عون استبق التفاوض مع إسرائيل بتأييد من «الثنائي الشيعي»

دعوته تبقي لبنان في دائرة الاهتمام الدولي لإنهاء الحرب

الرئيس جوزيف عون بحث مع الوكيل الأسبق لوزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل الأوضاع الداخلية والتطورات في الجنوب والمستجدات الإقليمية (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس جوزيف عون بحث مع الوكيل الأسبق لوزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل الأوضاع الداخلية والتطورات في الجنوب والمستجدات الإقليمية (الرئاسة اللبنانية)
TT

عون استبق التفاوض مع إسرائيل بتأييد من «الثنائي الشيعي»

الرئيس جوزيف عون بحث مع الوكيل الأسبق لوزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل الأوضاع الداخلية والتطورات في الجنوب والمستجدات الإقليمية (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس جوزيف عون بحث مع الوكيل الأسبق لوزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل الأوضاع الداخلية والتطورات في الجنوب والمستجدات الإقليمية (الرئاسة اللبنانية)

تتعامل القوى السياسية مع دعوة رئيس الجمهورية، العماد جوزيف عون، للتفاوض على أنه خيار أوحد يشكل تقدماً في الموقف اللبناني، لتحريك الاتصالات لإلزام إسرائيل بتطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية.

وتؤكد مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس عون لم يجدّد دعوته للتفاوض لو لم يلق تأييداً من «الثنائي الشيعي»، لا يقتصر على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وإنما ينسحب على «حزب الله»، وإن كان مضطراً من حين لآخر، لرفع سقفه السياسي بتكرار استعادته لقدراته الدفاعية، على حد قول أمينه العام، الشيخ نعيم قاسم، في خطابه الأخير الذي يحاكي فيه بيئته الحاضنة لتبديد ما لديها من هواجس وتساؤلات، بامتناعه عن الرد على الخروق والاعتداءات الإسرائيلية.

فعون بدعوته للتفاوض يحظى بتأييد لا لبس فيه من «حزب الله»، وكل ما يقال بخلاف ذلك ليس في محله، كما يقول مصدر في «الثنائي الشيعي» لـ«الشرق الأوسط»، خصوصاً أن تواصله برئيس الجمهورية لم ينقطع، ويتولاه المستشار الرئاسي العميد المتقاعد أندريه رحال، الذي يلتقي أحياناً رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، أو من ينوب عنه في الفريق المكلف بتولي الحوار مع رئيس الجمهورية.

الرئيس اللبناني جوزيف عون يتوسط رئيسَي الحكومة نواف سلام والبرلمان نبيه بري (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

ولفت المصدر إلى أن «الثنائي» يقف وراء عون في خياره التفاوضي. وقال إن بري على توافق معه بتطعيم لجنة الـ«ميكانيزم» بفنيين إذا اقتضت الضرورة وعند الحاجة، وهذا ما تداول فيه مع الموفدة الأميركية، مورغن أورتاغوس، على غرار ما حصل في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل، برعاية الوسيط الأميركي آموس هوكستين، وأدت لترسيم الحدود البحرية.

ورأى مصدر سياسي أن لا خيار أمام «حزب الله» سوى التموضع تحت سقف دعوة عون للتفاوض. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن إسرائيل لم تجب عن دعوته، وأن لا مشكلة مع الحزب الذي كان أشاد، بلسان أمينه العام، بموقف الرؤساء الثلاثة، وبطلب عون من قيادة الجيش التصدي لمحاولات التوغل الإسرائيلي في المناطق المحررة.

وقال إن لبنان يراهن على أن دعوة عون من شأنها أن تؤدي إلى تفعيل الدور الموكل للجنة الـ«ميكانيزم» من جهة، وإلى تحريك الوسائط الدولية والإقليمية ومنها المصرية لإلزام إسرائيل بالانخراط في المفاوضات من جهة أخرى، في ضوء الاستعداد الذي أبداه مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد في لقاءاته بالرؤساء الثلاثة. وأمل المصدر بتجاوب الحزب مع الأفكار التي تداول فيها مع أركان الدولة بموازاة تواصله مع المسؤولين الإسرائيليين ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه، لما لمصر من دور إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية في إنهاء الحرب في غزة بين حركة «حماس» وإسرائيل.

