السودان: مواجهات عنيفة بين الجيش و«الدعم» بعد ساعات من تمديد الهدنة

 الهدوء عاد صباحاً

النيران تتصاعد فوق المباني في الخرطوم وسط استمرار القتال (أ.ف.ب)
النيران تتصاعد فوق المباني في الخرطوم وسط استمرار القتال (أ.ف.ب)
TT

السودان: مواجهات عنيفة بين الجيش و«الدعم» بعد ساعات من تمديد الهدنة

النيران تتصاعد فوق المباني في الخرطوم وسط استمرار القتال (أ.ف.ب)
النيران تتصاعد فوق المباني في الخرطوم وسط استمرار القتال (أ.ف.ب)

قال سكان في العاصمة السودانية الخرطوم اليوم (الثلاثاء)، إن مواجهات بالأسلحة الثقيلة دارت بين الجيش وقوات الدعم السريع في عدة مناطق عقب التوقيع على تمديد وقف إطلاق النار لخمسة أيام إضافية؛ لكنهم أكدوا عودة الهدوء من جديد صباحاً، وفقاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

ودارت المواجهات العنيفة الليلة الماضية، واستمرت حتى فجر اليوم بين طرفي الصراع.

وأبلغ صبحي فرج، الذي يسكن في حي السلمة جنوب الخرطوم، «وكالة أنباء العالم العربي»، بأن 3 قذائف سقطت بمنزله أدت إلى إصابة عمه، الذي كان نائماً بفناء الدار، بجروح عميقة في رجله وبطنه.

وقال: «لم نستطع النوم الليلة الماضية، بسبب أصوات المدافع التي هزت المدينة وأدخلت الهلع في نفوس السكان».

ويأمل صبحي في أن يلتزم الطرفان بوقف إطلاق النار خلال فترة الاتفاق، «على الرغم من أنهما خرقا تمديد الاتفاق بعد ساعة من توقيعه»، بحسب تعبيره.

ووقعت مواجهات بين الطرفين في منطقة وسط العاصمة، بالقرب من القصر الرئاسي ومحيط قيادة الجيش.

معاناة متواصلة

جليلة، سودانية من سكان وسط الخرطوم، أبلغت «وكالة أنباء العالم العربي»، بأنها لم تعد تملك ما تسد به رمق أطفالها الثلاثة. وتقول إنها بدأت العمل في إحدى الشركات كعاملة نظافة بعد وفاة زوجها، لكن كل أموالها نفدت قبل أسبوع.

وتضيف: «ليس بمقدوري فعل شيء بعد توقف عملي مع بداية الحرب؛ وليس لدينا أقارب في الأقاليم لنذهب إليهم»، مناشدة الجيش وقوات الدعم السريع، الالتزام بوقف إطلاق النار، وصولاً إلى وقف دائم له، لكي تتمكن من العودة إلى عملها وممارسة حياتها بشكل طبيعي.

ويعاني المدنيون في السودان ظروفاً معيشية صعبة، حيث تحوّلت مناطق سكنية في الخرطوم وأنحاء أخرى من البلاد إلى ساحات للمعارك العسكرية، مع انقطاع الكهرباء والمياه لساعات طويلة وخروج كثير من المستشفيات عن الخدمة.

غارات جوية

ودانت قوات الدعم السريع في بيان أمس (الاثنين)، ما قالت إنه قصف الطيران الحربي السوداني حافلة ركاب وعدداً من المزارع، ما تسبب في مقتل وإصابة عدد من المواطنين، بحسب البيان.

ماريا كوال، وهي وافدة من دولة جنوب السودان تقيم في أحد المساكن العشوائية غرب العاصمة السودانية؛ يقول شقيقها إنها أصيبت في القصف الجوي وتشوّه جسمها بالكامل، وقرر الأطباء بتر رجلها اليسرى.

وأضاف: «هربنا من الحرب في جنوب السودان، لنجدها هنا في الخرطوم؛ لا ندري إلى أين نذهب... الخرطوم ملاذنا الأخير».

وأعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان يوم الأحد، ارتفاع عدد الضحايا وسط المدنيين جراء الاقتتال إلى 866 قتيلاً، و3721 مصاباً.

وقبل بدء القتال بين الطرفين منتصف الشهر الماضي، كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً؛ وكان من المفترض أن تنتهي تلك العملية بإجراء انتخابات في غضون عامين؛ لكن الطرفين كانا قد اختلفا حول خطط دمج قوات الدعم السريع في الجيش.

واتفق الطرفان على أكثر من هدنة خلال المعارك المستمرة بينهما منذ ما يزيد على الشهر؛ لكنهما يتبادلان الاتهامات بانتهاكها مراراً.

استمرار عمليات النهب

لم تتوقف عمليات النهب والسلب واقتحام البيوت، التي تصاعدت وتيرتها خلال الأيام الماضية.

وأبلغت سارة، وهي مهندسة في هيئة الصرف الصحي، «وكالة أنباء العالم العربي»، بأن قوات عسكرية اقتحمت منزلها في حي كافوري وطلبت من السكان مغادرته بعد أن نهبت 8 ملايين ونصف المليون جنيه سوداني (نحو 14 ألف دولار أميركي).

وقالت إن مقتحمي المنزل كانوا مدججين بالسلاح، مضيفة: «ضربوا أخي الأصغر ونهبوا هاتفه. لم يأبهوا لجدي الكبير في السن والمصاب بمرض السكري... عاثوا في الدار؛ اضطررنا للمغادرة إلى بيت شقيقتي في شرق النيل».

وروى ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أن قوات عسكرية اقتحمت بيوتاً في أحياء أم درمان القديمة، وأمرت أصحابها بالمغادرة بعد أن طالبتهم بتسليم أوراق ملكية البيوت.

وطالت عمليات النهب والسلب الأسواق والبنوك والمحال التجارية والمصانع الكبرى أيضاً.

وأبلغ سكان بمنطقة جبرة، جنوب الخرطوم، «وكالة أنباء العالم العربي»، بسماع دوي انفجارات قوية قرب منزل قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).


مقالات ذات صلة

أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

شمال افريقيا أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

تفاقمت أزمة بيع المواد الإغاثية في أسواق سودانية، فيما تبرَّأت المفوضية الإنسانية التابعة للحكومة من المسؤولية عن تسريبها.

محمد أمين ياسين (نيروبي) وجدان طلحة (بورتسودان)
المشرق العربي الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة في شمال دارفور (رويترز)

الأمم المتحدة: أكثر من 30 مليون شخص في السودان بحاجة إلى المساعدة

قالت الأمم المتحدة الاثنين إن أكثر من 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في السودان بعد عشرين شهرا من الحرب المدمرة.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
العالم العربي مواطنون في بورتسودان 30 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

10 قتلى في غارة جنوب الخرطوم

أفاد مُسعفون متطوعون أن عشرة مدنيين سودانيين قُتلوا، وأصيب أكثر من 30، في غارة جوية جنوب الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))
شمال افريقيا «سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

توالي الزلازل في إثيوبيا يجدد مخاوف مصرية بشأن أمان «سد النهضة»

جدد توالي الزلازل في إثيوبيا خلال الأيام الأخيرة مخاوف مصرية بشأن أمان «سد النهضة»، الذي أقامته أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

توسع أحكام الإعدام في السودان بمزاعم التعاون مع «الدعم السريع»

قالت هيئة حقوقية سودانية إن الأجهزة الأمنية المُوالية للحكومة في العاصمة المؤقتة بورتسودان، تحتجز مئات الأشخاص تعسفياً، بمزاعم التعاون مع قوات «الدعم السريع».

أحمد يونس (السودان)

المنقوش: لقاء كوهين كان بتنسيق بين إسرائيل وحكومة الدبيبة

المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية
المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية
TT

المنقوش: لقاء كوهين كان بتنسيق بين إسرائيل وحكومة الدبيبة

المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية
المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية

كشفت وزيرة الخارجية المقالة بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، نجلاء المنقوش، عن أن لقاءها مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين الذي تمّ قبل أكثر من عام في روما، كان بتنسيق بين إسرائيل والحكومة، وقالت إنها ناقشت معه عدداً من القضايا «الأمنية الحساسة التي تهم استقرار ليبيا وفقاً لما كُلفت به».

