مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يدعو إسرائيل «لوقف المذبحة» في غزة

لجنة أممية قالت إن إسرائيل ارتكبت «إبادة جماعية» في غزة

TT

مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يدعو إسرائيل «لوقف المذبحة» في غزة

فلسطينيون يركضون بحثاً عن مكان آمن بعد ضربة إسرائيلية على برج سكني في قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يركضون بحثاً عن مكان آمن بعد ضربة إسرائيلية على برج سكني في قطاع غزة (أ.ب)

دعا فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إسرائيل إلى الوقف الفوري لهجومها البري على مدينة غزة الذي بدأ، الثلاثاء، قائلاً إن الأدلة تتزايد على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وربما أكثر من ذلك. وأضاف في تصريحات للصحافيين في جنيف: «لا يسعني إلا أن أفكر فيما يعنيه ذلك بالنسبة للنساء، والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، والأشخاص ذوي الإعاقة، إذا ما تعرضوا للهجوم مرة أخرى بهذه الطريقة. وعليَّ أن أقول إن الرد الوحيد على ذلك هو: أوقفوا المذبحة». وأضاف: «الفلسطينيون والإسرائيليون يصرخون من أجل السلام. الجميع يريد وضع حد لهذا، وما نراه هو مزيد من التصعيد وهو أمر غير مقبول على الإطلاق».

«إبادة جماعية»

وكانت لجنة تحقيق دولية مستقلة تابعة للأمم المتحدة إسرائيل، الثلاثاء، بارتكاب «إبادة جماعية» في قطاع غزة منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «بهدف القضاء» على الفلسطينيين، بينما قالت إسرائيل إنها «ترفض رفضاً قاطعاً التقرير المشوه والخاطئ»، داعيةً إلى «حلّ لجنة التحقيق هذه فوراً».

وقالت رئيسة لجنة التحقيق الدولية نافي بيلاي في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «خلصنا إلى أن إبادة جماعية تحدث في غزة ولا تزال جارية، وأن المسؤولية تتحملها دولة إسرائيل».

وأضافت: «تقع المسؤولية عن هذه الجرائم المروعة على عاتق السلطات الإسرائيلية على أعلى المستويات التي قادت حملة إبادة جماعية منذ ما يقرب من عامين بهدف محدد هو القضاء على الفلسطينيين في غزة».

من جانبها، أكدت المقررة الأممية الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي، الاثنين، أن إسرائيل ترتكب «إبادة» في غزة، منددة بما قالت إنه «تواطؤ» بلدان أخرى. وقالت ألبانيزي للصحافيين في جنيف: «تواصل الكثير من البلدان الإشاحة بنظرها بعيداً وتطبيع المعاناة بل وحتى الاستفادة منها». وأضافت أن «تجارة الأسلحة والانخراط دبلوماسياً مع إسرائيل يتواصل بلا هوادة». وأفادت بأن الأمر «ليس خطأً من الناحية الأخلاقية فحسب، بل هو غير قانوني»، مطالبة بـ«محاسبة الأشخاص أنفسهم الذين أصدروا أوامر بمواصلة التجارة، ونقل الأسلحة باتّجاه إسرائيل».

واستشهدت اللجنة بأمثلة منها حجم عمليات القتل، وعرقلة المساعدات، والنزوح القسري، وتدمير مركز للخصوبة لدعم النتائج التي خلصت إليها بشأن الإبادة الجماعية، لتضيف صوتها إلى جماعات حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات التي توصلت إلى النتيجة نفسها.

فلسطينيون ينعون جثث أقاربهم الذين قُتلوا في غارات إسرائيلية على مدينة غزة في 8 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

يعد التحليل القانوني للجنة، المؤلف من 72 صفحة، أقوى استنتاجات للأمم المتحدة حتى الآن، لكن اللجنة مستقلة ولا تتحدث رسمياً باسم الأمم المتحدة، ولم تستخدم المنظمة الدولية مصطلح الإبادة الجماعية بعد، لكنها تتعرض لضغوط متزايدة لتفعل ذلك.