وأكد المصدر السياسي أن الحزب باقٍ على تفويضه لبري الذي كان وراء التوصل، بوساطة أميركية، لاتفاق ترسيم الحدود البحرية، ولاحقاً لوقف النار في الجنوب، الذي تبنّته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ولم تلتزم به إسرائيل. وقال إن دعوة عون لم تكن لبنانية فحسب، بل تحظى بتفهّم عربي ودولي، على أمل أن تلقى التأييد المطلوب من الولايات المتحدة التي تتريث بتحديد موقفها، وإن كان هناك في الإدارة الأميركية من يدعو لمفاوضات مباشرة.

وكشف المصدر، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، عن أن إسرائيل ما بعد هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على المستوطنات الواقعة في غلاف غزة، غير ما كانت عليه قبل حصوله، وهي تتّبع استراتيجية دفاعية جديدة تتيح لها مسبقاً إحباط أي تهديد لأمنها لحظة بدء التحضير له؛ لئلا تفاجأ كما حصل في غزة.

علم مختلط أميركي - إسرائيلي في الجانب الإسرائيلي من الحدود مع لبنان الأحد الماضي (رويترز)

ونقل عن المسؤولين الأميركيين قولهم إن إسرائيل تربط التزامها بوقف النار بنزع سلاح «حزب الله»، بذريعة أنه هو من يخرقه بإصرار قيادته على استعادة قدراته العسكرية، وهو يواصل تهريبه السلاح من سوريا، وهذا ما تبلغته أورتاغوس من القيادة الإسرائيلية من دون أن تزودها بأدلة لتدعيم اتهامها للحزب، ولم يكن أمامها سوى إحاطة أركان الدولة بما سمعته في تل أبيب في هذا الخصوص.

ورأى المصدر نفسه أن لا بد من قيام لبنان بمروحة من الاتصالات الدولية والإقليمية تأييداً لدعوة عون، على أن تتلازم مع تواضع قيادة «حزب الله» وإقلاعها عن اتباع سياسة الإنكار والمكابرة ووقوفها خلف الدعوة الرئاسية، خصوصاً أن الحزب أول من وافق على وقف النار وتعاون مع الجيش بإخلائه جنوب الليطاني، امتداداً إلى البلدات الواقعة في شماله وتطل عليه، وتجاوبه مع الخطة التي وضعتها قيادته وأقرها مجلس الوزراء، وتنص على احتواء السلاح ومنع حمله أو استخدامه.

فالحزب يقف حالياً أمام استحقاق يتعلق باستكمال تطبيق حصرية السلاح، وهذا يتطلب من قيادته التكيّف بالتوجّه إلى بيئتها الحاضنة بخطاب تحاكي فيه الواقع انسجاماً مع المرحلة السياسية التي حلت بلبنان، بخلاف تلك التي قرر فيها الحزب منفرداً إسناده لغزة ودخوله في حرب مع إسرائيل أوقعته في مأزق سياسي لسوء تقديره لرد فعلها، وبالتالي بات على القيادة أن تطل على جمهورها بمراجعة نقدية، قاعدتها مخاطبة اللبنانيين بموقف جامع لطي صفحة الماضي والانخراط في مشروع الدولة.

