«مجلس حقوق الإنسان» يمدد مهمة بعثة تقصي الحقائق في السودان

المندوب السوداني عَدّ القرار «غير عادل»

مقر الأمم المتحدة في جنيف (متداولة)
مقر الأمم المتحدة في جنيف (متداولة)
TT

«مجلس حقوق الإنسان» يمدد مهمة بعثة تقصي الحقائق في السودان

مقر الأمم المتحدة في جنيف (متداولة)
مقر الأمم المتحدة في جنيف (متداولة)

صوّت «مجلس حقوق الإنسان»، التابع للأمم المتحدة، الأربعاء، الماضي لصالح تمديد مهمة بعثة تقصي الحقائق بشأن الوضع في السودان، في ظل الحرب المتواصلة فيه، رغم اعتراضات الخرطوم.

وصوّتت 23 دولة من الدول الأعضاء في المجلس، البالغ عددها 47، لصالح تمديد مهمة البعثة الدولية المستقلة لعام آخر، في مقابل معارضة 12 دولة، وامتناع 12 أخرى عن التصويت.

وأنشأ «مجلس حقوق الإنسان»، التابع للأمم المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي هذه الهيئة، للتحقيق في الانتهاكات والتجاوزات المزعومة لحقوق الإنسان، وانتهاكات القانون الإنساني الدولي في السودان خلال الحرب.

الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وكانت بريطانيا وألمانيا والنرويج والولايات المتحدة قد اقترحت تجديد تفويض البعثة لعام آخر، وتقدمت بمشروع قرار وصفه الممثل الدائم لجمهورية السودان لدى المجلس في جنيف، حسن حامد حسن، بأنه «غير عادل».

وقال السفير البريطاني، سايمن مانلي، الذي قدّم مشروع القرار، إن بعثة تقصي الحقائق وثقت بعض «المعاناة المروعة» التي تحملها مدنيون سودانيون في هذه «الحرب الوحشية العبثية».

وأضاف: «نحن نحتاج إلى مراقبة مستقلة. نحتاج إلى توثيق هذه الفظائع. والشعب السوداني يحتاج إلى المحاسبة». وتابع: «قد لا تكون السلطات السودانية مؤيدة لهذا القرار، ولكن الشعب السوداني مؤيد له».

واندلع القتال في السودان في 15 أبريل (نيسان) من العام الماضي بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وأدى إلى مقتل الآلاف، وتسبب في كارثة إنسانية.

وطالب السفير السوداني بأن يجري التصويت على مشروع القرار. وتساءل: «كيف يمكن لمشروع قرار تبناه هذا المجلس أن يستخدم هذا النهج غير العادل الذي يساوي بين جيش وطني يقوم بدوره (...) وميليشيات متمردة». وأكد: «لن تقبل أي حكومة أو تتسامح مع مثل هذا التمرد».

وكانت الأرجنتين والبرازيل وفرنسا وألمانيا واليابان وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة من الدول التي صوتت لصالح القرار، في حين كانت الصين وكوبا وإريتريا وإندونيسيا والمغرب وقطر والسودان من الدول التي صوّتت ضده. أما الجزائر وبنغلاديش والهند وماليزيا فكانت من الدول التي امتنعت عن التصويت.

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو أيام تحالفهما (أرشيفية)

وعدّت السفيرة الأميركية لدى «مجلس حقوق الإنسان» ميشيل تايلور أن «السودان بات يشهد أخطر أزمة إنسانية في العالم». وأضافت: «طرفا الصراع -الجيش السوداني و(قوات الدعم السريع)- ارتكبا جرائم حرب، كما ارتكبت (قوات الدعم السريع) والميليشيات المتحالفة معها جرائم ضد الإنسانية وجرائم تطهير عرقي». وأكدت أن خطورة الوضع «تتطلب اهتمام مجلس حقوق الإنسان».

