بعد 34 عاماً في السجون الإسرائيلية... عائلة فلسطينية تتحرّق لاستقبال ابنيها

يوسف شماسنة حاملاً صورتين لابنيه (أ.ب)
يوسف شماسنة حاملاً صورتين لابنيه (أ.ب)
TT

بعد 34 عاماً في السجون الإسرائيلية... عائلة فلسطينية تتحرّق لاستقبال ابنيها

يوسف شماسنة حاملاً صورتين لابنيه (أ.ب)
يوسف شماسنة حاملاً صورتين لابنيه (أ.ب)

على مرمى حجر من الجدار الفاصل بين إسرائيل والضفة الغربية، تستعد عائلة شماسنة لاستقبال ابنيها اللذين قضيا 34 عاماً في السجون الإسرائيلية.

من المتوقع أن يكون عبد الجواد ومحمد من بين المعتقلين الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم من السجون الإسرائيلية بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي أعلن الأسبوع الماضي.

وقالت والدتهما حليمة شماسنة (83 عاماً): «فرحتي لا توصف... لقد اتصلوا بنا وأخبرونا أن اسميهما مدرجان في القائمة. تم تسجيلهما وسيخرجان».

وأعدّت إسرائيل قائمة تضم 250 اسماً لمعتقلين فلسطينيين من المتوقع الإفراج عنهم غداً الاثنين، في مقابل الرهائن الإسرائيليين المتبقين في غزة.

جمعت حليمة وزوجها يوسف أبناءهما وأحفادهما في منزل العائلة الواقع في قرية قطنة شمال القدس للاحتفال بالخبر السعيد.

حليمة شماسنة حاملة صورة لابنيها (أ.ب)

تملأ جدران المنزل صورٌ قديمة للأخوين قبل اعتقالهما، وقد بهتت ألوانها مع الزمن. وتُظهر الصور ملابسهما من مرحلة الثمانينات حين اعتُقلا. يبلغ عبد الجواد الآن 62 عاماً، بينما محمد في أواخر الخمسينات.

وارتدت حليمة ثوبها التراثي المطرّز بينما ارتدى يوسف بدلة رسمية واعتمر الكوفية الفلسطينية، مثبّتاً إياها بالعقال.

التماس مرفوض

في غرفة المعيشة، تتدلّى على الجدران ملصقات كبيرة طبعها نادي الأسير التابع للسلطة الفلسطينية في تسعينات القرن الماضي، تظهر فيها صور الأخوين شماسنة مع دعوات للإفراج عنهما.

قال أجود شماسنة، ابن عبد الجواد، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه كان في التاسعة عندما اعتقل والده، «والآن أنا في الرابعة والأربعين، ولدي أربعة أطفال. حرمان المرء من والده مأساة».

لم ير أي من أحفاد عبد الجواد السبعة عشر جدّهم. وأضاف أجود متأثراً: «أن تعانق والدك بعد 34 عاماً من الانتظار... شعورٌ لا يُوصف»، بينما حاول إخوته كبح دموعهم من حوله.

أجود يعمل يومياً في إسرائيل، وقال إنه لم يتمكن من زيارة والده خلال السنوات الثماني الأخيرة بعدما منعت سلطات السجون الزيارات.

ووفقاً للمستند الذي نشرته الجهات الإسرائيلية ضمن قائمة المفرج عنهم، فقد حُكم على عبد الجواد بالسجن مدى الحياة بتهم القتل والشروع في القتل والتآمر.

ويثير اتفاق تبادل الرهائن والمعتقلين بين الفلسطينيين وإسرائيل انتقادات من عائلات قتلى إسرائيليين قضوا في عمليات نفذها فلسطينيون. وتتقدّم هذه العائلات بالتماسات للمحكمة العليا الإسرائيلية ترفض مثل هذه الاتفاقات.

يوسف شماسنة في بيته (أ.ب)

ورفضت المحكمة التماساً جديداً رُفع إليها، الجمعة، معتبرة أن «قضايا الحرب والسلام، بما في ذلك اتفاقات الحكومة مع العدو بشأن وقف إطلاق النار وشروطه، ليست من اختصاص القضاء».

«أمل حقيقي»

في يناير (كانون الثاني) 2025، أُفرج عن مئات الفلسطينيين في إطار هدنة في غزة استمرت ستة أسابيع مقابل إطلاق رهائن، لكن الأخوين شماسنة لم يكونا ضمنهم.

