استقبال دافئ للرئيس السوري في الكرملين.. القواعد والمصالح المشتركة أبرز الملفات

الاتفاق على إعادة إطلاق عمل اللجنة الحكومية المشتركة

TT

استقبال دافئ للرئيس السوري في الكرملين.. القواعد والمصالح المشتركة أبرز الملفات

من محادثات الرئيسين بوتين والشرع في الكرملين (رويترز)
من محادثات الرئيسين بوتين والشرع في الكرملين (رويترز)

حظي الرئيس السوري أحمد الشرع باستقبال حافل في الكرملين في أول زيارة يقوم بها إلى العاصمة الروسية. ومع عبارات الترحيب الدافئة التي استهل بها الرئيس فلاديمير بوتين جولة مباحثات جرت في الجزء الأكبر منها خلف أبواب مغلقة، بدا أن ترتيبات الزيارة بدت متعمدة لطي صفحة الماضي وإطلاق مرحلة جديدة تستعيد ما وصفه الرئيسان بـ«العلاقات التاريخية» بين البلدين.

وجرى استقبال الشرع والوفد المرافق له في «القاعة الخضراء» في الكرملين، وهي قاعة الاستقبال الرسمية الأفخم في القصر الرئاسي، ولم يكن قد زارها الرئيس المخلوع بشار الأسد. وقد استقبل فيها بوتين في السابق عدداً محدوداً من زعماء العالم.

ورأى صحافيون أن هذا الترتيب عكس درجة من الحفاوة التي تعمد الكرملين إظهارها وهو يستقبل الرئيس السوري للمرة الأولى.

الرئيس السوري أحمد الشرع عند وصوله إلى الكرملين للقاء نظيره الروسي (أ.ب)

وبدا أن الرئيس السوري أراد بدوره توجيه رسالة ذات دلالة في مستهل اللقاء، فقد أشار مازحاً في مستهل حديثه مع بوتين إلى «السلم الطويل» الذي يقود إلى قاعة الكرملين، لافتاً إلى أنه «لولا ممارسة الرياضة لكان صعوده صعباً بعض الشيء».

مع تلك الإشارات، افتتح الرئيس الروسي الشق المعلن من اللقاء بعبارات ترحيبية دافئة، أكد فيها على عمق الصلات التاريخية التي ربطت روسيا بسوريا على مدى عقود طويلة، وقال إنها «علاقات متميزة اتسمت دائماً بطابع ودي استثنائي». وأكد رغبة موسكو في إجراء مشاورات منتظمة مع القيادة السورية.

وفي مسعى لتجاوز الحديث عن حقبة الرئيس السابق بشار الأسد، قال بوتين: «لقد حافظنا على علاقات دبلوماسية لأكثر من 80 عاماً، وقد تأسست في أصعب الأوقات التي مرت بها روسيا والاتحاد السوفياتي، عام 1944».

وفي عبارة حملت دلالة مهمة، أضاف بوتين أن علاقات بلاده مع دمشق «لم تنحصر يوماً في حالة سياسية معينة أو ظروف محيطة، ولطالما استرشدت موسكو بمصالح الشعب السوري في علاقاتها مع دمشق».

وأشاد بوتين أيضاً بالانتخابات البرلمانية التي جرت أخيراً في سوريا، ورأى فيها «نجاحاً باهراً» للقيادة السورية، وأضاف: «هذا يُسهم في ترسيخ دعائم المجتمع. ورغم أن سوريا تمر حالياً بأوقات عصيبة، إلا أن ذلك سيعزز الروابط والتفاعل بين جميع القوى السياسية».

من جانبه، أكد الشرع أن سوريا ستسعى جاهدة لتجديد علاقاتها مع روسيا، مع التركيز على الاستقرار في البلاد والمنطقة. وأشار إلى أن البلدين يتشاركان جسور تعاون مهمة. وشكر الرئيس السوري بوتين على الاستقبال، ووصف الزيارة بأنها «جدية».

الرئيس الشرع في لقائه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين الأربعاء (نوفوستي)

وفي مستهل لقائه الرئيس فلاديمير بوتين في الكرملين، أكد الرئيس السوري أن سوريا ستحاول إعادة ضبط علاقاتها مع روسيا، وأن الأهم الآن الاستقرار في البلاد والمنطقة. وشكر الشرع الرئيس بوتين على «الاستقبال والترحاب الحافل» في موسكو.

