للمرة الثانية... سودانيون يفرون لتشاد بحثاً عن ملاذ آمن

60 ألف لاجئ معظمهم من النساء والأطفال هربوا إلى تشاد

حليمة آدم موسى لاجئة سودانية تبحث عن ملاذ آمن في تشاد للمرة الثانية (رويترز)
حليمة آدم موسى لاجئة سودانية تبحث عن ملاذ آمن في تشاد للمرة الثانية (رويترز)
TT

للمرة الثانية... سودانيون يفرون لتشاد بحثاً عن ملاذ آمن

حليمة آدم موسى لاجئة سودانية تبحث عن ملاذ آمن في تشاد للمرة الثانية (رويترز)
حليمة آدم موسى لاجئة سودانية تبحث عن ملاذ آمن في تشاد للمرة الثانية (رويترز)

الفرار من القرية هرباً من العنف ثم عبور الحدود الصحراوية وبناء كوخ من القش والأقمشة البالية وانتظار المساعدات الغذائية... هذه المعاناة خاضتها من قبل حليمة آدم موسى التي اضطرت للهرب من السودان إلى تشاد مع أسرتها للمرة الثانية في حياتها.

حليمة (68 عاماً) واحدة من بين 60 ألف لاجئ سوداني، معظمهم من النساء والأطفال، تدفقوا عبر الحدود منذ اندلاع الصراع في بلادها في 15 أبريل (نيسان) بحثاً عن الأمان في تشاد، إحدى أكثر دول العالم التي تعاني الجوع والإهمال.

وخاضت حليمة هذه الرحلة من قبل. ففي عام 2003، فرت من قريتها تندلتي في ولاية غرب دارفور بعدما تعرضت لهجوم على يد ميليشيات الجنجويد المدعومة من الحكومة. وتشكلت هذه الميليشيات من العرب وكانت تستهدف المزارعين والرعاة الأفارقة.

وحليمة أم لسبعة أبناء وأمضت 6 سنوات في مخيم للاجئين في تشاد معهم قبل أن تُمنح قطعة أرض صغيرة لزراعتها وعاشت من خيراتها لعشر سنوات.

نشأ أبناؤها في تشاد وتزوج بعضهم مواطنين تشاديين، لكنها كانت تتوق إلى وطنها لتعود إلى دارفور مع بعض أبنائها وأحفادها في عام 2020، وأعادت بناء منزلها القديم وتواصلت من جديد مع العائلة والأصدقاء.

وجدد القتال الدائر حالياً بين الجيش وقوات الدعم السريع التي ولدت من رحم ميليشيات الجنجويد، توترات لم تحسم كلية بالفعل في دارفور، وأجبر القتال بين جماعات محلية حليمة على الفرار مرة أخرى.

وتعيش حليمة الآن في مخيم مؤقت للاجئين يتمدد بسرعة في الصحراء حول بلدة كفرون الحدودية التشادية، وتتحسر على خسارة منزلها وسبل عيشها من الزراعة.

جوع

جلست حليمة على بساط أمام كوخ مصنوع من القش والقماش والبلاستيك. وقالت: «إذا كانت لديك أرض، حتى لو لم يكن لديك مال يمكنك بيع منتجاتك للنجاة، لكن عندما لا يكون لديك شيء، ستعاني».

وتعيش حليمة في تلك المساحة الضيقة وبموارد شحيحة مع أبنائها وأحفادها الذين فروا من تندلتي برفقتها.

ويحصل النازحون على المياه من آبار حفرت في أرض قاحلة وتحملها النساء في زجاجات بلاستيكية. فيما يتطلب الحصول على الطعام الوقوف في طوابير طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة.

ولدى تشاد حدود مشتركة مع السودان تمتد لمسافة 1400 كيلومتر. وقبل أن تشهد أحدث تدفق للنازحين من دارفور، كانت تكافح بالفعل من أجل التعامل مع نحو 600 ألف لاجئ معظمهم سودانيون فروا من موجات عنف سابقة في بلادهم.

وإجمالاً، يوجد 2.3 مليون شخص في تشاد بحاجة ماسة إلى مساعدات غذائية. وأصدر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة نداءً عاجلاً لجمع 162.4 مليون دولار للمساعدة في توفير الطعام لهم.

وتشهد تشاد واحدة من أسوأ مشكلات الجوع في العالم. ويعاني أكثر من ثلث الأطفال دون سن الخامسة من التقزم. ولم يجمع برنامج الأمم المتحدة السنوي سوى 4.6 في المائة من إجمالي تمويل مطلوب يصل إلى 674 مليون دولار لدعم البلاد.

ويحذر برنامج الأغذية العالمي من توقف المساعدات الغذائية للاجئين وسكان تشاد في حال عدم الحصول على مزيد من التمويل.

وقالت لاجئة أخرى اسمها هارانا عربي سليمان (65 عاماً): «ليس لدينا خيار سوى أن نعتمد على أنفسنا إذا توقفت المساعدات الإنسانية».

ومثل حليمة، نزحت هارانا من دارفور للمرة الثانية. وأمضت عامين في تشاد بين 2003 و2005 في ذروة الصراع في دارفور قبل أن تعود إلى ديارها.

خيمة هارانا في تشاد (رويترز)

وأضافت أنه إذا استقر الوضع في السودان فستعود هي وأقاربها إلى ديارهم، حيث يملكون عدداً من المنازل والأراضي.

لكنها قالت إنه إذا استمر العنف، سيضطرون إلى بناء منازل وبدء حياتهم من جديد في تشاد. وتابعت: «يمكننا البقاء هنا لسنوات طالما سمحت لنا السلطات التشادية بهذا».


مقالات ذات صلة

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

أبلغ مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية القضاة أن علي عبد الرحمن (كوشيب)، المتهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور، كان زعيم ميليشيا مرهوب الجانب وأمر بارتكاب فظائع.

شمال افريقيا أحد سكان حي أم درمان القديم ينظر إلى منزله بعد أن تضرر بالقذائف (رويترز)

لجنة الإنقاذ الدولية: الأزمة الإنسانية في السودان هي الأكبر على الإطلاق

قال تقرير أصدرته لجنة الإنقاذ الدولية الأربعاء إن الأزمة في السودان أصبحت «أكبر أزمة إنسانية مسجلة على الإطلاق».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
أوروبا أرشيفية للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (ا.ف.ب)

الخارجية الروسية: الأسد آمن في موسكو... ولسنا طرفاً في اتفاقية «الجنائية الدولية»

قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، في مقابلة بثت يوم أمس، إن روسيا نقلت الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد إلى روسيا بشكل آمن للغاية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شمال افريقيا حاكم الخرطوم وأعضاء لجنة أمن الولاية يزورون المواقع التي استهدفتها «قوات الدعم السريع»... (حكومة ولاية الخرطوم)

السودان: مقتل أكثر من 65 شخصاً في قصف مدفعي على أم درمان

أعلنت السلطات الحكومية السودانية، اليوم الثلاثاء، مقتل أكثر من 65 شخصاً، وإصابة المئات، في قصف مدفعي شنته «قوات الدعم السريع» على مدينة أم درمان.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا تصاعُد الدخان في أم درمان خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني عام 2023 (رويترز)

الخرطوم: مقتل 65 شخصاً في قصف نفذته «قوات الدعم السريع»

أعلن والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة، اليوم الثلاثاء، أن عمليات قصف نفّذتها «قوات الدعم السريع» طالت مدينة أم درمان، أسفرت عن مقتل 65 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.