وتواجه إسرائيل قضية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي تتهمها بالإبادة الجماعية. وترفض إسرائيل هذه الاتهامات، وتشير إلى أن من حقها الدفاع عن النفس عقب الهجوم الذي شنته حركة «حماس» في السابع من أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة، وفقاً لأرقام إسرائيلية.

وأدت الحملة العسكرية الإسرائيلية التي تلت ذلك في غزة إلى مقتل أكثر من 64 ألف فلسطيني، وفقاً لوزارة الصحة في غزة، في حين يقول مرصد عالمي للجوع إن جزءاً من القطاع يعاني من المجاعة.

فلسطينيون يتجمعون خارج مبنى دمره قصف إسرائيلي في مدينة غزة (د.ب.أ)

وتُعرّف اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تم إقرارها في أعقاب أعمال القتل الجماعي التي ارتكبتها ألمانيا النازية بحق اليهود، الإبادة الجماعية بأنها الجرائم المرتكبة «بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية». ولاتخاذ قرار بوجود إبادة جماعية، يجب ارتكاب فعل واحد على الأقل من بين 5 أفعال.

وتوصلت لجنة الأمم المتحدة إلى ارتكاب إسرائيل أربعة منها هي: القتل، والتسبب في أذى جسدي أو نفسي خطير، وتعمد فرض ظروف معيشية تهدف إلى تدمير الفلسطينيين كلياً أو جزئياً، وفرض تدابير تستهدف منع إنجاب الأطفال.

وساقت اللجنة أدلة تضمنت مقابلات مع ضحايا وشهود وأطباء ووثائق مفتوحة المصدر تم التحقق منها وتحليل صور الأقمار الاصطناعية التي تم جمعها منذ بدء الحرب.

تجريد الضحايا من إنسانيتهم

خلصت اللجنة أيضاً إلى أن تصريحات لنتنياهو ومسؤولين آخرين تعد «دليلاً مباشراً على نية الإبادة الجماعية». وأشارت إلى رسالة كتبها إلى جنود إسرائيليين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، شبه فيها عملية غزة بما وصفته اللجنة بأنها «حرب مقدسة للإبادة الشاملة» في العهد القديم.

ويذكر التقرير أيضاً بالاسم الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وقالت بيلاي، وهي من جنوب أفريقيا، وترأست محكمة الأمم المتحدة المعنية برواندا، حيث قُتل أكثر من مليون شخص عام 1994، إن الوضعين متشابهان. وأضافت: «عندما أنظر إلى وقائع الإبادة الجماعية في رواندا، أجدها مشابهة لهذا للغاية. إنكم تجردون الضحايا من إنسانيتهم. إنهم حيوانات، ولذلك، بلا وخز من ضمير، يُمكن قتلهم».

وأشارت محكمة العدل الدولية إلى تصريحات إسرائيلية أخرى فيما يتصل بغزة والفلسطينيين عندما أصدرت أمرها المتعلق بتدابير طارئة في عام 2024، لكنها لم تذكر نتنياهو بالاسم.

وقالت بيلاي التي ستتقاعد في نوفمبر: «آمل أن يؤدي تقريرنا إلى انفتاح عقول الدول أيضاً».

وقال متحدث باسم الأمم المتحدة، الاثنين، إن أحدث الهجمات الإسرائيلية في شمال غزة، والتي أودت بحياة أو أصابت العشرات وفقاً للتقارير، تترك أثراً مروعاً على المدنيين الذين «يتكبدون المعاناة، والجوع الشديد».

وأضاف ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: «ندين التصعيد الدموي للهجوم العسكري الإسرائيلي الذي شهدناه خلال عطلة نهاية الأسبوع في مدينة غزة. نكرر دعوتنا لحماية المدنيين، والعاملين في المجال الإنساني، والالتزام الكامل بالقانون الدولي».

وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بأن آلاف النازحين فروا من الضربات العنيفة، والقصف الذي اجتاح المدينة عبر طريق الرشيد المزدحم، وهو الطريق الوحيد المتاح جنوباً.

وقال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليبو لازاريني، أول من أمس، إن 10 من مباني الوكالة في مدينة غزة تعرضت للقصف خلال الأيام الأربعة الماضية، من بينها 7 مدارس، وعيادتان كانتا تستخدمان ملاجئ لآلاف النازحين.

وحذر لازاريني من أن تكثيف الغارات الجوية على مدينة غزة وشمال القطاع سيدفع المدنيين المنهكين والمرعوبين إلى النزوح مرة أخرى.

وأوضح مكتب «أوتشا» أن شركاء يراقبون حركة النزوح أبلغوا عن توجه نحو 70 ألف شخص جنوباً، معظمهم إلى دير البلح، وخان يونس. وخلال الشهر الماضي، تم رصد ما يقارب 150 ألف حالة نزوح من الشمال إلى الجنوب.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمال اندلاع القتال مجدداً في غزة

المشرق العربي مسلحون من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى شرق مدينة غزة للبحث عن جثث الرهائن الخميس الماضي (أسوشييتد برس)

الجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمال اندلاع القتال مجدداً في غزة

الجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمال استئناف القتال بغزة في ظل الصعوبات التي تعتري خطة ترمب والمشكلات حولها في مجلس الأمن الدولي.

كفاح زبون (رام الله)
خاص فلسطينيون يستخدمون عربات تجرها حمير لعبور شارع غمرته الأمطار في خان يونس جنوب قطاع غزة السبت (د.ب.أ)

خاص الغزيون يواجهون «حرب الشتاء» بلا مغيث

كان سكان قطاع غزة يعولون على تنفيذ سريع لاتفاق وقف إطلاق النار، ما يسمح بإدخال الكرفانات والخيام الآمنة وغيرها من المواد الإغاثية، إلا أن إسرائيل لا تزال تماطل.

«الشرق الأوسط»
المشرق العربي سيدة فلسطينية تقف وسط الخيم المتضررة من مياه الأمطار في خان يونس بغزة (رويترز)

مباحثات مصرية - أميركية بشأن التحضير للمؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة

أعلنت وزارة الخارجية المصرية أن وزير الخارجية ومستشار الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية بحثا التحضيرات الجارية لعقد المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي مسلحون من حركة «حماس» يتوجهون برفقة أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى شرق مدينة غزة للبحث عن جثث الرهائن (أ.ب)

الرئاسة الفلسطينية تطالب بإدخال البيوت الجاهزة لمواجهة الأحوال الجوية القاسية في غزة

كشف حازم قاسم، الناطق باسم حركة «حماس» اليوم (السبت)، عن أن قطاع غزة يتعرَّض لحرب إبادة عبر تقييد المساعدات، ومنع الإعمار، واستمرار الحصار رغم إعلان توقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا  وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (إ.ب.أ)

الشيخ وعبد العاطي يناقشان مشروع قرار مجلس الأمن بشأن غزة والترتيبات الأمنية

أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية بأن وزير الخارجية بدر عبد العاطي ناقش مع نائب الرئيس الفلسطيني المشاورات المتعلقة بمشروع قرار لمجلس الأمن بشأن غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تقرير: إدارة ترمب تضغط على إسرائيل للتوصل إلى حل لقضية عناصر «حماس» المحاصرين

عناصر من حركة «حماس» في قطاع غزة (رويترز)
عناصر من حركة «حماس» في قطاع غزة (رويترز)
TT

تقرير: إدارة ترمب تضغط على إسرائيل للتوصل إلى حل لقضية عناصر «حماس» المحاصرين

عناصر من حركة «حماس» في قطاع غزة (رويترز)
عناصر من حركة «حماس» في قطاع غزة (رويترز)

نقلت شبكة «سي إن إن» الأميركية، اليوم السبت، عن مصدر إسرائيلي، لم تسمه، القول إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تضغط على إسرائيل للتوصل إلى حل قابل للتطبيق في قضية عناصر «حماس» المحاصرين في رفح بجنوب قطاع غزة.