فهل يصمد الحزب أمام موقفه بتأييده لعون؟ وأين تقف واشنطن من دعوته؟ فهل تلتقطها ويقرر الرئيس دونالد ترمب النزول بكل ثقله للضغط على إسرائيل، وإلزامها برعايته المباشرة للمفاوضات بالتوصل لاتفاق يعيد الاعتبار لوقف الأعمال العدائية ويعبّد الطريق أمام تطبيق القرار 1701 قبل انتهاء العام المقبل، وهو الموعد المحدد لـ«إعفاء» قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» من مهامها بتطبيقه، لئلا يتحول الجنوب مجدداً ساحةً للصراع بغياب من يملأ الفراغ بمنع إسرائيل الجيش من توسيع انتشاره حتى الحدود الدولية؟

قصف إسرائيلي على قرية المحمدية في قضاء جزين بجنوب لبنان 30 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)

لذلك يتطلع عون بدعوته لإبقاء لبنان مدرجاً على لائحة الاهتمام الدولي، في مقابل مضي حكومة الرئيس نواف سلام لتقديم أوراق اعتمادها لأصدقائه على المستويين العربي والدولي وليس بيدها رأسمال، بالمعنى السياسي، سوى احتضان المؤسسة العسكرية وتدعيمها عديداً وعتاداً، إصراراً منها على تطبيق حصرية السلاح الذي لا عودة عنه، ويتطلب من الحزب التجاوب بعيداً عن حسابات خارجية لعلها، من وجهة نظره، تعيد الاعتبار لدور إيران في الإقليم.


مقالات ذات صلة

تصعيد إسرائيلي في جنوب لبنان

شمال افريقيا الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على بلدة طيردبا في جنوب لبنان أمس (إ.ب.أ)

تصعيد إسرائيلي في جنوب لبنان

شهد الجنوب اللبناني، أمس (الخميس)، واحداً من أكثر أيامه سخونة منذ وقف إطلاق النار في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات.

بولا أسطيح (بيروت)
العالم العربي قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) (أ.ف.ب)

«اليونيفيل»: الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان «انتهاكات واضحة» للقرار 1701

قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، اليوم الخميس، إن الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق في جنوب لبنان، اليوم الخميس: «انتهاكات واضحة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (رويترز)

عون: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان «جريمة مكتملة الأركان»

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون إن الهجمات التي شنتها إسرائيل على جنوب لبنان، اليوم الخميس، تُعد «جريمة مكتملة الأركان».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا هانيبال القذافي (متداولة)

«حكومة الوحدة» الليبية تعلن إطلاق هانيبال القذافي

أعلنت حكومة «الوحدة الوطنية المؤقتة» في بيان، مساء الخميس، إطلاق هانيبال معمر القذافي من محبسه في لبنان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ترمب يتوقع نشر قوة الاستقرار الدولية في غزة «قريباً جداً»

جندي إسرائيلي بجانب طرود مساعدات إنسانية تنتظر استلامها بمعبر كرم أبو سالم في قطاع غزة (د.ب.أ)
جندي إسرائيلي بجانب طرود مساعدات إنسانية تنتظر استلامها بمعبر كرم أبو سالم في قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

ترمب يتوقع نشر قوة الاستقرار الدولية في غزة «قريباً جداً»

جندي إسرائيلي بجانب طرود مساعدات إنسانية تنتظر استلامها بمعبر كرم أبو سالم في قطاع غزة (د.ب.أ)
جندي إسرائيلي بجانب طرود مساعدات إنسانية تنتظر استلامها بمعبر كرم أبو سالم في قطاع غزة (د.ب.أ)

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم، إنه يتوقع وصول القوة الدولية لحفظ الاستقرار إلى غزة «قريباً جداً»، بعد يوم من إعلان الولايات المتحدة عن طرح مشروع قرار في مجلس الأمن يهدف إلى دعم خطة ترمب للسلام.

وأكد الرئيس الجمهوري خلال لقاء في البيت الأبيض مع قادة دول من آسيا الوسطى: «سيحدث ذلك قريباً جداً. والأمور في غزة تسير على ما يرام»، وذلك في رد على سؤال لأحد الصحافيين بشأن نشر القوة الدولية في القطاع الذي لا يزال يواجه وضعاً إنسانياً صعباً بعد قرابة شهر من سريان الهدنة بين إسرائيل و«حماس».