احترام الاتفاقات

وقال: «أؤكد على ما ذكرته بأن هناك علاقات تاريخية طويلة تربط ما بين سوريا وروسيا، واليوم نحن في سوريا الجديدة نحاول التعريف بها في كل دول العالم، وأن نعيد ربط العلاقات السياسية والاستراتيجية مع كل الدول الإقليمية والعالمية، وعلى رأسها بالتأكيد ستكون روسيا الاتحادية لأن هناك روابط تاريخية معها مثلما ذكرنا».

وأضاف الشرع: «وأيضاً هناك علاقات ثنائية ومصالح مشتركة، تربطنا أشياء كثيرة، وجزء من الغذاء السوري يعتمد على الإنتاج الروسي وأيضاً الكثير من محطات الطاقة تعتمد على الخبرات الروسية، وكثير من العلاقات السياسية والاستراتيجية الدولية والإقليمية مرتبطة أيضاً بروسيا».

وفي إشارة مهمة، أضاف الرئيس السوري أن بلاده «تحترم كل ما مضى من اتفاقيات وهذا التاريخ العظيم، ونحاول أن نعيد ونعرف بشكل جديد طبيعة هذه العلاقات وأن تكون هناك استقلالية للحالة السورية وسلامة ووحدة أراضيها واستقرارها الأمني المرتبط بالاستقرار الإقليمي والعالمي».

وكان الرئيس السوري مهد للزيارة بالإشارة خلال حديث أخير مع شبكة «سي بي إس»، إلى أن بلاده تبني علاقات هادئة مع موسكو وبكين على أساس المصالح الاستراتيجية. وقيّم أن «الشركاء أرسلوا إشارات إيجابية إلى دمشق». وأضاف أن الاتصالات مع روسيا والصين لا تتعارض مع العلاقات مع الغرب أو الولايات المتحدة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلتقي الرئيس السوري أحمد الشرع في الكرملين بموسكو (الكرملين - وكالة الأنباء الألمانية)

هذا، وعقد الرئيسان بعد الجلسة المفتوحة اجتماعاً مغلقاً نظم على طاولة «إفطار عمل»، وفق وصف الكرملين، بحضور وزير الدفاع الروسي أندريه بيلاوسوف، ووزير الخارجية سيرغي لافروف، ونائب رئيس إدارة الرئاسة مكسيم أوريشكين، ومساعد الرئيس لشؤون السياسة الخارجية يوري أوشاكوف، ونائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك.

وبدا أن اللقاء الذي استمر نحو ساعتين ونصف الساعة، قد تطرق إلى رزمة واسعة من الملفات التي تشكل أولوية لدى الطرفين. وعلى الرغم من أنه لم يتم الكشف عن تفاصيل كثيرة بشأنها لكن الكرملين كان استبق المباحثات بإشارات إلى عزم الرئيسين مناقشة ملف الوجود العسكري في سوريا ومسائل التعاون بين البلدين.

ورأى الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف أن هذا «يوم مهم للعلاقات الروسية السورية... أول لقاء مباشر على أعلى مستوى منذ تغيير السلطة في الجمهورية العربية السورية».

«إفطار عمل» جمع الرئيسين الروسي والسوري مع وفدي البلدين في الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

من جانبها نقلت وكالة أنباء «سانا» الحكومية السورية عن مديرية الإعلام في الرئاسة السورية، أن «المباحثات تشمل المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وسبل تطوير التعاون بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين»، وأن الشرع سيلتقي خلال زيارته القصيرة ومدتها يوم واحد فقط ممثلين عن الجالية السورية في روسيا.

ولم يرشح الكثير بعد اللقاء عن مضمون التفاهمات التي تم التوصل إليها، حتى كتابة التقرير، خصوصاً ما يتعلق بالوجود العسكري الروسي في سوريا. لكن تصريحات نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، دلت إلى جانب مهم من مجريات اللقاء. فهو أعلن في ختام المحادثات التوصل إلى اتفاق لإعادة إطلاق عمل اللجنة الحكومية المشتركة وترتيب لقاء لأعضائها قريباً.

