العراق: «الهول» تحدٍ إنساني... وتهديد لأمن المنطقة

دعوات للدول من أجل استعادة رعاياها المحتجزين في المخيم

نساء بالقرب من مقر أمني داخل مخيم «الهول» خلال عمليات التفتيش (الشرق الأوسط)
نساء بالقرب من مقر أمني داخل مخيم «الهول» خلال عمليات التفتيش (الشرق الأوسط)
TT

العراق: «الهول» تحدٍ إنساني... وتهديد لأمن المنطقة

نساء بالقرب من مقر أمني داخل مخيم «الهول» خلال عمليات التفتيش (الشرق الأوسط)
نساء بالقرب من مقر أمني داخل مخيم «الهول» خلال عمليات التفتيش (الشرق الأوسط)

خلص مؤتمر دولي عقده العراق، في مقر الأمم المتحدة بدعم فني من مكتب مكافحة الإرهاب، إلى توصيات وإجراءات من شأنها حث الدول المعنية على استعادة رعاياها من مخيم «الهول» السوري وأماكن الاحتجاز المحيطة.

وطبقاً لبيان ختامي عن المؤتمر، أكد وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، أن «مخيم الهول يُشكِّل تحدياً إنسانياً، وتهديداً لأمن المنطقة»، في حين كشف عن استضافة بلاده مؤتمراً في بغداد لضحايا الإرهاب العام المقبل.

وأكد رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، خلال كلمة في المؤتمر، «أهمية أن تعيد الدول رعاياها من مخيم الهول، والعمل على تأهيلهم وإدماجهم من جديد».

وقالت وزارة الخارجية العراقية، السبت، إن «المؤتمر يأتي في وقت حاسم للتعامل مع الوضع المعقد لنحو 30 ألف شخص لا يزالون محتجزَين في مخيم الهول والمخيمات المحيطة به وأماكن الاحتجاز، حيث بحث المشاركون السبل الآمنة والفعالة لإعادة مواطنيهم إلى بلدانهم».

وطرحت المرحلة التي سبقت وأعقبت الحرب ضد تنظيم «داعش» مشكلات أمنية واجتماعية معقدة في العراق وسوريا، وضمنها مشكلات النازحين في المخيمات المختلفة في البلدين، وما يرتبط بذلك من قضايا إعادة التأهيل، والتأكد من سلامة الموقف الأمني بالنسبة للموجودين في تلك المعسكرات، فضلاً عن المشكلات المرتبطة بوجود عناصر أجنبية من دول عدة، وحالات الزواج، وعمليات الإنجاب التي وقعت جراء تزاوج بعض النساء العراقيات بأشخاص أجانب كانوا قد التحقوا بالتنظيم الإرهابي إبان مرحلة صعوده في العراق وسوريا عام 2014.

وزير الخارجية فؤاد حسين خلال مؤتمر دولي عن مخيم «الهول» في نيويورك (إعلام حكومي)

ملاحظات وتوصيات

طبقاً لبيان وزارة الخارجية العراقية، فإن المؤتمر أشاد بالدور الريادي للعراق في إعادة مواطنيه من المخيمات. وذكر أن «عدد العراقيين الذين تمت إعادتهم إلى وطنهم بلغ حتى الآن أكثر من 18800 شخص، في إطار استراتيجية وطنية شاملة تتضمَّن إعادة التأهيل والإدماج، وضمان المساءلة القضائية». إلى جانب الخبرات التي قدَّمها العراق إلى الدول الأخرى التي باشرت عمليات إعادة مواطنيها طوعياً.

وأكد البيان أن مناقشات المؤتمر أدت إلى ملاحظات وتوصيات عدة، وضمنها «تكثيف جهود المجتمع الدولي لمعالجة الأبعاد الإنسانية وحقوق الإنسان، والأمنية في المخيمات وأماكن الاحتجاز، واحترام سيادة سوريا خلال تنفيذ عمليات الإعادة».

إضافة إلى «التحذير من أن تدهور الأوضاع يمثل تهديداً خطيراً للأمن الوطني والإقليمي والدولي، والدعوة إلى إيجاد حلول شاملة تعزز تقديم الخدمات والوصول إلى الدعم والتعليم». بجانب «التأكيد على أهمية تقليل عدد المحتجزين، من خلال إعادة المواطنين إلى مناطقهم الأصلية بشكل عاجل، والتركيز على تبني مقاربات شاملة تشمل الحكومة والمجتمع، مع مراعاة الاحتياجات الفردية لكل شخص».

إلى جانب توصيات أخرى، تشمل «الدعوة إلى توفير برامج إعادة تأهيل وإدماج متخصصة وغير تمييزية، مع دعم الفئات الحساسة مثل المراهقين، والتأكيد على مساءلة الأفراد من خلال عمليات التدقيق والفرز القانونية، ودعم ضحايا الإرهاب».

