مدرّس «مضطرب نفسياً» حاول اقتحام سفارة البرازيل وطعن شرطياً

سيارات الشرطة التونسية خارج السفارة البرازيلية بعد هجوم طعن (د.ب.أ)
سيارات الشرطة التونسية خارج السفارة البرازيلية بعد هجوم طعن (د.ب.أ)
TT

مدرّس «مضطرب نفسياً» حاول اقتحام سفارة البرازيل وطعن شرطياً

سيارات الشرطة التونسية خارج السفارة البرازيلية بعد هجوم طعن (د.ب.أ)
سيارات الشرطة التونسية خارج السفارة البرازيلية بعد هجوم طعن (د.ب.أ)

كشف الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية والضابط الأمني السامي فاكر بوزغاية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن كهلاً في الـ53 من عمره حاول في حدود الساعة العاشرة بالتوقيت المحلي من صباح الاثنين 19 يونيو (حزيران)، دخول سفارة البرازيل في «ضاحية البحيرة» شمال العاصمة تونس.

 

لكن عون الأمن المكلف بمراقبة مدخل السفارة منعه من الدخول عنوة من الباب واقتحامها، ففاجأه المهاجم وطعنه «بقطعة حادة» كانت معه، مما تسبب في سقوط الأمني جريحاً.

 

هنا تدخل أمني آخر وأطلق النار على رجلي المعتدي، فأصابه وأمكن اعتقاله ونقله حياً إلى المستشفى للعلاج ثم التحقيق معه.

 

كما نقل الأمني المصاب إلى المستشفى للعلاج، لكنه توفي لاحقاً متأثراً بجراحه.

 

الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية والضابط الأمني السامي فاكر بوزغاية (الداخلية التونسية)

 

«العملية إجرامية وليس لها أي بعد سياسي»

 

ووصف الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، العون المتوفى بـ«شهيد الواجب والوطن».

 

لكنه نفى وجود أي «صبغة إرهابية أو سياسية» للعملية التي وصفها بـ«الإجرامية الجبانة».

 

في الوقت نفسه، أكد نفس المصدر أن التحريات الأولية تفيد بأن الكهل الذي هاجم عون الأمن أستاذ تعليم في الـ53 من عمره، وعرف حسب عائلته بكونه «مضطرباً نفسياً»، و«شخصاً متوتر الأعصاب» وغير متوازن منذ سنوات. كما تردد أنه يغادر أحياناً البيت لمدة أيام.

ضباط الشرطة التونسية يقفون في حراسة خارج السفارة البرازيلية بعد هجوم طعن (د.ب.أ)

وقد لاحظت «الشرق الأوسط» عند تنقلها إلى مكان الحادثة، أن قوات الأمن وفضوليين تجمعوا بالقرب من سفارة البرازيل في ضاحية البحيرة بتونس، على بعد نحو 5 كيلومترات فقط عن وسط العاصمة وعن ضاحية قرطاج. في الوقت نفسه، طوقت قوات الأمن المختصة بالتحقيق والوقاية المكان.

 

ونفت مصادر رسمية تونسية لـ«الشرق الأوسط»، وجود أي علاقة بين هذه الجريمة والزيارة التي يقوم بها منذ مساء الأحد، إلى تونس وزيرا داخلية فرنسا وألمانيا، حيث يبحثان مع الرئيس التونسي قيس سعيد، ومع نظيرهما التونسي كمال الفقيه، ومع عدد من أعضاء الحكومة، مشروعات جديدة أعدتها دول أعضاء في الاتحاد الأوربي؛ بينها إيطاليا وفرنسا وألمانيا وهولندا، لمحاولة إبرام اتفاقات سياسية أمنية جديدة مع تونس، تضمن ترفيع مستوى التنسيق الأمني والتصدي المشترك لموجات هجرة العرب والأفارقة نحو أوربا عبر السواحل التونسية.

 

وحول أسباب اختيار المهاجم لسفارة البرازيل دون غيرها من السفارات، أوردت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن تفسير هذا الاختيار قد يكون تشديد سلطات الأمن التونسية منذ أعوام الرقابة الأمنية حول سفارات الدول الأوروبية والغربية الكبرى، خصوصاً سفارات إيطاليا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وأميركا.

