تصريحات قادة إثيوبيا وكينيا تثير غضب الخرطوم

السودان يرفض نشر قوات أجنبية على أراضيه... ويعدها معتدية

رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد ورئيس كينيا ويليام روتو خلال اجتماع «إيغاد» الاثنين (وكالة الأنباء الإثيوبية)
رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد ورئيس كينيا ويليام روتو خلال اجتماع «إيغاد» الاثنين (وكالة الأنباء الإثيوبية)
TT

تصريحات قادة إثيوبيا وكينيا تثير غضب الخرطوم

رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد ورئيس كينيا ويليام روتو خلال اجتماع «إيغاد» الاثنين (وكالة الأنباء الإثيوبية)
رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد ورئيس كينيا ويليام روتو خلال اجتماع «إيغاد» الاثنين (وكالة الأنباء الإثيوبية)

أعلنت وزارة الخارجية السودانية رفضها نشر أي قوات أجنبية في البلاد، مؤكدة أنها ستعدها قوات معتدية، مستنكرة التصريحات التي أدلى بها الرئيس الكيني ويليام روتو، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، بخصوص الأزمة في السودان، وعدتها مساساً مرفوضاً بسيادة الدولة السودانية.

وقالت الخارجية في بيان، الثلاثاء، إن حضور وفد السودان إلى أديس أبابا قبل بداية الاجتماع، وتواصله مع الجهة المنظمة، يؤكدان رغبة السودان الصادقة في إيجاد حلول للأزمة.

وأوضحت أن ما ورد في بيان اللجنة الرباعية لمنظمة «إيغاد» (المعنية بالسلام في القرن الأفريقي) بخصوص غياب وفد الحكومة السودانية، غير دقيق ويجافي الواقع، وأن المصداقية تقتضي الإشارة إلى عدم مشاركة الوفد بسبب اعتراضه على رئاسة الرئيس الكيني، ويليام روتو، للجنة الرباعية.

استغراب سوداني

وعبّرت الخارجية السودانية عن دهشتها للتصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، بأن هناك فراغاً في قيادة الدولة، ما يعني عدم الاعتراف بقيادة الدولة الحالية.

وقال بيان الخارجية: «تستنكر حكومة السودان دعوة رئيس الوزراء الإثيوبي لفرض حظر جوي ونزع المدفعية الثقيلة، خلافاً لمواقفه وتفاهماته المباشرة القائمة مع رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان».

وأكدت الخارجية السودانية رفضها تصريحات الرئيس الكيني ويليام روتو، التي كررها في المؤتمر الصحافي عقب اجتماعات اللجنة الرباعية. وعد البيان تصريحات الرئيس الكيني ورئيس الوزراء الإثيوبي مساساً بسيادة الدولة السودانية، وهو أمر مرفوض.

كان الرئيس الكيني ويليام روتو، قال إن الوضع في السودان مقلق، ويتطلب حواراً جريئاً وشاملاً حول السلام، وقيادة جديدة. وأضاف خلال مؤتمر صحافي عقده، الاثنين، أن الهجمات العرقية في دارفور تتصاعد نحو ارتكاب إبادة جماعية في الإقليم السوداني، مشيراً إلى أن الوضع في السودان يتطلب بشكل عاجل قيادة جديدة تكون قادرة على إخراجه من الكارثة الإنسانية.

ومن جانبه، دعا رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، إلى «إجراءات فورية في السودان تشمل فرض منطقة حظر طيران ونزع المدفعية الثقيلة». وأكد أن «السودان يعاني فراغاً في القيادة»، مشدداً على «ضرورة عدم الوقوف مكتوفي الأيدي؛ لأن العواقب وخيمة عليه وعلى المنطقة».

واختتمت، الاثنين، قمة «الإيغاد» التي ضمت 4 رؤساء من دولها، ودعا بيانها الختامي طرفي النزاع إلى الحوار ووقف الحرب، مشدداً على أهمية الحل التفاوضي.

وقاطع وفد الجيش السوداني الاجتماع بسبب ترؤس كينيا الجلسات، في حين حضر في المقابل ممثل عن قوات «الدعم السريع».

ولم تلقَ اعتراضات الوفد السوداني التفاتة من المشاركين في الاجتماع؛ إذ التأمت الجلسة برئاسة ويليام روتو رئيس كينيا ومشاركة رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد وممثلين للصومال وجيبوتي وجنوب السودان ومندوبي «إيغاد» والأمم المتحدة، فضلاً على السعودية والولايات المتحدة ومصر والإمارات والاتحاد الأوروبي.

وقال بيان الخارجية السودانية: «تضمن بيان اللجنة الرباعية الختامي لـ(الإيغاد) الدعوة لعقد اجتماع قمة لدول شرق أفريقيا للطوارئ للنظر في إمكانية نشر قوات لحماية المدنيين، وضمان انسياب المساعدات الإنسانية. وفي هذا الصدد، تؤكد حكومة السودان رفضها نشر أي قوات أجنبية، وستعدها قوات معتدية».