وأضاف المصدر أن الأميركيين يريدون المضي قدماً نحو المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار وإغلاق ملف عناصر «حماس» المحاصرين في رفح.

وأشارت الشبكة إلى أن العشرات من مسلحي «حماس» موجودون في خلايا مستقلة بأنفاق تحت الأرض خلف الخطوط الإسرائيلية، في الوقت الذي يحاول فيه الوسطاء إيجاد حل لا يُنهي وقف إطلاق النار المُستمر منذ شهر في غزة.

وتابعت «سي إن إن» أن إحدى الأفكار المطروحة كانت ترحيل العناصر إلى دولة أخرى، وكانت تركيا خياراً محتملاً.

ونقلت الشبكة عن مصدرَين إسرائيليَين القول إن صهر ترمب، المبعوث الأميركي جاريد كوشنر، ناقش هذه القضية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اجتماعات سابقة هذا الأسبوع.

وقال أحد المصدرَين: «يريد الأميركيون المضي قدماً نحو المرحلة التالية وإغلاق ملف عناصر (حماس) في رفح».

وتشمل المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار إنشاء قوة أمنية دولية في غزة، ونزع سلاح «حماس»، وانسحاباً إضافياً للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.


«يوم حوار مع المجتمع المدني» ينتقل من بروكسل إلى دمشق

مشاركون في المؤتمر المنعقد في قصر المؤتمرات بدمشق اليوم السبت (أ.ف.ب)
مشاركون في المؤتمر المنعقد في قصر المؤتمرات بدمشق اليوم السبت (أ.ف.ب)
TT

«يوم حوار مع المجتمع المدني» ينتقل من بروكسل إلى دمشق

مشاركون في المؤتمر المنعقد في قصر المؤتمرات بدمشق اليوم السبت (أ.ف.ب)
مشاركون في المؤتمر المنعقد في قصر المؤتمرات بدمشق اليوم السبت (أ.ف.ب)

في خطوة تعكس اهتماماً أوروبياً في بناءِ شراكة مع «سوريا الجديدة»، بدأت السبت فعاليات النسخة التاسعة من مؤتمر «يوم حوار مع المجتمع المدني السوري»، بالتعاون بين الحكومة السورية والاتحاد الأوروبي، وبمشاركة واسعة من ممثلي منظمات المجتمع المدني في سوريا وحضور لافت لقادمين من مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال شرقي البلاد، مقابل مقاطعة من المنظمات الناشطة في السويداء بجنوبها.

وقالت المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط، دوبرافكا سويكا، إن تنظيم «يوم الحوار» للمرة الأولى في سوريا يعكس دعم الاتحاد الأوروبي «الدائم للشمولية والمصالحة».

وبينما أكدت الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية، كايا كالاس، أن دعم الاتحاد الأوروبي لسوريا «ليس مجرد أقوال»، اعتبر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن هذه الفعالية تمثل بداية شراكة متينة مع المجتمع المدني ومع «شركائنا في الاتحاد الأوروبي».

الوزيرة هند قبوات والوزير أسعد الشيباني والمسؤول الأوروبي أولوف سكوغ في مؤتمر يوم الحوار مع المجتمع المدني بالعاصمة السورية السبت (أ.ف.ب)

وتُعقد النسخة التاسعة من «يوم الحوار» في دمشق للمرة الأولى، بعد أن كان يعقد في بروكسل منذ عام 2017، ضمن إطار مؤتمر بروكسل السنوي حول سوريا، وهو منصة تفاعلية للحوار مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية العاملة داخل سوريا وفي المنطقة.

ويهدف يوم الحوار إلى تبادل وجهات النظر والخبرات، والمساهمة في صياغة السياسات التي توجّه الدعم الدولي.