وقال بيان وزارة الخارجية إن أبرز توصيات المؤتمر، تمثلت في تسريع إعادة رعايا الدول بشكل آمن وكريم، وتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء عبر تبادل الخبرات والتدريب والجولات الدراسية والمشورة السياسية، بجانب دعم الحكومة السورية في تطوير آليات لإعادة مواطنيها، وضمان محاسبة مرتكبي الجرائم وتحقيق العدالة لضحايا الإرهاب، وأخيراً، تصميم وتعزيز وتنفيذ استراتيجيات شاملة للملاحقة القضائية والتأهيل والإدماج.

بالتزامن مع انعقاد المؤتمر الدولي الخاص بمخيم الهول، حثَّت القيادة المركزية الأميركية، الجمعة، الدول على إعادة مواطنيها من النازحين والمحتجزين في مخيمات سوريا.

وقال قائد القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال براد كوبر، في بيان، إن «إعادة الفئات الهشّة قبل أن تتعرّض للتطرف ليست مجرد عمل إنساني، بل هي ضربة حاسمة ضد قدرة (داعش) على إعادة تشكيل نفسه. اليوم، أنضم إليكم جميعاً في دعوة كل دولة لديها محتجزون أو نازحون في سوريا لإعادة مواطنيها».

لقطة عامة لمخيم «الهول» في سوريا خلال عمليات تفتيش (الشرق الأوسط)

نساء وأطفال

بدورها، أكدت وزيرة الهجرة والمهجرين إيڨان فائق جابرو، أن حكومة بغداد نجحت في استقبال أكثر من 29 وجبة تضم 19 ألف فرد من مخيم الهول.

وقالت جابرو، في كلمة خلال ترؤسها جلسة الإدماج في المؤتمر، إن «العراق نجح في خوض تجربة إنسانية معقدة لإعادة تأهيل ودمج العائدين من مخيمات شمال شرقي سوريا، لا سيما مخيم الهول، عبر مركز الأمل للتأهيل النفسي والمجتمعي».

وأضافت: «جهود العراق لم تقتصر على توفير المأوى والغذاء للعائدين، بل ركزت على إعادة بناء الإنسان وتأهيله نفسياً واجتماعياً واقتصادياً وقانونياً، وشملت البرامج التأهيلية أكثر من 78 نشاطاً تخصصياً غطت المجالات النفسية والاجتماعية والصحية والتربوية والثقافية، فضلاً عن إصدار المستمسكات القانونية للعائدين».

وأشارت الوزيرة إلى أن «الحكومة العراقية تمكَّنت حتى الآن من استقبال أكثر من 29 وجبة تضم 19 ألف فرد، حيث تم تأهيل ودمج 12564 شخصاً في مجتمعاتهم الأصلية، غالبيتهم نساء وأطفال بنسبة تفوق 80 في المائة».

واستعرضت الوزيرة المراحل الـ4 لعملية التأهيل، ابتداءً من التدقيق الأمني، ونقل الأسر من المخيم، مروراً بالإيواء والتأهيل المتعدد الجوانب، وصولاً إلى الإدماج الكامل في المجتمعات الأصلية، بالتعاون مع المؤسسات الحكومية والشركاء الدوليين.


مقالات ذات صلة

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال صورة تذكارية على هامش «قمة شرم الشيخ» يوم 13 أكتوبر 2025 (إعلام حكومي)

ضغوط أميركية تواصل إرباك «التنسيقي» العراقي

نأت المرجعية الدينية في النجف عن أي حراك بشأن حسم المرشح لمنصب رئيس الوزراء، في حين تحدثت مصادر عن ارتباك في خطط «الإطار التنسيقي».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عناصر من «كتائب حزب الله» خلال استعراض ببغداد في سبتمبر 2024 (أرشيفية - رويترز)

تحذيرات متكررة من مشاركة الفصائل الموالية لإيران في الحكومة العراقية المقبلة

«واشنطن لن تترك العراق غنيمة بيد إيران؛ لأنه جزء من خريطة الشرق الأوسط الجديد، ويشكل قاعدة مهمة لتحقيق التنمية المستدامة والسلام وليس الحرب».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي قادة «الإطار التنسيقي» وقعوا على بيان لإعلانهم الكتلة الأكثر عدداً في البرلمان العراقي الجديد (واع)

تعليق مؤقت لمفاوضات اختيار مرشح رئاسة الحكومة العراقية

تصل الأخبار والتسريبات الصادرة عن كواليس «الإطار التنسيقي» بشأن «اللجنة الخاصة» لاختيار رئيس الوزراء المقبل إلى حد التضارب والتقاطع في معظم الأحيان.

فاضل النشمي (بغداد)
الاقتصاد شعار البنك المركزي العراقي (وكالة الأنباء العراقية)

المركزي العراقي: لا نؤيد تغييراً أو رفعاً لسعر الصرف

أكد البنك المركزي العراقي الخميس عدم وجود أي نية لتغيير سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار

«الشرق الأوسط» (بغداد)

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
TT

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)

تسود توقعات في حركة «حماس» بحدوث عملية اغتيال إسرائيلية جديدة لبعض قياداتها خارج الأراضي الفلسطينية.

