تجدد القتال في الخرطوم... وتزايد أعداد الفارين إلى مصر وتشاد

استمرار القصف يمنع وصول المساعدات الطبية من «الصحة العالمية» والكويت وقطر

TT

تجدد القتال في الخرطوم... وتزايد أعداد الفارين إلى مصر وتشاد

شاحنة تسير في أحد شوارع الخرطوم مع استمرار القتال (أ.ف.ب)
شاحنة تسير في أحد شوارع الخرطوم مع استمرار القتال (أ.ف.ب)

قال شهود عيان إن الجيش السوداني وجه (الخميس) ضربات جوية مكثفة إلى مناطق متفرقة في العاصمة (الخرطوم)، بالتزامن مع اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمدفعية في أحياء شمال مدينة بحري.

وبحسب الشهود، شنّ الطيران الحربي للجيش غارات استهدفت معسكر «طيبة»، التابع لقوات «الدعم السريع»، جنوب الخرطوم، وفي منطقة مجاورة للمعسكر اشتبكت قوات «الدعم السريع» مع قوات الشرطة التابعة لفرقة «الاحتياطي المركزي» المجهزة قتالياً.

ووفقاً لمصادر محلية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، سُمع دوي انفجارات قوية بالقرب من جسر «الحلفايا» باتجاه شمال مدينة بحري، حيث توجد قوات «الدعم السريع»، بينما يفرض الجيش سيطرته على الجانب الآخر للجسر باتجاه مدينة أم درمان.

وقال الجيش السوداني، في بيان، إن قواته دخلت في اشتباك نهار الخميس مع «الدعم السريع» في شارع النيل، واستولت على أسلحة.

وتستمر المواجهات المسلحة في الأحياء المأهولة بالسكان على الرغم من توقيع الطرفين على اتفاق «إعلان مبادئ» تم توقيعه في مدينة جدة السعودية، التزما فيه بعدم القيام بهجمات عسكرية تشكل ضرراً للمدنيين.

اتساع المواجهات

تجدد القتال بشكل رئيسي في الخرطوم (الخميس) وكذلك في منطقة دارفور المضطربة (أ.ف.ب)

وتتسع دائرة المواجهات العسكرية بين الجيش و«الدعم السريع» في العاصمة الخرطوم، بينما تواصل الوساطة السعودية - الأميركية جهودها لدفع الطرفين إلى التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار، تعقبه مباحثات سياسية لحل الأزمة بمشاركة الأطراف المدنية.

ويعتمد الجيش بشكل أساسي على القوة الجوية والمدفعية الثقيلة في محاولة طرد قوات «الدعم السريع»، التي انتشرت في مناطق واسعة من الخرطوم ومدينتي بحري وأم درمان اللتين يفصلهما نهر النيل عن العاصمة، بعد اندلاع القتال في 15 أبريل (نيسان). وقال صلاح الدين عثمان (35 عاماً)، وهو من سكان الخرطوم، لوكالة «رويترز»، إن «القصف والاشتباكات لا يتوقفان، ولا مجال حتى للهرب من المنازل»، مضيفاً: «انتهى كل ما نملك من نقود ولم تُصرف المرتبات الشهرية... ونخاف، حتى لو تركنا منازلنا، أن تأتي عصابات لتنهب كل ما في البيت... نحن نعيش كابوسَي الخوف والفقر، ولا توجد كهرباء، ولا حكومة تهتم بنا».

وامتد العنف إلى إقليم دارفور في غرب السودان، وإلى ولاية شمال كردفان ومناطق أخرى من البلاد، لكن الصراع على السلطة يتركز في العاصمة. ويُعتقد بأن قائد الجيش، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات «الدعم السريع» الفريق أول محمد حمدان دقلو الشهير أيضاً باسم (حميدتي)، بقيا في الخرطوم طوال القتال. ونشر الجيش، الأربعاء، مقطع فيديو يظهر البرهان وهو يرتدي ملابس عسكرية ويحيي القوات في مقر الجيش، على ما يبدو، في وسط الخرطوم.

تزايد أعداد الفارين

سودانيون يستعدون لركوب عبّارة على نهر النيل إلى أبو سمبل جنوب مصر الخميس (إ.ب.أ)

ووفقاً لأحدث التقديرات، نزح أكثر من 840 ألف شخص داخل السودان، وفرّ ما يربو على 220 ألفاً إلى دول الجوار: مصر وإثيوبيا وتشاد. وألحقت الحرب أضراراً كبيرة بالمرافق الخدمية الحيوية، وخرجت الغالبية العظمى من المستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه في العاصمة (الخرطوم) من الخدمة بنسبة كبيرة.

من جهتها، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الخميس، إن أحدث الإحصاءات الواردة من وزارة الخارجية المصرية تظهر ارتفاع عدد القادمين إلى البلاد، فراراً من الصراع في السودان منذ 15 أبريل الماضي، إلى 113 ألفاً و190 شخصاً حتى يوم أمس. وذكر مكتب مفوضية اللاجئين في مصر، عبر حسابه الرسمي على «تويتر»، أن من بين هؤلاء 107 آلاف و286 سودانياً، بالإضافة إلى 5 آلاف و364 شخصاً من جنسيات أخرى. وكانت المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين قد تحدثت من قبل عن فرار 860 ألف شخص من السودان، بينهم 580 ألف سوداني، مشيرة إلى أن دولتي مصر وجنوب السودان ستشهدان أكبر تدفق للاجئين من البلد المجاور لهما.