وتوجه بيان الخارجية إلى منظمة «إيغاد» بالقول إن عدم احترام آراء الدول الأعضاء سيجعل حكومة السودان تعيد النظر في جدوى عضويتها في المنظمة.

ورحبت الحكومة السودانية بقمة دول الجوار التي تستضيفها جمهورية مصر العربية غداً، بغرض مناقشة الأزمة في السودان، اتساقاً مع موقفها الذي رحب بمبادرة جدة بوساطة سعودية - أميركية

أعمدة الدخان فوق أحد المباني خلال اشتباكات في الخرطوم (رويترز)

ومن جهة ثانية، قال رئيس أركان قوات «إيساف»، عثمان عباس، في تغريدة على «تويتر»، أمس، إن توجيهات صدرت لقواتنا بالشروع في عملية التخطيط لانتشار متوقع في السودان، ووصفه بأنه إجراء روتيني يحدث عند حدوث أي أزمة في دول «إيساف» العشر، لكنه أضاف أن القرار النهائي بخصوص نشر القوات لا يحدث إلا بموافقة السودان.

ودعا البيان الختامي لاجتماع «إيغاد» الذي عُقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أمس، الأطراف السودانية إلى وقف العنف فوراً، والتوقيع على وقف لإطلاق النار غير مشروط.

وشدد البيان على أنه لا حل عسكرياً للصراع في السودان، وطالب الجيش و«الدعم السريع» بالبدء بمفاوضات عاجلة لإيقاف الحرب والعودة إلى المسار الديمقراطي.

وفي موازاة ذلك، تصدى الجيش السوداني لهجوم من «الحركة الشعبية لتحرير السودان» - فصيل عبد العزيز آدم الحلو - على مدينة الكرمك في إقليم النيل الأزرق، جنوب شرقي البلاد، وهو الثاني على المنطقة في غضون أسبوعين.

وقالت حكومة الإقليم في بيان، الثلاثاء، إن الهجوم على المدينة حدث فجر (الاثنين) من محاور عدة بهدف إسقاطها، مضيفة أن القوات المسلحة تصدت للقوات المهاجمة، ولقنتها درساً قاسياً.

وأكد البيان أن أمن وسلامة المواطن خط أحمر لا يمكن تجاوزه.

ووفقاً لاتفاقية جوبا للسلام عام 2020، مُنح حكم الإقليم لـ«الحركة الشعبية - شمال»، برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار.

وشن فصيل الحلو خلال الأيام الماضية الكثير من الهجمات على الحاميات العسكرية التابعة للجيش في ولاية جنوب كردفان.


مقالات ذات صلة

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

شمال افريقيا الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

أصدر قائد «قوات الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ(حميدتي)، السبت، أوامر مشدّدة لقواته بحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لضمان مرور المساعدات

جدّدت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان» دعوتها الأطراف السودانية إلى ضمان المرور الآمن للمساعدات الإنسانية المنقذة لحياة ملايين المحتاجين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

حرب السودان الكارثية... مشكلة كبرى أمام العالم الصامت

يلقى النزاع في السودان جزءاً ضئيلاً من الاهتمام الذي حظيت به الحرب في غزة وأوكرانيا، ومع ذلك فهو يهدد بأن يكون أكثر فتكاً من أي صراع آخر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو خلال مؤتمر صحافي في جنيف 12 أغسطس (إ.ب.أ)

المبعوث الأميركي يحذر من تمديد الحرب في السودان إقليمياً

حذر المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو من احتمالات اتساع رقعة الحرب في السودان لتهدد دول الإقليم، وحمّل استمرار الحرب لـ«قوى سياسية سلبية» في السودان.

أحمد يونس (كمبالا)
أفريقيا وزير الصحة السوداني يبحث تنفيذ الاشتراطات الصحية لدخول مصر (الصحة السودانية)

تجاوب سوداني مع اشتراطات مصرية جديدة لدخول البلاد

أعلنت وزارة الصحة السودانية «ترتيبات الخدمات الخاصة بتوفير الاشتراطات الصحية لتصاريح السفر، من بينها توفير لقاحات شلل الأطفال لجميع الأعمار».

أحمد إمبابي (القاهرة )

الأمن السوداني يفرق بالذخيرة الحية احتجاجات في كسلا

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
TT

الأمن السوداني يفرق بالذخيرة الحية احتجاجات في كسلا

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)

قال شهود عيان إن قوات الأمن السودانية أطلقت الذخيرة لتفريق المئات من المتظاهرين احتجاجاً على مقتل أحد الشباب تحت التعذيب في معتقلات جهاز الأمن والمخابرات بمدينة كسلا (شرق السودان).

وحاصر متظاهرون غاضبون (الأحد) مقر الأمن في المدينة، وطالبوا بتقديم المسؤولين المتورطين من رجال الأمن إلى العدالة فوراً.

ويتحدر القتيل، ويدعى الأمين محمد نور، من إحدى أكبر المجموعات السكانية بإقليم شرق السودان، الذي ظلّ لسنوات طويلة يعاني من الصراعات ذات الطابع القبلي.