ويجمع المؤتمر المنعقد في قصر المؤتمرات بدمشق 500 مشارك منهم ممثلون عن 355 منظمة سورية بما في ذلك 269 منظمة تعمل داخل سوريا و50 منظمة دولية، إلى جانب ممثلين عن السلطات السورية والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، ودول الجوار، والأمم المتحدة. وقالت مصادر حضرت الاجتماع إن ممثلين عن غالبية منظمات المجتمع المدني السوري بالإضافة إلى مستقلين كانوا ضمن الحاضرين.

ولفتت إلى حضور قوي للمشاركين الأكراد وبينهم قادمون من مناطق سيطرة «قسد» في شمال شرقي سوريا. وسُجّل غياب ممثلين عن منظمات المجتمع المدني في السويداء ذات الغالبية الدرزية بجنوب البلاد.

مؤتمر «يوم حوار مع المجتمع المدني السوري» انعقد السبت في دمشق (أ.ف.ب)

وقال الكاتب والإعلامي السوري علي عيد لـ«الشرق الأوسط» إن طيفاً واسعاً من السوريين شاركوا في يوم الحوار، مشيراً إلى أنها المرة الأولى التي يشهد فيها مؤتمراً سورياً على هذا المستوى سواء من حيث التنوع، برعاية ومشاركة الحكومة السورية، أو على مستوى «الطروحات الجريئة» التي تتناول هواجس المجتمع المدني السوري من مختلف أطيافه. ولفت عيد إلى وجود ترجمة بثلاث لغات منها اللغة الكردية، ورأى في حضور اللغة الكردية تعبيراً عن رغبة حقيقية في «مشاركة جميع السوريين».

وأشار إلى «تعهد حكومي واضح» من قبل وزير الخارجية ووزيرة الشؤون الاجتماعية خلال الافتتاح بأن المجتمع المدني شريك أساسي في عملية التنمية وبناء الدولة.

وقال إن المؤتمر ركز على نشاط ودور المجتمع المدني داخل البلاد، عقب سلسلة مشاورات تحضيرية نُظمت في مختلف المناطق.

وفي كلمة الافتتاح، قال وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني إن إطلاق هذه الفعالية يمثّل «بداية شراكة متينة مع المجتمع المدني وشركائنا في الاتحاد الأوروبي»، مشيراً إلى أن المجتمع المدني في سوريا «ليس ظاهرة جديدة، بل امتداد لنقابات ومبادرات إنسانية وطلابية عملت في أصعب الظروف، وهو اليوم مرآة لنبض الشارع وجسر بين الدولة والمجتمع».

قصر المؤتمرات بدمشق استضاف فعاليات مؤتمر يوم الحوار (أ.ف.ب)

أما وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هند قبوات، فقد أشارت في كلمتها إلى أن «الحوار هو بداية التغيير»، معتبرة أن إعادة بناء سوريا «لا تتم إلا من خلال شراكة وثيقة مبنية على الاحترام بين الدولة والمجتمع».

وأكدت أن المجتمع المدني شريك كامل في «بناء الدولة، والتخطيط، والتنفيذ، والمساءلة» بالتعاون مع المؤسسات الرسمية والمنظمات الدولية، بوصفه عنصراً أساسياً لتحقيق العدالة والشفافية.

واعتبرت المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط، دوبرافكا سويكا، أن تنظيم «يوم الحوار» للمرة الأولى في سوريا يعكس دعم الاتحاد الأوروبي الدائم للشمولية والمصالحة، وتوفير مساحة مدنية آمنة وحيوية في سوريا.

وقالت إن هذا الحدث يؤكد «استعدادنا لمرافقة السوريين في طريقهم نحو العدالة والتماسك الاجتماعي والانتقال السلمي»، في حين رأت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية، كايا كالاس، أنه بعد عقود من «الديكتاتورية الوحشية»، أصبحت لدى سوريا الآن فرصة لإعادة البناء، بما يعكس إرادة الشعب السوري.

