«الذخائر غير المنفجرة» تهديد «مميت» في غزة

5 إلى 10 % من الذخائر التي أسقطتها إسرائيل لم تنفجر

قطاع غزة (أ.ف.ب)
قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«الذخائر غير المنفجرة» تهديد «مميت» في غزة

قطاع غزة (أ.ف.ب)
قطاع غزة (أ.ف.ب)

ينظر معين الحتو إلى قذيفة ما زالت مستقرة في بيته المدمر في قطاع غزّة، بعدما اخترقت جدرانه ولم تنفجر، ويعيش بحالة قلق مستمر من انفجارها في أي وقت فيما تقول السلطات إنها غير قادرة على إزالتها.

وبين الأنقاض، تشكل أطنان من الذخائر غير المنفجرة التي خلفها القصف الإسرائيلي بعد عامين من الحرب خطراً دائماً على السكان، وخصوصاً الأطفال.

تظهر لقطات صوّرتها «وكالة الصحافة الفرنسية» في غزة أطفالاً يلعبون مبتسمين قرب قذائف وصواريخ غير منفجرة. ولا يزال العديد من هذه القنابل قادراً على القتل أو التسبب بإصابات بالغة.

قرب سرير في المستشفى، يجلس محمد نور بجانب طفليه اللذين تغطي الضمادات أجزاء واسعة من جسميهما المتضررين بشدة، ويروي كيف أصيبا نتيجة انفجار ذخائر من مخلفات الحرب.

يقول محمد: «كنا بصدد نصب الخيام وذهب الأولاد لجمع أغراض لإشعال النار، خشب ونايلون وكرتون، ابتعدوا نحو عشرة أمتار عن الخيمة، وفجأة طار الأطفال، كل منهم معلق في مكان».

يستلقى الصبيان على سريرهما في المستشفى صامتين، شاردي الذهن، ويبدو أنهما في حالة من الصدمة.

«كانوا يلعبون»

كذلك، يرقد يحيى البالغ ست سنوات بلا حراك، مغمض العينين، وقد أصابته قذيفة غير منفجرة قرب مستشفى الشفاء. فقد الصبي المغطى بالكامل تقريباً بالضمادات، يده اليمنى من جراء الانفجار.

يشرح جده وهو يجلس بجانبه ويداعب شعره: «انفجرت بهم مخلفات للكيان الإسرائيلي، كانوا بجانب الدار»، متسائلاً: «هؤلاء أطفال، ما ذنبهم؟ كانوا يلعبون وسمعنا فجأة انفجاراً».

وتؤكد منظمة «هانديكاب إنترناشونال» غير الحكومية أن الذخائر غير المنفجرة تشكل مخاطر «هائلة»، إذ أسقطت إسرائيل على غزة منذ بداية الحرب ما يقرب من 70 ألف طن من المتفجرات.

وفي يناير (كانون الثاني)، قدّرت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام أن «5 إلى 10في المائة» من الذخائر التي أسقطتها إسرائيل على غزة لم تنفجر.

واستمر القتال بعد صدور التقدير الأممي، وألقى الجيش الإسرائيلي قنابل جديدة، بما في ذلك بعد سريان وقف إطلاق النار مع حركة «حماس» في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول).

ويقول المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في الأراضي الفلسطينية، جوناثان كريكس، إنه «من الصعب للغاية الحصول على أرقام دقيقة حول عدد الأطفال الذين أصيبوا أو قتلوا بهذا النوع من الذخائر».

ويضيف أنه «بعد وقف إطلاق النار الأخير، سجلنا تقارير عن إصابة ما لا يقل عن ثمانية أطفال بجروح خطيرة بسبب مخلفات الحرب المتفجرة (...) خاصة في مدينة غزة»، مشيراً إلى أن «يونيسف» تعمل على رفع الوعي بين السكان.

«لمن أشتكي؟»

ويقول معين الحتو وهو يتأمل القنبلة التي تزن نحو طن والمستقرة بين جدران منزله: «أريد إزالة هذا الصاروخ حتى أتمكن من تغطية منزلي بالقماش المشمع وأسكن فيه».