صورة أرشيفية لنجلاء المنقوش (الوحدة)

وأضافت المنقوش لـ«منصة 360»، التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية، مساء يوم الاثنين، في أول حديث لها منذ مغادرتها ليبيا، أن اللقاء مع كوهين كان سرياً لأغراض أمنية واستراتيجية، لكنها أوضحت أنه كان يتعلّق «بالبحر المتوسط، والمحافظة على الموارد الليبية النفطية والمائية بالإضافة إلى الطاقة».

وأشارت إلى أنها «لم تكن طرفاً في الترتيب لأجندة الاجتماع مع كوهين... الحكومة هي التي رتبت، وأنا دوري كان إيصال الرسائل إلى الجانب الإسرائيلي»، واصفة تنصل «الوحدة» من اللقاء بأنه «عدم حكمة أو فقد القدرة على معالجة الأزمة بعد تسريب خبر اللقاء».

وأبدت المنقوش استغرابها من تسريب الجانب الإسرائيلي اللقاء، بالنظر إلى أن «الاتفاق كان عدم إعلانه وإبقاءه سرياً... المشكلة بالنسبة لي لم تكن في تسريب الخبر؛ بل كانت في طريقة معالجته، لأن ما قمت به هو من صميم عملي الدبلوماسي، كنت أقود الدبلوماسية الليبية؛ وعملي مقابلة كل وزراء الخارجية».

وقالت إن لقاءها كوهين «لم يكن خطأ من ناحية المبدأ»، مشددة على أن مقابلة الطرف الإسرائيلي كانت محددة في موضوعات وإطار معين، وكما يقولون «رب ضارة نافعة»، فبداية حديثي مع الوفد الإسرائيلي أكدت لهم أن موقف الليبيين الشرفاء والعرب الشرفاء هو الاعتراض على السياسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته.

احتجاجات سابقة في طرابلس على اللقاء بين المنقوش ونظيرها الإسرائيلي (أ.ب)

وسبق أن أثار اجتماع المنقوش - كوهين، الذي احتضنته إيطاليا في أغسطس (آب) الماضي، حالةً من الغضب في ليبيا تسببت في مغادرتها البلاد، في حين نفى عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة علمه بلقائها كوهين.

ولُوحظ خروج الكثير من المواطنين في مصراتة (غرب ليبيا)، سعياً للتظاهر ضد الدبيبة الذي قالت تقارير إنه وجّه وزير الداخلية بتشديدات أمنية على طرابلس لمواجهة أي احتجاجات.

وصعّد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حمّاد، يوم الاثنين، أمام مجلس النواب، من هجومه ضد غريمه الدبيبة، وعدّ لقاء مسؤولين في «الوحدة» مع «العدو الصهيوني» سقوطاً أخلاقياً وقانونياً، يجرّمه القانون بشأن مقاطعة إسرائيل.

والمنقوش المولودة في بنغازي (54 عاماً) خرجت من ليبيا سراً، عقب حالة غضب عارمة ومظاهرات في بعض المدن، إثر وقوعها تحت طائلة القانون الليبي، الصادر في عام 1957 بشأن «مقاطعة إسرائيل».

ويقضي القانون بـ«الحبس لمدة لا تقل عن 3 سنوات، ولا تزيد على 10 سنوات، وبغرامة لا تتجاوز 5 آلاف دينار، عقاباً لكل مَن يعقد اتفاقاً مع أي نوع من هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيتهم، أو يعملون لحسابها».

وأبدت المنقوش احترامها للقانون الليبي، وقالت إنها مستعدة للمثول أمام جهات التحقيق، لإثبات الحقيقة لليبيين الذين قالت «إنها تحبهم، وليس لديها ما تخفيه عنهم». وكان النائب العام أحالها إلى التحقيق منذ أغسطس 2023، لكنها تقول: «لم يتم استدعائي حتى اليوم».