وتحدثت مصادر كبيرة في الحركة إلى «الشرق الأوسط» عن تزايد في معدلات القلق من استهداف المستوى القيادي، خصوصاً بعد اغتيال المسؤول البارز في «حزب الله» اللبناني، هيثم الطبطبائي.

وتحدث أحد المصادر عن أن «هناك تقديرات باستهداف قيادات الحركة في دولة غير عربية»، رافضاً تحديدها بدقة.

واطلعت «الشرق الأوسط»، على ورقة تعليمات داخلية تم توزيعها على قيادات «حماس» في الخارج، تتعلق بالأمن الشخصي والإجراءات الاحتياطية لتلافي أي اغتيالات محتملة، أو على الأقل التقليل من أضرارها.

وجاء في الورقة أنه يجب «إلغاء أي اجتماعات ثابتة في مكان واحد، واللجوء إلى الاجتماعات غير الدورية في مواقع متغيرة».

وتدعو التعليمات القيادات إلى «عزل الهواتف النقالة تماماً عن مكان الاجتماع، بما لا يقل عن 70 متراً، ومنع إدخال أي أجهزة طبية أو إلكترونية أخرى، بما في ذلك الساعات، إلى أماكن الاجتماعات».

في غضون ذلك، أفادت مصادر في غزة بأن مقتل زعيم الميليشيا المسلحة المناوئة لـ«حماس»، ياسر أبو شباب، أمس، جاء في سياق اشتباكات قبلية على يد اثنين من أبناء قبيلته الترابين.

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن شخصين شاركا في قتل أبو شباب، ينتميان إلى عائلتي الدباري وأبو سنيمة؛ إذ إن العائلتين إلى جانب أبو شباب ينتمون جميعاً إلى قبيلة الترابين.


إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

حسمت إسرائيل، أمس، التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» الناجم عن المفاوضات المدنية مع لبنان، وأعطت إشارة واضحة إلى أنها ستتعامل معها بمعزل عن المسار العسكري؛ إذ شنت غارات استهدفت أربعة منازل في جنوب لبنان، أحدها شمال الليطاني، بعد أقل من 24 ساعة على اجتماع لجنة تنفيذ مراقبة اتفاق وقف النار «الميكانيزم».

وبدا التصعيد الإسرائيلي رداً على ما سربته وسائل إعلام لبنانية بأن مهمة السفير سيمون كرم، وهو رئيس الوفد التفاوضي مع إسرائيل، تمثلت في بحث وقف الأعمال العدائية، وإعادة الأسرى، والانسحاب من الأراضي المحتلة، وتصحيح النقاط على الخط الأزرق فقط، فيما أفادت قناة «الجديد» المحلية بأن رئيس الجمهورية جوزيف عون «أكد أن لبنان لم يدخل التطبيع، ولا عقد اتفاقية سلام».

وقال الرئيس عون خلال جلسة الحكومة، مساء أمس: «من البديهي ألا تكون أول جلسة كثيرة الإنتاج، ولكنها مهدت الطريق لجلسات مقبلة ستبدأ في 19 من الشهر الحالي»، مشدداً على ضرورة أن «تسود لغة التفاوض بدل لغة الحرب».


العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار نشر العراق، أمس (الخميس)، معلومات عن تجميد أموال «حزب الله» اللبناني، وجماعة «الحوثي» في اليمن، باعتبارهما مجموعتين «إرهابيتين»، صدمة واسعة، قبل أن تتراجع الحكومة، وتقول إنه «خطأ غير منقّح» سيتم تصحيحه.

وكانت جريدة «الوقائع» الرسمية قد أعلنت قائمة تضم أكثر من 100 كيان وشخص على ارتباط بالإرهاب، في خطوة رأى مراقبون أنها كانت ستُرضي واشنطن، وتزيد الضغط على طهران، قبل سحبها.

وأثار القرار غضب قوى «الإطار التنسيقي» الموالية لإيران؛ إذ وصف قادتها خطوة الحكومة التي يرأسها محمد شياع السوداني بأنها «خيانة»، فيما نفى البنك المركزي وجود موافقة رسمية على إدراج الجماعتين.

وقالت لجنة تجميد الأموال إن القائمة كان يُفترض أن تقتصر على أسماء مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» امتثالاً لقرارات دولية، وإن إدراج جماعات أخرى وقع قبل اكتمال المراجعة.

ووجّه السوداني بفتح تحقيق، وسط جدل سياسي متصاعد حول مساعيه لولاية ثانية.

وجاءت التطورات بعد دعوة أميركية إلى بغداد لـ«تقويض الميليشيات الإيرانية»، وفي ذروة مفاوضات صعبة بين الأحزاب الشيعية لاختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة الجديدة.