تجدد المعارك الضارية في الخرطوم والبشير محاصر بالمستشفى

قوات «الدعم السريع» تعلن إسقاط طائرة للجيش السوداني

TT

تجدد المعارك الضارية في الخرطوم والبشير محاصر بالمستشفى

آثار المعارك خلف أحد المباني في جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)
آثار المعارك خلف أحد المباني في جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)

تجددت المعارك الضارية بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، أمس (الثلاثاء)، في مدينة أم درمان، التي تحولت إلى منطقة عمليات عسكرية مفتوحة، وأسفرت عن وقوع قتلى وإصابات بين المدنيين، وتدمير عدد كبير من المنازل، جزئياً أو كلياً.

وأثناء ذلك، أعلنت قوات «الدعم السريع» إسقاط طائرة مقاتلة للجيش السوداني من طراز «ميغ» في مدينة بحري، وأسر طيارها، وهي سادس طائرة يعلن عن إسقاطها منذ اندلاع الحرب في البلاد منتصف أبريل (نيسان) الماضي.

وقال شهود عيان: إن مقاتلات سلاح الجو السوداني بدأت منذ الصباح التحليق بكثافة في سماء مدينة أم درمان، وسط تزايد وتيرة الانفجارات.

وأفاد الشهود بأن قوات «الدعم السريع» شنّت الكثير من الهجمات على مقر «شرطة الاحتياطي المركزي» في أم درمان من ثلاثة اتجاهات، مستخدمة الأسلحة الخفيفة والثقيلة والقصف المدفعي بهدف السيطرة على المقر، لكن الجيش تصدى لها وأجبرها على التراجع.

وقال الجيش السوداني على صفحته في «فيسبوك»: إن «قوات العمل الخاص» دمرت آليات قتالية لقوات «الدعم السريع» في أم درمان، أثناء عملية تنظيف المدينة من قوات العدو.

وأفادت أنباء بأن قوات «الدعم السريع» قصفت مقر سلاح المهندسين بالمدفعية الثقيلة، وتفرض عليه حصاراً من اتجاهات عدة.

«الدعم السريع» يحاصر «البشير»

وأكدت مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أن قوات «الدعم السريع» تحاصر الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، وثلاثة من كبار قادة نظامه، وهم: بكري حسن صالح، يوسف عبد الفتاح الشهير باسم «رامبو»، وأحمد الطيب الخنجر، في «مستشفى علياء العسكري» داخل السلاح الطبي في مدينة أم درمان، الواقع تحت سيطرة الجيش.

البشير خلال محاكمته في سبتمبر 2020 (رويترز)

وكان الجيش السوداني أعلن تحفظه على المذكورين عقب اقتحام «سجن كوبر المركزي» في الخرطوم بحري، بعد أسبوعين من اندلاع الحرب في البلاد، وفرار الكثير من قادة النظام المعزول المتهمين بانقلاب الثلاثين من يونيو (حزيران) 1989 والاشتراك بقتل المتظاهرين.

قصف جوي ومدفعي في أم درمان

وقالت مصادر محلية: إن عدداً من حارات منطقة «أمبدة» في أم درمان تتعرض لقصف جوي ومدفعي واشتباكات بين الجيش و«الدعم السريع»، لليوم الثالث على التوالي؛ ما أدى إلى إصابات بين السكان وتدمير عدد من المنازل.

وقال أحمد عبد الله، المقيم في المنطقة: إن الوضع صعب جداً، وإن القذائف تتساقط على المنازل من كل الاتجاهات.

وأضاف أن وجود عناصر «الدعم السريع» في المنطقة يجعل من مساكن المواطنين هدفاً للغارات الجوية التي تنفذها طائرات الجيش، والتي تتسبب في وقوع ضحايا وسط أهالي الحي جراء تهدم بيوتهم.

آليات عسكرية للجيش السوداني بأحد شوارع العاصمة السودانية الخرطوم يوم 26 يونيو 2023 (أ.ف.ب)

وأشار إلى أن القصف الشديد الذي تتعرض له المنطقة والاشتباكات أجبرت المواطنين على الاحتماء في المنازل وعدم الخروج نهائياً، وأغلقت المتاجر أبوابها وانعدمت المواد الغذائية. وقال: إن الكثير من الأهالي ينتظرون هدوء الأوضاع وتوقف الاشتباكات لمغادرة المنطقة.