ويضيف متسائلاً: «توجهت إلى الدفاع المدني وقال إنه ليس اختصاصنا، وذهبت إلى البلدية فقالت هذا ليس عملنا، لمن أذهب؟ لمن أشتكي؟».

بعيد سريان وقف إطلاق النار، أكدت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن الطلبات على الخبرة الفنية «زادت بشكل حاد» وأن الدائرة استُدعيت «لسلسلة كاملة من المهام الإنسانية».

في هذا الصدد، أعلنت بريطانيا، الخميس، أنها ستمنح أربعة ملايين جنيه إسترليني لدعم جهود إزالة الألغام والذخائر غير المنفجرة في غزة، ومن ثمّ تمكين توصيل المساعدات الإنسانية في القطاع.

لكن لم يسمح الجيش الإسرائيلي حتى الآن بإدخال أي معدات لإزالة المتفجرات إلى قطاع غزة.


مقالات ذات صلة

قبيلة «الترابين»: مقتل «أبو شباب» يمثل «نهاية صفحة سوداء» في غزة

المشرق العربي ياسر أبو شباب (وسائل التواصل) play-circle

قبيلة «الترابين»: مقتل «أبو شباب» يمثل «نهاية صفحة سوداء» في غزة

أكدت قبيلة «الترابين» في قطاع غزة وقوف أبنائها دائماً في صف شعبهم الفلسطيني وقضيته العادلة، ورفضهم تماماً «أي محاولة لزج اسم القبيلة في مسارات لا تمثل تاريخها».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية شرق مدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:36

مقتل 6 فلسطينيين في غارات إسرائيلية على جنوب غزة

قتل 6 فلسطينيين وأصيب آخرون مساء أمس الأربعاء، في غارات إسرائيلية على جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية شرق مدينة غزة (أ.ف.ب)

إصابة 4 جنود إسرائيليين في اشتباك مع مقاتلين خرجوا من نفق برفح

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الأربعاء، أن أربعة جنود أصيبوا في اشتباكات مع مسلحين خرجوا من أحد الأنفاق في شرق رفح بجنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية مسلحون من حركتي «حماس» و«الجهاد» يعثرون على جثة خلال عملية البحث عن جثث الرهائن القتلى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)

إسرائيل تتسلّم جثمان رهينة عبر الصليب الأحمر من غزة

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، أن تل أبيب تسلمت عبر الصليب الأحمر، نعش أحد الرهائن كان جثمانه في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
شؤون إقليمية وصول سيارة تحمل رفات شخص تقول «حماس» إنه رهينة متوفى تم تسليمه في وقت سابق اليوم من قبل مسلحين في غزة إلى السلطات الإسرائيلية إلى معهد للطب الشرعي في تل أبيب... إسرائيل 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

إسرائيل تعلن تسلّم بقايا جثمان رهينة كان محتجزاً في غزة

قالت الشرطة الإسرائيلية، اليوم (الثلاثاء)، إنها تسلّمت بقايا جثمان إحدى الرهينتين المتبقيتين في قطاع غزة قبل نقله إلى معهد الطب الشرعي قرب تل أبيب للتعرف عليه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
TT

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)

تسود توقعات في حركة «حماس» بحدوث عملية اغتيال إسرائيلية جديدة لبعض قياداتها خارج الأراضي الفلسطينية.

وتحدثت مصادر كبيرة في الحركة إلى «الشرق الأوسط» عن تزايد في معدلات القلق من استهداف المستوى القيادي، خصوصاً بعد اغتيال المسؤول البارز في «حزب الله» اللبناني، هيثم الطبطبائي.

وتحدث أحد المصادر عن أن «هناك تقديرات باستهداف قيادات الحركة في دولة غير عربية»، رافضاً تحديدها بدقة.

واطلعت «الشرق الأوسط»، على ورقة تعليمات داخلية تم توزيعها على قيادات «حماس» في الخارج، تتعلق بالأمن الشخصي والإجراءات الاحتياطية لتلافي أي اغتيالات محتملة، أو على الأقل التقليل من أضرارها.