من جهة أخرى، كشف ترمب أن إيران طلبت رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها، معرباً عن انفتاحه لمناقشة ذلك.
وقال: «بصراحة، إيران كانت تسأل عن إمكانية رفع العقوبات. هناك عقوبات أميركية شديدة مفروضة على إيران، وهذا ما يُصعّب الأمر عليها»، مضيفاً «أنا منفتح على سماع ذلك، وسنرى ما الذي سيحدث، لكنني سأكون منفتحا على الأمر».


سوريا تنفي توجهاً لوجود عسكري أميركي في الجنوب

قاعدة "المزة" الجوية العسكرية في جنوب شرقي دمشق (أرشيفية - رويترز)
قاعدة "المزة" الجوية العسكرية في جنوب شرقي دمشق (أرشيفية - رويترز)
TT

سوريا تنفي توجهاً لوجود عسكري أميركي في الجنوب

قاعدة "المزة" الجوية العسكرية في جنوب شرقي دمشق (أرشيفية - رويترز)
قاعدة "المزة" الجوية العسكرية في جنوب شرقي دمشق (أرشيفية - رويترز)

نفت وزارة الخارجية السورية صحة أنباء عن توجه أميركي لوجود عسكري داخل قاعدة جوية في الجنوب السوري.

وكانت وكالة «رويترز» قد نقلت عن مصادر مطلعة، أمس، أن الولايات المتحدة تستعد لتأسيس وجود عسكري لها في قاعدة جوية بدمشق، للمساعدة في تنفيذ اتفاق أمني تتوسط فيه واشنطن بين سوريا وإسرائيل. وأوضحت أن القاعدة ستكون بالقرب من أجزاء من جنوب سوريا يفترض أن تشكل منطقة منزوعة السلاح ضمن الاتفاق المحتمل بين إسرائيل وسوريا.

بدوره، قال مصدر في وزارة الخارجية السورية إنه لا صحة لما نشرته وكالة «رويترز».

وأضاف المصدر لـ«وكالة الأنباء السورية» (سانا): «تشهد المرحلة الراهنة تحولاً في الموقف الأميركي اتجاه التعامل المباشر مع الحكومة السورية المركزية، ودعم جهود توحيد البلاد ورفض أي دعوات للتقسيم».

ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس السوري أحمد الشرع في البيت الأبيض يوم الاثنين، في أول زيارة من نوعها لرئيس سوري.


القضاء اللبناني يقرر الإفراج عن هانيبال القذافي

هانيبال القذافي في صورة مؤرخة عام 2011 (أرشيفية - أ.ب)
هانيبال القذافي في صورة مؤرخة عام 2011 (أرشيفية - أ.ب)
TT

القضاء اللبناني يقرر الإفراج عن هانيبال القذافي

هانيبال القذافي في صورة مؤرخة عام 2011 (أرشيفية - أ.ب)
هانيبال القذافي في صورة مؤرخة عام 2011 (أرشيفية - أ.ب)

وافق القضاء اللبناني، أمس (الخميس)، على خفض قيمة الكفالة المالية لقاء الإفراج عن هانيبال القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمّر القذافي، من 11 مليون دولار إلى 900 ألف دولار، وفق ما أفاد مصدر قضائي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» ومحاميه.

وقرر المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة، أيضاً، إلغاء قرار منع هانيبال من السفر والسماح له بمغادرة الأراضي اللبنانية فور تسديد قيمة الكفالة.

وأكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن تخفيض الكفالة هو قرار استنسابي يتخذه القاضي في أي ملف، من دون الحاجة إلى تبريره، مشدداً على أن قرار القاضي حمادة «مبرم ولا يمكن لأحد الطعن به أو تعطيله». وقال المصدر إن «المحقق العدلي بات على قناعة بأن التوقيف الاحتياطي لم يعد مبرّراً بعد مرور عشر سنوات، وبعد أن تمكّن من جمع كل ما هو متاح من معطيات».

وأتى القرار بعد أيام على زيارة وفد رسمي ليبي إلى بيروت ولقائه رئيس الجمهورية جوزيف عون وعدداً من المعنيين بالقضية.