وأظهرت تسجيلات مصورة، متداولة بكثافة على منصات التواصل الاجتماعي، أعداداً كبيرة من المتظاهرين يفرون من أصوات الذخيرة الحية التي تُسمع بوضوح.

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن المئات من المحتجين الغاضبين تجمّعوا منذ الصباح الباكر، وأغلقوا كل الطرق والمداخل المؤدية إلى مقرَي النيابة العامة، وجهاز الأمن والمخابرات بالمدينة.

وردّد المحتجون هتافات تطالب بتسليم الجناة للعدالة، وإقالة مدير جهاز الأمن والمخابرات على الفور ومحاسبته على هذه الجريمة.

وقالت مصادر محلية، إن قوات أمن بالزي المدني، وأخرى ترتدي الأزياء الرسمية للشرطة، أطلقت الذخيرة الحية بكثافة لتفريق المئات من المتجمهرين حول المناطق الأمنية.

ولم يتسنَّ التأكد من وقوع قتلى أو إصابات وسط المحتجين، في حين أصدر «تجمع شباب قبائل البني عامر والحباب» بولاية كسلا ليل السبت - الأحد بياناً أكد فيه أن الشاب القتيل، الأمين محمد نور، جرى اعتقاله من قبل مجموعة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، و«فارق الحياة نتيجة للتعذيب الذي تعرّض له». وأضاف أن «تقرير التشريح بمستشفى كسلا أظهر وجود كدمات على أجزاء واسعة من جسده».

الشاب القتيل الأمين محمد نور (مواقع التواصل )

وذكر البيان، أن مدير جهاز الأمن والمخابرات بالولاية، العميد رضوان، أبلغ ناظر قبيلة البني عامر، بخبر وفاة الشاب المعتقل، زاعماً بوجود علاقة بين القتيل و«قوات الدعم السريع»، ومدعياً في الوقت نفسه، أن الوفاة «نتيجة لضيق التنفس». وقال «التجمع القبلي» إن تقرير الطب الشرعي فنّد ادعاءات مدير جهاز الأمن، مؤكداً أن وفاته حدثت بسبب التعذيب.

وأعلن «التجمع» خطوات تصعيدية بإغلاق السوق الرئيسية بالمدينة، مؤكداً أنه لن يتم تسلم جثمان القتيل إلا بعد القبض على المتهمين وتسليمهم للشرطة ومثولهم أمام النيابة. كما طالب بإقالة مدير جهاز الأمن بولاية كسلا، وتحميله كامل المسؤولية عن الحادثة.

بدورها، قالت «لجان مقاومة كسلا» (مجموعة محلية)، إن جهاز الأمن «يتحمل المسؤولية كاملة عن هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان الذي أدى إلى مقتل المعتقل».

من جانبه، قال «تحالف قوى الحرية والتغيير»، وهو أكبر التكتلات السياسية في البلاد: «نتيجة لإعادة سلطات القمع والاعتقال لجهاز الأمن، قامت عناصره باعتقال وتعذيب المواطن الأمين محمد نور بصورة وحشية حتى فاضت روحه».

ودان في بيان هذه الجريمة، مطالباً «بتسليم المتهمين فوراً لمحاكمة علنية وعادلة لينالوا الجزاء، وترك القضاء العادل يقول كلمته من دون أي تدخلات سياسية لعرقلة وصول القضية إلى نهايتها».

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)

وأعادت الحادثة إلى الأذهان اغتيال المعلم أحمد الخير عوض الكريم تحت التعذيب الشديد داخل المقر نفسه إبان الاحتجاجات الشهيرة في 2019 التي أطاحت بنظام الرئيس المعزول، عمر البشير، الموالي للإسلاميين.

وخرج وقتها مدير عام الشرطة بولاية كسلا ليقول إن المعلم أحمد الخير توفي «نتيجة تسمم حدث مع آخرين من القوات النظامية بعد تناولهم وجبة فول بالجبن»، لكن تقرير الطبيب الشرعي أكد أنه تعرّض للتعذيب الشديد والضرب بآلة حادة، بما أدى إلى وفاته.

وأعاد رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، بأمر تنفيذي بعد أقل من شهر على انقلابه على الحكومة المدنية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، جهاز الأمن والمخابرات بكامل صلاحياته السابقة، ومنحه سلطة القبض والاعتقال على الأشخاص، والتفتيش والحجز على الأموال.

ونصّ الأمر على «عدم اتخاذ أي إجراءات في مواجهة أفراد القوات النظامية، التي تتولى تنفيذ قانون الطوارئ وحماية السلامة العامة لسنة 1997».

ويقول مراقبون «إن جهاز الأمن والمخابرات السوداني، اتُّهم في حقبة البشير على مدى 3 عقود، بارتكاب أبشع الجرائم والانتهاكات ضد المعارضين لحكم الإسلاميين، وقُتل داخل معتقلاته المئات من المواطنين؛ بسبب التعذيب».

وأصدرت محكمة سودانية في ديسمبر (كانون الأول) حكماً بإعدام 31، وتبرئة 7 من منسوبي جهاز الأمن، بتهمة قتل المعلم أحمد الخير، بعد تعرضه للتعذيب.