وقال يوسف عن إطلاق سراح ولدَيْه: «كان لدي آمال كبيرة في المرة الفائتة دون جدوى... أما اليوم فأملي سيتحقّق فعلاً».

وأضاف متأثراً: «الناس يتصلون بي دون توقف»، قبل أن يقطع حديثه لتلقّي مكالمات التهنئة من أقارب.

لكن القلق يساور يوسف رغم أجواء الفرح، فقد يُنفى ابناه إلى الخارج كما حدث مع بعض المعتقلين المعروفين سابقاً.

وقال: «أتمنى أن يأتيا إلى هنا، أتمنى ذلك حقاً. إن نُفيا إلى الخارج فلن أتمكّن من رؤيتهما، لا أنا ولا أمهما».

ويمكن أن يطول الانتظار أكثر، فقد صرّحت المتحدثة باسم مكتب بنيامين نتنياهو اليوم أن حكومتها لن تطلق سراح المعتقلين الفلسطينيين سوى بعد التثبت من وصول كلّ الرهائن الإسرائيليين.

وتوافقت إسرائيل وحركة «حماس» على المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب المكونة من 20 نقطة لإنهاء الحرب في القطاع المدمر.

وبموجب الخطة، ستُفرج إسرائيل عن 250 معتقلاً فلسطينياً وعن نحو 1700 معتقل من غزة احتجزوا منذ بدء الحرب عقب هجوم «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وعند سؤال حليمة عمّا ستعدّه لابنيها عند عودتهما، أجابت بلا تردد: «المنسف! سنذبح خروفاً ونقيم وليمة، لهما وللمهنئين بعودتهما».

وأضافت مبتسمة: «الليلة لن ننام. سنسهر ونحتفل ونستقبل القاصي والداني»، قبل أن تطلق الزغاريد وتهليلات الفرح.


مقالات ذات صلة

تغيير لهجة روبيو تجاه المستوطنين المتطرفين يُزعج الإسرائيليين

تحليل إخباري فلسطينيون يعاينون الأضرار التي ألحقها مستوطنون الخميس بمسجد الحاجة حميدة في قرية دير استيا الفلسطينية قرب سلفيت بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب) play-circle 00:35

تغيير لهجة روبيو تجاه المستوطنين المتطرفين يُزعج الإسرائيليين

على الرغم من أن وزير الخارجية الأميركي استخدم لهجة جديدة، وإن كانت بلغة ناعمة، في انتقاد هجمات المستوطنين في الضفة الغربية؛ فإنها اعتُبرت «مصدر قلق» في إسرائيل.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي قوة من الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربية (أ.ب)

إسرائيل تقتل شابَين بالرصاص في شمال الخليل بالضفة

أفادت «وكالة الأنباء الفلسطينية»، اليوم الخميس، بأن قوة من الجيش الإسرائيلي قتلت شابَين بالرصاص في بلدة بيت أمر التي تقع شمال الخليل بالضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي مُزارع فلسطيني (يسار) يحاول منع مستوطن إسرائيلي من الاقتراب من بستان زيتون يُجرى حصاده قرب قرية سلواد الفلسطينية شمال شرقي رام الله في الضفة الغربية (أ.ف.ب) play-circle

مستوطنون يحرقون مسجداً في الضفة... والقوات الإسرائيلية تهدم متنزهاً شمال غربي القدس

أفاد ناشط فلسطيني بأن «مستعمرين» أحرقوا، فجر اليوم الخميس، مسجداً وخطوا شعارات عنصرية على جدرانه، شمال غربي سلفيت وسط الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي قرب مستوطنين في أحد شوارع الضفة الغربية (أرشيفية - وكالة «وفا») play-circle

الجيش الإسرائيلي يحصد عنف المستوطنين الذي زرعه في الضفة الغربية

تصاعدت التحذيرات داخل الجيش الإسرائيلي من انفلات «شبيبة التلال» الاستيطانية في الضفة الغربية وقيام أفرادها بتنفيذ اعتداءات حتى على جنوده، لكن ذلك ليس مفاجئاً.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ (رويترز) play-circle