وقال سفير بلجيكا، كريستوف بايوت، الذي تحدّث نيابة عن دول الاتحاد الأوروبي في المجلس: «إن الإفلات من العقاب كان من السمات المستمرة لهذا النزاع». وأضاف: «سوف تكون هناك فرصة لمستقبل مختلف وسلام دائم لشعب السودان فقط إذا أمكن عكس هذا الاتجاه».

وقال السفير الفرنسي، جيروم بونافونت، إن تمديد المهمة أمر «مهم»، مضيفاً أن «مهمتنا المشتركة يجب أن تتمثل في إعادة هذا النزاع إلى قمة الأجندة الدولية».

ويرأس بعثة تقصي الحقائق المكونة من 3 أعضاء، محمد شاندي عثمان، وهو رئيس قضاة سابق في تنزانيا، وجوي إيزيلو، عميدة فخرية لكلية الحقوق في جامعة نيجيريا، ومنى رشماوي من الأردن وسويسرا، وهي مسؤولة سابقة في الأمم المتحدة، شغلت آخر مرة منصب رئيسة مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا، ومقره دمشق.


مقالات ذات صلة

السودان في 25 عاماً... حرب تلد حروباً

خاص فارون من المعارك ينقلون بشاحنات من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان إلى رصيف لمواصلة رحلتهم إلى وجهتهم التالية (د.ب.أ)

السودان في 25 عاماً... حرب تلد حروباً

رغم أن الحرب الحالية في السودان هي حرب بين جيشين «نظاميين»، لكن جذورها تتصل «بمتلازمة التهميش وعدم الاعتراف بالتنوع».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا السودان التزم بتقديم جميع التسهيلات المعنية «بانسياب تدفق المساعدات الإنسانية» (وسائل إعلام سودانية)

وصول أولى المساعدات الإنسانية إلى الخرطوم

وصلت شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية إلى جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، للمرة الأولى بعد 21 شهراً من اندلاع الحرب في البلاد بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

نائب حمدوك يؤكد تمسكهم بتشكيل حكومة «موازية»

أعلن نائب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، الهادي إدريس، تمسكه بتشكيل «حكومة مدنية» في السودان.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا مشاهد الدمار في أحد أحياء أم درمان بالسودان في أغسطس الماضي (د.ب.أ)

مقتل 10 جنود سودانيين في هجوم بالمسيّرات على قاعدة عسكرية

لقي 10 جنود من الجيش السوداني في هجوم بطائرات مسيّرة شنته قوات «الدعم السريع» على قاعدة عسكرية بمدينة شندي (شمال) في توسع بنطاق استخدام المسيّرات الانتحارية

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم بابا الفاتيكان في رسالته بمناسبة عيد الميلاد بعنوان «لمدينة روما والعالم» (أ.ب)

البابا فرنسيس في رسالة الميلاد: «لتصمت الأسلحة»

جدد البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، اليوم الأربعاء، دعوته إلى وقف إطلاق النار في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)

«الأموال الليبية بالخارج»... أرصدة زادها الانقسام تجميداً

جلسة لمجلس النواب الليبي الأسبوع الماضي (صفحة المتحدث باسم المجلس)
جلسة لمجلس النواب الليبي الأسبوع الماضي (صفحة المتحدث باسم المجلس)
TT

«الأموال الليبية بالخارج»... أرصدة زادها الانقسام تجميداً

جلسة لمجلس النواب الليبي الأسبوع الماضي (صفحة المتحدث باسم المجلس)
جلسة لمجلس النواب الليبي الأسبوع الماضي (صفحة المتحدث باسم المجلس)

أعاد رئيس مجلس النواب الليبي، المستشار عقيلة صالح، ملف «الأموال المجمّدة بالخارج»، إلى دائرة الأضواء مجدداً، وذلك بالحديث عن دعوة مجلس الأمن الدولي إلى مواصلة التحفظ عليها.