واندلعت الاشتباكات في منتصف أبريل الماضي، عقب خلافات حادة بين الجيش وقوات «الدعم السريع» بشأن عملية الإصلاح الأمني والعسكري ودمج «الدعم السريع» بالجيش، في جيش مهني واحد.

وعطّل الاقتتال بين القوتين العسكريتين، في العاصمة (الخرطوم) وولايات أخرى، وصول العملية السياسية الجارية إلى اتفاق سياسي نهائي بين القوى المدنية والعسكرية لبدء مرحلة انتقالية جديدة في البلاد؛ لإنهاء الأزمة المستمرة منذ انقلاب الجيش في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021.

جنود سودانيون في منطقة تفتيش في الخرطوم الخميس (أ.ف.ب)

ارتفاع عدد قتلى دارفور

ورجحت «لجنة أطباء السودان» صحة تقدير صادر عن حاكم ولاية غرب دارفور، يشير إلى ارتفاع عدد القتلى في الولاية إلى 500 قتيل منذ اندلاع المعارك في السودان بين قوات «الدعم السريع» والجيش، الشهر الماضي. وقال الدكتور علاء الدين نقد، عضو «لجنة الأطباء المركزية» في السودان، الخميس، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، إن «اللجنة أحصت 150 قتيلاً غرب دارفور، ولكن نظراً لانقطاع الاتصالات مع المصادر الصحية والأطباء على الأرض، وتدمير عدد من المستشفيات في غرب دارفور، فإن إحصاء سلطات الولاية، التي قدرت إجمالي عدد القتلى في غرب دارفور منذ اندلاع الحرب عند 500 شخص، هو الأقرب إلى الدقة».

وكانت «لجنة أطباء السودان المركزية» قد أعلنت، يوم الأحد الماضي، مقتل 150 مدنياً، وإصابة عشرات آخرين خلال تجدد الاشتباكات في مدينة الجنينة في غرب دارفور، منذ اندلاع المعارك في 15 أبريل الماضي.

تعطل توزيع المساعدات

وبخصوص المساعدات الطبية، أكد نقد أن «المساعدات الطبية التي تم توزيعها حتى الآن هي مساعدات الصليب الأحمر الدولي فقط، التي وصلت إلى ميناء بورتسودان في 30 أبريل الماضي». وقال إن المساعدات الطبية التي أرسلتها منظمة الصحة العالمية والكويت وقطر لم يتم توزيعها على المستشفيات، رغم أنها وصلت إلى مخازن وزارة الصحة الاتحادية، ومنظمة الصحة العالمية في ميناء بورتسودان، معللاً تباطؤ التوزيع «باستمرار القصف مما يشكل تهديداً لحركة النقل».

وقال برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، إنه يعكف على تكثيف عملياته في 6 ولايات على الأقل في السودان، لمساعدة 4.9 مليون شخص معرضين للخطر، فضلاً عن مساعدة أولئك الذين يفرون إلى تشاد ومصر وجنوب السودان.


مقالات ذات صلة

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

شمال افريقيا أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أعلن الرئيس الإريتري آسياس أفورقي وقوف بلاده مع السودان لتحقيق الأمن والاستقرار في أعقاب مباحثات أجراها في أسمرة مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة أن لجنة من وزارة التعليم المصرية ستزور بعض المدارس الأخرى لمراجعة قرار إغلاقها

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

رحب المسؤول الأممي توم فليتشر الثلاثاء بإعلان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بالسماح لمنظمات الأمم المتحدة بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات بالبلاد

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

وجه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

الرئيس الجزائري: قطاع الزراعة حقق 37 مليار دولار العام الحالي

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الجزائري: قطاع الزراعة حقق 37 مليار دولار العام الحالي

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم الثلاثاء، إن قطاع الزراعة يساهم بـ15 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، مقابل 5 في المائة فقط لقطاع الصناعة، بحسب ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية».

وكشف تبون في كلمة له في احتفالية الاتحاد الجزائري للمزارعين بذكرى تأسيسه الـ50، عن أن قطاع الزراعة حقق العام الحالي ما قيمته 37 مليار دولار، مشيراً إلى أن ذلك «يبشر بالخير وصواب الأسلوب الذي تنتهجه الجزائر للتحرر من التبعية للمحروقات».

كما أكد الرئيس الجزائري أنه ينبغي للقطاع الزراعي والصناعي أن يسيرا بالتوازي، وأنه «لا فائدة من زراعة تسير بشكل مركزي، ولا تسيير ناجعاً خارج مبادرة المزارع». وقال بهذا الخصوص: «قد جعلت بلادنا من الأمن الغذائي رهاناً استراتيجياً، يتوجب علينا كسبه، في عالم أصبح فيه سلاح الغذاء أقوى الأسلحة وأشدها تأثيراً».

وأضاف الرئيس تبون: «علينا الوصول إلى تصدير منتجاتنا الزراعية. وانقطاع تموين السوق بالمنتج الزراعي من علامات التخلف التنموي. ولذلك آمر البنوك بفتح القروض لفائدة الفلاحين، لتشييد غرف التبريد، ولتخزين المنتج الزراعي بهدف ضمان استقرار السوق ومحاربة المضاربة»، كما أكد تبون أنه ستتم تسوية نهائية لملكية العقار الزراعي، وطي ملفه قبل نهاية 2025، لافتاً إلى تخصيص أكبر مخطط لاسترجاع المياه المستعملة المصفاة بنسبة لا تقل عن 30 في المائة. مشدداً على أن بلاده في مرحلة فارقة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، موجهاً الحكومة بعدم استيراد قنطار واحد من القمح الصلب خلال عام 2025.