الرئيس الإسرائيلي: عنف المستوطنين «المروع» ضد الفلسطينيين يجب أن يتوقف

أدان الرئيس الإسرائيلي، الأربعاء، ما وصفه بالهجوم «المروع والخطير» الذي نفذه مستوطنون يهود ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، ودعا إلى وضع حد لعنف المستوطنين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تركيا: القوة الدولية في غزة يجب أن تُثبّت وقف النار

فتاتان فلسطينيتان تجلسان أمام الخيمة التي تسكنها عائلتهما في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ب)
فتاتان فلسطينيتان تجلسان أمام الخيمة التي تسكنها عائلتهما في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ب)
TT

تركيا: القوة الدولية في غزة يجب أن تُثبّت وقف النار

فتاتان فلسطينيتان تجلسان أمام الخيمة التي تسكنها عائلتهما في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ب)
فتاتان فلسطينيتان تجلسان أمام الخيمة التي تسكنها عائلتهما في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ب)

قالت وزارة الدفاع التركية إن الأولوية التي تركز عليها أنقرة بشأن قوة الاستقرار الدولية المزمع نشرها في قطاع غزة تتمثل في ضمان تثبيت وقف إطلاق النار، ووصول الاحتياجات العاجلة لسكانه.

وقال مسؤول عسكري، رداً على أسئلة للصحافيين، خلال إفادة أسبوعية لوزارة الدفاع، الخميس، حول مشاركة تركيا في قوة الاستقرار بغزة، إن بلاده تُواصل مساهمتها «المبدئية والبناءة في المبادرات الدولية التي تضمن استمرار وقف إطلاق النار في غزة، وإعادة إعمارها».

وأضاف أنه «في هذا السياق، من الضروري أن يعمل مركز التنسيق المدني العسكري، الذي أُنشئ بقيادة الولايات المتحدة، على أساس القانون الدولي والمبادئ الإنسانية، بما يضمن إيصال المساعدات الإنسانية دون انقطاع وبشكل آمن».

أولويات القوة الدولية

وتابع أن «أولويتنا فيما يتعلق بقوة الاستقرار الدولية، التي ستُنشأ تحت إشراف الأمم المتحدة هي تلبية الاحتياجات العاجلة للمدنيين في المنطقة، ووضع ضمانات دولية لضمان استمرار وقف إطلاق النار».

خيام لفلسطينيين خلال وقف إطلاق النار في مواصي خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

وتركيا هي إحدى الدول الوسيطة لاتفاق وقف إطلاق النار، بموجب إعلان المبادئ الذي وقَّعت عليه في قمة شرم الشيخ للسلام، الشهر الماضي، مع كل من الولايات المتحدة ومصر وقطر، كما أسهمت في جهود التوصل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» مع الدول الثلاث.

وتسعى تركيا للمشاركة في قوة الاستقرار الدولية بغزة، لكن إسرائيل ترفض بإصرار مشاركتها فيها.

وقال المسؤول العسكري التركي إننا «نؤكد، مجدداً، ضرورة تحمُّل المجتمع الدولي مسؤولية مشتركة بشأن استمرار وقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، والاستعداد لدعم كل جهد بنّاء مِن شأنه أن يسهم في السلام والاستقرار الإقليميين».

محادثات مصرية تركية

وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قد ذكر، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري بدر عبد العاطي، مساء الأربعاء، عقب محادثاتهما في أنقرة، أنه بحث مع عبد العاطي في مسألة قوة الاستقرار الدولية، وقراراً محتملاً من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن غزة.

وقال فيدان: «في الفترة المقبلة، هناك حاجة لتوضيح ولاية قوة الاستقرار الدولية على الأرض، وبالمثل يجب تحديد الإطارين القانوني والسياسي للجنة فلسطين ومجلس السلام، المُتوقع أن يتوليا إدارة غزة، بوضوح».

وأضاف: «إننا نواصل مشاوراتنا المتواصلة والمكثفة حول هذه المسائل مع الدول المساهِمة في العملية، وخاصة مصر».

جانب من المؤتمر الصحافي لوزيري الخارجية التركي والمصري هاكان فيدان وبدر عبد العاطي في أنقرة 12 نوفمبر (رويترز)

بدوره، أكد عبد العاطي أن «التأكد من التزام الطرفين (إسرائيل و«حماس») باتفاق وقف إطلاق النار في غزة لن يتحقق إلا بوجود قوة الاستقرار الدولية»، لافتاً إلى أن القرار الذي سيصدر عن مجلس الأمن بشأن قطاع غزة، «سيكون شديد الأهمية، ولا بد من صياغته بعناية».