وتبذل حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، جهوداً في المحافل الدولية لحلحلة أزمة الثروة الليبية المجمدة منذ إسقاط نظام القذافي، أو الإشراف على إدارتها، لكن جبهة شرق ليبيا تتمسك بإبعاد الدبيبة عن هذه الأرصدة راهناً، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلاً عن فرص استعادة هذه الأموال راهناً في ظل الصراع السياسي.

صالح أكد أن مجلسه وجه رسالة إلى مجلس الأمن للمطالبة بضرورة التحفظ على الأموال الليبية المجمدة في الخارج (المجلس)

وقال صالح في تصريحات نقلتها قناة «ليبيا الحدث»، إن مجلسه «وجه رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، طالبه فيها بضرورة التحفظ على الأموال الليبية المجمدة في الخارج، وذلك لمنع أي تصرف غير قانوني فيها، من قبل أطراف قد تسعى لاستغلالها بشكل غير شرعي».

وتقدر الأموال الليبية في الخارج بنحو 200 مليار دولار، وهي عبارة عن استثمارات بشركات أجنبية، وأرصدة وودائع وأسهم وسندات، تم تجميدها بقرار من مجلس الأمن عام 2011. لكن الأرصدة النقدية تناقصت على مدار السنوات الماضية إلى 67 مليار دولار، وفق فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق الوطني» السابقة.

وعلى مدار العقد الماضي، أصبحت الأرصدة الليبية المجمدة في الخارج محل مناكفة سياسية مستمرة بين جبهي شرق ليبيا وغربها، وكلما تحركت جبهة لفك الحظر عن هذه الأرصدة سارعت الأخرى لتبدي رفضها الشديد لهذا التوجه.

طاهر السني مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة (حسابه على «إكس»)

وفي كلمته أمام مجلس الأمن الدولي في مرات سابقة، طالب مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، السفير الطاهر السني، بحماية الأصول الليبية في الخارج من «النهب والتآكل، ومحاولات بعض الدول الاستيلاء عليها». كما سبق أن دعا لجنة الجزاءات المتعلقة بليبيا بضرورة مساعدة بلده، «وألا تكون سيفاً مسلطاً» عليه، مشيراً إلى أهمية «التجاوب مع طلبات رفع أسماء عدد من المواطنين من قائمة العقوبات، وحماية أصول الأموال الليبية المجمدة».

وكانت وسائل إعلام بلجيكية قد تحدثت في يوليو (تموز) الماضي، عن إجراء السلطات هناك تحقيقات، تتعلق بمصير نحو 2.3 مليار دولار من فوائد الأموال الليبية المجمدة في بلجيكا، التي تبيّن من التحقيقات أنه تم الإفراج عنها بشكل غير قانوني، بين عامي 2012 و2017.

وعلى الرغم من الصراع الحكومي الدائر في ليبيا، قال القائم بأعمال وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»، طاهر الباعور، إن وزارته «تعمل على الوصول إلى اتفاق مع المجتمع الدولي لإنشاء رقابة مشتركة لإدارة الأموال المجمّدة، بوصفه حقاً للدولة الليبية».

ويرى الباعور أنه «باتت هناك قناعة داخل مجلس الأمن بأحقية مطلب مشاركة ليبيا في الإشراف على أموالها»، وقال بهذا الخصوص: «نطالب بأن يكون لدينا علم بهذه الأموال وكيفية إدارتها، حتى وهي تحت التجميد».

وكان يوسف العقوري، رئيس لجنة التحقق من الأموال الليبية المجمدة بالخارج، في مجلس النواب، قد تحدث عن إعداد مجلسه مسودة قانون مكافحة غسيل وتهريب الأموال وتمويل الإرهاب، لعرضها للمناقشة على أعضاء البرلمان، مجدداً تقديره لاهتمام مجلس النواب بتعزيز الإطار القانوني المتعلق بمكافحة الجرائم المالية، والذي جاء بناء على متابعة من لجنة التحقق لذلك الموضوع.