وجاء في الورقة أنه يجب «إلغاء أي اجتماعات ثابتة في مكان واحد، واللجوء إلى الاجتماعات غير الدورية في مواقع متغيرة».

وتدعو التعليمات القيادات إلى «عزل الهواتف النقالة تماماً عن مكان الاجتماع، بما لا يقل عن 70 متراً، ومنع إدخال أي أجهزة طبية أو إلكترونية أخرى، بما في ذلك الساعات، إلى أماكن الاجتماعات».

في غضون ذلك، أفادت مصادر في غزة بأن مقتل زعيم الميليشيا المسلحة المناوئة لـ«حماس»، ياسر أبو شباب، أمس، جاء في سياق اشتباكات قبلية على يد اثنين من أبناء قبيلته الترابين.

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن شخصين شاركا في قتل أبو شباب، ينتميان إلى عائلتي الدباري وأبو سنيمة؛ إذ إن العائلتين إلى جانب أبو شباب ينتمون جميعاً إلى قبيلة الترابين.


إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

حسمت إسرائيل، أمس، التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» الناجم عن المفاوضات المدنية مع لبنان، وأعطت إشارة واضحة إلى أنها ستتعامل معها بمعزل عن المسار العسكري؛ إذ شنت غارات استهدفت أربعة منازل في جنوب لبنان، أحدها شمال الليطاني، بعد أقل من 24 ساعة على اجتماع لجنة تنفيذ مراقبة اتفاق وقف النار «الميكانيزم».

وبدا التصعيد الإسرائيلي رداً على ما سربته وسائل إعلام لبنانية بأن مهمة السفير سيمون كرم، وهو رئيس الوفد التفاوضي مع إسرائيل، تمثلت في بحث وقف الأعمال العدائية، وإعادة الأسرى، والانسحاب من الأراضي المحتلة، وتصحيح النقاط على الخط الأزرق فقط، فيما أفادت قناة «الجديد» المحلية بأن رئيس الجمهورية جوزيف عون «أكد أن لبنان لم يدخل التطبيع، ولا عقد اتفاقية سلام».

وقال الرئيس عون خلال جلسة الحكومة، مساء أمس: «من البديهي ألا تكون أول جلسة كثيرة الإنتاج، ولكنها مهدت الطريق لجلسات مقبلة ستبدأ في 19 من الشهر الحالي»، مشدداً على ضرورة أن «تسود لغة التفاوض بدل لغة الحرب».


العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار نشر العراق، أمس (الخميس)، معلومات عن تجميد أموال «حزب الله» اللبناني، وجماعة «الحوثي» في اليمن، باعتبارهما مجموعتين «إرهابيتين»، صدمة واسعة، قبل أن تتراجع الحكومة، وتقول إنه «خطأ غير منقّح» سيتم تصحيحه.

وكانت جريدة «الوقائع» الرسمية قد أعلنت قائمة تضم أكثر من 100 كيان وشخص على ارتباط بالإرهاب، في خطوة رأى مراقبون أنها كانت ستُرضي واشنطن، وتزيد الضغط على طهران، قبل سحبها.

وأثار القرار غضب قوى «الإطار التنسيقي» الموالية لإيران؛ إذ وصف قادتها خطوة الحكومة التي يرأسها محمد شياع السوداني بأنها «خيانة»، فيما نفى البنك المركزي وجود موافقة رسمية على إدراج الجماعتين.

وقالت لجنة تجميد الأموال إن القائمة كان يُفترض أن تقتصر على أسماء مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» امتثالاً لقرارات دولية، وإن إدراج جماعات أخرى وقع قبل اكتمال المراجعة.

ووجّه السوداني بفتح تحقيق، وسط جدل سياسي متصاعد حول مساعيه لولاية ثانية.

وجاءت التطورات بعد دعوة أميركية إلى بغداد لـ«تقويض الميليشيات الإيرانية»، وفي ذروة مفاوضات صعبة بين الأحزاب الشيعية لاختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة الجديدة.