وأضافت أن وجود مساحة «مدنية آمنة ومستقلة وحيوية جزء أساسي من هذه العملية»، مؤكدة أن دعم الاتحاد الأوروبي لسوريا «ليس مجرد أقوال، بل هو أفعال أيضاً»، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي يقدم 2.5 مليار يورو كمساعدات لإعادة بناء سوريا.


الجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمال اندلاع القتال مجدداً في غزة

مسلحون من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى شرق مدينة غزة للبحث عن جثث الرهائن الخميس الماضي (أسوشييتد برس)
مسلحون من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى شرق مدينة غزة للبحث عن جثث الرهائن الخميس الماضي (أسوشييتد برس)
TT

الجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمال اندلاع القتال مجدداً في غزة

مسلحون من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى شرق مدينة غزة للبحث عن جثث الرهائن الخميس الماضي (أسوشييتد برس)
مسلحون من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى شرق مدينة غزة للبحث عن جثث الرهائن الخميس الماضي (أسوشييتد برس)

يستعد الجيش الإسرائيلي لاحتمال العودة إلى الحرب في قطاع غزة، ملوحاً بخطة لنزع سلاح حركة «حماس»، في حال لم تنجح الخطة التي تعمل الإدارة الأميركية على دفعها قدماً في مجلس الأمن.

وقال مسؤولون إسرائيليون ومصادر لقناة «كان» الإخبارية العبرية إن الجيش يخطط لاستئناف القتال ونزع سلاح «حماس» بيده في ضوء احتمال فشل الخطة الأميركية.

وقالت «كان» إن الإدارة الأميركية تجد صعوبات في دفع خطتها إلى المرحلة التالية.

وقال مسؤول إسرائيلي لـ«كان»: «السؤال ليس عمّا إذا كان سيتم نزع سلاح (حماس)، بل عمّن سيفعل ذلك».

والاستعدادات في الجيش جاءت في ضوء الصعوبات التي تعتري الخطة الأميركية.

جنود إسرائيليون يخرجون من نفق تحت المستشفى الأوروبي في خان يونس 8 يونيو 2025 (رويترز)

ويصوِّت مجلس الأمن، الاثنين، على مشروع قرار أميركي يؤيد خطة الرئيس دونالد ترمب للسلام في غزة.

وأعربت الولايات المتحدة والسعودية وقطر ومصر والإمارات وإندونيسيا وباكستان والأردن وتركيا، الجمعة، في بيان، عن «دعمها المشترك» لمشروع القرار الأميركي الذي يعطي تفويضاً لتشكيل قوة استقرار دولية، من بين أمور أخرى، مبديةً أملها في اعتماده سريعاً، ودعت مجلس الأمن إلى الإسراع بتبني مشروع القرار.

وأطلق الأميركيون رسمياً الأسبوع الفائت، مفاوضات داخل مجلس الأمن الدولي الذي يضم 15 عضواً حول نص يشكل متابعة لوقف إطلاق النار في الحرب المستمرة منذ عامين بين إسرائيل و«حماس»، وتأييداً لخطة ترمب.

وقالت واشنطن وشركاؤها في البيان: «نؤكد أن هذا جهدٌ صادق، وأن الخطة تُوفر مساراً عملياً نحو السلام، والاستقرار، ليس بين الإسرائيليين والفلسطينيين فحسب، بل بالنسبة إلى المنطقة بأسرها».

جنود إسرائيليون في رفح بقطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

يرحب مشروع القرار بإنشاء «مجلس السلام»، وهو هيئة حكم انتقالي لغزة سيترأسها ترمب نظرياً، على أن تستمر ولايتها حتى نهاية عام 2027.

ويُخول القرار الدول الأعضاء تشكيل «قوة استقرار دولية مؤقتة» تعمل مع إسرائيل، ومصر، والشرطة الفلسطينية المُدربة حديثاً للمساعدة على تأمين المناطق الحدودية، ونزع السلاح من قطاع غزة.