وقال إنه «لا بد من تحديد دقيق لولايات الكيانات التي سيجري إنشاؤها ضمن قرار مجلس الأمن المقترح»، مُعرباً عن الأمل في «أن يجري التوافق حول القرار ويصدر في أقرب وقت».

وأكد الوزيران ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار بقطاع غزة والعمل على الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام.

ولفت إلى ضرورة أن «يكون مشروع القرار الأميركي قابلاً للتنفيذ على أرض الواقع، ولا بد من صياغته بدقة وعناية، بحيث يراعي حقوق الشعب الفلسطيني في المستقبل».

وبحث عبد العاطي وفيدان، اللذان ترأسا الاجتماع الأول لمجموعة العمل المصرية التركية في أنقرة، الأربعاء، التحضيرات الجارية لعقد «مؤتمر القاهرة الدولي لإعادة الإعمار والتعافي المبكر في القطاع»، كما أعرب عبد العاطي عن تطلع مصر لمشاركة تركية فعالة في هذا المؤتمر، بما يسهم في حشد الجهود الدولية لدعم إعادة إعمار القطاع.

وشدد الوزيران على تمسك بلديهما بحل الدولتين على أساس خطوط 4 يونيو (حزيران) 1967، ورفض أي محاولات لتغيير الوضع القانوني أو فرض وقائع جديدة على الأرض.


وزير الخارجية السوري يرفع العلم على مبنى السفارة في لندن بعد إغلاق 14 سنة

عدد من أبناء الجالية السورية في لندن يحضرون رفع العلم السوري على مبنى سفارتهم (سانا)
عدد من أبناء الجالية السورية في لندن يحضرون رفع العلم السوري على مبنى سفارتهم (سانا)
TT

وزير الخارجية السوري يرفع العلم على مبنى السفارة في لندن بعد إغلاق 14 سنة

عدد من أبناء الجالية السورية في لندن يحضرون رفع العلم السوري على مبنى سفارتهم (سانا)
عدد من أبناء الجالية السورية في لندن يحضرون رفع العلم السوري على مبنى سفارتهم (سانا)

افتتح وزير الخارجية والمغتربين، أسعد حسن الشيباني، صباح الخميس، مبنى السفارة السورية في العاصمة البريطانية لندن، ورفع العلم السوري فوق مبنى السفارة بعد 14 عاماً على إغلاقها، وذلك بحضور عدد كبير من أبناء الجالية السورية.

وجاء اللقاء ضمن الأنشطة التي يقوم بها الشيباني خلال زيارته لندن بعد وصوله الأربعاء، في زيارة رسمية تتضمن لقاء مسؤولين بريطانيين، بينهم وزيرة الخارجية البريطانية.

وقال الوزير عبر حسابه الشخصي في منصة «إكس»: «بعد سنوات من العزلة التي فرضها نظام الأسد الكيماوي، نعيد اليوم افتتاح السفارة السورية في لندن... سوريا تعود إلى العالم بهويتها الحرة».

ونشرت آن سنو، الممثلة الخاصة للمملكة المتحدة إلى سوريا على منصة «إكس»، اليوم، تغريدة جاء فيها «كان من دواعي فخري أن أشهد وزير الخارجية السوري يرفع العلم السوري فوق السفارة في لندن؛ إنها لحظة تاريخية».

ويتوقع أن تبدأ الحكومة السورية إرسال بعثة محدودة لتسيير العمل القنصلي خدمة للجالية التي اشتكت من غياب مرجعية لها في بريطانيا.

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني يرفع علم بلاده الجديد على مبنى السفارة بعد إغلاق 14 سنة (سانا)

وأكد مصدر في وزارة الخارجية السورية أن عودة تقديم الخدمات القنصلية تُمثل أولوية في السفارات السورية حالياً، وذلك لحين استكمال الترتيبات الخاصة بترميم مباني عدد من السفارات، ومن بينها السفارة في لندن، وكذلك الانتهاء من إعداد الطواقم الدبلوماسية التي يتلقى بعضها الدراسة في معاهد دول صديقة منذ سقوط نظام الأسد. هذا إضافة لإعادة «الخارجية السورية» عدداً من الطواقم السابقة إلى ملاك الوزارة، وسيجري توزيع القدامى منهم والجدد تباعاً على 54 سفارة في أنحاء العالم.