كما أشار إلى ملف قطاع الطاقة السوري الذي بدا أن الطرفين ركزا عليه خلال المحادثات، وقال نوفاك إن الحكومة السورية «مهتمة بإعادة تأهيل البنى التحتية للطاقة»، وأكد استعداد روسيا لمواصلة العمل في حقول النفط السورية.

وقال نوفاك: «تعمل الشركات الروسية في حقول النفط السورية منذ فترة طويلة. هناك حقول تحتاج إلى تطوير، وهناك حقول أخرى مُجمدة. وهناك حقول جديدة. نحن أيضاً مستعدون للمشاركة».

وأضاف أن الشركات الروسية مهتمة أيضاً بتطوير البنية التحتية للنقل وإعادة تأهيل قطاع الطاقة.

وزاد المسؤول الروسي عن ملف الطاقة في الحكومة أن «شركاتنا مهتمة باستخدام المعدات الروسية في سوريا. وقد نوقش هذا الأمر باستفاضة اليوم في الاجتماع بين الرئيس بوتين والرئيس الشرع».

وتحدث عن توافق على إرسال إمدادات مهمة من المواد الغذائية والأدوية إلى سوريا في إطار تعاون إنساني، مشيراً بشكل خاص إلى أهمية إرسال شحنات من الحبوب والقمح خصوصاً.


مقالات ذات صلة

روسيا: نفذنا «ضربة واسعة النطاق» بأسلحة موجهة على منشآت البنية التحتية الأوكرانية

أوروبا رجل يخرج من منزل دُمّر بعد غارة روسية على كييف (أ.ب)

روسيا: نفذنا «ضربة واسعة النطاق» بأسلحة موجهة على منشآت البنية التحتية الأوكرانية

ذكرت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (السبت)، أنها نفذت «ضربة واسعة النطاق» الليلة الماضية، على منشآت البنية التحتية للطاقة التي تستخدمها القوات المسلحة الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف - موسكو )
أوروبا مواطنون يلجأون إلى محطة مترو الأنفاق خلال الغارات الجوية الروسية على كييف (أ.ف.ب) play-circle

هجوم روسي واسع على أوكرانيا عشية لقاء زيلينسكي وترمب

أعلن ​الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم السبت أن روسيا هاجمت أوكرانيا بما يقرب من ‌500 ‌طائرة ‌مسيَّرة و40 ⁠صاروخاً خلال ​الليل.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الباحث الفرنسي لوران فيناتييه المسجون في روسيا (أ.ب)

موسكو تعلن تقديم «اقتراح» لباريس بشأن باحث فرنسي سجين

أعلنت موسكو أنها قدمت لباريس اقتراحاً بشأن الباحث الفرنسي لوران فيناتييه المسجون في روسيا منذ يونيو (حزيران) 2024 الذي يواجه احتمال المحاكمة بتهمة التجسس.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

محكمة روسية تصدر حكماً بالسجن 6 سنوات ضد ناشط مؤيد للحرب ومعارض لبوتين

أدانت محكمة روسية، اليوم الخميس، ناشطاً مؤيداً للحرب ومعارضاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بتهمة تبرير الإرهاب، وحكمت عليه بالسجن ست سنوات.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي ‏العميد الركن غياث دلا قائد قوات الغيث (الثالث إلى من اليمين) من بين الحضور في أداء القسم الرئاسي صيف 2021

جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

تعكف بعض هذه القيادات السابقة على بناء حركة تمرد مسلح من المنفى، ويدعم أحدهم مجموعة تقف وراء حملة ضغط (لوبي) في واشنطن، تقدر تكلفتها بملايين الدولارات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - واشنطن)

حمص تشيّع ضحايا المسجد... و«داعش» يهدّد مجدداً

حمص تشيّع ضحايا المسجد... و«داعش» يهدّد مجدداً
TT

حمص تشيّع ضحايا المسجد... و«داعش» يهدّد مجدداً

حمص تشيّع ضحايا المسجد... و«داعش» يهدّد مجدداً

شهدت مدينة حمص، أمس، مراسمَ تشييع جثامين ضحايا التفجير الذي استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب أثناء صلاة الجمعة، بمشاركة شعبية ورسمية واسعة، وتحت إجراءات أمنية مشددة. وأعادت جماعة «سرايا أنصار السنة» المتطرفة، المرتبطة بتنظيم «داعش»، تأكيد تبنّيها التفجير، متوعدة بتنفيذ هجمات مماثلة في الفترة المقبلة. وأسفرَ الهجوم عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 18 آخرين، في حادثة قوبلت بإدانات عربية ودولية، وأثارت مخاوف متزايدة لدى الأقليات في البلاد.