وأشارت مسودة أخيرة للقرار الأميركي إلى إمكان قيام دولة فلسطينية مستقبلية.

وأكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» وجود خلافات رئيسية في مجلس الأمن حول الخطة. ونقلت عن مسؤول إسرائيلي اتهامه الفلسطينيين بأنهم يؤيدون الخطة علناً لكنهم يحاولون إفشالها وراء الكواليس.

وقالت «يديعوت أحرونوت» إن مسؤولين إسرائيليين، أعربوا عن ارتياحهم للإعلان، لكنهم حذّروا من «لعبة مزدوجة» من جانب الفلسطينيين. وصرح مسؤول إسرائيلي كبير: «بينما يعلنون دعمهم للمشروع الأميركي، فإنهم يُخرّبونه خلف الكواليس».

ويريد الفلسطينيون أن تعمل قوة الاستقرار الدولية على الحدود، وأن يتولوا هم الأمن داخل قطاع غزة بما في ذلك مسألة تسوية سلاح الفصائل.

ومنذ وقف النار قبل أكثر من شهر سُجِّلت عدة خروق في القطاع، وفشل المفاوضون حتى الآن في تسوية أزمة مقاتلي «حماس» في رفح.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن أزمة مسلحي «حماس» في رفح ونزع سلاحها تَحول دون التقدم إلى المرحلة الثانية.

صورة منشورة بتاريخ 1 نوفمبر 2025 لقوات من لواء «ناحال» الإسرائيلي تعمل في رفح جنوب قطاع غزة (الجيش الإسرائيلي)

كانت الولايات المتحدة قد وصفت وقف إطلاق النار في غزة بأنه «هش». وحذرت، الخميس، من مخاطر عدم اعتماد مسودتها.

وكتب السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، في صحيفة «واشنطن بوست»، أن «أي رفض لدعم هذا القرار هو تصويت لاستمرار حكم إرهابيي (حماس)، أو للعودة إلى الحرب مع إسرائيل، مما يحكم على المنطقة وشعبها بالبقاء في نزاع دائم».

وقال والتز: «أي انحراف عن هذا المسار، سواء كان من جانب أولئك الذين يرغبون في ممارسة ألعاب سياسية، أو إعادة إحياء الماضي، سيأتي بتكلفة بشرية حقيقية».

وحسب تقرير سابق في صحيفة «بوليتيكو»، فإن مسؤولين في إدارة ترمب أبدوا فعلاً قلقاً بالغاً من أن الاتفاقية التي تم التوصل إليها بين إسرائيل و«حماس» قد تنهار بسبب صعوبة تنفيذ عديد من بنودها الأساسية، وعدم وضوح مسارها.

وأظهرت تصريحات ومجموعة من الوثائق عُرضت خلال ندوة جرت الشهر الماضي، واستمرت يومين، لقادة القيادة المركزية الأميركية وأعضاء مركز التنسيق المدني العسكري الذي تم إنشاؤه جنوب إسرائيل كجزء من اتفاق وقف الحرب الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قلقاً خاصاً بشأن ما إذا كان يمكن بالفعل نشر ما تسمى «قوة الاستقرار الدولية»، وهي مبادرة أمنية متعددة الجنسيات تهدف إلى حفظ السلام في غزة.

ونقلت «بوليتيكو» عن مسؤول أميركي في وزارة الدفاع، قوله إن هناك «مخاوف مكبوتة» لدى الإدارة الأميركية بشأن مستقبل المنطقة.

وتكشف الوثائق عن عقبات تواجهها إدارة ترمب وحلفاؤها في المنطقة في خلق «سلام دائم»، مما يتناقض بشكل صارخ مع الخطاب المتفائل في الغالب الصادر عن كبار مسؤولي الإدارة.

وقال مسؤول أميركي إن الجيش الأميركي لديه بعض الخطط حول دعم المرحلة الانتقالية، لكنَّ وزارة الخارجية لم تلعب دوراً كبيراً في تطوير الخيارات الخاصة بالسلام في غزة.