 

في المقابل، فإن الحضور الأمني حول سفارات البلدان التي لا يفكر أحد في كونها «مهددة»، مثل سفارة البرازيل، يكون غالباً «أقل كثافة»، رغم الإجراءات الحمائية حول سور السفارة ومدخلها الرئيسي وداخل المبنى.

تطويق محيط سفارة البرازيل بتونس بعد الحادثة (الداخلية التونسية)

يذكر أن موجات جديدة من الهجرة سجلت في العشرية الماضية من تونس ودول جنوب البحر الأبيض المتوسط، نحو بلدان بعيدة عن المنطقة ويكون «الحصول على تأشيرة نحوها أيسر»، بينها كندا والبرازيل وصربيا وتايلند. وستكشف الأبحاث إن كان الأستاذ الجامعي «المضطرب نفسياً» الذي اعتدى على عون الأمن وتسبب في مقتله فكر في اقتحام سفارة البرازيل للحصول على تأشيرة سفر، أم أنه «كان صدفة في المكان الخطأ»، وأنه «لم يحترم الحرمة الأمنية لباب السفارة ولبوابة الأمن الصغيرة بالقرب منه».

 

يذكر أن هجوماً قام به عون أمن على احتفال في الكنيس اليهودي بجزيرة جربة جنوب البلاد تسبب الشهر الماضي، في سقوط قتلى وجرحى بين الأمنيين والسياح التونسيين والأجانب، بينهم إسرائيلي وفرنسي. لكن سلطات الأمن أكدت أن مرتكب الهجوم كان مجرماً، وأن العملية لم تكن إرهابية وليس وراءها أي تنظيم إرهابي.

 

وقد طمأن ذلك البلاغ وكالات الأسفار العالمية التي أعلنت قبل أيام، ارتفاع الحجوزات للموسم السياحي الصيفي الجديد. كما أعلنت أن نسبة الحجوزات في نحو 70 بالمائة من فنادق جزيرة جربة السياحية تحوم حول 100 بالمائة.


مقالات ذات صلة

تونس: حملات أمنية غير مسبوقة على كبار المهربين وإيقاف محكومين

أفريقيا الرئيس التونسي قيس سعيد في جلسة عمل مع كاتب الدولة للأمن الوطني سفيان بالصادق بعد حملة أمنية غير مسبوقة وشاملة ضد كبار المهربين وتجار المخدرات (الرئاسة التونسية)

تونس: حملات أمنية غير مسبوقة على كبار المهربين وإيقاف محكومين

كشف القاضي فريد بن جحا، الناطق باسم محاكم محافظتي المنستير والمهدية الساحليتين، عن أن قوات حرس الخوافر اكتشفت مؤخراً نحو 20 جثة لفظها البحر نحو محافظة المهدية.

كمال بن يونس (تونس)
المشرق العربي مهاجرون اعتُرض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسي (أرشيفية - أ.ف.ب)

البحر يلفظ 15 جثة على سواحل تونس الشرقية

انتشل خفر السواحل التونسي نهاية الأسبوع 15 جثة لفظها البحر على شواطئ محافظة المهدية في شرق تونس.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس يؤدي اليمين الدستورية (رويترز)

الرئيس التونسي يؤدي اليمين الدستورية لولايته الثانية

«نقف من دون حدود، مع كل الشعوب المضطهدة وأولها الشعب الفلسطيني حتى يستعيد حقه كاملاً ويقيم دولته المستقلة».

شمال افريقيا من الاجتماع التشاوري بتونس في 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)

ترتيب تونسي - جزائري للقمة المغاربية «المصغّرة» في غياب المغرب وموريتانيا

بحث وزيرا خارجية الجزائر وتونس «القمة المغاربية المصغّرة» المرتقبة في طرابلس، في غياب المغرب وموريتانيا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا فاروق بوعسكر رئيس هيئة الانتخابات خلال الإعلان عن فوز الرئيس سعيّد بالانتخابات الرئاسية (أ.ف.ب)

الرئيس التونسي يؤدي القسم الدستوري خلال أيام

كشف النائب بمجلس نواب الشعب التونسي (البرلمان)، ياسر القوراري، عن أن البرلمان بغرفتيه بصدد استكمال ترتيبات جلسة أداء اليمين الدستورية من قِبَل الرئيس سعيّد.