«الدعم السريع» تسقط طائرة

وقالت قوات «الدعم السريع» في بيان على صفحتها الرسمية في «فيسبوك»: إنها أسقطت طائرة حربية من طراز «ميغ» تابعة للجيش السوداني في منطقة بحري.

وأضافت: «هاجم طيران الجيش عدداً من الأحياء السكنية في أم درمان، مرتكباً مجازر بشرية بشعة، خاصة في منطقة أمبدة؛ ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين».

وذكر البيان أن قوات «الدعم السريع» تمكنت من القبض على قائد الطائرة بعد هبوطه بالمظلة.

ولم يصدر عن الجيش السوداني ما يؤكد أو ينفي إسقاط طائرته الحربية من قِبل قوات «الدعم السريع»، لكنه دائماً ما يعزو سقوط طائراته إلى أعطال فنية.

ويمتلك سلاح الجو السوداني، بحسب آخر الإحصائيات، 191 طائرة حربية، منها 46 هجومية مقاتلة، و37 هجومية، و25 طائرة شحن عسكري، بالإضافة إلى 12 طائرة تدريب.

ومنذ اندلاع الحرب اعتمد الجيش السوداني بشكل رئيسي على الطيران الحربي لاستهداف قوات «الدعم السريع» في المدن وقطع طرق إمدادها بالجنود والأسلحة من غرب البلاد.

مشكلة دفن الجثث

قال بركات فارس، الأمين العام المكلف لـ«الهلال الأحمر السوداني»: إن عدد الجثث التي نقلها فريق الهلال الأحمر في الخرطوم الأسبوع الماضي فقط بلغ 102 جثة.

وأكد فارس لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، الثلاثاء، أن لديهم فريقاً يجمع الجثث ويدفنها بشكل لائق بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وقال فارس: إن فريق الهلال الأحمر، الذي يعمل في مدن عدة، منها الخرطوم وأم درمان ودارفور والجنينة، لم يعد في استطاعته مواصلة مهمته بسبب سرقة السيارات التي يستخدمها في التنقل. وأضاف: «إننا نبذل قصارى جهدنا لتوفير الأدوات اللازمة لهذا الفريق».

ولفت فارس إلى أن مهمة نقل الجثث هي أحد أهم التحديات التي تواجه متطوعي الهلال الأحمر، مشيراً إلى أنهم عادة ما كانوا يتعاملون مع الإغاثات والأدوية وتوزيع المياه. وتابع: «لكن التعامل مع الجثث يقتضي تدريباً خاصاً. أيضاً نواجه مشكلة النقص العددي في هذا الفريق أمام العدد الكبير من الجثث التي ينبغي أن تدفن».

وأضاف فارس أن الجانب الأمني يعد تحدياً كبيراً أيضاً أمام الفريق؛ لأن المتطوعين معرضون دائماً للخطر في ظل المعارك المتواصلة.

وأضاف: «هم معرّضون أيضاً للسلب والنهب وإطلاق النار عليهم، بالإضافة إلى انقطاع الاتصالات لمعرفة مواقع تكدس الجثث من المواطنين ونقلها إلى المشرحة أو دفنها».

آثار المعارك خلف أحد المباني في جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)

وقال فارس: إن «الجثث التي تحتاج إلى دفن يتم دفنها وفقاً لمعايير هذا الفريق المدرب على هذه المهمة، ولا يحدث بشكل عشوائي، ونحاول التعرف على شخصية المتوفى، وما إذا كانت هناك أي معلومات تدل على شخصية المتوفين. كما يتم التنسيق مع السلطات العدلية لإبلاغ ذويهم».

وتشير أحدث تقديرات للأمم المتحدة إلى أن الصراع في السودان تسبب في تشريد ما يقرب من ثلاثة ملايين، منهم 650 ألفاً فرّوا إلى دول مجاورة.

واندلع الصراع بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في منتصف أبريل، وتشهد العاصمة معارك يومية منذ ذلك الحين؛ ما ينذر بجر البلاد إلى حرب أهلية، مع اندلاع صراع آخر بدوافع عرقية في إقليم دارفور في غرب البلاد.