العلم السوري الجديد خلال احتفال برفعه على مبنى السفارة السورية في واشنطن سبتمبر الماضي (د.ب.أ)

وأعلنت بريطانيا، في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، رفع العقوبات عن الرئيس أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب، وذلك بعد يوم واحد من قرار مماثل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وجاء في إشعار نُشر على موقع الحكومة البريطانية على الإنترنت: «تم رفع العقوبات عن الرئيس أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب»، في خطوة عدّت إنجازاً جديداً يضاف إلى نجاحات الدبلوماسية السورية.

وكان الشيباني قد وصل، الأربعاء إلى لندن، والتقى عدداً من أبناء الجالية السورية في المملكة المتحدة.

ورفع وزير الخارجية والمغتربين في 19 سبتمبر (أيلول) الماضي علم الجمهورية العربية السورية فوق مقر سفارة دمشق في العاصمة الأميركية واشنطن.


إسرائيل تدفع بتعزيزات إلى حدود لبنان وتنفّذ غارات في عمق جنوبه

جنود بالجيش اللبناني يتفقدون موقعاً استهدفته الغارات الإسرائيلية في بلدة طيرفلسيه بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
جنود بالجيش اللبناني يتفقدون موقعاً استهدفته الغارات الإسرائيلية في بلدة طيرفلسيه بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تدفع بتعزيزات إلى حدود لبنان وتنفّذ غارات في عمق جنوبه

جنود بالجيش اللبناني يتفقدون موقعاً استهدفته الغارات الإسرائيلية في بلدة طيرفلسيه بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
جنود بالجيش اللبناني يتفقدون موقعاً استهدفته الغارات الإسرائيلية في بلدة طيرفلسيه بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

صعّد الجيش الإسرائيلي، الخميس، وتيرة ضرباته في الجنوب اللبناني، بالتزامن مع تعزيزات عسكرية تمثلت في نقل وحدات قتالية إلى الحدود مع لبنان.

وذكرت صحيفة «معاريف» أنّ سلاح الجو الإسرائيلي يعمل على تقليص زمن استجابة المروحيات القتالية في الشمال، وسط تقديرات تتحدث عن خشية من مبادرة هجومية محتملة لـ«حزب الله»، بالتزامن، مع مناورات ميدانية مكثفة على الحدود.

وأوردت وسائل إعلام إسرائيلية أنّه تم «نقل اللواء 401 المدرّع إلى منطقة الشمال، وهو اللواء الذي شارك في حرب غزة على مدى عامين، وبدأ تنفيذ سلسلة تدريبات عسكرية تحاكي سيناريوهات مواجهة واسعة مع (حزب الله)». وتشمل هذه التدريبات، وفق ما نقلته القنوات العبرية، «عمليات توغّل محتملة في العمق اللبناني، ومعارك مباشرة مع مقاتلي الحزب».

جدار أسمنتي تشيّده إسرائيل على الخط الأزرق الحدودي مع لبنان قبالة بلدة مارون الراس (أ.ف.ب)

ولم تتوقف الغارات الإسرائيلية في العمق اللبناني؛ إذ شنّ الطيران غارة على حيّ الخانوق في الجهة الجنوبية من عيترون الحدودية، أعقبها استهدافٌ آخر لأطراف بلدة طيرفلسيه الواقعة على مجوى نهر الليطاني شمال صور، على بعد نحو 30 كيلومتراً عند الحدود. وقال ناشطون محليون إن الغارات استهدفت متنزهاً على النهر، وأدت أربعة صواريخ إسرائيلية إلى تدميره بالكامل، وتسببت بأضرار على مجرى النهر.

وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن الغارات جاءت «استهدافاً لمخزن ذخيرة وبنية تحت الأرض يستخدمهما (حزب الله)»، مدّعياً أنّ هذه المنشآت «أقيمت بالقرب من مناطق مأهولة». وفي سياق التصعيد ذاته، استهدفت مسيّرة إسرائيلية بعد ظهر الخميس سيارة في بلدة تول قرب النبطية، أسفرت عن وقوع قتيل.

وتزامناً مع بيانه حول الغارات، نشر أدرعي تغريدة مرفقة بصورة لحوض سباحة تظهر خلفه صواريخ، محذراً من انفجارها قرب المدنيين.