«الشرق الأوسط» (تونس)

12 ميليشيا مسلحة حليفة للجيش متهمة بتهديد استقرار شرق السودان

موالون للجيش في العاصمة المؤقتة بورتسودان (أ.ف.ب)
موالون للجيش في العاصمة المؤقتة بورتسودان (أ.ف.ب)
TT

12 ميليشيا مسلحة حليفة للجيش متهمة بتهديد استقرار شرق السودان

موالون للجيش في العاصمة المؤقتة بورتسودان (أ.ف.ب)
موالون للجيش في العاصمة المؤقتة بورتسودان (أ.ف.ب)

أثار إعلان نشر الجيش السوداني «ميليشيا قبلية» مسلحة جديدة في شرق السودان مخاوف قديمة من انفجار الأوضاع في الإقليم المضطرب، وانتقال الحرب إلى ولاياته الثلاث: القضارف، وكسلا، والبحر الأحمر، وقد تتدخل فيها بعض دول الجوار مثل إريتريا وإثيوبيا ما يؤدي لزعزعة الأوضاع في كل الإقليم، لا سيما أن المكونات الإثنية ممتدة ومتداخلة في الحدود الجغرافية للبلدان الثلاثة.

وأعلنت ميليشيا أطلقت على نفسها اسم «الأورطة الشرقية» وبالتنسيق مع الجيش، نشر قواتها في عدد من المناطق بشرقي البلاد، للمشاركة في القتال ضد قوات «الدعم السريع»، وذلك بعد أن تلقت تدريبات في معسكرات الجيش الإريتري داخل الأراضي الإريترية.

جانب من احتفال للجيش ومؤيديه في بورتسودان (أ.ف.ب)

يقود الميليشيا الجنرال الأمين داود، وهو أحد قادة شرق السودان، وكان وقع نيابة عنه في اتفاق سلام السودان في جوبا، بينما رفض الزعيم القبلي الناظر محمد الأمين ترك تمثيله لشرق السودان لأسباب قبلية.

وأعلن ترك رفضه لنشر قوات الميليشيا، وحذر من «عواقب وخيمة» قد تترتب جراء ذلك، وجزم بعدم السماح بانتشارها في مناطقه... وتعهد بالتصدي لها ما لم تتدخل قيادة الجيش لوقف ما أسماه «تلك الفوضى»، وفقاً لما نقلته «الشرق الأوسط» عنه.

ودربت دولة إريتريا داخل أراضيها وتحت إشراف جيشها أربع ميليشيات مسلحة من شرق السودان، وهي: «الأورطة الشرقية»، «قوات مؤتمر البجا المسلح»، «قوات تحرير شرق السودان»، و«مؤتمر البجا - القيادة الجماعية»، إلى جانب أن حركات دارفورية مسلحة دربت أنصارها في شرق السودان في دولة إريتريا المجاورة أيضاً.

من نشاطات الجيش ومؤيديه في بورتسودان (أ.ف.ب)

ويتخذ الجيش السوداني من بورتسودان، وهي أكبر مدن شرق السودان عاصمة بديلة، وأصبحت مقراً لقائد الجيش ورئيس «مجلس السيادة الانتقالي» الفريق أول عبد الفتاح البرهان، غداة خروجه من الخرطوم بعد نحو أربعة أشهر من حصار قوات «الدعم السريع» له هناك.

وأدى انتقال الحكومة إلى بورتسودان ونزوح مئات الآلاف للمدينة إلى سخط عام بين بعض مكونات شرق السودان، الذين اعتبروا وجود الحكومة وحلفائها من الحركات المسلحة الحليفة للجيش ثقلاً على موارد الإقليم والمدينة.

وتبعاً لذلك، دأب قائد ميليشيا «مؤتمر البجا المسلح» شيبة ضرار على المطالبة بإبعاد قوات الحركات الدارفورية من الإقليم، وإعادة قادتها، ومن بينهم وزير المالية جبريل إبراهيم، وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي وآخرين إلى ديارهم في دارفور، وهدد آخر بنزع سلاح هذه الميليشيات التي تعمل تحت اسم «القوات المشتركة».