واتفق الطرفان المتنازعان على أكثر من هدنة، كان آخرها برعاية سعودية - أميركية، لكنهما تبادلا الاتهامات بانتهاكها مراراً.


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
TT

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة، وغازل عمداء البلديات بـ«الخدمات» من خلال إنهاء وتدشين عدة مشروعات في مناطقهم.

واجتمع الدبيبة في مقر الحكومة بطرابلس العاصمة مع 6 عمداء بلديات، هي الأصابعة وككلة والقواليش والمشاشية ويفرن والقلعة، بالإضافة إلى عدد من أعيانها، لمناقشة عدد من الملفات الخدمية والتنموية والاجتماعية.

وتحدث الدبيبة خلال اللقاء عن دعمه لملف التنمية المحلية واللامركزية، وإقرار عدد من اللوائح والقرارات المنظمة لهذا التوجه المهم، مشدداً على ضرورة توحيد الجهود الوطنية للوصول بالبلاد لانتخابات برلمانية ورئاسية، وفق قوانين عادلة ومتفق عليها، وإنهاء المراحل الانتقالية.

الدبيبة مع عدد من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

ووفقاً لمكتب الدبيبة، فقد استعرض رؤساء الأجهزة التنفيذية أهم المشروعات التنموية بالبلديات الحاضرة، ونسب الإنجاز الفنية والمشروعات المعتمدة في الخطة التنموية المقبلة.

ويأتي لقاء الدبيبة بعمداء البلديات الـ6، عقب يوم من لقائه أعضاء المجلس البلدي يفرن وعدداً من أعيان المدينة. وأثار خلال اجتماعه معهم ضرورة «توحيد الجهود الوطنية لإنجاز الدستور والقوانين الانتخابية العادلة، لتكون المرجعية الوطنية التي تتيح إجراء الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية».

وخلال الاجتماعين حرص الدبيبة على توجيه أجهزة حكومته لإنجاز مشاريع معطلة بالبلديات، وقال في اللقاء الذي انتهى، مساء الخميس، إن «عمليات الإمداد المائي لبلديات الجبل تحديداً كانت من أولويات الخطة التنموية، ضمن مشروعات (عودة الحياة)، وما زالت مستمرة حتى استكمالها، تقديراً لظروف المنطقة واحتياجاتها لمياه الشرب».

كما وجّه الدبيبة «الأجهزة التنفيذية بإعطاء الأولوية في المشروعات التنموية لقطاعات المياه والصرف الصحي، والمرافق التعليمية والصحية، وإعطاء الأولوية للمشاريع الجارية لضمان استكمالها».

من جهة ثانية، تتواصل في ليبيا تداعيات إيقاف الدبيبة للقائم بالأعمال في السفارة الليبية لدى مصر، محمد عبد العالي، دون مزيد من الأسباب، لكنه كلف مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية، السفير عبد المطلب إدريس، بتسيير مهام السفارة الليبية.

في غضون ذلك، دعا مجلس النواب الليبي أعضاءه إلى جلسة رسمية، الاثنين المقبل، تُعقد في مدينة بنغازي، لمناقشة بنود جدول أعمال المجلس، حسب عبد الله بليحق المتحدث الرسمي باسم المجلس.

الطاهر الباعور مستقبلاً سفير إيطاليا لدى ليبيا (خارجية الوحدة)

من جهته، التقى الطاهر الباعور، المكلف تسيير وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»، الجمعة، في مكتبه بطرابلس، سفير إيطاليا لدى ليبيا، جيانلوكا البريني، حيث أكد الجانبان على عمق العلاقات الثنائية المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الصديقين.

ونقلت الخارجية عن السفير «إشادته بمخرجات منتدى الأعمال الليبي - الإيطالي، الذي عُقد بطرابلس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ حيث نقل خلال اللقاء امتنان وتقدير رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجا ميلوني، لنجاح هذا المنتدى.

وأكد الباعور مشاركته وتمثيل الوفد الليبي في «منتدى حوار المتوسط لبلدان البحر المتوسط»، الذي سيُعقد في روما على المستوى الوزاري، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.