليبية مختلفة، بعضها ينتمي لقبائل من المنطقة الغربية، بالإضافة إلى الأمازيغ والطوارق؛ وذلك بهدف «إنجاح المساعي نحو حوار وطني شامل، تحت مظلة الشرعية الملكية الدستورية».

ولا تزال شروط الترشح لمنصب الرئيس في ليبيا عائقاً أمام التوافق بشأن القوانين اللازمة للاستحقاق المؤجل، في ظل وجود معارضة بشكل كامل لترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين، والذين عليهم أحكام جنائية لهذا المنصب.