وبالتوازي مع التطورات الأمنية، أعلنتِ السلطات السورية توقيف 12 شخصاً، بينهم ضباط من النظام السابق، على الحدود السورية اللبنانية أثناء محاولتهم العبور بشكل غير شرعي.

وفي سياق سياسي متصل، تضاربت أمس الأنباء عن زيارة متوقعة لقائد «قوات سوريا الديمقراطية»، مظلوم عبدي، لدمشق خلال الأيام المقبلة؛ لبحث التنفيذ العملي لاتفاق اندماج قواته في الجيش السوري، في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر في حلب.


سوريا: اعتقال 5 بعضهم من عناصر نظام الأسد أثناء محاولتهم دخول البلاد بطريقة غير قانونية

قوات من الجيش السوري أثناء عرض عسكري بدير الزور يوم 8 ديسمبر (إكس)
قوات من الجيش السوري أثناء عرض عسكري بدير الزور يوم 8 ديسمبر (إكس)
TT

سوريا: اعتقال 5 بعضهم من عناصر نظام الأسد أثناء محاولتهم دخول البلاد بطريقة غير قانونية

قوات من الجيش السوري أثناء عرض عسكري بدير الزور يوم 8 ديسمبر (إكس)
قوات من الجيش السوري أثناء عرض عسكري بدير الزور يوم 8 ديسمبر (إكس)

ألقت قوات حرس الحدود السورية القبض على 5 أشخاص في ريف طرطوس، أثناء محاولتهم الدخول إلى الأراضي السورية بطريقة غير قانونية، وفقا لوكالة الأنباء السورية (سانا).

وأوضحت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع، السبت، أن "التحقيقات الأولية مع المقبوض عليهم أظهرت أن بعضهم كانوا من عناصر النظام البائد"، مشيرةً إلى أنه "سيتم تحويلهم إلى الجهات المختصة لاستكمال التحقيقات والإجراءات اللازمة".

عناصر من الجيش السوري (أ.ف.ب)

وذكرت الوكالة أن هذه العملية "تأتي في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها قوات الجيش لحماية الحدود ومنع أي محاولات تسلل غير شرعية، بما يضمن الحفاظ على أمن الوطن وسلامة أراضيه".


تقارير: الجيش الإسرائيلي يستهدف تل الأحمر في ريف القنيطرة بسوريا

آليات عسكرية إسرائيلية تتوغل في مناطق بجنوب سوريا (الجيش الإسرائيلي)
آليات عسكرية إسرائيلية تتوغل في مناطق بجنوب سوريا (الجيش الإسرائيلي)
TT

تقارير: الجيش الإسرائيلي يستهدف تل الأحمر في ريف القنيطرة بسوريا

آليات عسكرية إسرائيلية تتوغل في مناطق بجنوب سوريا (الجيش الإسرائيلي)
آليات عسكرية إسرائيلية تتوغل في مناطق بجنوب سوريا (الجيش الإسرائيلي)

قال تلفزيون «الإخبارية» إن القوات الإسرائيلية استهدفت، يوم السبت، بالأسلحة الرشاشة تل الأحمر الشرقي في ريف القنيطرة الجنوبي.

واستولت القوات الإسرائيلية على مزيد من الأراضي في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد، بالمخالفة لاتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 كما كانت منزوعة السلاح، وتنفذ من وقتها غارات جوية وتوغلات برية في سوريا.

وسبق أن ذكرت وكالة «سانا» الرسمية أن إسرائيل «تواصل سياساتها العدوانية وخرقها اتفاق فض الاشتباك عام 1974 عبر التوغل في أرياف القنيطرة ودرعا والاعتداء على المواطنين، فيما تطالب سوريا باستمرار، بخروج الاحتلال من أراضيها، وتدعو المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته وردع هذه الممارسات غير المشروعة».