وأشار الناشط السياسي عزام عبد الله في مقطع فيديو بصفحته على منصة «فيسبوك» إلى وجود 8 ميليشيات قبلية مسلحة في شرق السودان هي: «مؤتمر البجا المسلح، بقيادة موسى محمد أحمد، قوات مؤتمر البجا الكفاح المسلح بقيادة الجنرال شيبة ضرار، قوات مؤتمر البجا القيادة الجماعية بقيادة أبو آمنة، الحركة الوطنية للعدالة والتنمية بقيادة الشيخ محمد طاهر سليمان بيتاي، قوات الأورطة الشرقية بقيادة الأمين داود، قوات تحرير السودان بقيادة إبراهيم دنيا، حركة الأسود الحرة بقيادة مبروك مبارك سليم، إضافة إلى قوات المنشق عن الدعم السريع أبو عاقلة كيكل».

مسلحون من ميليشيا داعمة للجيش السوداني (أرشيفية - أ.ف.ب)

ولا يقتصر وجود الميليشيات المسلحة في شرق السودان على «الميليشيات الشرقية» وحدها، فهناك أربع ميليشيات دارفورية حليفة للجيش تعمل في الإقليم، وهي: «قوات حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، قوات حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، قوات حركة تحرير السودان بقيادة مصطفى طمبور، قوات تحرير السودان بقيادة صلاح تور».

وتم تكوين هذه القوات في شرق السودان بعد اندلاع الحرب في 15 أبريل (نيسان) 2023 من مقاتلين من أصول دارفورية تم تدريبهم بمعسكرات الجيش، وفي معسكرات الجيش الإريتري.

وتقاتل تلك الجماعات مع الجيش ضد قوات «الدعم السريع» تحت اسم «القوات المشتركة»، ويقودها مسؤولون كبار في الحكومة التي تتخذ من بورتسودان مقراً لها.

ويرى الدكتور عزام عبد الله أن ميليشيات شرق السودان تعيش نزاعات المكونات السكانية في الإقليم، وخصوصاً عشائر الهدندوة والبني عامر، ويقول: «إحدى هاتين المجموعتين تصنف الأخرى بأنها غير سودانية»، ويتابع: «لكلتا المجموعتين امتدادات في دولة إريتريا المجاورة».

عناصر من الجيش السوداني في القضارف (أ.ف.ب)

ويحذر عبد الله من احتمالات «انفجار النزاعات الكامنة بين هذه المجموعات، ومن تحولها لحرب عابرة للحدود»، ويتساءل: «بدأ تمرد دارفور بحركتين، وتشظيتا إلى 99 حركة مسلحة، فكيف سيكون الحال في شرق السودان الذي بدأ بأكثر من 8 حركات مسلحة».

واتهم الرئيس الإريتري آسياس أفورقي «أطرافاً خارجية بالتدخل من أجل تفكيك السودان وجيشه»، وأرسل تحذيرات لدول جوار من تحويل السودان ضحية للأجندة الإقليمية، وهي إشارة لدولة إثيوبيا التي يزعم أنها تؤيد قوات «الدعم السريع».

وحذر رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي بابكر فيصل، في إفادة لـ«الشرق الأوسط»، من انفجار الأوضاع في الولايات الشرقية، وقال: «هناك دول في الإقليم –لم يسمها- لم تتورع عن إقامة معسكرات تدريب وتسليح في أراضيها لمكونات قبلية من شرق السودان».

واعتبر نشر تلك الميليشيات إيذاناً بانفجار الأوضاع في الولايات الشرقية المتوترة، بقوله: «هي منطقة متوترة ومنذرة باندلاع نزاعات تحكمها المصالح المتشابكة والمتعارضة لعدد من الدول الإقليمية».

عناصر ميليشيات موالية للجيش في القضارف (أ.ف.ب)

ووفقاً لتقرير أعدته «الشبكة الشبابية للمراقبة المدنية»، فإن شرق السودان يواجه عدداً من التحديات الناتجة عن الأوضاع المعقدة في الإقليم، «وتتمثل في انتشار الحركات المسلحة والاستنفار العشوائي، وهشاشة الوضع الأمني، وأخطار العودة إلى القبيلة والعرق، وبروز نخبة جديدة ذات طابع قبلي، والتدخلات الخارجية، والمناوشات بين الجيش وقوات (الدعم السريع)».