ورأى العميد المتقاعد خالد حمادة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنّ الكاريكاتير الذي نشره أدرعي «يحمل رسالة نفسية مباشرة للبنانيين»، موضحاً أنّ الرسم «الذي يُظهر سائحين يمارسون السباحة فوق بنية تحتية مزعومة لـ(حزب الله)، يهدف إلى القول إنّ الخطر جاثم تحت الأماكن المدنية والسياحية، وإنّ إسرائيل ستستهدفه متى شاءت».

حرب نفسية

وعدّ أنّ هذا الأسلوب «جزء من الحرب النفسية ومحاولة دائمة لتهديد المواطنين وخلق شعور بأن نمط الحياة الطبيعي في لبنان يقع فوق برميل بارود».

وأضاف حمادة أنّ الرسائل الإسرائيلية «تتقاطع مع تحذيرات أميركية وأخرى عربية وفرنسية، تشدد على ضرورة الذهاب إلى تفاوض فعلي، وترى أنّ ما تقوم به الدولة اللبنانية حتى الآن غير كافٍ لجهة حصرية السلاح بيد الدولة».

وأشار إلى أنّ «تصريح قائد الجيش (العماد رودولف هيكل) الأخير حول إعلان خلوّ منطقة جنوب الليطاني من السلاح في التقرير المرتقب مطلع الشهر المقبل، قد يشكل مؤشراً إيجابياً»، لكنه ربط فاعليته «بقدرة الجيش على إثبات سيطرته الكاملة وقدرته على ممارسة السيادة من دون أي شريك».

ولفت حمادة إلى أنّ إسرائيل «تستثمر في حالة الانقسام اللبناني حول ملف السلاح»، متسائلاً عمّا إذا كانت الحكومة ستُقدم فعلاً على تكليف الجيش بنزع السلاح شمال الليطاني ضمن سقف زمني واضح؛ لأنّ «كل التحذيرات توحي بأنّ هامش الوقت يضيق، وأنّ المجتمع الدولي يغطي أي عمل عسكري إسرائيلي إذا استمرت الدولة في التقاعس وفق النظرة الأميركية».

سيناريوهات التصعيد

وفي قراءة للسيناريوهات المحتملة، قال حمادة إنّه «لا يمكن توقع شكل المناورة الإسرائيلية المقبلة إذا قررت تل أبيب استئناف العمليات»، مشيراً إلى أنّ «الخيارات قد تتراوح بين الغارات الجوية وعمليات الاغتيال بالمسيرات أو بالطيران، أو تنفيذ ضربات غير متوقعة لمواقع لـ(حزب الله) في البقاع أو على الحدود اللبنانية - السورية»، حيث «تنشط عمليات التهريب وتُعلن إسرائيل مراراً استهداف مجموعات تحاول إدخال أسلحة إلى لبنان».

دورية لقوات «يونيفيل» قرب الجدار الحدودي مع إسرائيل في بلدة كفركلا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

ورأى حمادة أنّ الاتفاقية الأميركية – السورية ودخول دمشق رسمياً في إطار التعاون ضد الإرهاب «يفتحان الباب أمام احتمال استثمار الأراضي السورية في أي عمليات تستهدف مجموعات مرتبطة بـ(حزب الله)»، لافتاً إلى أنّ «واشنطن تصنّف الحزب منظمة إرهابية، ومعها دول أوروبية عدّة؛ ما قد يسهّل هذا النوع من العمليات».

وأوضح أنّ كل الاحتمالات تبقى مطروحة، بما فيها «دفع إسرائيل الحزب للرد، أو لجوء الحزب وطهران إلى استهداف مصالح إسرائيلية خارج لبنان»؛ ما قد يؤدي إلى رد عسكري واسع. وأضاف: «جميع عناصر التفجير موجودة اليوم، ومن الصعب توقع أمرين: توقيت الانفجار العسكري، وشكل العمل العسكري المحتمل، في غياب التزامات واضحة من الدولة اللبنانية بشأن السلاح، والتزامات إسرائيلية بوقف الاعتداءات».

ورأى أنّه «حتى اللحظة لا يظهر أي مؤشر يُطمئن إلى تهدئة في الجبهة الشمالية لإسرائيل، بل إن كل الوقائع الحالية تميل إلى مزيد من التصعيد، لا العكس».